الاثنين، 28 أبريل 2025

العيش الرغيد

  أذكر أن والدي اشترى ماكينة لجلب المياه من الآبار الارتوازية أو العيون التي يتم حفرها يدويا قبل ذلك , ماكينة جلب المياة    أحدثت تطوراً هاماً في التوسع في حفر الابار في المزارع

  كانت المزارع  أو الزروع كما نسميها هي صيفنا ننتشر بين خضرتها ومائها وطيورها، مجتمع متشارك، وهي مزارع لأفراد سواء من الشيوخ أو من عوائل وقبائل قطر، نموذج بسيط للعيش المشترك نفتقده اليوم حين انتقلنا من بيئة المزارع المنبسطة القريبه من بعضها البعض  في المعاني والصفات  لاصحابها  إلى ثقافة الأبراج الانعزالية التي تشعر صاحبها   بالعزلة والتقوقع خوفا من العين والحسد، وظهور ما  قد يشكل   طبقية  حادة وهو ما حذرت منه طويلا في مقالات عديدة منذ ما يزيد على العقد حتى اللحظة حول تحلل وغياب الطبقة الوسطى الهشة التي أنشأها إلى حد ما التعليم المبكر واهتمام الدولة بشكل  عظم من وجودها. انذاك     


الريان كان رئة للتنفس وبيئة صالحة للعيش خالية من التلوث وبها من الطيور الكثير، بل إن هناك موسما لطائر السمَن ويسمى «السمان» أوغيره من الطيور  المهاجرة ا حيث كنا ننتظر هذا الموسم   بفارغ الصبر لاصطياد ما يمكن اصطياده منها حتى أنه كان بإمكاننا في ذلك الوقت، توفير ما يحتاجه البيت من لحم طازج لأسبوع أو لمدة أطول، الأمر الذي اندثر بعد إزالة هذه المزارع، وأصبحنا نعتمد على دجاج «ساديا» المثلج.

لقد كان الريان نموذجا للتعايش للإنسان كذلك كما كان للطير حيث ضم جميع قبائل وعوائل قطر بل ومركزاً سابقاً للحكم   هذه جغرافية الريان البشرية حينذاك  والعديد من الجاليات آسيوية من باكستان وإيران، بعضهم تحصل على الجنسية لاحقا، وبعضهم لم يتحصل حتى الآن. كما أن جميع فرجان وقرى قطر  في ذلك الوقت مجالاً للتعايش الرحب والطمأنينة المجتمعية والتواصل الاجتماعي الودود والبسيط الذي يشعرك بنوعية وجودة الحياة الأمر الذي إنعكس على شخصية الانسان القطري  فعرف بالكرم والترحاب ومساعدة  الاخرين على فعل الخير, الحياة كانت تسير بطمأنينة وكأن المستقبل  بعيداً  بل وكأن الحياة كلها حاضراَ قائماً, لم تغزونا بعد التكنولوجيا المرعبة  التي عكرت صوف  الهدوء ورحابة الايام, 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق