انشقاق خدام وحركة التاريخ
عبد العزيز الخاطر
2006 / 1 / 4
" انشقاق خدام وحركة التاريخ "
أضع قضية " انشقاق " السيد عبدالحليم خدام كما تسمى ضمن صيرورة حركة التاريخ حيث لا يعرف التاريخ السكون بالشكل التي تريده وتحافظ عليه الأنظمة العربية على أشكالها . فالعوامل الخارجية والداخلية هي أبداً ودائماً المؤثر الحقيقي والدافع الذاتي لحركة التاريخ وبما أن العوامل الخارجية قد فقدت والى حد كبير تأثيرها في دفع تلك الأنظمة الى التحرك والتقدم والتجاوز إلا بالشكل المدمر الذى رأيناه في العراق وهو شكل لا أعتقد أنه سيتكرر لفداحته على جميع الأصعدة ولجميع الإطراف وبما أن الداخل كذلك قد حُيد الى حد كبير ونزعت منه أنيابه حيث تشرنقت الأنظمة وتدثرت بغطاء ربما دولي وبشعارات منها إجراء الانتخابات وزرع بذور الديمقراطية ، في ظل كل تلك الظروف أصبح الانفجار من داخل النظام هو البديل الوحيد لحدوث الصيرورة التاريخية واستمرار التدفق والحراك حدث ذلك مرات عديدة في التاريخ العربي الحديث خلال القرن المنصرم حيث خرجت شخصيات لها مكانتها من داخل العديد من الأنظمة لتنضم الى جهات عربية ودولية ضاغطة لإحداث التغيير وآخرها قبل قضية السيد خدام هروب صهري الرئيس العراقي صدام الى الأردن وكشف العديد من أسرار النظام العراقي في حينه مع الفارق طبعاً في الظروف وفي الشخصيات نفسها والآن تأتي قضية السيد خدام تتويجاً لصفحة مأساوية للجمود السياسي التي تعاني منه منطقتنا العربية بشكل عام - أن السنة الكونية دائماً تدعو الى التغيير والانسياب مع حركة العصر . فالملاحظ أن منطقتنا العربية بالذات هي من يعاني حقيقة من ثبات مذموم لا تفيد معه لافتات العصر التي يسوق لها من لا يريدها أصلاً . والواضح أن أي نظام أو حتى فكرة عندما تعمل على إذابة الآخر المعارض أو المخالف الذى وجوده يساعد بل يعمل على استمرار النظام أو الفكرة وبقائها طالما أن ثمة تحدياً يظهر في الأفق وعندما يفقد أو يغيب مثل ذلك التحدي أو نقيض الفكرة يصبح انفجار الفكرة في حد ذاتها هو البديل الوحيد . لذلك يقال بأن المعارضة ضرورية لبقاء النظام ولقد لاحظنا وقرأنا كثيراً بعد سقوط المعسكر السوفياتي بأن الغرب يبحث عن بديل لكي يواجهه ويضمن بالتالي بقاءه وهناك من وضع الإسلام في تلك الخانة ، حركة التاريخ تتطلب بقاء الشئ ونقيضه وتداول الأيام سنة يؤكدها الدين والتاريخ فلذلك اذا غاب الخارج وافتقد وانمحى الداخل يصبح الشئ نفسه قابل للتجزئة ! انها طبيعة الأشياء خاصة عندما تبلغ مراحلها الأخيرة من الامتداد والتمدد والاستشراء . قرأت مرة أن أحد رجالات حزب المحافظين في بريطانيا صوّت لخصومة في حزب العمال المنافس فلما سئل لماذا فعلت ذلك ؟ قال: لكيلا ننسى نحن في حزب المحافظين كيف نعارض ولكيلا ينسوا هم ( أي حزب العمال ) كيـف يمارسون السلطة ، أي وعي بعد هذا وأي إدراك لعواقب الأمور لا تدركه بصائرنا حتى وان اقتربت أرجلنا من الهاوية أو كادت .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق