الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

مشاركة البنات في فعاليات كأس العالم لليد"رؤيه من الداخل"

تحدثت في مقال سابق عن احتمال تصادم قيم المدينه وقيم التراث في مجتمعنا , وطالبت بالتنبه الى هذا الأمر وعدم معالجته بشكل منفرد , مثل ماهو قائم اليوم , قناة للتراث ونشاطاته , وقناة للمدينه وسلوكياتها ونشاطاتها المختلفه, عندما أرادت اليابان أن تتطور بعد هزيمتها بعد الحرب الثانيه , اخذت اساليب وطرق التقدم من الغرب واحتفظت بلغتها ودينها وزيها واحتفظت الاسرة بقيمها وتراثها وكذلك بجامعتها بما فيها من تراث ياباني. المجتمع اي مجتمع لديه مناعه ذاتيه تقاوم اي جسم غريب يمكن أن يقتحمه أو يهاجمه, لذلك يجب الوعي باهم انواع الهويه والتعامل مع كل نوع على حده بشكل لايمزق المجتمع ويدخله في مرحلة الصراع على الهويه , كما نرى في مجتمعاتنا العربيه اليوم" الهويه الانسانيه , والهويه الدينيه واخيرا الهويه الوطنيه" حينما تفقد الحاله الانسانيه توازنها في التعامل مع هذه الثلاثيه تحدث التصدعات والانهيارات والصراعات. فالهويه الانسانيه مشتركه ثابته , والهويه الدينيه تعدديه كما ذكرها الله في القران "افأنت تكره الناس على أن يكونوامؤمنين" . أما الهويه الوطنيه فجزء منها قانوني تنظيمي وجزء منها تراثي قومي, أنا قطري لأن أجدادي ولدوا وعاشوا في قطر مثلا, وعربي لأنني انتمى الى العروبة لسانا وثقافة , في اطار تطور الدوله يحتاج الوضع الى ضبط ومقاربه قانونيه تاخذ في اعتبارها الدمج التدريجي في تكوين الشخصيه الوطنيه , وليس التقسيم والفرز بين ماهو قديم وبين ماهو حديث فيما يتعلق بالشخصيه الوطنيه , مع ضرورة الاحتفاظ بالحقوق المترتبه تاريخيا , تحتفظ الدول بالدور التاريخي مع الاخذ بالتحديث فيما يتعلق بهوية المجتمع , مجلس اللوردات مثلا في بريطانيا , ارث تاريخي وهو الى وقت قريب قائم بالتوارث , بينما مجلس العموم التشريعي , يمثل بريطانيا "البوتقه" اليوم , بل أن الملكيه الدستوريه اعتراف صارخ بالتراث وتصالح مع قيمه , لو كان هناك فصل لظلا في الصراع الى يوم يبعثون. الجدير بالذكر هنا أن الدوله قادمه على التزامات دوليه سعت وراءها وعملت من أجلها , بشكل لايستطيع المجتمع القطري توفير التزاماته , لذلك سعت الدوله جراء ذلك الى إقامة مجتمع مواز من خلال عمليات التجنيس والاقامه والاستضافه لموافاة هذه الالتزامات. وبشكل سريع , جعل من تصادم القيم أمرا حتميا, وهناك مؤشرات باتت واضحه على ذلك , منها ردود فعل قطاع كبير من المجتمع القطري على اشراك البنات في فعاليات كأس العالم لكرة اليد المقامه هذا الشهر يناير 2015 بالرفض والاستهجان ومن شخصيات ثقافيه واجتماعيه معروفه , ومع ذلك يمكن للدوله ان تتجه للمجتمع الموازي البديل لتوفير ذلك , ولكن القضيه هي في ايجاد الشخصيه الوطنيه ومن يمثلها , طالما تعاملنا مع قضية الهويه كبضاعه تباع في السوبر ماركت,
إن موضوع الهويه موضوع خطير وكبير ولعل سبب فشل او خلل ثورات الربيع العربي هي سقوطها في مستنقع الهويه والبحث عنها , مع أنها قامت طلبا للحريه وفضاءها , لذلك يجب صياغته مجتمعيا من خلال الحوار والتدوال بشكل يحفظ طرفيه الولاء والانتماء بشكل غير متناقض, لايمكن ان يكون الولاء للدين مثلا على حساب الانتماء للوطن , لايمكن أن يكون ولائي لاجنده خارجيه على حساب وطن احتضنني ورعاني وأكرمني , وقد اثبتت الاحداث خطورة تصادم الولاء مع الانتماء , فاذا كان ادعاء الانتماء أكل عيش , فأن التمسك والتشبث بالولاء , على حساب البعد الانساني, قتل مع وقف التنفيذ

عام جديد , لكن الأجوبه قديمه


السؤال والجواب هما ديناميكية الحياه واستمرارها, يولد الانسان فيلسوفا متسائلا , يتساءل الطفل عن لون السماء , يتسائل عن الحياه وما بعدها, يحصل الاطفال على كمية من الاجوبه كثير يفوق كمية الاسئله التي يطرحونها , فيتنامى شعور لديهم , بأن الاجوبه وحفظها أهم من السؤال وطرحه والاستفساروما يعنيه. يحدث هذا في مجتمعاتنا , حيث الاجابات تحدد نوع الاسئله ووقتها وزمنها ومايسمح منها . لذلك ترى تكرار الاسئله لايأتي بجديد , لأن الاشكاليه في الاجوبه الجاهزه .ماذا يمكن للعربي أن يطرح سؤلا جديدا هذا العام ؟ غير اسئلته السابقه في الاعوام الماضيه؟حاربنا الفلسفه بإسم العقيده, والعقيده اساسا سؤال مفتوح على الافق الانساني , وليست انقباضا في النفس كما يمارسها البعض ويعتقد بذلك . هناك اسئله جديده فعلا هذا العام مختلفه عن الاعوام السابقه, التطرف الديني الذي نشهده اليوم , هو تمرد على الاجوبه , التي قتلت السؤال , فالسؤال يمثل الزمن في حركته , لذلك لابد من اجوبة تساير مروره وجريانه.. ابتدع المؤرخ والشاعر الدانماركي غرونتفي فكرة تربوية جديده , جعلت الدنمارك من اكثر شعوب العالم انفتاحا وتعايشا مع الاخر من خلال مقوله فلسفيه انتشرت وقامت على اثرها ثقافة الشعب الدانماركي وهي" الانسان أولا ثم المسيحيه" ان تتاح الفرصه للانسان ان يعبر عن ذاته ويطرح اسئلته بحريه وبتجدد مع مايستجد في عصره من ظروف واشكاليات أولا, لاان ينطلق من الاجوبه السائده في نسق المجتمع الاجتماعي لتحدد له اسئلته,عندما تطرح سؤالا اليوم عن مايعترى الأمه العربيه من بلاء وقتل بين بعضها البعض , يأتيك الجواب من الدينأو من فهم البعض له بالاحرى أولا وليس من الانسان؟, عندما تتساءل عن طرد المسيحين العرب في العراق من وطنهم ومدنهم, وسبى نساء الازيدين والصابئه وغيرهم تأتي الاجابه من الدين لدى البعض أولا,وليس من الانسان. عندما تسأل فساد الانظمه واستيلاءها على اموال وخيرات الشعوب يأتي التبرير من الدين أولا وليس من الانسان.
هذه هي الاشكاليه , لذلك تتكرر الاعوام وتبقى الاجوبه كما هي ترسم العام القادم على نفس العام الذي سبقه في حين يختفى او يتلاشى السؤال , الذي يجعل من العام القادم قيمة مضافه في تاريخ الأمة , فعالمنا العربي حتى اللحظه لم يدخل عصر الانسان بعد , لايزال يعيش عصر النسق االثقافي في أشد استحكاماته واستغلاله, كل ما عليك مع بداية كل عام جديد أن تطرح اسئلتك ليجيب عنها النسق الذي تعيش في احشائه أوتوماتيكيا,
كل عام والجميع بخير

الاثنين، 29 ديسمبر 2014

إعلامنا بين قيَم المدينه وقيَم التراث



ركز إعلامنا على نشاطات التراث للمجتمع القطري من خلال قناة الريان على وجه الخصوص , في حين غلب التركيز في تلفزيون قطر على إظهار التمدن الشكلي للدوله من خلال ابراز أماكن الترفيه فيها من فنادق ومطاعم ومجمعات, ولي هنا بعض الملاحظات أود لو اذكرها:
أولا: فيما يتعلق بالتراث من المهم جدا التركيز على قيمه اكثر من نشاطاته لأن النشاط لايعود كما كان في السابق لانتهاء ظروفه, فالقنص في قطر إنتهى , وتربية الصقور لدى شباب اليوم هوايه أكثر منها نشاط حرفي كما كان في السابق, وغير ذلك من النشاطات التراثيه الاخرى لكن قيًم هذه النشاطات هو مايجب استحضاره , واستحضار مثل هذه القيم لايتطلب فقط إقامة المسابقات , ولكن يتطلب ايضا المحافظه على نفس مستوى العلاقات الذي كان سائدا . وهذا هو التحدي اليوم "روح المجتمع القطري" التي كانت سائده .
ثانيا:قيم تراثنا , قيم مشتركه , تقوم على التعاون والايثار والتحاب, والمشاركه وما الى ذلك , ففي الغوص تجدها وفي القنص تجدها , وفي الفريج تجدها .
ثالثا: المدينه سابقا , الدوحه , كانت أقرب الى كونها قريه كبيره مقارنة بضواحيها وقرى قطر في السابق , لاتجد أي إختلاف بين قيم الفريج وقيم المدينه التي هى أصلا كانت مجموعة من الفرجان.
رابعا:المحافظه في المدينه تماما كالمحافظه في القريه او في فرجان الضواحي , لاتشعر بأي نوع من التبرج ايا كان شكله في السابق, الفنادق معدوده ومحافظه كذلك.
خامسا: سكان المدينه من الاجانب اعدادا محدوده ومعظمهم من الطبقات الوسطى المحافظه على القيًم, مدرسين, أطباء , مهندسين,,,الخ.
سادسا:يقدم إعلامنا اليوم على الجانب الآخر صورا عديده من خلال برامج عده للتمدن الشكلي في الدوله عن عرض ريبورتاجات وتقارير لأفخم المطاعم والفنادق واماكن السياحه والترفيه والمجمعات الاستهلاكيه الكبيره , وينسى أن لهذا الشكل من التمدن قيمًا قد تكون في تضاد مع قيم المجتمع نفسه التي غرست فيه.
سابعا: لاحظت ولمست لَمسا , لدى شباب اليوم, من اولئك المغرمين بنشاطات التراث التي ترعاها الدوله وهم قطاع كبير , ولك ان تلاحظ عدد المشاركين في مسابقات التراث واعمارهم,, عدم رغبه واضحه في الاندماج في حياة المدينه الشكليه القائمه اليوم , الى درجة أن بعضهم يرفض حتى مجرد الذهاب للمجمع "المول" واذا اضطر ذهب مسرعا , ناهيك عن زيارة الفنادق وغيرها , اتكلم هنا عن القطريين , ابناء التراث وثقافته.

ثامنا: بروز ثقافتيتن واضحتين , ثقافة يغلب عليها طابع الوافد واحتياجاته , وثقافة تحاول المحافظه على التراث عن طريق تجديد نشاطاته وبث الروح فيها, ترعاهما الدوله , ويشارك في ذلك الاعلام دون سياسة واضحه, سوى العرض .
تاسعا: نجحت الدوله في تعبئة الشباب القطري وابعاده عن مصادر الخطرما أمكن من خلال هذه البرامج التراثيه بلاشك وهذا شىء تحمد عليه, ولكن ستواجهها مشكله هي كيفية المؤامه بين ثقافة التراث وثقافة المدينه الاكتنازيه في وقت قصير , من جميع الجنسيات, وارقى الفنادق , وافخم"الحانات". وما ينتج قد عن ذلك من سلوكيات هي في تضاد تام مع قيم التراث التي يمارسها نشاطاتها الشباب
عاشرا: في السابق كان المسجد والفريج والمدينه في إطار واحد من الثقافه , حين تخرج من المسجد وخلال مرورك بالفريج حتى وسط المدينه , انت تعيش ضمن سلسله من القيَم واحده , اليوم الأمر مختلف تماما , لذلك هناك حلقه مفقوده , يجب الانتباه لها.
أحد عشر:على اجهزة الدوله وفي مقدمتها الاعلام, مواكبة الجانب المادي للتمدن الذي انتهجت الدوله , بجانب من التمدن في المضمون وفي ايجاد نوع من التفكير متمدن يقبل أو لديه القابليه للتعايش وبقبول الحد الادنى من السلوك والقيم الشخصيه.
أثنا عشر:التنميه عمليه شامله خاصة فيما يتعلق بجانب القيم والاخلاق , لقد اعرنا الجانب المادي جلُ اهتمامنا على حساب الجانب المعنوي , وفصلنا بين قيم التراث وقيم المدينه وهذا سيسبب اشكالا لاحقا وقد يطمس الهويه بشكل كبير.
ثلاثة عشر: اقمنا حاجزا نفسيا لدى الوافد ضد هويتنا دون أن ندرك , أماكن سمحنا للقطري بالدخول فيها بزيه الوطني , وأماكن منعنا القطري من الدخول فيها بنفس الزي , بحجة أنها لاتليق بالزي القطري , والاشكاليه أن المشترك في المنع هو" القطري" مما سبب ويسبب احرجا له ونظرة دونيه له من مقبل الوافد أو العامل .كان من الممكن معالجة مثل هذه الامور قانونيا و من يكرس الفوضى يمنع أيا كان زيه أو ملبسه , لذلك ننأى بثقافتنا من التهم . ونحيلها الى الفرد .
أربعة عشر:الطريف اننا ندير النظم الاداريه من خلال ثقافة التراث من عشيره وقبيله وعائله, في حين نقيمها على أحدث سبل التكنولوجيا والاتصالات .
خمسة عشر: قيم التمدن هي ما يجب التركيز عليه اكثر من مظاهره الماديه , أين الجمال المعماري والقيم الفنيه مثلا, اين سلوكيات المرور الاخلاقيه, اين نظام المرور الاخلاقي الذي لايفقدك أعصابك ويثير حفيظتك فتفقد السيطره على نفسك ولسانك , اين القيم الشخصيه التى لاتتعارض مع ثقافة المجتمع و اين النظافه العامه ,كل هذه الامور تحتاج الى اسس تقوم عليها .أقمنا مهرجانا للتراث , فعلينا بالتركيز على قيمه واخلاقياته , وأقمنا تمدنا ماديا , فعلينا بتمدن التفكير و إنجازه كمضمون لاكشكل.
ستة عشر: لابد من وضع خطه للدمج بين ماتقدمه الدوله من تشجيع لنشاطات التراث وقطاعها الواسع من الشباب , وبين ما نشهده من تقدم مادي سريع للمدينه والقيم التي يمكن أن تنتج عنه ولانتركها للصدف , وللعشوائيه , الامر اكبر من مناسبه , واخطر من ان يضحى به أو يغفل عنه.