الطبقة الوسطى فى الخليج وظاهرة التضخم
عبد العزيز الخاطر
2007 / 11 / 5
إذا ما استمرت ظاهرة التضخم على ما هي عليه إذا لم ترتفع معدلاتها فنحن أمام تشكل طبقي جديد للمجتمع في قطر , وربما فى الخليج. هناك ارتباط واضح بين ارتفاع مؤشرات هذه الظاهرة الاقتصادية واختفاء أو تآكل الطبقة الوسطى في أي مجتمع فوجود هذه الطبقة بل واتساعها هو أول عارض يدل على صحة هذا المجتمع وبعده بالتالي عن الأمراض الاقتصاديــــــــــة ( الفقر ) والاجتماعية ( التطرف ) والسياسية ( الاحتقان ) لذلك تأتي المحافظة عليها كأولوية دائمة ومحاربة ما قد يؤثر على بقائها واتساعها ميزة للأنظمة الديمقراطية بالذات لارتباطها بالتحول الديمقراطي كذلك ، ان معالجة الدولة لهيكل الأجور في مؤسسات ووزارات الدولة بما يتناسب والوضع الاقتصادي العالمي والمحلي شيء جيد ولكن قد يفقد فاعليته المرجوة منه إذا ما استمر التضخم ومعدلاته في الارتفاع.
ولكن لماذا الطبقة الوسطى بالذات ؟ لانها ببساطة تعيش على الدخل وليس على الاستثمارات في معظمها .وذلك الدخل تتناقص قيمته الشرائية بوجود التضخم وهي كذلك أكبر المتأثرين بإنهيار أسواق الأسهم وتراجع مؤشراتها إذا ما انجرفت وراء ارتفاع أسعارها الجنوني غير المبرر .
ولكن ماهو دور الدولة فى المحافظة على بقاء واستمرارية هذه الشريحة الضرورية والهامة لصحة المجتمع . يتأتى ذلك عن طريق ما يلي:
أولاً : من خلال رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية مأخوذاً فى الاعتبار وجودها وأهمية بقائها.
ثانياً : من خلال مكافحة ظاهرة التضخم بالسياسات الاقتصادية والنقدية السليمة التي تضع في الحسبان أولوية بقاء هذه الطبقة بل وتوسيعها قدر الإمكان .
ثالثاُ : إيجاد سياسات شفافة قدر الإمكان والإفصاح بشكل شفاف عن جميع البيانات الاستثمارية سواء داخل السوق المالي أو المؤشرات الاقتصادية العامة للدولة .
رابعاً : دعم الدعوة لبقاء هذه الشريحة أو الطبقة سواء الدعم المباشر أو من خلال وسائل الدعم غير المباشرة اللتى يستطيع النظام من خلالها تأمين بقاء هذه الشريحه السريعة الذوبان فى مجتمعنا الخليجي بالذات نظرا لعدم امتلاكها لشروط بقائها الذاتية .
وحيث أن هذه الطبقة أو الشريحة السكانية من صنيعة الدولة في خليجنا العربي كما ذكرت نظراً لريعية الاقتصاد واعتماده بالأساس على بيع المواد الخام ( البترول والغاز ) فإن مكافحة التضخم من جانب الدولة هو خط الدفاع الأول للدولة للمحافظة على مثل هذه الشريحة . في نفس الوقت لا ننفي أن التضخم ظاهرة عالمية تمر بها جميع الاقتصادات في العالم لأسباب متعددة وكثيرة منها الداخلية ومنها الخارجية ولكن الفروق في وجود طبقة وسطى حقيقية قائمة أصلا ضمن اقتصاد إنتاجي لديها القدرة على الصمود وإيجاد الحلول والتكيف نتيجة لقدرتها على الإنتاج وبين طبقة وسطى قائمة ضمن اقتصاد ريعي لا تملك من آليات بقائها سوى الدعم من الدولة . ان تآكل مكتسبات هذه الشريحة نتيجة التضخم ليس في مصلحة أي مجتمع يطمح الى احتواء ثقافة الديمقراطية والحرية وفتح الأبواب للرأي الآخر بل بالعكس من ذلك ان ثقافة احتمال الرأي الآخر والتعامل معه من خصائص هذه الشريحة وهى بالتالي من يمنع احتكاك الشريحتين الأخرتين الذى يتكون منهما المجتمع ؛ حيث تبدو الأولى آمرة والأخرى رافضة بشكل يجعل من الاحتكاك والتصادم أمراً يلوح فى الأفق باستمرار وهو ما شهدته مجتمعات كثيرة فاصيبت بثالوث غياب أو اضمحلال مثل هذه الطبقة الا وهو الفقر و التطرف والاحتقان. ان الوقاية تتطلب ليس فقط بقاء الطبقة الوسطى وانما علاج أمراضها أيضا لأنها لا يمكن أن تؤدي دورها اذا انتفت عنها صفة الوسطية وذلك مؤشر خطير على صحة المجتمع ومستقبل أبنائه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق