السبت، 28 مارس 2015

عاصفة "الحزم",وقاع "الظلم " الاجتماعي



نتسائل كيف استطاعت إيران التسلل داخل مجتمعاتنا العربيه لتوجد لها بؤر وأطراف ؟ كيف استطاعت أن تستغل الظلم الاجتماعي
لدى الاغلبيه السنيه ليصبح مظلوميه دينيه شيعيه ؟ يلتحق بها طبقات من المجتمع العربي في لبنان وفي اليمن وفي
العراق وحتى في مصر ناهيك عن دول
الخليج. كيف اصبح ذلك عائقا أمام السلم المجتمعي ؟ كيف أصبح النموذج الايراني جذابا ؟ بينما نموذج الدوله العربيه يتفتت وينهار؟
لي هنا بعض الملاحظات أود لو أشير إليها:
أولا:يطرح الاسلام الايراني نموذج المظلومين ويستغل من التاريخ ومن الدين بواعث المظلوميه , ويخفي خلف ذلك بواعثه
واهدافه السياسيه. بينما يطرح النظام العربي نموذج الاسلام الرأسمالي , راسمالية القله المتخمه ثراء والتي تشترى المدن والاسواق
والجزر , بينما يتراجع نصيب المواطن من الثروه يوما بعد آخر , لتنشأ اجيال أحياء الصفيح وأزقة الفقر وتكبر وتتكاثر لديها
القابليه لاعادة النظر في فهمها للدين وهي تشاهد التناقض بين الادعاءات والتصرفات.
ثانيا: ساعدت ايران مايسمى بحركة "المحرومين" في لبنان في بداية الثمانينات بعد عودة الامام موسى الصدر, على الرغم من عدم
تواجد ايراني في لبنان قبل ذلك, لتنشىء بعد ذلك حركة "أمل" كجناح عسكري لحركة المحرومين.
ثالثا: تستغل ايران البعد الاجتماعي في التسلل داخل المجتمعات العربيه وتبدأ بالمساعدات الاجتماعيه وبناء الدور الاجتماعيه
للمساعدات لمحاربة الفقر وينتهى الامر الى حسينيات وجمعيات دينيه ترتبط بحبل فكري مع المؤسسه الدينيه الايرانيه.
رابعا: هناك دراسات تشير أن ارتماء الحوثي في حضن ايران بهذا الشكل كان نتيجة للنظره الدونيه لعلماء الوهابيه لهذا المعتقد
ومحاربته داخل اليمن بأشكال عديده لعقود طويله فلجأ الى تبني المظلوميه الاثنى عشريه., وانتقل بالتالي الى الطموح السياسي نتيجة لذلك
خامسا: النظام الايراني نظام عنصري في الداخل ولكي يستمر يستغل بالتالي الفجوات
الواضحه في النظام العربي المهلهل اجتماعيا , المنصرف نحو تكديس الثروه الفئويه على حساب الاكثريه المسحوقه, فتتعدد
حركات مايسمى ب "المحرومين" في عالمنا العربي كما في القطيف والبحرين وغيرهما وهي المدخل للتاثير الايراني وبداية التدخل
والضغوط.
سادسا:تستخدم ايران سلاح الدين والقوميه معا , بينما نحن نعتقد اعتقادا جازما نتيجة لتجارب لم تعكس الامور بالشكل الذي كان يطمح
الجميع اليه , أن هناك فصلا بين الدين والقوميه .وأي دين وأي قوميه؟ بين الاسلام والعروبه, ايران تعتقد بتفوق العرق الفارسي
اسلاميا على غيره , بينما نحن نعتقد وجيل الشباب بالذات" الذي ياخذ بالمعنى الشوفيني للعروبه, أن الاسلام ضد العروبه وإن العروبه
في تضاد مع الاسلام.
سابعا: تستغل ايران هذا الفهم القاصر جدا لدينا , وهذا النموذج الفج لثراء الانظمه وفقر الشعوب عندنا ايضا , بروشته اسلاميه

اجتماعيه وهي نصرة المظلومين معنويا ومساعدتهم اجتماعيا من خلال مساعداتها التي تدس فيها السم بالعسل .
ثامنا: سقوط مفهوم العرب كأمة وسقوط الدوله العربيه ذات المشروع فتح المجال أمام استغلال الدين بأبشع الصور, وأمام استغلال
الغرب لمصالحه وارتباطاته على حسابنا , فالغرب ليس روحانيا الى ذلك الحد الذي نعتقد.
تاسعا:عاصفة "الحزم" التي نرجوا لها السداد بإعادة الاعتبار لهذه الأمه , لابد وان تتلوها عاصفة أخرى ضد "الظلم الاجتماعي" الذي
القى بشباب هذه الأمه في آتون ايران وميليشاتها وداعش ورفيقاتها.
عاشرا: القاع الاجتماعي المهمل هو من اسقط شباب الأمة للارتهان الخارجي , وللاجندات الطائفيه, رأسمالية الدوله هو من بسط البساط
الأحمر لإيران في كل عاصمة عربيه. الثروة التي لاتخجل هي طريق الاحتراق الداخلي للمجتمع الذي يكافح في سبيل لقمة العيش.
أحد عشر: مقارنة سريعه لثروات قيادات الأمه في ستينيات القرن المنصرم وسبعينياته وممتلكاتهم وطموحاتهم , مع قيادات اليوم
وثرواتهم واستثماراتهم ومستوى طموحهم المنخفض الذي لايتعدى الاهل والعائله والمقربين, تفسح المجال للجواب على الاسئله التي
طرحتها في بداية المقال , لمَ تقدمت إيران , ولمَ تأخرنا , لمَ تغلغلت , ولمَ تراجعنا.

الثلاثاء، 24 مارس 2015

الخوف على الهويه ...... ومن الخوف ما قتل




تنطلق مجتمعاتنا من فرضية ثبات الهويه ورسوخها وتكورها بشكل يجعلعا تخترق الزمن دون الاحساس بدوره في التجدد والتطور ولي هنا بعض الملاحظات أود لو أطرحها:
أولا: الخوف على الهويه ليس هو اللعب بالهويه, الخوف على الهويه هو شعور المجتمع بينما اللعب على منحنى الهويه هو ديدن
السلطه العربيه لتزداد تمكنا وتجذرا في داخل احشاء المجتمع.
ثانيا:اشكاليتنا التاريخيه هي في تصورنا أن الهويه معطى ماضوي وما على الاجيال سوى الدفاع عنها وعن شكلها المكتمل الموروث.
ثالثا:لايتقدم المجتمع اطلاقا مالم تكن هويته أمامه وليست خلفه. ليست هناك هويه خلف المجتمع, هناك تاريخ له سمات وتراث له
مميزات يبنى عليها ويراكم حولها من خلال المرور خلال الزمن .الهويه الاسلاميه هي اختراق للزمن وليس ثبات بحكم صلاحيته
لكل زمان ومكان , وهويتنا العربيه هي جزء من الهويه الانسانيه في امتداد للانسان بصفته مشروع وليس بصفته , تميزا عن غيره
من البشر.
رابعا:فزعنا عندما دعت جامعة جورج تاون الشاعر "أدونيس" خوفا على الهويه وقبل ذلك عندما دعت جامعة قطر"بدريه البشر" خوفا
على المجتمع. إنطلقنا من تصور ماضوي للهويه المكتمله وليس من تصور مستقبلي يجعل منها امكانيه للتطور والبحث والاستماع للجديد دون خوف أو وجل , حددنا
أعداءها مسبقا وصنفنا لائحة المتهمين والخطريين عليها أزلا.

خامسا: أكثر المفاهيم تداولا في حياتنا اليوميه هو مفهوم "الحوار" وابعد المفاهيم تحققا هو نفسه , لأن الحوار لايكون في الماض وعن
الماض , عندما نشعر بإكتمال هويتنا وتحصنها , فكل ما ينتج عنها هو بالضرورة مكتمل وتام في الماضي.
سادسا: ما نعايشه اليوم من مآس وكوارث دليل دامغ على ما أقول , أي حوار يقام اليوم بين فصائل الطيف الاسلامي المتقاتل مع
بعضه البعض, هل هو حوار عن المستقبل أم صراع على الماض, أي حوار حوار نعيشه اليوم بين الشعوب والانظمه , هل هو حوار
بإتجاه صنع هويه جديده تناسب وتتماشى مع العصر, أم إعادة للتاريخ تحت مسميات جديده مفرغه من محتواها.
سابعا: هناك ارتباط بين ثروة المجتمع ونظرته للهويه , نظرة المجتمع للهويه بأنها ماض مكتمل يجب الحفاظ عليه , يصرف الثروه
بإتجاه الماضي الموروث سواء كان تاريخا أو بشرا, المجتمعات المتقدمه ثروتها جزء من هويتها المستقبليه , فهي بإنتظار المستقبل
وتغيراته , فمفهوم التضحيه لديها له ارتباط دنيوي , بينما لدى اصحاب الهويه المنجزه له ارتباط ديني بحت الى حدَ كبير.
ثامنا:مأزق الهويه , هو نفسه مأزق الدوله , الهويه العربيه والاسلاميه في مأزق لأن الدوله العربيه والاسلاميه اصلا في مأزق
المشروعيه المستقبليه, لأنها شكل من اشكال الماض المقيم,
تاسعا: أكثر الهويات صعوبة للتكيف والتطور هي الهويه الدينيه التي تولد ممتلكة للحقيقه كامله من الولاده حتى الدخول للجنه وذهاب
الاخر للنار, فالمستقبل هنا مقرر سلفا بل هو ماض قادم او عائد, وذلك يرجع لعدم تبلور هويه سياسيه عبر تاريخنا قادره على
التعامل مع أمور الدنيا والعصر والحياه بشكل يجعل من الاراده الانسانيه شرطا لقبول وتقبل حكم الاراده الالهيه فيما بعد.
عاشرا:الهويه التوافقيه هويه سياسيه , وليست دينيه, هي هويه مستقبليه تستمع للآخر دون فزع , وتحاور المختلف دون خوف فلذلك
تتطور ويتطور معها المجتمع, الخوف والرفض والاستنكار المسبق يدل على أن المجتمع لم يدخل بعد عصر السياسه ويعيش على
ميكانزمات الدفاع والفزعه , فهو يرتاح ويستريح لاستماع مايريده لا ما قد ينفعه مثلا , لذلك ترى افراده يهرولون جريا للاستماع بما
هو معلوم لديهم بالضروره, فالتأكيد هنا بقدر ما يمثله من راحه, بقدر ما يمثله من ثبات مذموم.