الجمعة، 23 أبريل 2021

في رثاء إعلامنا

   احاديث الحسرة والرثاء المصحوبة  بالتألم وقلة الحيلة تسمعها  وتقرأها  وتطل عليك من جميع وسائل الاتصال الاجتماعي  عن الحال  الذي وصل اليه اعلامنا  المحلي , تتوالى السنين ونترقب التطوير  فلانجد سوى التكرار, استبشرنا  بعدد الشبان الجدد الذين دخلوا مجال الاذاعة والتلفزيون , ووتأملنا  خيراً في بقايا  الجيل المخضرم  , ولكن لم نجد سوى تكرار ممل  وديكوراً يتغير, حتى برامج رمضان  وهو تجدد للانسان في كل نشاطات حياته  لايغير في طبيعة ما يقدم الا بمقدار الزج  ببعض الكلمات  المحلية العاميه    المتكلفة التي لاتفرضها طبيعة البرنامج  وليس لها علاقة البته بالتراث , وفي اقصى مراحله نصل الى برنامج الغبقة وهو ليس الا برنامج تراحيب  مع اضافة في الوقت  ومقدمين جدد يملكون خبرة اوسع لكن لايقدمون جديداً , اشعر بالحسرة عندما اتابع في قنوات اخرى قريبه شقيقة برامج  رائعة مثل الراحل او  " وينك" او برامج  حوارية  مع الفاعليين  والمؤثرين  في المجتمع , قطر ادخلت الاعلام الجديد في المنطقة عبر  الجزيرة  لكن الاعلام الداخلي  لم يدخل حتى  مرحلة الاعلام التقليدي النشط بعد ,  قال لي أحدهم الايوجد في بلدكم خبرات , الا يوجد لديكم مبدعين؟  لنأخذ برامج المنوعات إنموذجاً  , برنامج الاخ الحبيب حسن لم يتغير البته منذ خروجه الى النور الا  في الاسم فقط ,نفس الاداء , نفس البيئة النفسية ,نفس الأسلوب  الذي يعتمل فيه الساذج من العبارة مع المعلومة الموظفة لخدمة الواقع في سقفه المعاش اكثر من الهدف التثقيفي الذي يسعى اليه كل برنامج من نفس الطبيعة  , في حين لوتأملنا أشهر من كان يقدم برامج المسابقات  هما الدكتور الخطيب والأستاذ شريف العلمي رحمهما الله , فالاول كان يمتلك ثقافة عالية  وقاموساً لغوياً كبيراً يأخذ بيد المشاهد الى السمو في اللفظ   والثاني يأخذ المشترك أوالمشاهد الى الهاوية ليحبس أنفاسه قبل أن يجيب  ,أما برنامج  مسابقات تلفزيون قطر  أضفى عليه الممثل  نوعاً من الروح الفكاهية لكن بشرط ان لايتكرر, في حين الحديث عن برنامج حواري متجدد  على مستوى برامج المنطقة  فليس له  مع الأسف  وجود ,نحن بحاجة الى مراجعة في هذا المجال , نشط اعلامنا في الازمة  لكن كان ذلك ظرفاً طارئاً يحتاج الى فزعة , لكن اليوم يحتاج اعلامنا الى ان يتطور كيفاً في مادته , ليس هناك حل سوى مزيد من الحرية , التي اصبحت اشكالية لدى المواطن وليس لدى الدولة, الدولة اعطت وتعطي مساحة لابأس بها من الحرية , لكن المواطن والقائمين على هذه الأجهزة لم يعتادوا عليها  اما من خوف داخلي خشية الخطأ ومن ثم النقد , وأما لم يدركوا أهمية النقد البناء  فآثروا المشي جنب "الساس" الحائط,  وإما لأنهم لم يتعود اان يمارسوا حريتهم فإذا بأحدهم    يمارس  هويته الخجولة  الخائفة بديلاً عنها  ,كم كاتب رأي في صحافتنا ؟ سؤال يكشف  عمق الازمة, اتمنى ان نفيق  وإلا إذا كنا نرثي اعلامنا  اليوم  فأننا الاجيال القادمة ستقوم برجمه وبرجمنا كذلك لاننا قصرنا في انقاذه في الوقت المناسب

الثلاثاء، 20 أبريل 2021

الفقر الوجودي

الفقر المادي هو اسهل انواع الفقر تجاوزاً, لأنه حالة دنيوية وليس حالة وجودية, الفقاعة المالية فقيرة وجودياً على الرغم من غناها دنيوياً , معظم امراضنا الاجتماعية تأتي من معاناتنا من الفقر الوجودي, هو فقر في الاحساس بوطأة الوجود الانساني والتماهي مع انواع من الوجود الاخرى وليست سوى التحاقاً بالاخرين أو تنازلاً بكينونتك وانسحاقاً أمام ريع الوجود الاجتماعي الزائف سواء كان مالاً او منصباً أو مكانة هشة , كثيرون تجدهم هنا وهناك واعراض هذا الفقر الوجودي واضحة لمن يدرك حقيقة الوجود الانساني الاصيل ,الفقر الوجودي هو وجود للاستخدام تماماً كوجود الاشياء الاخرى , المطرقة , المنشار , الفوطة...الخ كثيرون اولئك الذين يسعون للبروز في المجتمع ولكن يفضح ويكشف اسلوب هذا السعي فقرهم الوجودي, فهم لايشعرون بكينونتهم بقدر ما يسعون لاشعار الاخرين وبالحاح مستمر بأن أحدهم أصبح شخصاً هاماً , يهديك ليريك ما يمتلك, يدعوك لكى ترى اين يقيم وكيف يقيم وفي اي فخامة ينزل,؟ ليس انطلاقاً من اريحية نفس أواسبقية خصلة,ولكن الذي يحركه الشعور بالفقر الوجودي المتكدس في اللاشعور, وعدم مرور انتقاله المادي سواء كان ثروة او منصب او جاه بالمراحل الطبيعية والتعرجات التاريخية اللازمه لتصنع منه انساناً ممتلئاً وجودياً, هي ليست عصامية ولاحتى عظامية, هي طفرة وجودية سرطانية تسحق الانسان وتُظهر التكتل الاجتماعي الزائف بشكل غير مسيطر عليه,مجتمعاتنا الخليجية ممتلئة بأصناف وانواع الفقر الوجودي نتيجة الطفرات المالية التي احدثها ويحدثها توزيع الريع في انتاج ايقونات اجتماعية لخدمة الانظمة حيث من الصعب وربما من المستحيل السيطرة على من يمتلكون الغنى الوجودي قبل الثروة وقبل المنصب, خطورة الفقر الوجودي انه لاقعر عنه سيظل صاحبه يعاني منه مهما امتلك من مادة وثروة وسيتحول في الاخير الى مادة لتندر المجتمع واشفاقه , يبقى ان يتنبه المجتمع لمن كان غنياً وجودياً وان كان فقيراً مادياً وبين من هو غنياً مادياً وفقيراً وجودياً فالفرق بينهما كبير فالأول إضافة رغم عسره والثاني فقاعة رغم يسره وغناه.