مع ازدياد عدد المولات والمتاجر التجارية في البلاد ومع ازدياد عدد المتقاعدين القطريين القادرين على البذل والعطاء، كرست المقاهي ثقافة جديدة في المجتمع، هي ثقافة الهوامش، شباب ورجال على قدر من الثقافة ويحملون درجات علمية من جامعات عريقة، تسمعهم يحللون ويناقشون مشكلات المجتمع والمحيط العربي والعالمي بكثير من الرؤية الصائبة والعقلانية، إلا أنهم يعيشون على الهامش دون التبصر بالاستفادة من خبراتهم خارج الإطار الرسمي مما أفقد المجتمع قدرة تداولية واتصالية هامة جدا، ثقافة المقهى، تختلف عن ثقافة المجلس، ثقافة المجالس تقوم على التشابه فأن تذهب للمجلس الذي يوافق ميول افراده، بينما ثقافة المقهى أكثر انفتاحا على الآخر وتنشأ بالتالي علاقة جديدة مع الآخر، هؤلاء الشباب والكبار الذين هم خارج إطار الفاعلية وخارج تيارالمشاركة الفعلية في وضع تصورات نظرا لخبرتهم المكتسبة وتجربتهم العملية، أنا لست مع استيعابهم حكوميا مرة أخرى، لكنني مع تشجيعهم وتطمينهم في إنشاء ثقافة موازية للثقافة الرسمية، مع الوقت وتزايد عدد السكان سيفتقد المجلس دوره أو سينعزل المواطنون بين جوانبه، بينما ستنشأ ثقافة موازية على جنبات المقاهي، ويمكنك ملاحظة ذلك اليوم وبسهولة في مقاهي المولات كل فئة لها مقهى أو عدد من المقاهي تجتمع فيها، بل ولاحظت كذلك أنه حتى بحسب تخصصاتهم فالرياضيون منهم في مقهى والبقية في مقهى آخر أو طاولة أخرى، مجتمعنا قادم إلى ثقافة المقهى بلا شك، ويجب تعزيز الدور القطري فيه لأنه مشاركة أكثر منه عزلة كما تمثل ثقافة المجلس، بعد فترة قادمة سيصبح لثقافة الهامش المتمثلة في المقاهي المنتشرة في الدوحة بتكاثر واضح دور في تشكيل الرأي العام، وستعاني ثقافة المركز من ضغط كبير، مع تزايد عدد السكان وجنسياتهم وثقافاتهم، قد يصبح المجلس مثل «الكوجيتو» بعد أن كان هو الثقافة العامة المشتركة. نشاطات تشجيع المحافظة على الهوية الذي نشهده شتويا كل عام لا يكفي لأنها مقتصر عن ملاحقة التطورات وقائمة فقط على إعادة ما سبق من عادات وتقاليد للمجتمع، المقهى شكل من أشكال التعبير الحر، وقطر بلد مضياف يكفي فقط زيارة سوق واقف لترى بروز أماكن ومجال واسع لثقافة جديدة هي ثقافة المقهى، وهذه لا يمكن أن يتعامل معها سوى آليات المجتمع المدني والقادرة وحدها على تهذيبها وإعلائها، وستمكن المجتمع من التعامل مع ندرته السكانية بشكل أكثر كفاءة وستبسط سيطرته على الرأي العام، حتما سيتشكل رأي عام في المستقبل، فإن ترك المجتمع دون آليات واضحة فسيكون خارجه مستقبلا، .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق