الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

مشاركة البنات في فعاليات كأس العالم لليد"رؤيه من الداخل"

تحدثت في مقال سابق عن احتمال تصادم قيم المدينه وقيم التراث في مجتمعنا , وطالبت بالتنبه الى هذا الأمر وعدم معالجته بشكل منفرد , مثل ماهو قائم اليوم , قناة للتراث ونشاطاته , وقناة للمدينه وسلوكياتها ونشاطاتها المختلفه, عندما أرادت اليابان أن تتطور بعد هزيمتها بعد الحرب الثانيه , اخذت اساليب وطرق التقدم من الغرب واحتفظت بلغتها ودينها وزيها واحتفظت الاسرة بقيمها وتراثها وكذلك بجامعتها بما فيها من تراث ياباني. المجتمع اي مجتمع لديه مناعه ذاتيه تقاوم اي جسم غريب يمكن أن يقتحمه أو يهاجمه, لذلك يجب الوعي باهم انواع الهويه والتعامل مع كل نوع على حده بشكل لايمزق المجتمع ويدخله في مرحلة الصراع على الهويه , كما نرى في مجتمعاتنا العربيه اليوم" الهويه الانسانيه , والهويه الدينيه واخيرا الهويه الوطنيه" حينما تفقد الحاله الانسانيه توازنها في التعامل مع هذه الثلاثيه تحدث التصدعات والانهيارات والصراعات. فالهويه الانسانيه مشتركه ثابته , والهويه الدينيه تعدديه كما ذكرها الله في القران "افأنت تكره الناس على أن يكونوامؤمنين" . أما الهويه الوطنيه فجزء منها قانوني تنظيمي وجزء منها تراثي قومي, أنا قطري لأن أجدادي ولدوا وعاشوا في قطر مثلا, وعربي لأنني انتمى الى العروبة لسانا وثقافة , في اطار تطور الدوله يحتاج الوضع الى ضبط ومقاربه قانونيه تاخذ في اعتبارها الدمج التدريجي في تكوين الشخصيه الوطنيه , وليس التقسيم والفرز بين ماهو قديم وبين ماهو حديث فيما يتعلق بالشخصيه الوطنيه , مع ضرورة الاحتفاظ بالحقوق المترتبه تاريخيا , تحتفظ الدول بالدور التاريخي مع الاخذ بالتحديث فيما يتعلق بهوية المجتمع , مجلس اللوردات مثلا في بريطانيا , ارث تاريخي وهو الى وقت قريب قائم بالتوارث , بينما مجلس العموم التشريعي , يمثل بريطانيا "البوتقه" اليوم , بل أن الملكيه الدستوريه اعتراف صارخ بالتراث وتصالح مع قيمه , لو كان هناك فصل لظلا في الصراع الى يوم يبعثون. الجدير بالذكر هنا أن الدوله قادمه على التزامات دوليه سعت وراءها وعملت من أجلها , بشكل لايستطيع المجتمع القطري توفير التزاماته , لذلك سعت الدوله جراء ذلك الى إقامة مجتمع مواز من خلال عمليات التجنيس والاقامه والاستضافه لموافاة هذه الالتزامات. وبشكل سريع , جعل من تصادم القيم أمرا حتميا, وهناك مؤشرات باتت واضحه على ذلك , منها ردود فعل قطاع كبير من المجتمع القطري على اشراك البنات في فعاليات كأس العالم لكرة اليد المقامه هذا الشهر يناير 2015 بالرفض والاستهجان ومن شخصيات ثقافيه واجتماعيه معروفه , ومع ذلك يمكن للدوله ان تتجه للمجتمع الموازي البديل لتوفير ذلك , ولكن القضيه هي في ايجاد الشخصيه الوطنيه ومن يمثلها , طالما تعاملنا مع قضية الهويه كبضاعه تباع في السوبر ماركت,
إن موضوع الهويه موضوع خطير وكبير ولعل سبب فشل او خلل ثورات الربيع العربي هي سقوطها في مستنقع الهويه والبحث عنها , مع أنها قامت طلبا للحريه وفضاءها , لذلك يجب صياغته مجتمعيا من خلال الحوار والتدوال بشكل يحفظ طرفيه الولاء والانتماء بشكل غير متناقض, لايمكن ان يكون الولاء للدين مثلا على حساب الانتماء للوطن , لايمكن أن يكون ولائي لاجنده خارجيه على حساب وطن احتضنني ورعاني وأكرمني , وقد اثبتت الاحداث خطورة تصادم الولاء مع الانتماء , فاذا كان ادعاء الانتماء أكل عيش , فأن التمسك والتشبث بالولاء , على حساب البعد الانساني, قتل مع وقف التنفيذ

عام جديد , لكن الأجوبه قديمه


السؤال والجواب هما ديناميكية الحياه واستمرارها, يولد الانسان فيلسوفا متسائلا , يتساءل الطفل عن لون السماء , يتسائل عن الحياه وما بعدها, يحصل الاطفال على كمية من الاجوبه كثير يفوق كمية الاسئله التي يطرحونها , فيتنامى شعور لديهم , بأن الاجوبه وحفظها أهم من السؤال وطرحه والاستفساروما يعنيه. يحدث هذا في مجتمعاتنا , حيث الاجابات تحدد نوع الاسئله ووقتها وزمنها ومايسمح منها . لذلك ترى تكرار الاسئله لايأتي بجديد , لأن الاشكاليه في الاجوبه الجاهزه .ماذا يمكن للعربي أن يطرح سؤلا جديدا هذا العام ؟ غير اسئلته السابقه في الاعوام الماضيه؟حاربنا الفلسفه بإسم العقيده, والعقيده اساسا سؤال مفتوح على الافق الانساني , وليست انقباضا في النفس كما يمارسها البعض ويعتقد بذلك . هناك اسئله جديده فعلا هذا العام مختلفه عن الاعوام السابقه, التطرف الديني الذي نشهده اليوم , هو تمرد على الاجوبه , التي قتلت السؤال , فالسؤال يمثل الزمن في حركته , لذلك لابد من اجوبة تساير مروره وجريانه.. ابتدع المؤرخ والشاعر الدانماركي غرونتفي فكرة تربوية جديده , جعلت الدنمارك من اكثر شعوب العالم انفتاحا وتعايشا مع الاخر من خلال مقوله فلسفيه انتشرت وقامت على اثرها ثقافة الشعب الدانماركي وهي" الانسان أولا ثم المسيحيه" ان تتاح الفرصه للانسان ان يعبر عن ذاته ويطرح اسئلته بحريه وبتجدد مع مايستجد في عصره من ظروف واشكاليات أولا, لاان ينطلق من الاجوبه السائده في نسق المجتمع الاجتماعي لتحدد له اسئلته,عندما تطرح سؤالا اليوم عن مايعترى الأمه العربيه من بلاء وقتل بين بعضها البعض , يأتيك الجواب من الدينأو من فهم البعض له بالاحرى أولا وليس من الانسان؟, عندما تتساءل عن طرد المسيحين العرب في العراق من وطنهم ومدنهم, وسبى نساء الازيدين والصابئه وغيرهم تأتي الاجابه من الدين لدى البعض أولا,وليس من الانسان. عندما تسأل فساد الانظمه واستيلاءها على اموال وخيرات الشعوب يأتي التبرير من الدين أولا وليس من الانسان.
هذه هي الاشكاليه , لذلك تتكرر الاعوام وتبقى الاجوبه كما هي ترسم العام القادم على نفس العام الذي سبقه في حين يختفى او يتلاشى السؤال , الذي يجعل من العام القادم قيمة مضافه في تاريخ الأمة , فعالمنا العربي حتى اللحظه لم يدخل عصر الانسان بعد , لايزال يعيش عصر النسق االثقافي في أشد استحكاماته واستغلاله, كل ما عليك مع بداية كل عام جديد أن تطرح اسئلتك ليجيب عنها النسق الذي تعيش في احشائه أوتوماتيكيا,
كل عام والجميع بخير

الاثنين، 29 ديسمبر 2014

إعلامنا بين قيَم المدينه وقيَم التراث



ركز إعلامنا على نشاطات التراث للمجتمع القطري من خلال قناة الريان على وجه الخصوص , في حين غلب التركيز في تلفزيون قطر على إظهار التمدن الشكلي للدوله من خلال ابراز أماكن الترفيه فيها من فنادق ومطاعم ومجمعات, ولي هنا بعض الملاحظات أود لو اذكرها:
أولا: فيما يتعلق بالتراث من المهم جدا التركيز على قيمه اكثر من نشاطاته لأن النشاط لايعود كما كان في السابق لانتهاء ظروفه, فالقنص في قطر إنتهى , وتربية الصقور لدى شباب اليوم هوايه أكثر منها نشاط حرفي كما كان في السابق, وغير ذلك من النشاطات التراثيه الاخرى لكن قيًم هذه النشاطات هو مايجب استحضاره , واستحضار مثل هذه القيم لايتطلب فقط إقامة المسابقات , ولكن يتطلب ايضا المحافظه على نفس مستوى العلاقات الذي كان سائدا . وهذا هو التحدي اليوم "روح المجتمع القطري" التي كانت سائده .
ثانيا:قيم تراثنا , قيم مشتركه , تقوم على التعاون والايثار والتحاب, والمشاركه وما الى ذلك , ففي الغوص تجدها وفي القنص تجدها , وفي الفريج تجدها .
ثالثا: المدينه سابقا , الدوحه , كانت أقرب الى كونها قريه كبيره مقارنة بضواحيها وقرى قطر في السابق , لاتجد أي إختلاف بين قيم الفريج وقيم المدينه التي هى أصلا كانت مجموعة من الفرجان.
رابعا:المحافظه في المدينه تماما كالمحافظه في القريه او في فرجان الضواحي , لاتشعر بأي نوع من التبرج ايا كان شكله في السابق, الفنادق معدوده ومحافظه كذلك.
خامسا: سكان المدينه من الاجانب اعدادا محدوده ومعظمهم من الطبقات الوسطى المحافظه على القيًم, مدرسين, أطباء , مهندسين,,,الخ.
سادسا:يقدم إعلامنا اليوم على الجانب الآخر صورا عديده من خلال برامج عده للتمدن الشكلي في الدوله عن عرض ريبورتاجات وتقارير لأفخم المطاعم والفنادق واماكن السياحه والترفيه والمجمعات الاستهلاكيه الكبيره , وينسى أن لهذا الشكل من التمدن قيمًا قد تكون في تضاد مع قيم المجتمع نفسه التي غرست فيه.
سابعا: لاحظت ولمست لَمسا , لدى شباب اليوم, من اولئك المغرمين بنشاطات التراث التي ترعاها الدوله وهم قطاع كبير , ولك ان تلاحظ عدد المشاركين في مسابقات التراث واعمارهم,, عدم رغبه واضحه في الاندماج في حياة المدينه الشكليه القائمه اليوم , الى درجة أن بعضهم يرفض حتى مجرد الذهاب للمجمع "المول" واذا اضطر ذهب مسرعا , ناهيك عن زيارة الفنادق وغيرها , اتكلم هنا عن القطريين , ابناء التراث وثقافته.

ثامنا: بروز ثقافتيتن واضحتين , ثقافة يغلب عليها طابع الوافد واحتياجاته , وثقافة تحاول المحافظه على التراث عن طريق تجديد نشاطاته وبث الروح فيها, ترعاهما الدوله , ويشارك في ذلك الاعلام دون سياسة واضحه, سوى العرض .
تاسعا: نجحت الدوله في تعبئة الشباب القطري وابعاده عن مصادر الخطرما أمكن من خلال هذه البرامج التراثيه بلاشك وهذا شىء تحمد عليه, ولكن ستواجهها مشكله هي كيفية المؤامه بين ثقافة التراث وثقافة المدينه الاكتنازيه في وقت قصير , من جميع الجنسيات, وارقى الفنادق , وافخم"الحانات". وما ينتج قد عن ذلك من سلوكيات هي في تضاد تام مع قيم التراث التي يمارسها نشاطاتها الشباب
عاشرا: في السابق كان المسجد والفريج والمدينه في إطار واحد من الثقافه , حين تخرج من المسجد وخلال مرورك بالفريج حتى وسط المدينه , انت تعيش ضمن سلسله من القيَم واحده , اليوم الأمر مختلف تماما , لذلك هناك حلقه مفقوده , يجب الانتباه لها.
أحد عشر:على اجهزة الدوله وفي مقدمتها الاعلام, مواكبة الجانب المادي للتمدن الذي انتهجت الدوله , بجانب من التمدن في المضمون وفي ايجاد نوع من التفكير متمدن يقبل أو لديه القابليه للتعايش وبقبول الحد الادنى من السلوك والقيم الشخصيه.
أثنا عشر:التنميه عمليه شامله خاصة فيما يتعلق بجانب القيم والاخلاق , لقد اعرنا الجانب المادي جلُ اهتمامنا على حساب الجانب المعنوي , وفصلنا بين قيم التراث وقيم المدينه وهذا سيسبب اشكالا لاحقا وقد يطمس الهويه بشكل كبير.
ثلاثة عشر: اقمنا حاجزا نفسيا لدى الوافد ضد هويتنا دون أن ندرك , أماكن سمحنا للقطري بالدخول فيها بزيه الوطني , وأماكن منعنا القطري من الدخول فيها بنفس الزي , بحجة أنها لاتليق بالزي القطري , والاشكاليه أن المشترك في المنع هو" القطري" مما سبب ويسبب احرجا له ونظرة دونيه له من مقبل الوافد أو العامل .كان من الممكن معالجة مثل هذه الامور قانونيا و من يكرس الفوضى يمنع أيا كان زيه أو ملبسه , لذلك ننأى بثقافتنا من التهم . ونحيلها الى الفرد .
أربعة عشر:الطريف اننا ندير النظم الاداريه من خلال ثقافة التراث من عشيره وقبيله وعائله, في حين نقيمها على أحدث سبل التكنولوجيا والاتصالات .
خمسة عشر: قيم التمدن هي ما يجب التركيز عليه اكثر من مظاهره الماديه , أين الجمال المعماري والقيم الفنيه مثلا, اين سلوكيات المرور الاخلاقيه, اين نظام المرور الاخلاقي الذي لايفقدك أعصابك ويثير حفيظتك فتفقد السيطره على نفسك ولسانك , اين القيم الشخصيه التى لاتتعارض مع ثقافة المجتمع و اين النظافه العامه ,كل هذه الامور تحتاج الى اسس تقوم عليها .أقمنا مهرجانا للتراث , فعلينا بالتركيز على قيمه واخلاقياته , وأقمنا تمدنا ماديا , فعلينا بتمدن التفكير و إنجازه كمضمون لاكشكل.
ستة عشر: لابد من وضع خطه للدمج بين ماتقدمه الدوله من تشجيع لنشاطات التراث وقطاعها الواسع من الشباب , وبين ما نشهده من تقدم مادي سريع للمدينه والقيم التي يمكن أن تنتج عنه ولانتركها للصدف , وللعشوائيه , الامر اكبر من مناسبه , واخطر من ان يضحى به أو يغفل عنه.

الخميس، 25 ديسمبر 2014

"مجتمع على صفيح ساخن"تشظي الهويه وتماسك الريع وضبابية التعليم


حتى وقت قريب كانت الهويه القطريه تحدد بمعيار : قبيلي , وغير قبيلي.
• * اليوم هناك إرهصات الى إحتمال إدخال البعد الطائفي مستقبلا إنعكاسا لمؤثرات خارجيه وملامح داخليه ,فهناك دور عباده غير المساجد , ومركزا للاديان
• *حتى البعد القبيلي المحدد الرئيس للهويه القطريه اليوم يتعرض لضغوط كبيره خاصة عند الحديث , عن دور المؤسس في بناء الدوله ,مع عدم التأكيد على ملحمة التاسيس ودور المشاركين فيها, الأمر الذي احدث ثقبا تاريخيا وفجوة في البناء الدرامي للدوله.وأفسح المجال واسعا للاستقطاب

• *عمليات التجنيس أدخلت إطارا جديدا للهويه القطريه , سواء من الاسيويين أو من الاخوان العرب الى جانب المعيار السابق . فهناك مجنسين من الطرفين , تدفع الى الحاجه لتشريعات تنظم هذا الجانب

• *كل معيار من هذه المعايير المحدده للهويه القطريه , يتحرك ضمن التحديات التي تواجهه , فالقبيلي , نوستالجي يدافع عن وضعه السابق , بينما غيره , يواجه تحديات وجوديه , لذلك هو يتطلع للمستقبل وإن كان يعاني من نظرة المجتمع واتهاماته من حين لآخر.

• *الماده أفرزت هويه مضاده للتاريخ ومتماسكه أمامه , لذلك لاحظنا كسرا واضحا للتابو الاجتماعي الذي كا ن سائدا قبل عقود والذي كان يفصل تماما بين القبيلي وغيره من حيث المصاهره والتزواج.

• *كما أعادت الماده تحديد المكانه الاجتماعيه , فلم يعد الجاه والاصل محددان كافيان , وبدت الثروه الماليه تكسب كثيرا من الأرض الاجتماعيه وتحيلها مرتعا لها ولنشاطها.

• * بروز ازدواجيه بين المحافظه على الهويه والبروز بالمظهر الغربي , فتم التضحيه في أمثلة عديده بالكفاءه المحليه من اجل المظهر الغربي واستقطاب الاسماء الغربيه .

• *يقارن القطري بين وضعه ووضع اخوانه في دول الخليج الاخرى, قد يرى نفسه متفوقا على البعض من ناحيه الرفاه النوعي , في حين يرى نفسه متاخرا عن البعض فيما يتعلق بمسألة بناء المجتمع المدني وملتقيات الثقافه

• *التجارب التعليميه التي تنقل خلالها المجتمع خلال العقدين الماضيين , أثرت سلبا على الهويه القطريه , وعدم تحديد حد ادنى من المنهج المشترك لجميع المدارس , أوجد تقابلات دينيه وايديولوجيه متضاده تعيش داخله, في حين خسرت اللغه العربيه مجتمعا عربيا قحا ,أجياله الحاليه تعاني من العاميه والانكليزيه المكسره , ولغات اسيويه تحيط به من كل جانب وهو في وضع ضعيف , مقارنة بالاجيال السابقه.

• * أوجد التعليم ماضيا مبسترا خاليا من العيوب , مقدسا في معظمه لايستمع الى الراي الاخر ولايستدعي عقله ولا يبدع كل ما عليه استحضار ما قاله السلف ,دون نقاش ,محتفظا دائما ببطاقة الاتهام دائما في جيبه.

• *أوجد التعليم ماضي طوبائي تسعى الأمه لاستعاده دائما بل ان هدف النشء العمل على ذلك, فأوجد نرجسية قاتله لايمكن الفكاك منها او التخلص منها.

• *بالرغم اشراك المرأه والدفع بها قدما , لايزال قطاع كبير من المجتمع ومن وسط الشباب ينظر الى ذلك بعدم الارتياح وهذا يدل على أن نظام التعليم متذبذب وغير مؤثر ويحتاج الى مراجعه , نتيجة ل مناهج التعليم المتضاربه , حيث مناهج ترى فيها عوره "تدرس" اليوم ومناهج تدفع بها الى المقدمه والمشاركه قفزا .

• * أوجد ذلك صراعا بين القيم في المجتمع , فالمواطن يرى نفسه سيدا مره وخادما مرة أخرى , يرى فى الآخر أخا مره ويرى فيه تحديا جاء على حساب رزقه تارة أخرى , يرى في الثروة نقمة ونعمه , ويرى في الماضي ملاذا من حاضر يتلاشى فيه.

• *جعل هذا الوضع القطري في حالة الدفاع دائما , فهو يدافع عن وطنه ممن جاء بارادة حكومته ليعمل فإذا به يستوطن ويستقر ,ويدافع عن دينه وسماحته ممن جاء يعلمه الدين فأصبح عبئا ثقيلا عليه وعلى الدين, ,لسنا مجتمع ضرائبي , ليدفع مقابل اقامته وسكناه, لسنا مجتمع دستوري لنشعر بالامان تجاهه.

• *دور الاعلام كان ولايزال سطحيا, يعزز من القيم وازدواجيتها , يريدك حرا ضمن نسق حرية المجتمع المفروضه, يعكس قيم الثقافه الاستهلاكيه من مولات وفنادق ومطاعم , في نفس الوقت يعزز قيم البداوه والعصبيه القبليه من خلال برامج التراث التي تعطى النشء انطباعا غير صحيحا عن موروثاته التي كانت في معظمها نشاطات اقتصاديه بحكم وضع المجتمع انذاك , فالقنص كان نشاطا اقتصاديا, والخوي كانت مهنه , والفداوي كذلك مهنه , اختفى ذلك النمط الاقتصادي , القائم على محورية الشيخ فيه , بعد ظهور الحكومه , ولكن يبدو أن هناك انزياحا نحوه بالرغم من توجه الدوله كما تعلن نحو المؤسسات وبناءها.

• * ليس للاعلام رسالة واضحه , يمكن قياس تقدمه من عدمه على مؤشراتها ,كم عدد البرامج الحواريه في الاعلام , ماذا تقدم ؟ مالقضايا واولوياتها في المجتمع ؟ في حين أن في قطر أكبر قناه حواريه في العالم العربي, وهنا دليل على الازدواجيه بين الشىء ونقيضه تبدو واضحه.

• * أرجو ان لايغفل المسؤولين عن الجانب الاجتماعي وهم في حمى الدفع اقتصاديا لتحقيق التزامات الدوله نحو الخارج , فكثيرا ماكان الجانب الاجتماعي المهمل , هو كعب أخيل للحكومات والانظمه , كل ما يتطلبه الوضع هو التنظيم ومواجهة المشاكل ودراستها وعدم جعلها تتراكم , فالهويه الوطنيه تبنى تدريجيا من خلال القوانين والنظم ونظم التعليم المحكمه ووسائل الاعلام الواعيه, ولاتترك للمشافهه وقصائد الشعر.

• اللهم علمنا ماينفعنا و انفعنا بما علمتنا وزدنا علما

الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

اليقظه ليست بالضروره نهضه





النهضة أساسا مفهوم غربي قام على ركائز ثلاث أولها: تغير في البنية الاجتماعية وظهور للطبقة الوسطى وثانيها: إصلاح ديني ميز ما للملك وما لله. وثالثهما: تطور مادي في البناء والتشكيل والرسم وظهور للمدن.. هذه الترويكا الثلاثية احدثت نوعا من النهضة في الغرب. تغير في البنية وتغير في التفكير.

تبعه تغير في الانماط السلوكية. نلاحظ هنا ان مفهوم النهضة لا علاقة له بالماضي. النهضة بمعناها نهوض عن الماضي وليست تجليا له او لاعادته. بمعنى أن مفهوم النهضة ليست له جذور تاريخية عربية. النهضة اساسا مفهوم يرتبط باللحظة اذ هو ليس مفهوما يحيل أي الماضي بأي شكل من الاشكال، ثمة مفاهيم أخرى تحمل إعادة الماضي على انه نهضة بينما هو في الحقيقة إحياء للماضي، ولكن المفهوم الحقيقي والواضح لاعلاقة له بالماضي بل إنه قطع مع الماضي بكل اشكاله. يظهر من تعاملنا كمجتمعات مع ما احدثته الثورات العربية من تغير وازاله لرؤوس الاستبداد والطغيان أن الذهنية العربية لاتزال عاجزة عن ادراك مفهوم النهضة الحقيقي كفعل مستقبلي لا يأخذ من الماضي إلا ذكراه وتجربته ولكن لا يستورده ولا يستورد شخصياته او يحاول استنساخها، لذلك كان تعاملنا أو تعامل اصحاب اليقظة بالماضي وبرامجهم تعامل شمولي مع الاحداث واستبدال نموذج ساقط بنموذج جاهز ومكتمل ولم يعيروا التغيرات التي جرت على مفهوم السلطة ذاته وعلى كثير من المفاهيم السياسية الاخرى أى اهتمام فالسلطة لم تعد الملك او الرئيس فقط ليكفي ازالته لتستوي الامور والحزب لم يعد الحزب ذلك الحزب ذو العقيدة السياسية الجامدة والمجتمع لم يعد مجتمع الإعلام الرسمي كذلك. كل هذه الأمور تغيرت وأصبحت السلطة مجزأة ومقسمة داخل آليات المجتمع جميعها، والأحزاب لم تعد تحمل ايديولوجيا فقط وانما مصالح والمجتمعات لم تعد موجهة وانما تقود التوجيه. كل هذه الأمور لا يمكن التعامل معها بمفهوم "اليقظة" على أنه "نهضة" ولكي تتحول اليقظة الى نهضة لابد هنا من القطع مع الماضي كروشتة وعلاج لمشاكل اليوم، الاسم التاريخي للحزب ليس مشكلة المهم أنه يعيش الحاضر ويتبنى آلياته وفكر تقدمي للنهوض إذا لم تتحول اليقظة الى نهضة فإنها قد ترتد الى ذاتها وتصبح عقيدة صلبة كايديولوجيات العنصرية والعرقية وغيرهما بينما الأديان أساسا لم تكن عقائد صلبة ولكن فهم البعض لها حولها الى ذلك. اليقظة اساسا وعي بماض تام يتحول الى نهضة عندما يكون نسقا مفتوحا للتأويل وليس دليلا نصيا أو زيا يعاد لبسه أو تخيله. لذلك مفهوم النهضة ليس مكتملا أو لا يكتمل أنه حالة من الصيرورة والنسق المفتوح، تعامل مكونات المجتمع العربي وأحزابه التقليدية مع احداث ما بعد ثورات لم يكن كذلك سوى جزئية في تونس أما في مصر وليبيا فإن أحزاب اليقظة قد تعيق بل تستولي على النهضة المرتقبة لعدم ادراكها للتغيرات التي حدثت في العالم حول مفهوم السلطة والحكم. النهضة هو ما أحدثه الشباب من ثورات وتغيرات واسقاط للنظم الديكتاتورية ولكن أحزاب اليقظة هو من استلم الزمام ليوقف عملية تشكل النهضة العربية القادمة، عندما تحدث فو كوياما عن نهاية التاريخ بسيادة النموذج اللبيرالي الديمقراطي كان يعني انفتاحه على العصر وعلى التغير بمعنى انه في عملية تغير وصيرورة تاريخية دائمة وهنا تكمن قوته وسيادته، بينما مشاريع أحزاب اليقظة العربية الايدلوجية والدينية ترفض التحول الى ذلك وان اصبح بعضها مرنا بعض الشيء لتقبل مكونات المجتمع ودياناته الا أن ثمة انشقاقات هنا وهناك داخل هذه الأحزاب لا تساعد على الاطمئنان وعدم التراجع لصعوبة التعامل مع الفكر مالم تُحيد الافكار ضمن إطار الدولة المدنية. على كل حال، أود الاشارة مرة أخرى أن الإسلام ليس عقيدة صلبة لأنه رسالة عالمية للإنسانية جمعاء، ولكن فهمه سياسيا بمنظور السلطة وسعيا لها قد يجعله يحتمل التفريط للوصول الى السلطة ومن ثم الافراط بعد توصله واستيلائه عليها. التجربة العملية لفصائل الإسلام "السياسي" تنبئ بذلك في اكثر من مكان في عالمنا العربي والإسلام. أود الاشارة اخيرا أن بداية النهضة كصيرورة قد تمت من خلال الثورات العربية ولكن لكي تكتمل لابد من استمرارها كتجديد لمفهوم السلطة الحديث الذي يقتسم المجتمع بالعرض والطول وليس كجوهر فرداني يسهل حيازته والانفراد به كما هو حاصل اليوم في عالمنا العربي المأزوم.

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

الزعيم العربي بعد السلطه ....مفقود .....مفقود .....مفقود







أشفق كثيراً على زعماؤنا وقادتنا لسبب بسيط وهو عدم وجود حياة حقيقية لهم بعد غياب السلطة عنهم وحتى وإن وجدت فهي حياة أقرب الى الجمود منها الى الحياة فالإفراز التاريخي لأمتنا في هذا الخصوص لا يخرج عن موت القائد أو الزعيم أو إبعاده قسراً وغيابه في المنفى وفي بعض الحالات التخلص منه ومن مرحلته بأي طريقة كانت إذا ما استثناء الحالة اللبنانية فهذه المخرجات هي ما استوطنت عليه أمتنا ولو استعرضنا الوطن العربي من الخليج الى المحيط نجد أن هذه هي شروط انتقال السلطة وأن تلاشت بعضها مثل الاغتيالات وبقى المراهنة على الموت لتداول السلطة وأن كانت وراثية لسوء الحظ . ما يدعوني الى التذكير بهذه النقطة النماذج الغربية للحياة بعد السلطة فالرئيس الامريكى السابق كلينتون مثلا اصبح محاضرا فى العديد من الجامعات وتعاقده مع جامعة أكسفورد للتدريس فيها بعد خروجه من السلطة في البيت الأبيض بوقت قصير وقبله انتقل بوش الأب الى إدارة أعماله في تكساس بعد سنوات حامية في البيت الأبيض وغيرهم كثيرون في أوروبا ممن يمارسون حياتهم باستمتاع كبير بعد سنوات السلطة والزعامة . فالسلطة هناك فترة مرحلية تتبعها فترات من النضج والتأمل ولكنها عندنا نهاية المطاف وغاية المنى وغالباً ما يخيب الظن في النهاية فإذا بها كارثية . مثل هذه الحالة النكوصية التي يعاني منها وطننا العربي الكبير ولا تشاركه فيها سوى دول أفريقيا المتخلفة وبعض من دول آسيا المأزومة ، هذه الحالة التي يندفع فيها الشعب والجيش في أغلب الأحيان ليمارس صلاحياته تحت مسمى استشراء الفساد دونما خطة أو برنامج لا تمثل حلاً ناجعاً للأشكال حيث لا آلية واضحة لممارسة العمل السياسي فإذا بالفساد يعود من جديد وبثوب آخر . ولو استعرضنا وطننا الكبير بلداً بلداً وتساءلنا عن السلف فهو بلا شك يقع بين تلك الإفرازات التي أشرت إليها سابقاً " فيما عدا لبنان "فك الله كربته; ولو تساءلنا أكثر عن المستقبل أي ما بعد الزعيم أو القائد الحالي فليس هناك جواباً وأنما الأمر متروك للقدر فهو بالتالي لا يخرج عن تلك الإفرازات أيضاً الموت أو الإبعاد أو الاغتيال . أن مأساة الأمة ومكمن أمراضها يتمثل في الاستبداد فلا مخرج لها من دون التعامل مع هذا الداء حيث لا إصلاح للتربية ولا إصلاح للثقافة ولا وجود حقيقي للتنمية دونما البدء بمعالجة الاستبداد الذي يجعل من السلطة نهاية المطاف وليست مرحلة يبني عليها وترتكز عليها خطوات أخرى لقد هُزمت الأمة من جراء هذا الاستبداد ونزفت أموالها الى العدو واقتصاداته الموالية بسببه ولسبب حب السلطة أو جعلها نهاية المطاف ، فلا يحتمل عربي أن ينزل من السلطة ليعامل بعد ذلك كإنسان أو مواطن عادي وهذه في حد ذاتها إشكالية ثقافية عانينا منها منذ القِدم فالعربي في السلطة أما ضعيف فيؤكل أما قوي فيستبد ويبطش ولا يوجد خط وسط ولا توجد آلية تقلل من جميع خيوط السلطة في يد الفرد ولا توجد آلية كذلك تجعل من اتخاذ القرار السياسي المصيري والذى يتعلق بمصير الأمة أكثر تعقيداً. والآن ألا توافقون معي على أن الزعامة العربية والقيادة العربية تدعوا الى الشفقة والعطف فهي في أحسن أحوالها يلحقها النقد واللاذع بعد مماتها وفي أسوأ أحوالها تسحل في الشوارع العامة كما جرى في انقلابات الستينيات من القرن الماضي في حين أن الحياة تبدأ بعد الخروج منها لدى قوم آخرون وتبدأ مرحلة من التأمل والنقد الذاتي والمشاركة في الحياة العامة هذه المفارقة هي ما تجعل أولئك يتقدمون رغم ظلمهم السياسي في بعض الأحيان وهي ما تجعل منا في الحضيض رغم صدق مطالبنا التاريخية ولكننا نفشل دائماً في إعطاء النموذج والبراهين الدالة على هذا الصدق وتلك الحقيقة .وبما ان لكل قاعدة استثناء وعلى امل ان يكون هذا الاستثناء هو القاعده فيما يتعلق بهذا الخصوص بالذات فان سوار الذهب وولد فال دخلا التاريخ من اوسع ابوابه وكانت السلطه بالنسبة لهماوسيله لحياة افضل( ويكفيهم احترام المواطن العربى لهم طواعية دونماخوف اوزجر )

العلاقات القطريه –المصريه , تشابه لا تباين


هناك اوجه تشابه واضحه في دور كل من مصر وقطر خلال العقود السابقه حتى اليوم , ولعل هذا التشابه هو ماسبب الكثير من سوء التفاهم والخلاف التي نسعى جميعا لتجاوزه اليوم , ولي هنا بعض الملاحظات:
أولا: ادخل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الأمة العربيه بعد ثورة يوليو52 تاريخا حداثيا جديدا , جعل من الصراع مع اسرائيل وتحرير فلسطين الهدف الاساسي للأمة ولشعوبها , بعد التخلص من الاستعمار.
ثانيا: ادخل سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفه الأمة العربيه عصرا حداثيا جديدا بعد تسلمه للحكم في منتصف التسعينيات,للخروج بها من النسق والنظام الأبوي الذي كان سائدا , ولعل مطرقة قطر الاعلاميه التي استحدثها سموه, تشبه الى حد كبير مطرقة"نيتشه" التي كسر بها الاوثان والاصنام التي تقف أمام الانسان وإرادته
ثالثا:كان صوت العرب هادرا و تستيقظ على ندائه جماهير الأمة العربيه كل صباح, كذلك كانت الجزيره في قطر تنشد مع جماهير الربيع العربي "دعاء الشرق" ودقت ساعة العمل " ونشيد الله أكبر
رابعا:ساند ت مصر الشعوب العربيه على التحرر من الاستعمار في الجزائر واليمن وليبيا في الخمسينيات والستينيات, كذلك كان دور قطر بارزا لايضاهى في مساعدة شعوب الربيع العربي على التحرر من الاستبداد والظلم.
خامسا: قطر كانت ناصريه , وثورة 25 يناير 2011 كانت قطرية الصوت والصوره عبر الجزيره.
سادسا: مصر كانت تتوسط لحل النزاعات العربيه منذ ايلول الاسود وقبلها الوضع اللبناني المتفجر في الخمسينيات ودعت كثيرا لمؤتمرات قمه للمصالحه, كذلك قطر اليوم تجدها تقوم بدور مماثل في التوسط في لبنان وفي السودان وفي كل مكان يتاح لها ولامكانياتها بالتوسط للمَ الشمل العربي.
سابعا:أتهمت مصر مرارا في السابق بالتدخل في شئون الدول الاخرى , كما أتهمت قطر بذلك تماما.
ثامنا: أوجه التشابه بين قطر ومصر تاريخيا كثيره, لذلك هم اقرب الى التوافق منه الى الخلاف, الاجنده الكبرى لمصر ولقطر ليس عليها خلاف , دور مصر , مكانتها , قوتها, المصير المشترك , قضية فلسطين.
تاسعا: ماأوجد الخلافات العربيه عموما , هو سقوط الاجنده القوميه دون وجود أجنده وطنيه , لدوله وطنيه و لذلك برزت الاجنده الدينيه وهي قابله للتشظي بسرعة نظرا لطبيعتها القائمه على الفهم والتأويل, لذلك يبدو العوده الى المربع القومي يخدم بقاء الدوله وهو ماتنبهت له قطر وكذلك مصر.
عاشرا: البدايه من الوسط وليس من الجذر أو الاصول , هي البدايه لبناء الدوله , دولنا قائمه على الاصول سواء القبيله او العسكر او الدين لذلك هي مهدده من الداخل بشكل تنازع الاصول والمرجعيات أو من الخارج لاختلافه عن الاصل والجذر والمرجعيه.
أحد عشر:انا اعتقد ان الخلاف القطري –المصري يجب أن يقُرأ قراءه صحيحه , لان يشكل بدايه حقيقيه للخروج من النظام الابوي الذي يحمل في معاييره اسانيد لم يعد يقبلها العصر, وهو ماقامت بفضحه قطر الصغيره من خلال أداتها الاعلاميه الجباره , حتى مع عدم توفر المؤسسات السياسيه الديمقراطيه.
إثنا عشر: ومع ذلك لابد أن نذكر للنظام الابوي محاسنه رغم تآكله زمنيا , فالنظام السعودي اليوم هو النظام العربي الأبوي المتبقى , وهو من قام بالوساطه لحل الخلاف –الخليجي-الخليجي, والقطري –المصري, ومع ذلك فحسابات الزمن لاتعرف العاطفه وليس لها قلب يخشع أو عين تدمع, ولايشفع معها ماضيك الجميل

الاثنين، 22 ديسمبر 2014

إنقراض"المثقف" وبروز الفقاعة



إذا أردنا البداية في التخلص من الفكر الشمولي وعشوائية الاحكام والخلط بين الادوار الاجتماعية وتحديد تأثيراتها خارج نطاقها الايديولوجي الحقيقي. علينا التمييز بين ثلاثة أنماط من الادوار الاجتماعية الموجودة في المجتمع والتي يجري الخلط بينها ويطغى أحدها على الأخير بشكل يصبغ المجتمع بصبغته على حساب الادوار الاخرى وهذه الادوار او الانماط او الشخصيات هي:







أولا: رجل الدين رغم عدم وجود هذا المسمى بوضوح في ديننا الإسلامي إلا أن دوره واضح ومؤثر لارتباطه الوثيق بالدور السياسي في مجتمعاتنا العربية وتساندهما مع بعض في ادارة الدولة العربية بشكل أو بآخر أو مرجعيات أخرى له القيامة على كل أمور الدولة.



ثانيا: الايديولوجي: وهو من يؤمن بأيديولوجيه معينه يعتقد خلاص الأمة في تبنيها، وهو وجود هش في مجتمعاتنا العربية وتأتى إمداداته غالبا من الخارج، مع أهمية هذا الدور في إنشاء وإقامة الاحزاب ركيزة الديمقراطية إلا أن تأثيرات البنية العربية الدينية القبلية جعلت من وجوده غير ذي تأثير واضح.



ثالثا: المثقف وهو بالضرورة حر ينتمي الى فضاء الحرية لا يحده سقف ولا ينفعل تحت أي سقف معين. وهؤلاء قليلون ومحاربون ومبعدون ومتهمون، لا تكتمل الثقافة الا بالحرية، المثقف لابد له من النظر في فضاء غير محكوم بأسبقيات، فتتوالى بالتالي الافكار وتتجدد العقليات ويتجه المجتمع نحو الحراك الثقافي الحقيقي وهو ما نشهده وشهدته أوروبا وأمريكا على الدوام لذا هم دائما جهة ارسال فيما نحن دائما جهة استقبال بسبب عدم ادراكنا لمفهوم المثقف ماذا انتج ايديولوجينا سوى الترديد للنظريات الغربية وماذا انتج علماء الدين لدينا سوى اعادة التاريخ وشخوصه كل هذا يتم تحت مسمى المثقف الشيخ والثقافة الدينية والايديولوجية.



رجل الدين ليس مثقف  بالمعنى الذي ذهبت إليه,ربما هو مطلع أو يعلم في نطاقه لكنه لا يمكنه التفكير خارج ذلك النطاق،." الايديولوجي أقل ارتباطا منه ولكن يخرج من أيديولوجيه ليدخل في أخرى فهم داخل نطاقات فكر محكومه ومقفله، من هنا ندرك ازمة مجتمعاتنا كونها مجتمعات تتحرك داخل نطاقات معينه وليست تتحرك في فضاء الحرية الكامل. وتلتبس بالتالي الادوار ويسند الامر الى غير أهله، وتعود البنية السابقة للتعليم الى الواجهة تحت مسمى الثقافة التقليدية ويسيطر رجل الدين كونه مثقف العصر والزمان والدنيا والاخره على أطياف المجتمع الاخرى، ويختفي الايديولوجي الوطني ويتلاشى المثقف وينتشر المسطح المسقوف وتضيق دائرة الفكر الحر أو حرية التفكير وتزيد بالتالي شهية الاستهلاك وتتضخم معها فكرة امتلاك الحقيقة، بمعنى أننا نعيش للآخرة وهؤلاء يعيشون للدنيا فلا مانع من الابتضاع منهم الا أنهم الأخسرون أعمالا.

الخميس، 18 ديسمبر 2014

اليوم"الوطني" بين عقليتين

إنتهت الاحتفالات باليوم الوطني , وعاش الشعب فرحة كبيره , , نسى خلالها مشاكله اليوميه من ازدحام وحركة مرور مستعصيه وطويله, ولي هنا بعض الملاحظات :
أولا: ظهر بوضوح كالعاده , سيطرة العقليه "البيانيه" على جميع أوجه نشاطات الاحتفال , واللغه البيانيه لغه شموليه ليست لغة مؤشرات, فيما عدا المسير الوطني والعرض العسكري المصاحب له الذي جاء مؤشرا برهانيا , نوعيا يدل على تطور الاحتفال في هذا الجانب , فيما عدا ذلك , كما قلت جميع النشاطات الاخرى جاءت نشاطات بيانيه"لغويه"
ثانيا: قدمت قناتي قطر وتلفزيون الريان , استمرار مضخما ربما عنه في العام الماضي لهذا الاتجاه البياني اللغوي , فلم يقدما أكثر مما تقدمه أي قبيله تحتفل باليوم الوطني والقاء القصائد والشيلات.
ثالثا : تعامل الاعلام مع المناسبه وكأنها منفصله تماما عن واقع المواطن وما يدور حوله ,لم نسمع حوارا او سؤالا عن الظروف التي يأتي فيها احتفال هذا العام مختلفا عنه في العام الماضي , كتدهور اسعار النفط , وآثاره , ونتائجه وما ينبغي لمواجهته مثلا, اليوم الوطني , لحظة إحتفال مصحوبة بوعي وادراك ورؤيه , وليست لحظة احتفال معصوبة العينين".
رابعا:لانسأل مالفرق بين إحتفال هذا العام عن العام الذي مضى, لاشك هناك فرق كمي ونوعي , لم يطرح الاعلام هذا السؤال بشكل يظهر ترابط الاحتفال ببيئته المحيطه. في الاعوام السابقه كان يتطلب مني الوصول الى مكان الاحتفال في الوجبه عشر دقائق , هذا العام استغرق الأمر اخمسة وثلاثون دقيقه وبتدخل من المرور.
خامسا: كم بلغ سعر الاغنام في السوق والتضخم عموما جراء ضخامة الاحتفال ؟, القصد أن الاحتفال باليوم الوطني , كل عام يختلف عنه في العام الذي سبقه , فلاينبغي تناوله وكأنه نسخة مكرره , الا فيما يتعلق بفرحة المواطن به وبولائه لوطنه وقيادته, كيف يمكن الاحتفال به بتكلفه أقل يتحملها المواطن , مادية كانت أم نفسيه؟ كل هذه الاسئله لم يطرحها الاعلام ولا برامج الاحتفال التي ازدانت بلغه بيانيه طوبائيه , افلاطونيه.
سادسا: سمعت عن سفر الكثيريين وانتهازهم هذه الفرصه الوطنيه للسفر خارج البلاد, بينما المفترض ان يكون العكس هو الصحيح. فكيف ينمي الولاء للوطن في اولاده من يتهرب من المشاركه ولو بحضوره في يوم بلده الوطني , ثمة أسباب بلاشك؟ لم يطرحها الاعلام ولاالصحافه.
سابعا: الهدف من هذه النقاط هو محاولة الانتقال من العقليه البيانيه "المكتفيه" باللغه في التعبير عن اليوم الوطني , الى العقليه البرهانيه القياسيه و التي تظهر مؤشرات مبنيه على ماسبق وتقيس عليها ماهو قائم, ماديا ومعنويا, ليس الأمر مجرد يومين , بل هو كشف حساب يقدم للوطن وللقياده.
ثامنا:أين احتفال الجمعيات المدنيه في درب الساعي , اين جمعية القانونيين والمهندسيين وغيرهما ان وجد , هؤلاء دليل على الانتقال الى العقليه البرهانيه , الا انهما في غياب مماثل لغيابها المشهود.
تاسعا: العقليه البيانيه عقليه عدديه , عقلية كثره , وليست عقلية وجود , الوجود مكتفي بذاته , قد لايحتاج الى عدد ليثبت وجوده,
عاشرا: عشت ياوطني مزهوا بقيادتك وبرجالك الاوفياء وبحب ابنائك .

التاريخ بين من يحمله ومن يتجاوزه








هناك إنسان مسير ليحمل التاريخ على ظهره، منذ ولادته، وهناك إنسان مخيرا بين أن يعيش التاريخ في يومه أو أن يتجاوزه لغده. أن تكون مسيرا لأن تحمل تاريخ أمتك دون أن تتجاوزه يعني أنك أصبحت عبدا له، في حين أنك حينما تتجاوزه بعد أن تعيشه يعني أنه أصبح رهن طاعتك وإشارتك. الفرق بين الإنسان العربي والإنسان الغربي فرق تاريخي، بين من يحمل تاريخه كما هو غثه وسمينه وبين من عايشه ويتجاوزه في كل لحظة قادمة. من الظلم أن يولد أطفالنا ليحملوا تاريخا عمره يقارب الألفين سنه، من الظلم أن يظلمهم التاريخ قبل أن يعايشوه، من السذاجة أن يظل ديدنهم على حساب حاضرهم ومستقبلهم. ما هو التاريخ أصلا؟ إنه مجموع الروايات التي تصل إلينا من الماضي، وهناك طريقان لذلك الرواية الشفاهية والمخطوطات او الكتب التاريخية التي تسجل الحوادث وكلا الطريقتان لا يمكن فصلهما عن ميول الراوي أو الكاتب أو ميول مصادره فالأجدر أن يُحمل الأمر على ذلك، لو جلست إلى أي عربي تحادثه لوجدته مفتونا بالتاريخ يعيش به ومن أجله والتاريخ في الذهنية العربية هو الماضي في حين ان الماضي جزء من التاريخ فقط لأن الحاضر تاريخ يُكتب والمستقبل كذلك تاريخ سيكتب، تجاوز التاريخ بكتابته حاضرا ومستقبلا هي الطريق لاستيعابه، الذهنية العربية عليها الانتقال من التاريخ الى صياغته وكتابته وأدوات المرحلتين مختلفة، فالعيش في التاريخ والاستغراق فيه وتذكره والفخر به يستدعي ملكات الإنسان الذهنية بشكل رجعي بينما تجاوزه يستدعي التفكير بشكل أمامي وفتوح الأفق، الفعل الأول تكراري والفعل الثاني إبداعي، تجاوز الغرب تاريخه فأبدع، تجاوز الحروب المدنية فأنتج مدنية الدولة، تجاوز تاريخ الاستبداد فأنتج الديمقراطية، تجاوز العبودية فأنتج الحرية الفردية المسؤولة، تجاوز الشمولية فأنتج الفصل بين السلطات، هذا هو التاريخ المتجاوز لذاته وعدم تكراره. الشبكة التاريخية وخيوطها العنكبوتية تحيط بالعربي من كل جهة وصوب، تاريخ العائلة وتاريخ القبيلة وتاريخ الوطن وتاريخ الأمة، شبكه من التاريخ، يعايشها العربي باستذكارها وتحفيظها لأبنائه وأحفاده وعملية الحفظ والتلقين والمشافهة، هي من تجعل من التاريخ حملا ثقيلا، لابد من كتابته ليمكن تجاوزه، الإشكالية عندما كتبناه جعلناه فوق امكانية التجاوز كتبناه كنهاية وليس كبداية او مقدمة لاستكماله واستمراره، كتبناه بتنقيته من الأخطاء فأصبح فوق التجاوز، سطرناه بطهارة الملائكة فلم يعد قادرا ان يستكين أو أن يعاش على ارض البشر. لم نقرأه جيدا وإنما حملناه والتاريخ لا يُحمل وإنما يقرأ فشاخت بذلك الأجيال دون ان تجعل منه مستقبلا واكتفت بحمله تارة وترديده تارة أخرى عندما تواتيها فرصة لالتقاط أنفاسها.Q



الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014

الصراع على القبيله جزء من الصراع على الدين










الصراع على القبيله جزء من الصراع على الدين


فكرة نقاء العرق الاجتماعيه هى جزء لايتجزأ من فكره الفرقه الناجيه الدينيه, والفكرتان فى تضاد حاد مع فكرة قيام الدوله الديمقراطيه لان الدوله اساسا قامت على انقاضهما تاريخيا, اضمحلت الفكره الاولى " النقاء العرقى" فى مفهوم المواطنه بينما انزاحت الاخرى امام حيادية الدوله امام الاديان هذا هناك بعيدا عن عالمنا. لدينا تتعايش الاضداد ليستمر الوضع كما هو لا ان ينتج عنه افراز جديد يمثل خروجا من الوضع القائم كما يشير المذهب الجدلى الذى هو احد تفسيرات عملية التطور اى انه جدل سالب كما يشير "ادرنو" احد فلاسفه مدرسة فرانكفورت الاجتماعيه وهذا النوع من الجدل لايمثل تطورا بقدر ما يمثل عائقا نفسه لعملية التطور. فشكل الدوله العربيه اليوم يبدو وكأنها تعيش جدلا سالبا باحتفاضها بمكوناتها الاجتماعيه والدينيه فى حالة استعاده دائريه دائما. والحقيقه ان الدوله العربيه لم تبنى على انقاض مكوناتها الاجتماعيه والدينيه التى اشرت اليهم بفكرتى النقاء العرقى والفرقه الناجيه, ولكن قامت الى جنبهما وارتبطت معهما بحبل سرى يغذى وجودهما ووجودها فى نفس الوقت. . ما معنى ان ان يبحث الجميع عن سند تاريخي يستند اليه، ما معنى ان يزور التاريخ والاسماء ارضاءلشهيه المجتمع وقبوله, مامعنى ان تشيع فكره النقاء والتصفيه حتى بين افراد القبيله ذاتها بعد ان وحدهم التاريخ الصعب، ارضاء ورغبه فى الوصول والتقرب للدوله. ما معنى ان يصبح الدين الواحد اديانا وفرقا، ما معنى ان تنحاز الدوله لدين او لفكر دينى دون غيره وهى كيان معنوى. كل هذه المحتويات وغيرها الكثير هى من يولد الطاقه لبقاء الدوله العربيه فى حين ان اقتصادها وطريقه توزيعه هو الجزره والحلقه دائريه تغذى بعضها بعضا. من يقرأ فى ادبيات الثقافه العربيه ومنتدياتها فى هذه الايام يجد تراجعا وردَه كبيره نحو فكرتى الاصاله بما هى نقاء عرقى والدين بمعناه الضيق او كما يفهمه البعض دون البعض الاخر. لذلك ارى ان المشكله تاريخيه يخفيها العصر باكسسوراته ولكنها هى من يحرك الوعى دائما وابدا فهل من سبيل الى اعادة بناء الدوله العربيه؟ هل من سبيل من تفريغها من محتوياتها الداخليه التى تتغذى عليها لتبقى؟ فى دولنا الخليجيه للقبيله جزره وفى دول الطائفه للطائفه جزره وفى بلدان الاحزاب على شكليتها للحزب جزره وهكذا تستمر الدوله. اعتقد اولا ان طريق الخلاص يبدأ من الحفاظ على قدسية الاديان بعيدا عن استعمال الدوله السياسى لها، فحين تستقل الدوله عن الدين بمعنى ان تديره بحياديه يسهل بالتالى التعامل مع مكوناته الاجتماعيه الاخرى كالقبيله او الطائفه، ولكن حينما ندرك ان مثل هذا الاستقلال كلف الاخرين عقودا من الصراع واعدادا كبيره من الضحايا نصاب بالاحباط ونتسائل هل يبقى الاستبطان الداخلى للدين كعلاقه تبنى ولا تهدم تٌحيى ولا تُميت كما ينادى البعض ويشخص الاخرين هو ماقد يخرجنا من هذه الدائره؟ هل المنقذ هو نوع من الصوفيه تخرجنا من صرامة الفهم الاحادى وحدته وفكر الفرقه الناجيه ونقاء القبيله والتصاق شرفها بالسماء تميزا ومرجعا. هل الفهم الصحيح للاسلام هو الحل ؟ نعم كررنا هذا ونكرره دائما ولكن كيف ذلك ومن يقرر الفهم الصحيح دون غيره والكل قد يختلف على حرف من الكتاب دون السنه؟ اسئلة كثيره نطرحها فى غير زمنها فمن المسؤول عن ذلك نحن كأمه ام الزمن الذى قد حث المسير قدما دون ان يخبرنا او يدرك اننا امة تعانى من صمم تاريخى، عدم ادخال الزمن كبعد هام جدا فى فهم النصوص جعل من الامه خارج اطار الزمن ذاته وتحتفى بالاموات اكثر من الاحياء وتقضل الماضى على الحاضر فتاريخ الامه تاريخ الافراد فليس هناك صيروره تجعل من الدوله موضوعا لها فالافراد طالما كانوا احياء فهم ضمن صيرورة الزمن اما الدوله فهى فى خارجه منذ البدء. فمرض القاده وجنازاتهم والفراغ الذى يتركونه بعدهم والشقاق الذى ينشأ بعد زوالهم كلها شواهد على صيرورة الفرد الزائله واضمحلال الدوله وهشاشة عظامها.

ما الدوله؟




صيغة الدولة المثلى في كونها جهازا إداريا لتنظيم حركة المجتمع ومراقبة انشطته بعيدا عن التدخل المسلوب لجهة دون غيرها أو لفكرة دون أخرى. الانتقال الى هذه الصيغة ليس من السهولة بمكان. في الاساس ليست هناك اشكال للدولة كما هو مطروح اليوم، مثل الدولة القومية أو الدولة الدينية أو الدولة الطائفية.

الدوله الحقيقيه هي التي تحل تناقضاتها لكي لاتعود أو تنتكس لحالة ما قبل الدوله, الدوله العربيه التي نراها تتساقط كل يوم لأنها كانت تعيش على تناقضاتها وتعتاش على التناقض , الى حد تصل تناقضاتها الى نقطة الصفر واللاعوده فتسقط الدوله,الدولة الدينيه او الطائفيه او القوميه خرجت من مفهوم الدولة الاسمى، أصبحت دولة منقوصه ينهشها التآكل نظرا لإلتصاقها بصفة أقلوية لجزء من السكان. لذلك ومن هنا يمكن معرفة إشكالية الدولة العربية القائمة حاليا حيث ينبثق تصورها وأفقها الابعد من نظرة قاصرة لشموليتها واستمرارها بل وتمدنها. يتعامل المجتمع المدني في الدولة الحقيقية مع التباين الديني فيها وليس مع الدولة ,الدولة تبقى حيادية، بينما المجتمع المدني واجهزته تتعامل مع الفروقات والاختلافات داخلها من خلال تصريفها في قنوات مدنيه ونقابات وجمعيات. ولا تتركها لتصطدم بالدولة ويكون الغلبة للأقوى وتنحاز الدولة بعد ذلك الى جهة أو طائفة أو دين. تقوم الدولة الحقيقة على مستويين، مجتمع مدني كالذي ذكرت ومجتمع سياسي، ينظم إفرازات المجتمع المدني سياسيا ويوضح سبل التفاعل وآلية السلطة. في مثل هذه الدولة تصبح المواطنة لا الدين أو القبيلة أو الطائفة محدد الانتماء الاول والاخير، ويصبح بناء الدولة الخارجي من القوة بمكان بحيث لا يمكن هدمه مهما تغيرت السلطة فيها وبأي شكل كان هذا التغير. حاولت الدولة القومية فيما سبق التقدم في هذا الاتجاه إلا أنها فشلت نظرا لايديولجيتها ولم تستطيع ان تفسخ للمجتمع المدني داخلها مجاله الارحب وبالتالي كانت مجتمعها السياسي محددا مستقبلا باحزاب قومية أو بحزب قومي مسيطر، كذلك الدولة الدينية وحيث الدين اساسا مجاله المجتمع المدني ويدار من خلال الدولة بحيادية، إلا انها "الدولة الدينية" أدارت هي ذاتها الدولة فإختفت الحيادية بين اطياف المجتمع وأديانه. لذلك أي تغيير في هذا النمطين من أنماط "ما قبل "الدولة" يرجع الأمر الى المربع الاول مربع ما قبل الدولة شهدنا ذلك ونشهده في عالمنا ماقبل ثورات الربيع العربي أو ما بعدها. الحقيقة المرة هي اننا كمجتمعات عربية نعيش مرحلة ما قبل الدولة بإمتياز حتى وإن إرتفعت اعلامنا فوق بناء الامم المتحدة أنها أعلام قبيلة او طائفة أو جماعة أو دين.

الاثنين، 15 ديسمبر 2014

من أشكال الهويه المأزومه







لو يعلم من يدفع بمجتمعاتنا الى هاوية الرؤية الضيقة والبؤرة المحرقية التي تقضي على غيرها ثم تتآكل هي ذاتها من الداخل لأدرك بأن الجهل عامل أساسي وهام لتعايش المجتمعات، لو أدرك خطيب المسجد وهو يلقي خطبته أن الخطاب النسبي الذي يأخذ بالنص في ظل الظروف التي يعيشها الناس هو الخطاب الاسلامي الذي يتحقق ويتماشى مع العصر وان التفسير الكامل للقران لم يتحقق بعد ولن يتحقق الا مع إنطواء كتاب الحياة وطيه تماما, لما عشنا هذا التمزق الاسلامي الهوياتي المتشرذم,كم خرجت مساجدنا قنابل متفجرة وألغام قابلة للإنفجار. الدفع بالهوية الدينية كمحدد وحيد ,قتل مؤجل، الدفع بالمصطلح الهوياتي الديني مقدما على أوجه الهوية الاخرى إنتحار منتظر.. في زمن "الفتن" وهو مصطلح ديني ينتج مفاهيم دينية والحقيقة أن هذا الزمن ليس زمن فتنة وإنما زمن "مصالح سياسية واقتصادية" تعيش على إستهلاك مخزون الدول والحضارات الآخرى من بنى دينية واجتماعية متخلفة. ولي هنا بعض الملاحظات.





أولا: الدين ليس هدفا في حد ذاته وإنما هو وسيلة لإرشاد الناس وإسعادهم في هذه الحياة فالهدف إذا هو الإنسان.



ثانيا: "وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون" الهدف الاساسي في الدنيا هو عبادة الله , لذلك جاء الرسل والانبياء لهداية البشر الى طريق هذه العباده ولكن الانسان كائن تاريخي يعيش ضمن التاريخ وضمن البيئه التي تورث الدين ذاته , معظم معتنقي الاديان إعتنقوها وراثة ,والاختلاف ميزه وضعها الله في الكون للتعايش , لذلك الاساس لكل الاديان والهدف هو التعايش وليس الاقتتال بين كل عقيده على أنها الاحق بالعباده ,لأن الجميع سينظر على أن عقيدته هي التي كذلك دون غيرها.






ثالثا: التطرف الديني في المجتمعات الصناعية ناتج عن غربة الإنسان وتهميشه أمام الآله ورأس المال فاليوتوبيا هناك يوتوبيا عدمية بينما اليوتوبيا عندنا كمسلمين أو متدينين يوتوبيا "قيامية" لذلك هي عندنا جماعية واشد تجذرا وهذه مشكلة لا يمكن مواجهتها الا بتغير جذري في فكر المجتمعات ومنعطفات تاريخية كالذي شهدتها المسيحيه مثلا "خاصة فيما يتعلق بالفهم المتشدد منه/ كالشيعيه المتزمتة أو الأصوليه السنية المتشددة"، يرسب ويطور هذه الحالة سلبيا مستوى التخلف الذي تعايشه مجتمعاتنا وسوء ادراكها لمفهوم الثروة كعامل أساسي للاستقرار بدلا من كونه عامل او محدد للسيطرة فتتخلق نفسية تنتظر المستقبل للإنتقام وليس للبناء وليس أدل على ذلك من مشاكل دول الربيع العربي التي تعاني منها اليوم، سقط المستبد ولكن تجلت نفسية التشفي والانتقام.







رابعا: تدوير التاريخ وليس تجاوزه عندما اقتنع المأمون بفكر المعتزلة حمل القوم على ذلك، اليوم هناك من يريد الإخوان وفكرهم وهناك من يريد غيرهم وهناك من يحبذ الاصوليين وسلطتهم. لم تستطع أمتنا حتى اليوم من تطوير فكر حياتي تنموي لأنها جعلت من الدين هدفا اساسيا، بمعنى نريده لأنه متدينا وليس لأنه كفوا للمهمة بعيدا عن عقيدته أو دينه طالما أنه كفو وملتزم بالقانون. ويسقط الكفوء في الانتخابات لأنه لم يعرف عنه أنه يصلي مثلا.



خامسا: السلطة في عالمنا العربي تحتاج الى الدين إن لم يكن أصلا فرداء "وجلابية" والدفع الذي نراه اليوم بالهوية الدينية الى الأمام لن يحمي السلطة بقدر ما قد ينقلب عليها لاحقا والشواهد كثيرة قديما وحديثا لأن الفهم الديني انشطاري ومتحرك وله ألوان قوس قزح.







سادسا: المفروض التخفيف من وهج يوتوبيا العصر الأول وقدسية اصحابه وتدريس التاريخ للاجيال بشكل أقل قدسية ونقاء تدريسه واقعا بشريا وتخليصه من "المدهش" بقدر الإمكان إن كان هناك ثمة أمل برجى لجيل جديد ينتظم قدما ولا ينكص على عقبيه خوفا من المجتمع المصاب بتاريخه كمرض او متلازمة أمراض وقواه الضاغطة.

سابعا: يتحول النسق السياسي الى نسق ديني لهذا الترابط والاستغلال , فيتحول الحاكم من رجل سياسه الى اشبه بالفقيه الديني أو خطيب المسجد ذو الاتباع والمريدين , لذلك يقضى على كل امكانيه للتحول الديمقراطي الذي يرى في السياسيه وسيله تغيير وليس وسيلة تأبيد .لذلك راينا صدام بين خطيب المسجد المؤثر ورئيس الدوله أو حاكمها , لأنهما يتصارعان في نفس المجال , فينتهي عادة بتطويع الدين لصالح السياسه واحيانا اخرى بإنشقاق الدين الى مع وضد السلطه.

الأحد، 14 ديسمبر 2014

الإنسان رمز مكاني

الإنسان كائن رمزي أساسا, الرمز يشكل وعيا وذاكرة للإنسان, يفرغ الإنسان شحناته في شكل رموز, تمثل له بعد ذلك ذاكرة تاريخية وقد يكون هذه الرمز صخرة أو بيتا أو صحراء شاسعة, الوطن في شموليته رمز لذلك، هاجس العودة للمنفيين والمبعدين هو هاجس العودة اساسا للرمز.أو مايمثله. مكان الولادة والعيش المشترك رمز للإنسان, لايمكن المحافظة على التراث عندما تزال رموزه سيتلاشى حتما مع الوقت, فالمكان أبقى من الإنسان،فاذا ازلت المكان وهو مايشكل الديمومة والزمن فان الوقت الذي يشكله الإنسان في هذه الدنيا زائل لامحاله. هذه المقدمة اراها ضرورية, لمجتمع يدخل في عملية تغيير كبيرة وسريعة تشتمل على ازالات شاسعة لبنية المكان في المجتمع القطري, خوفي على ذاكرة المواطن القطري كبير، سيبقى التاريخ رهنا لوجود جيل أو جيلين على الاكثر وبعدهما ستتعرض حتى الذاكرة الشفاهية للمجتمع للاختلال, حيث الذاكرة المكانية سبقتها في التعرض للازالة والغياب. التضييق في مفهوم الهوية مع التوسع في عملية التحديث يؤدي لاحقا لاشكالات عديدة. عندما يعرف القطري بأنه من كان يسكن هذه الارض أو المنطقة في فترة محددة سابقة ويأتي التغيير والازالة عليها بعد ذلك, تتأزم الهوية وتتشرنق وتميل الى الحدية بالتالي لأن الاتكال سيصبح على التاريخ المروي الشفاهي الذي لاتستطيع التحكم فيه. في الغرب الشعوب تمتلك ذاكرة حية نشطة نظرا لوجود المكان والشواهد التاريخية لذلك لامعارك تقام باسم كتابة التاريخ ولا قتال ينشط باسم امتلاكه، الغربي ينتج لأن ذاكرته مستريحة وتعيش العصر والمستقبل، بينما ذاكرة العربي بشكل عام عليها أن تكون فعالة ونشطة دائما خوفا من سرقة التاريخ وتجييره أو إلغائه وشطبه. تمنيت لو استبقى التحديث جميع مناطق أهل قطر كما هي حفاظا على هويتهم وعاملا اساسيا لاشعارهم بكثرتهم وان كانوا قليلي العدد والرمز المكاني بُعد سكاني وعددي في حين الكثرة العددية دون مكان لايشكلون سوى ذاكرة شعب أو مجتمع سرعان ما تتلاشى وتصبح ذكرى بعد أن كانت ذاكرة.

الأربعاء، 10 ديسمبر 2014

مجلس التعاون ليس"نصاً دينياً"

إذا كان هناك ما يمكن ملاحظته خلف البيانات والتصريحات والتفسيرات السياسيه الظاهره والتحليلات السطحيه الصادره , هو أن هناك مؤشرات لإخراج صيغة مجلس التعاون من حيز "النص الديني " الذي قامت عليه إلى حيز "الصيغه المجتمعيه" المتفق عليها والقابله بإستمرار للتعديل والتأويل بما يخدم المصلحه العامه . ولي هنا بعض الملاحظات أود لو اذكرها:
أولا: قام مجلس التعاون اساسا ك"نص ديني" ولم ينشأ من القاع المجتمعي بالرغم من نبل فكرته, إلا انه جاء أو أنزل كضروره لمواجهة ظروف محيطه , هددت وجود هذه الدول "
ثانيا: إحتكرت السلطه وحدها تفسيره ومقتضيات وجوده , بالضبط كما إحتكرت السلطه العربيه عبر التاريخ تفسير النص الديني بما يخدم مصالحها ومقتضيات بقاءها ووجودها.
ثالثا: سيطرة النظره الفقهيه في كل نظام على الضروره السياسيه لكل صيغه مجتمعيه, إنعكاسا ودليلا على أنه في بؤرة وعي الانظمه ليس سوى نص ديني يبرر وجودها وليس صيغه مجتمعيه.إخترق هذا التصور المجتمعات بشكل عامودي حاد , فتحولت مابين مريدين ومعارضين أو مبتعدين, دون آلية تواصل وتفاعل.
رابعا: إمتنعت السياسه أو كادت الا في حالات ضيقه وبعد تكلفه إجتماعيه باهضه تتحملها المجتمعات , نظرا لكون صيغة النص الديني صيغه مطلقه وتعتبر النظره النسبيه خيانه أو تفريط.
خامسا: أمكن إختراق المجلس بسهوله من قبل الاجندات الدينيه السياسيه, في حين عجزت الاجندات الديمقراطيه الكثيره عجزت عن ذلك هذا دليلا آخر على أنه لم يكن صيغة مجتمعيه بقدر ما كان "نصا دينيا".
سادسا: قامت السلطه العربيه منذ فجر التاريخ تعتبر نفسها نصا مقدسا لذلك دأبت على استخدام النص الديني لتبرير وجودها وبقائها واستمرارها , لذلك كل مشاريعها وخطواتها تصب في هذا المجال وتخدم هذا الاتجاه, لذلك لانستغرب الفشل الذريع لكل مشاريع الوحده والتوحد والعمل المشترك العربي منذ الأمد .
سابعا:سمعت بوادر لانزال هذا النص الى الواقع وإعادة صياغته ولو جزئيا من داخل هذه المجتمعات , كلمة سمو الامير الشيخ تميم , وحثه على أن لاتصل خلافات الانظمه الى الشعوب ولاتمس مصالحها, وكلمة سمو الشيخ صباح حول ظاهرة الاختلاف الصحيه وضروره التفاهم للخروج منها بصيغة اقوى لصالح الجميع.
ثامنا: دعوة شباب قطر أمس امام القمه ومناشدة القاده بكلمة "تكفون" وهي تدل في إحدى تجلياتها على معنى كلمه "كفى" وقد سبق في إحدى القمم السابقه أن سمعت رسالة للشباب كذلك تناشد القاده بالنظر والاستماع لهم كمستقبل لهذه الارض.
تاسعا: اصبح من المعلوم بالضروره والواضح لكل ذي قلب ان يعود المجلس إلى قاعه المجتمعي ويتفاعل معه بصوره جديده و ليس انطلاقا من رغبته كنص ديني " ولايتي عليكم إختيار إلهيا" ولكن إنطلاقا من حاجة ورغبة القاع السيسيولوجي.
عاشرا: أرجو ان يجتاز المجلس مرحلة النص الديني التي قام عليها , وإلا سيكون مصيره كمصير الفرق والطوائف التي تتقاتل اليوم في أرضنا العربيه بإسم النص وتحت لوائه , إستمعوا جيدا لكلمة الشباب "تكفون" وترجمتها الدينيه لكي تتفق مع النص الديني "كفى"

الاثنين، 8 ديسمبر 2014

قمة الدوحه:إنتصار لإرادة الدوله"الخير الأسمى"

قمة الدوحه التي تعقد اليوم ليست مجرد تجاوزا لخلافات بينيه عصفت بأعضاءها, ليست مجرد إتفاق يأتي بعد إختلاف أجندات تحملها كل دولة على حده, قمة الدوحه اليوم إنتصار لإرادة الدوله , الدوله كما أسماها "هيغل" الخير الأسمى, عالمنا العربي يعود اليوم الى عصر ما قبل الدوله, لذلك لاتستطيع جامعة الدول العربيه أن تنادي بقمة للدول العربيه , حيث لانصاب يكتمل ولاعلم يرفع الا لبقايا دول هنا وهناك. لذلك تبقى القمه الخليجيه اليوم هي قمة العرب , قمة "الدوله". تتعرض مجتمعات الخليج لتحديات وجود وبقاء داخليا وخارجيا , تعاني داخليا من تململ الشعوب لعدم تحقق التنميه المرجوه ومن غياب دور المواطن وعن تهميش الكفاءات , كما تعاني خارجيا من حالة وجود غير مستقر في منطقة يعيش التاريخ والجغرافيا فيها في مأزق حيث الثروه الهائله ومصادر الطاقه واطماع الدول التاريخيه المحيطه مع قلة السكان وندرتهم , أيضا هي منطقه مشتعله دينيا حول الشق الطولي الذي قسم الاسلامي منذ خمسة عشر قرنا بين سنة وشيعه, لذلك أرى ان بقاء الدوله في حد ذاته مكسب رغم علاتها الكثيره , قوافل الطوائف والتشكيلات الدينيه تحيط بالمنطقه وتوشك ان تنقض عليها , فهي كما كانت دائما مطمعا للامبراطوريات , هي كذلك اليوم مطمعا للطائفيه الجديده التي تستقوي بالمال تماما كما تستقوي بالنص المطلق الذي يكفر الآخر. قمة الدوحه اليوم هي امل في بقاء الدوله , ولكن مرحلة استمرارها يتطلب تفكيرا جديدا , قمة الدوحه اليوم هي حاجز صدض لااكثر , يجب العمل على إطلاق الدوله الحقيقيه بعدها بشكل أو بآخر , لم يعد العدو خارجيا فنقيم الساتر الحديدي للإتقاء منه , انه في الداخل الذي لم يعد يحتمل اكثر , خمسة وثلاثون عاما من القمم الخليجيه , لم يتحقق سوى النزر القليل , جيل الشباب اليوم غيره في الثمانينيات , , التركيبه السكانيه وحدها تحتاج الى قمم وليست قمه , التعليم الذي افرز القاعده وداعش , يحتاج الى خطى حثيثه مخلصه , الهويه الخليجيه التي سطحتها المجمعات السكنيه بأعداد الجاليات من كل ثقافه , ليست القضيه قضيه أمن بالمفهوم العام , القضيه قضية أمن إجتماعي يفرز هوية تعكس تاريخ المنطقه والمجتمعات. نحن مستبشرون ببقاء الدوله وتغلُب الحكمه على الانفعال مع قمة الدوحه هذه , ولكن الوجود يتطلب إيمانا أكبر بالانسان وبالتاريخ ويغلب المصلحه العامه على المصالح الضيقه , الوجود يتطلب دساتير تحمي المجتمع من نفسه أولا وتنظم علاقاته مع الغير , الوجود لايتطلب فقط أذان يرفع وصلاة تقام, الوجود يتطلب كذلك إيمان بحق الشعوب في المشاركه في تقرير مصيرها وبالاستمتاع بثروات أوطانها , الايمان لايعني الالتفات للبعيد ونسيان القريب صاحب الحق الأول, قمة الدوحه , قمة تاسيس لوجود جديد , أرجو ان يكون بدايه لدوله جديده في المنطقه , دولة لاترجع بتاتا للطائفه ولاللقبيله الا من خلال قراءة التاريخ للإعتبار والتذكر.

الأحد، 7 ديسمبر 2014

إلى أختي التي لم تلدها أمي"إدارة المرور"


رفقا ياأختاه , فلم اكن اعهدك هكذا , عهدتك تحبين النظام من أجل النظام , عهدتك تحرصين على التنظيم من أجل التنظيم, لم أعهدك تتربصين بمحفظتي مع بداية كل شهر , لم أعهدك تبحثين عما في جيبي , أكثر من الحرص على سلامتي حتى أمرُ سالما , لم اعهدك تضعين الرادارات تربصا وخفية والله لايحب المتربصين, أوصتني أمي قبل وفاتها بك إحتراما للنظام وللقانون , ولم توصني بالانفاق عليك , الا في حالات التعدي والادانه الصريحه التي قد أرتكبها غفلة أو نسياناً, لست مسؤولا عن أخطائك في التخطيط , لست مسؤولا عن إعطاء الرخص والاتجار بها لكل قادم للبلد , لست مسؤولا عن بنية مروريه متآكله تدفعك للمخالفة دفعا رغم أنفك, لست مسؤولا عن كل هذه الزحمه حتى تصبح فرصة مواتية للدخل , انا مواطن أ حرص على النظام حرصي على وطني الذي هو الأم التي تجمعنا. عندما يعود سائقي بشكل شبه يومي بمخالفات تثقل كاهلي, وابحث لأجد أنه يسير في حدود 90 كيلو مترا , أو لتوقف لإنزال مريض أمام مستشفى أو مطعم أو سوق قدإمتلأت مواقفه , اشعر وكأنك لم تعودي أختي التي عهدت , أشعر بيديك تتسلل يوميا الى جيبي , لتغتال مافيه من رزق أولادي, في كل محاولات الحكومه لتحسين دخل المواطنين , اجدك متربصة بها في كل جانب, وكأنما ثمة توافق مسبق, رفقا يا أختاه ,لابد من وضع آلية فارزه بين المتربص بخرق النظام وبين الغافل , بين المضطر وبين الجاهل, عندما تكون البنيه المروريه تتسع لمائتي ألف سيارة ونجد عليها مليوني سياره , كيف سيمر الحال؟ أخبريني ياأختاه , عندما تتسع مواقفنا لمائة الف سياره ونجد خمسمائة الف سيارة تبحث عن موقف , كيف نتصور ذلك؟, عندما نجد أمام مجمع المحاكم , مواقف لألف سيارة والمراجعون يزيدون على ثلاثة آلاف, ماذا نتوقع؟ لابد إذن من علاوة مخالفات , بنسبه معينه حتى نتلافي الظلم , متى تكون المخالفه مخالفة تستحق الغرامه؟ هذا سؤال يجب ان يطرح ويدرس , عندما يدفع المواطن من راتبه الثلث أو الربع مخالفات هوليس مسؤولا عن نصفها على الاقل لسبب من الاسباب التي ذكرت أو لتجاوز من شرطي المرور الحامل لورقة وقلم , بدلا من التدخل وتسهيل السير ,حتى أصبح التسابق لدى البعض منهم تسجيل اكثر عدد من المخالفات لاثبات انه كان يعمل وقد سمعت ذلك مباشرة من احدهم.أختاه نحن مع النظام ومع التنظيم وتطبيق القانون, لكننا لسنا مع تحول الادارات الخدميه الى ادارات جبايه وهذه سياسيه كان وزير الماليه السابق يطبقها ومعروفه لدى الجميع بدون استثناء , نفرح بالزيادات من قبل حكومتنا الرشيده لتحسين اوضاع المواطنين ومواجهة و إرتفاع الاسعار, لكن لايجب أن نقع ضحايا أمام الطريق المسدود , بالطبع هناك من لايسأل ولايشعر بذلك و لكننا يأختاه على مفترق طرق فهناك من اصبح فوق السحاب فلاتصله راداراتك , وهناك من يتعركل عند أول اشارة مرور من اشاراتك. نرجوا من حكومتنا الرشيده ومن معالي رئيس الوزراء الموقر الحريص على أمن وسلامة المواطن البدنيه والنفسيه أن يضع الأمر في جادة إهتمامه وان يعيدك يا اختاه الى طريق الاتزان والتوسط بعيدا عن الجور والظلم , فالقانون أولى ان يتبع والقضاء هو الفيصل حتى بين الأخوين.
شكا الشاعر بيرم التونسي في أيامه من جور المجلس البلدي وتسلطه على لقمة المواطن البسيط من خلال رفع اسعار الغذاء وقال أبياتامنها
يابايع الفجل بالمليم واحدة
كم للعيال وكم للمجلس البلدي
كأن أمي بلَ الله تربتها
أوصت وقالت أخوك المجلس البلدي
ونحن نقول:
كأن أمي بلَ الله تربتها
أوصت وقالت أختك إدارة المرور

الخميس، 4 ديسمبر 2014

صباح : ذلك الفرح المقيم



وسط القتل والذبح والبطش والدمار , نعش يرقص وحوله دبكة تقام وطبول تقرع وفرح مقيم, ماذا كانت تريد صباح أن تقول لنا؟ اليس الموت مجرد إمتداد للحياه ؟ اليس الصمت مجرد إستئناف للكلام؟ اليس الله اعظم من أن يتكلم بإسمه بشر؟ أو أن يحتكر رحمته مخلوق ؟ صباح بوصيتها هذه وهي أن لايحزن أحد بموتها , بل يرقص الجميع حول نعشها , ارادت ان تتحدى ارادة الاشرار من البشر من سياسيين وسماسرة حروب تعتاش على دماء الالاف من البشر في وطننا العربي النازف حزنا ودماء. الفرح وحده هو السلاح الوحيد الذي بيد الابرياء العزل يقاومون به الظلم والفساد والطغيان , الفرح المرتبط ارتباطا وثيقا بعدالة السماء القادمه بلا محالة لتنصفهم, الفرح والابتهاج وحدهما اقوى من أي طبقة سياسيه حاكمه تتاجر بدماء ابناء الوطن من اجل مصالحها الخاصه , ماتت فقيره الا من الفرح , ماتت فقيره احتجاجا على من يسرق اقوات الشعب ومقدراته وهي اللتي امتلكت الملايين ,لانه لن يستطيع أن يفرح في النهايه , ولن يكون موته إمتدادا لحياة أخرى. كانت اقوى من مجتمعها ومجتمعاتنا العربيه الحزينه , لاتكترثوا بالدنيا كثيرا لانها ليست نهاية الا للطغاه , رمزية تابينها انتصار لإرادة الحياه على مجتمعات الموت والفتك بالانسان , رفعت صباح برمزيتها هذه بقيمة الغنى المعنوي الى اسمى مقام فوق الغنى المادي والفقر المعنوي الذي يستبطن خفايانا ويعيش بين جلابيبنا وثيابنا . الحياه طريقة عيش يوميه وليست استملاكا للزمن وحرصا على جمع الايام واتقاء شر السنين بمزيد من النهب والجشع والطمع, لم تعد اوطننا تتحمل مزيدا من القتل وزهق الارواح والبطش بالابرياء بإسم الله وبإسم الدين , ردت عليهم صباح بما تملكه من خزان فرح وابتسامة أمل فيما بعد الموت, تحدت من يمتلكون الدنيا ويتحكمون في مصائر الناس بعد الموت فيوزعونهم مسبقا نحو الجنه ونحو النار, نحن ابناء الخطيئه التي أنزلت أبانا آدم الارض بعد أن كان في السماء, نعم الموت له حرمتة و لكن لم يترك سفك دماء الابرياء ولا قطع رقاب الاحياء ولا جز الرؤوس ولا بقر البطون أية حرمة له في ترابنا الاسلامي الطاهر. علمتنا صباح أنه بالحب وحده تحيا الشعوب , وبالابتسامه تنهض المجتمعات وبالتسامح نحظى بخير الدنيا والاخره , لاتملك سوى الغناء , وعندما غاب الصوت , لم تعد تملك سوى الفرح , علت بإنسانيتها فوق ايديولوجياتنا الضيقه ., أعادتنا صباح لباكورة اقبالنا على الحياه دون تكلف أو تصنع عندما كان صغارا , لانعرف سوى الحب والصداقة والفرح والامل , لم نعرف من السياسة سوى التآلف والتجاور والتصافي , لم نعرف سوى حب الاوطان وتحية العلم , لانمتلك اليوم سوى الامل في الله وفي المستقبل بعد ان سرق منا كل شىء و لانمتلك سوى الفرح رأسمالنا المتبقي لاننا استوفينا جميع جرعات الحزن في الدنيا, كنا صغارا نردد اغانيها واغان مواطنتها سميره توفيق ونحن نستمع اليهما عبر الاسطوانات القديمه فنستشعر المرؤة مع أغنية "بالله صوبها القهوه وزودوها هيل " ونستشعر الصفاء والاحساس الجميل مع صباح وهي تردد " ع الضيعه يمه ع الضيعه , وديني وبلا هالبيعه"
لم نكن نعيش القلق , ولم نكن نخشى الايام وقلوبنا فضفاضة بالحب . غفر لها الله ورحمنا جميعا إنه هو وحده علام الغيوب

الاحتفال باليوم الوطني ومفهوم الهويه


نحن على ابواب احتفالات الدوله السنويه باليوم الوطني, ومن الهام جدا في نظري التأصيل الثقافي لمعنى العيد الوطني أكثر من الاحتفال به ولي هناك بعض الملاحظات أود لو أذكرها أو أُذكر بها.
أولا:أول فكره يطرحها أي إحتفال بالعيد الوطني هي فكرة" الهويه" بل أول انطباع للزائر للاحتفال هو الخروج بإنطباع أو تصور عن هوية المجتمع صاحب الاحتفال
ثانيا:قضية الهويه , قضيه فارقه وهامه في تطوير وتنمية المجتمعات, لذلك لابد للمجتمع الوعي بها كقطار للمستقبل أكثر منها إستراحه على رصيف الماض
ثالثا:إذا تصور المجتمع أنه يحمل هويته مكتمله خلفه , أصبح في موقع الدفاع وليس الابداع و في موقف التكور والتحوط ولىس في وضع الانفتاح نحو الممكن دائما, لذلك من الهام تجديد الاحتفال مع تجدد هوية المجتمع.
رابعا: هوية المجتمع دائما أمامه يخلقها ويبدعها مع تطوره, ليس على حساب ماضيه بالطبع ولكن بتجدد رؤيته لذاته ولمستقبله.
خامسا: لايعني انفتاح الهويه على المستقبل والتجدد, التفريط في جزء أو أجزاء من المجتمع على حساب جزء آخر, أو العبث بشكل يجعل يعزز من سيطرة مكون على آخر داخل المجتمع.
سادسا: الخروج من ظاهرة الأحاديه في إختزال الهويه الى التعدد, ومن صفة التشابه الى التنوع, الهويه الغنيه هي الهويه التي يلازمها التعدد والغنى الثقافي, اختزال المجتمع في شموليه ثقافيه واحده افقار للهويه.
سابعا: كما ذكرت سابقا وأكرر هنا أن البعد الهام والضروري يجب أن تكون الرؤيه المستقبليه , يعني مالفرق الثقافي الواضح والظاهر بين احتفالنا الاول واحتفالنا اليوم باليوم الوطني .
ثامنا: جميل جدا شعار العيد الوطني المأخوذ من أقوال المؤسس الشيخ جاسم ورؤيته الشامله للكون وللوجود وللحكم, فالبتالي يجب ان تكون هناك رؤيه واضحه أكثر من طقوس احتفاليه تأخذ يومين ثم تنتهي.
تاسعا: هوية المجتمع دائما بحاجه الى المجتمع ليضيف اليها ويبلورها بما يخدم حاضره ومستقبله , أكثر من حاجته اليها مكتمله متوارثه سلمت اليه جاهزه ويسلمها لمن بعده وصيه ثابته, يجب كسر هذه الدائره لأن فيها من الاستعباد والاحتكار الكثير يتحول معها المجتمع الى شكل من اشكال التراتيبيه الاجتماعيه المقفله كتلك التى تسود في المجتمعات الطبقيه الحاده كالمجتمع الهندي مثلا
عاشرا: لايمكن التقدم في اي مجال من مجالات التنميه مع وجود الهويه المكتمله لانها تسكن الماض وتوقفت عند لحظه معينة منه وتبدافي الصراع على الحفاظ على ما انجزته , كما لايمكن التقدم كذلك مع انتهاك الهويه بقصد الهندسه الاجتماعيه للمجتمع لغرض أو لآخر.
أحد عشر: الهويه الوطنيه هي الهويه الأم التي يجب التركيز عليها كشعار وكإحتفال, الهويات الصغرى يجب ان تكون تحت الهويه الوطنيه ,
إثنا عشر: الهويه ليست هي جواز السفر او الحصول على الجنسيه و لا هي ابعد من ذلك واعمق من ذلك , الهويه تكوين ثقافي يمتلك الماض وله رؤيه ثابته نحو المستقبل, وهو جزء من ثقافة المجتمع , بحيث لايمكن فرزه بعيدا عنها حتى مع سحب جواز سفره او إسقاط جنسيته. فلا يجب الخلط بين الاثنين
ثلاثة عشر: الهويه ليست مجالا للتسابق على اثبات الوجود, لذلك ارجو ان يرتفع الاحتفال الى مرحلة الاطمئنان لجميع فئاته واجزاءه , لذلك ادخال مكونات جديده كل عام لايزيد في متانة الهويه, لان الهويه لاتستدعى للتعبير عن ذاتها هي تملك ذاتها في الاساس وكل ما تحتمله هو التعبير عنها بشكل حضاري ونحو المستقبل وافساح المجال العام لها في الحياه وليس فقط في المناسبات

السبت، 29 نوفمبر 2014

المغزى الثقافي لتبرئة الرئيس المخلوع حسني مبارك


صدر حكم نهائي بتبرئة الرئيس المخلوع حسني مبارك من مما وجه له من اتهامات يصل عقوبة بعضها الى حد الاعدام, لست هنا في مجال التعليق على الحكم جنائيا او قانونيا و لكنني سأحاول تناول الاشاره الى البعد الثقافي الذي أوجد مثل هذه الحاله المربكه التي جعلت القضاء في واد واحساس الشارع في واد آخر.
أولا: في مجتمعاتنا مايقتل هو الثقافه وليس الفرد ك جزء منها, ليس بالضروره الرئيس أو الحاكم من يصدر الأوامر بالقتل , لكنها ثقافة الحكم الذي لم يأت أصلا من الاراده الشعبيه في حالة دفاع عن نفسها, هل تذكرون العفو الذي أطلقه الرئيس صدام لصهريه الهاربين , ثم عند وصولهما , قامت ثقافة النظام الأبوي بقتلهما لأنهما عار على العراق.
ثانيا: بين ثقافة القبيله وثقافة العسكر تشابه كبير , تضيع معه مسؤولية الأفراد أو تتماهي معها , بحيث اذا قتل احد افراد القبيله تفزع للدفاع عنه , وكذلك العسكر , لذلك بدات المسؤوليه الفرديه للحكام والرؤساء بعد تجاوز هاذين النظامين للحكم, وهو الأمر المستبعد حاليا في عالمنا العربي , حوكم بينوشيه بعد ذهاب العسكر, وحوكم فيلا الارجنتيني بعد زوال حكم العسكر هناك.
ثالثا: الرئيس حسني مبارك ثقافيا برىء طالما كان حكم العسكر قائما , فالتبرئه اساسا ثقافيه , أما جنائيا فيتطلب الأمر الخروج من ثقافة العسكر الى ثقافة الحكم المدني التي تقوم على الفرديه والمسؤوليه الشخصيه في اصدار الاحكام .
رابعا:إجهاض ثورة الشباب وعدم استكمالها , وغياب المجال العام , وعدم تبلور اهداف الثوره في شكل مجلس انتقالي لجميع الاطياف أفسد ايجاد ثقافه توافقيه , فكان الصراع بين نموذجين مطلقين , أما الاخوان أو العسكر , لذلك كان من السهل على القضاء اللجوء الى الحل الثقافي الذي لايحمل الافراد التهم بقدر ما يعلقها على الثقافه السائده .
خامسا: المواطن العربي يرى ويشاهد جرائم المسؤوليين والانظمه ويشعر بها , لكنه لايمتلك القدره على محاكمتهم الابإستبدال الثقافه القائمه بثقافة اخرى جديده , وحده الشعب التونسي الذي استطاع حتى الآن استبدال ثقافه ديكتاتوريه بثقافه تعدديه لأسباب تاريخيه سبق فيها جميع الشعوب العربيه , فبالإمكان اليوم محاكمة زين العابدين محاكمة عادله لأن هناك ثقافة اخرى قائمه تصدر عن ارادة شعبيه.

سادسا: الحكم على مبارك جزء من احكامنا التي نطلقها على تاريخنا العربي والاسلامي الذي لايعرف الفصل بين الحقب التاريخيه وشروطها المعرفيه, فهو برىء لأنه قاد الضربة الأولى في أكتوبر, وهي براءة دائمه على مر التاريخ , كما أن مقتل الحسين , دم يسال وكره وحقد متصل حتى قيام الساعه بين المسلمين.
سابعا: طالما كانت ثقافتنا هي الأزمه فلا مخرج منها الابتجاوزها , الربيع العربي , أعاد الأمه الى بواكير الأزمه الطاحنه الى زمن مايسمى ب"الفتنه" وأنا اسميه بالعقل "المفتون" المسحور, طالما نحن نفكر من داخل صندوق "الفتنه" والفرقة الناجيه, والصراع حول آل البيت, سنظل هكذا نرى في الماض حلا لعدم قدرتنا على صنع الحاضر.
ثامنا: شاء الله ان يبقى مبارك وأن لايغادر بلده ويصر على محاكمته فيها , ليكون شاهدا علينا أكثر من أن نكون شهداء عليه , هو جزء من الأزمه وضحية لها , فبإمكانه هو أن يستأنف حكما بمقاضاة الأمة وثقافتها , فهو برىء اليوم طالما لاتزال نفس الثقافة فاعله.

الجمعة، 28 نوفمبر 2014

المستفاد من الخلاف الخليجي الذي إنطوى

>الآن وقد اصبح الخلاف الخليجي –الخليجي وراء ظهورنا وكلنا امل في أن لايعود ثانية , وأن تبرى الجراح في اقصر وقت وتعود النفوس راضية وتستمر عملية تنميه حقيقه , ترتقي بالانسان , ولاتكرسه أداة وليس غايه , ولي هنا بعض الملاحظات أود لو أو جزها:
أولا:أثنا فترة الخلاف ظهر ميكانيزم "الفزعه" بشكل واضح وغاب بشكل واضح ايضا دور الرأي العام ,وهذا طبيعي لأن "الفزعه" انفعال ولاتحتاج لأن تعرف الاسباب, بينما الرأي لكي يتبلور يحتاج الى شفافيه ومعرفة تامه بما جرى ويجري.
ثانيا:غياب تأثير المواطن كان واضحا , واكتفت السلطه في دول الخلاف جميعها بإدارة الخلاف بأدواتها بما فيها طواقم "الفزعه " في وسائل الاتصال الجماهيري.
ثالثا: المجتمع المدني دائما يدافع عن قضايا افقيه , تهم المجتمع , بينما في حالة غياب تدافع السلطه دائما عن قضايا عاموديه , قضاياها هي وليس قضايا المجتمع , ايضا هذا كان واضحا في الخلاف الخليجي ولدى السلطه في الدول الأربع.
رابعا: سير المال الخلاف بعيدا عن تاريخ المنطقه وثوابتها التي قامت عليها وآمنت بها قياداتها السابقه قبل الطفرات الماليه , والسباق المالي محموم ومكلف و بالضبط مثل السباق التكنولوجي بين الاتحاد السوفيتي و الولايات المتحده سابقا, ففي حين كان الشعب الامريكي يدفع الضرائب لتمويله , سقط الاتحاد السوفيتي لديكتاتوريته , في المقابل يعاني المواطن الخليجي من تداعيات الانفاق على الخلاف بدلا من الانفاق على التنميه .
خامسا:مصر هي "مربط الفرس" لابد من ثمة اتفاق وتوافق حول مايجري في مصر ولو في حدوده الدنيا , لأن مشكلة مصر بإمكانها اسقاط جميع الدول العربيه في مستنقع لاقعر له.
سادسا: دولنا الخليجيه لاتستطيع أن تتجاوز دورة الحياه الخلدونيه للامم , الذي تنشأ بالعصبيه في الجيل الاول , ثم بالبذخ في الجيل الثاني و ثم بالتآكل والانهيار في الجيل الثالث والذي يليه و مالم تتجاوزها نحو بناء الدوله الوطنيه و الشواهد تدل على ان الصراعات على السلطه كامنه بين الاجيال والنظائر فيها.
سابعا: لم تنتج الدوله السلطه في مجتمعاتنا , بل العكس السلطه هي من شكلت الدوله لتصبح بالتالي مدينة وخادمة لها , لذلك الأزمه هيكليه ولن تحل الازمنيا وربما بتدخلات وتكلفه باهضه لذلك نرى أن معدلات الأميه والفقر , والتلوث البيئي في المنطقه في مستوياتها العليا, والحريات في تراجع , ومؤشرات حقوق الانسان سلبيه , وهي مؤشرات تخص الدوله , بينما السلطه في دولنا الخليجيه في نمو مادي عمودي بلاسقف.
ثامنا: المطلوب بناء المواطن أولا, في حالتنا الخليجيه الوطن يعني السلطه , والمواطن يعني تابع للوطن أي للسلطه وهذه مفارقه , فالوطن المستلب لاينتج مواطنين , لكن المواطنين الاحرار يبنون وطن.
تاسعا:ظهر بوضوح العلاقه الزبائنيه بين الافراد والدوله في الخلاف الاخير, لذلك ليست العلاقه مباشره من المواطن والدوله في خليجنا , هناك علاقه وسطيه تصل بها للدوله , أما القبيله أو الطائفه, أو العائله , أو خدمات خاصه تقدمها, الأمر الذي يعزل بقية المجتمع ويعطل امكانياته وطاقاته , ويدفعه الثمن لاحقا فيما لايد له في وقوعه أو حدوثه.

عاشرا: يجب ان لايعرض دور الدوله وجودها للخطر , هذه نصيحه لجميع دول الخليج ولنا في التاريخ امثلة واضحه لخطوره وضع الدوله الدور أو الدوله الوظيفيه.

رياض" الرفاع" ورياض " الطمآن" جغرافيا الفطره وإنسان الطبيعه.



ما إن يقبل الشتاء وتتلبد السماء بالغيوم وتنتشر الديًيم"جمع ديمه" وهي السحب الكثيفه المحمله بالمطر, على ربوع قطر إلا وتذكرت الرفاع, وطريق دخان والأفق الممتد عن يمينه وعن شماله بلا حدود , تشعر وكأنك خارج الى فضاء أرحب ,على الرغم من أن سكان الريان بل والدوحة كلها لايتعدون بضعة ألوف , إلا أنك كنت تشعر باختلاف الدينة عن الضواحي , وبإختلاف الضواحي عن البر والفضاء الطلق , ثمة إتزان في النفسيه يستطيع معها الفرد الهروب من حالة نفسيه إلى أخرى , وهو الذي يتعذر اليوم , حيث ماذهبت فثمة شاحنة ورائك وضجيج آلية امامك , فانت في وسط المدينه حتى لو صلت حدود البحر الشماليه أو الغربيه.
رياض الرفاع اللتي أتى عليها الشارع دخان, وأحاط بها ع السور من كل جانب, أما لثكنه عسكريه أو لغرض آخر, كانت مقام أهل قطر في الشتاء , من الوجبه شرقا حتى الحسنيه غربا ,الخزعليه والدحيليات, والشيخ سعيد ,وأم اثنيتين, وغيرهم من اسماء رياض الرفاع التي حفظناها أبا عن جد , وينزلها آبائنا شتاء مع الشيوخ وجمع غفير من أهل قطر الكرام , بيوت متقاربه ومعيشة واحده وأنتماء واحد , كان الرفاع كمنطقه غاليه جدا على الحكم في قطر لايسمح لأحد بقطع السمر منه ولا الشجر, ولاالعبث بتربته وطينه , كان محميه طبيعيه بلا اسوار حيث كان وعي الناس كافيا عن أي سور وقرب الناس من الحكام مانعا من التجاوز , لم اعش تلك الفتره بالتفاصيل , لكن حدثني والدي عنها أنهم كانوا ينزلون هم والخيارين وغيرهم من اعيان قطر في منازل متقاربه مع الشيوخ, أما في الصغر فكنا نذهب الى الوجبه حيث قلعة الشيخ عبدالله بن جاسم والتي سكنها بعده إبنه الشيخ حمد بن عبدالله والتي كانت مسرحا لمعركة بين اهل قطر والحاميه العثمانيه , انتصر فيها اهل قطر بقيادة المؤسس وذلك في عام 1893, على الدراجات الهوائيه ونتغدى في الزرع الكبير فيها ونلعب الكره حتى العصر ثم نعود بمافي ذلك من مخاطرة حيث الطريق الضيق ذو الاتجاه الواحد,أما روضة الحسنيه ففيها بيت كبير لأولاد الشيخ أحمد بن على حاكم قطر في الستينيات رحمه الله , يقضون فيه أيام العطل والمناسبات ويزورهم الاصحاب, وأذكر اننا كنا في روضة تسمى "الشيخ سعيد" في شتاء جميل في عام 68 ميلاديه على ماأظن , حين أعلن خبر وفاة الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله, فحزن والدي لموته فقد كان دائما يصفه بالكرم. في أيامي و كانت ثمة روَض لها طابع اجتماعي , في ايام الشتاء, هناك رياض في الطمآن"مثل روضة "العقوريات" الكبيره حيث يتجمع الشباب ايام العطله الاسبوعيه وتجد في كل ركن أو حزم من حزومها ثلة مجتمعه تشرب القهوة أو تلعب الورق , ومحيرجه جنبها وأم صلال بجانبهما غير تلك الشماليه ثم روضة الفرس الكبيره والتي يقطعها الشارع نصفين وقد اصبحت دارسة اليوم بعد عهد من الاخضرار والنبات , ثم عن شمال الشارع تأتي النصرانيه وقد سميت كذلك في إحد التفاسير لأحجارها الكبيره الصماء صعبة التكسير" وهناك تفسيرات أخرى منها انها مجرى ماء كبير , وآخر يذكر أنها مكان نزله "النصراني" أو استخدمه اثناء التنقيب عن البترول وكان السابقون يستخدمون كلمة نصراني للتعريف بالمسيحي, لست هنا للتدليل او محاوله البحث عن معاني مسميات الروض والوديان في قطر , ولكنني أعتقد أن من المهم إعطاء هذا المجال إهتمام لأنه يكشف عن طبيعة الثقافه السائده في تعاملها مع الجغرافيا المحيطه في محاولة لترويضها وادخالها ضمن أجندة التعامل اليومي ذو الدلاله, , وغربها , "الهشميه " وهي روضه كبيره بها اليوم بها مقام لسمو الامير المفدى الشيخ تميم , وتأتي جنوبها روضه كبيره اعتقد أنها من اجمل واكبر رياض قطر , وأسمها "الوضيحيه" وبها حلال "غنم ومطايا " للشيخ الامير الأب حفظه الله , أما في الشرق منها فتأتي "أم طاقه" روضه كبيره يحدها حزم كبير من الغرب , سكنها معظم اهل قطر في الايام السابقه جئتها ووجدتها قد أصبحت صماء لاتنبت عودا ولازرع. هذه المواقع التى سكنها أهل قطر كان من الاحرى الاعتناء بها وابعادها عن المشاريع القائمه حيث هناك ما يكفي من المساحات الخاليه , المحافظه على البيئه البريه لايعني إقامة مناطق المحميات, المحافظه على البيئه البريه هي المحافظه على تاريختها التي هي جزء من ذاكرة المواطن القطري , اليوم المواطن يهرب بما تبقى له من ذاكره الى البر , فلا تجعلوه مقبرة لما تبقى له من ذاكره, بودي لو ننتبه ونتريث قليلا لأن الارض ملك لله وللأجيال فلا نمتلك بالتالي سوى حق المرور. بلاإساءه
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
الرياض :جمع روضه , الرفاع :المكان المرتفع من الأرض, و"الطمآن" المكان المنخفض من الأرض مقارنة بالمرتفع

الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

سوق واقف ومفهوم الهويه والتاجر والسوق


دكان الخال ثواب بن تركي السبيعي رحمه الله , مجلس صباحي تحت لافتة دكان , اذا ذهبت الصباح ستجد العديد من شخصيات قطر في الدكان مجتمعين , يتناولون القهوه والشاي والحديث حتى قبل صلاة الظهر لينفض المجلس الدكان ,ويبقى الدكان التجاري ليعود االدكان مجلسا في الصباح التالي, كان مفهوم السوق مختلفا عنه اليوم , كان الرجل حينما يقول "باروح السوق" يعني سأذهب الى السوق لايعني فقط أنه ذاهب ليتبضع , بقدر ماهو ذاهب ليلتقي بغيره من الاصحاب والاصدقاء, لذلك هناك دكاكين او محلات لها صفه اجتماعيه اكثر منها صفة تسوقيه , لذلك تجد العديد من رجالات قطر يلبسون "البشت " حينما يذهبون الى السوق, دلالة على مكانة السوق ورمزيتة الاجتماعيه في ذلك الوقت لاحظ الفرق اليوم كيف يلبس من يذهب الى المولات و من ابناء قطر البعض وليس الكل ناهيك عن الجنسيات الاخرى , وبل ماذايعني ذهابك الى المول وبماذا يفسر ضمن تفسيرات أخرى ؟دكان الخال رحمه الله كان احد اشهر هذه المحلات التجاريه يلتقي فيها يوميا جمعا من شخصيات قطر , كالشيخ فالح بن ناصر والسيد عبدالله بن ناصر السويدي ووالد محمد بن خالد الخاطر و العم علي بن يوسف الخاطر وحسن المطوع والشيخ فهد بن محمد بن ثاني كثيرون ربما لاتسعفني الذاكره لحصرهم رحمهم الله جميعا, بل انني لازلت اذكر حادثة طريفه , حينما لزم الامر الى توقيع السيد عبدالله بن ناصر السويدي وزير المواصلات والنقل الاسبق الذي ترك مكتبه باكرا قبل ان يوقع على امر مستعجل وهام ينتظر ان يرسل الى الديوان الاميري , ولم يكن الموبايل قد ظهر في ذلك الوقت , فكان من احد الحلول ان نرسل مراسلا بالاوراق الى دكان الخال ثواب لعله يجده هناك وكان الاحتمال لدىً عاليا ومرجحا , وبالفعل ذهب المراسل الى الدكان ليجد الوزير قبل صلاة الظهر في دكان الخال ليوقع على الاوراق وتُرسل الى الديوان لاتخاذ مايلزم, في مقابل دكانه , كان هناك دكان للمؤذن العمادي وقريبا منه دكان للطريفي وكذلك دكان "لعيال ذياب ". قصة الخال رحمه الله مع التجاره طريفه لقلة من كان يفكر في التجاره والبيع والشراء من اهل قطر في ذلك الوقت , لما زرت سوريا في اواخر السبعينيات مع وفد طلبة الجامعه , وجدت العديد من تجار الملابس والغتر والعُقل والاقمشه عموما يعرفونه , ويعرضون علىٌ تسهيلات وخصومات اذا ما ذكرت لهم أنه شقيق والدتي,كان السوق في ذلك الوقت كما ذكر لي رحمه الله محتكر من قبل فئه متجانسه من التجار , وليس من السهل وليس مرحب ايضا من جانبهم قدوم تاجر او منافس جديد خاصة أنه "قبيلي" وليس من ابناء القبائل في ذلك الوقت من هو يعمل بالتجاره الا القليل وفي مجالات اخرى وليس مجال الاقمشه والثياب. انتهز الخال رحمه الله فرصة وجوده في الكويت في الستينيات على ماأظن برفقة الشيخ محمد بن على ال ثاني رحمه الله شقيق الشيخ احمد حاكم دولة قطر الاسبق, وطلب موعدا مع الشيخ سعد العبداالله وكان وزيرا للداخليه في ذلك الوقت, ليطلب منه السماح له برخصه لشراء بعض بنادق الصيد وكميات من المؤونه لها"الزهب أو الفشق"",ليجلبها الى قطر وتم ذلك بالفعل ليصبح من أوائل من يبيع السلاح "سلاح الصيد " في قطر ويصبح دكانه مقصدا لكل هواة الصيد والقنص الى جانب دكاكين اخرى "للنجاده" وكذلك دكان "الغزال" لبيع ادوات الصيد البحريه حتى قرار المنع لبيع اسلحة الصيد في الاسواق . السوق وأعني سوق واقف بالذات في الماض له رمزيه اجتماعيه لم تعد موجودة اليوم, كان يمثل جزء من ثقافة المجتمع ومن شخصية القطري , سوق واقف الجديد لم يعد كما كان ايام دكان الخال , اليوم تشعر وانت في وسطه بأنك ضمن ثقافة اخرى , ليس من ناحية الزي فقط ولكن من ناحية التصرفات والسلوكيات, الجديده بعد تلك التي كانت تعكس حقيقة المجتمع القطري , ما يحزنني هو ذهاب رمزية السوق والتاجر معا , لم يعد السوق يرمز الى المستوى الحقيقي لمعيشة المواطن ولم يعد التاجر نبيلا الى درجة ان يكون يجمع بين انسانيته واجتماعيته وبين السعي وراء الربح بأي ثمن , طغت الماده بشكل جارف على السوق وعلى التاجر, أعتقد أن سوق واقف كان يعبر عن التراث سابقا اكثر منه اليوم رغم تجديد شكله نحو التراث الا أن روحه التراثيه ذهبت مع ذهاب دكان الخال والدكاكين الاخرى التي كانت معه,كان يأتيه أهل قطر تواصلا , كان يأتونه إتصالا بالثقافه بالدرجة الاولى , ثقافة الاجتماع والتواد والمشاركه قبل أي شىء آخر , اليوم يفتقد الروح ويفتقد رائحة البخور والعود الطيب في دكاكين تجار ذلك الزمن مقارنة بدخان الشيشه الكثيف المؤدي الى الاختناق والسعال. ويفتقد اغاني عبدالله الفضاله و اصوات محمد بن فارس اللي يبيعها "بومرداو" والتي تسمعها حين عبورك لدكانه خارجا من السوق , اليوم ضجيج الاغاني اللبنانيه الحديثه التي تبث في غيرها موضعها ولابيئتها , يتسلل الى مسامعك قسرا شئت أم أبيت فلا يترك لك الفرصه حتى تستعيد ذاكرةالمكان ولا ذكرى الزمان الجميل بمن كان فيه.

الاثنين، 24 نوفمبر 2014

"حول الانسان وذاكرة المكان" مذكرات ريانيه" رجال حول الشيوخ


من عاش في الريان القديم في الستينيات لابد وان يذكر مبارك الشمالي والغامدي وعباد خير وخميس الطبيشي وسالم بن بطي وسليمان بن هندي واخويه ماجد وسيف بن هندي وسرورالعبدالله وعمر الدفع وآخرين لااستطيع عدهم أو هناك من هو أكبر مني وأعرف مني بهم,بعض هؤلاء كانوا ينظمون الاوكسترا اليوميه التي تعزف على مسامع أهل الريان , حين زيارتهم وسلامهم على الشيوخ ومنظمي الحفل اليومي للقاءات بالشيوخ والجلوس معهم, بعضهم كان أكثر قربا من الآخر عند الشيوخ واكثر سلطه, طابع الحياه في الريان حين كان مركزا للحكم , يتطلب نوعا من الحجابه والحراسه , حيث لم تكن المواكب الرسميه قد انتشرت بعد, ولم يكن حرس الشرف قد ظهر بعد بصورته الرسميه,, فكان وضع البعض من هؤلاء قويا بحيث يتحكم بمن يصل الى الحاكم وبمن لايصل , هذه الفئه الطيبه من اهل الريان , كانت من الوفاء والتفاني , الى حد ان اصبحت حياتها تبدأ من يوم الحاكم أو الشيخ وتنتهي بإنتهاء يومه, لم يكن هناك غرباء ولامجنسين , في الدائره القريبه من الشيوخ والحكام في ذلك الوقت, لذلك كان هناك من يحقد على البعض منهم لقربهم من الشيوخ وحصولهم على بعض الامتيازات , ليس جميعهم ولكن القله فقط منهم , ماكان يلفت النظر هو أن جميعهم تقريبا كانوا يحرصون على تعليم ابنائهم بشكل ربما أكثر من حرص غيرهم من المواطنين حتى الميسورين منهم , لذلك نجد العديد من ابناء هذه الفئه اليوم يتبوأون مناصب عليا وبشهادات عليا,سالم بن بطي والغامدي رحمهما الله ,على طيبتهما وإخلاصهما إلا أنه لايمكن أن تشاركهما الطريق وهم يقودان سيارتيهما , وقد رأيتهما بعيني كيف يحتلان كل الطريق بسيارتيهما"الجيب" فالسياقه بالنسبة لهما كانت معركه والتحكم في المقود امر صعب وجهد جهيد,فلا محالة أن تفسح لهما الطريق والا عليك ان تتحمل النتائج حيث لاتامين ولاتحقيق ينتظر, عمر الدفع تاجر كبير واول محطة بنزين في الدوحه رأيتها ولاتزال ملكا له, وخميس الطبيشى رحمه الله كان رجلا كريما وميسورا , عباد خير , يجمع الايمان والتقوى كأن لم يجمعهما انسانا قبله,سليمان بن هندي عرف بشدته وصرامته في أداء واجبه واخلاصه وتفانيه, مبارك الشمالي من اكثر الشخصيات ظرفا في الريان القديم واولاده اليوم من احب الشخصيات الى اهل الريان لطيبتهم ومودتهم, هذه البيئه القريبه والتي تشكل حزاما شعبيا خدميا للحكام والشيوخ على بساطتها كانت تؤدي وظيفتها على افضل ماتكون التأديه , وحتى بعد إنتهاء دورهم ووقتهم عاشوا مع اهل الريان لانهم اصلا منهم , دونما مشاكل أو منغصات أو تراكمات , بل بالعكس كانوا دائما مكانا للترحاب وللتذكر بزمن كانت العلاقات فيه من البساطة بحيث يمكنك أن تلاقى اخاك بوجه طلق فيصفح لك , رحمهم الله جميعا , فقد كان زمنهم زمن الاخلاص والايثار و فلم يتنكروا له وكانوا على عهده من الاوفياء.

الجمعة، 21 نوفمبر 2014

الاستبعاد الاجتماعي بين اللي «فوق» واللي «تحت»







قضية الاستبعاد الاجتماعي شغلت بال كثير من علماء الاجتماع كونها سببا مباشرا في تقسيم المجتمعات وظهور بؤر التوتر والانقسام فيها فالاستبعاد الاجتماعي يعمل في تضاد تام مع عملية الاندماج التي تقوم عليها المجتمعات حتى ان مفهوم الدولة ذاته يعد ناقصا مع وجود بوادر الاستبعاد الاجتماعي فيها.

هناك نوعان من الاستبعاد الاجتماعي يمكن ملاحظتهما في مجتمعات الرأسمالية الناقصة، حيث يؤدي رأس المال دورا سلبيا نتيجة عدم ارتباطه بنشوء الديمقراطية وطبقاتها الملازمة لها تاريخيا. فوجود الاثنيات والطوائف وجود طبيعي في جميع المجتمعات ولا يمكن ان يشكل خطرا عليها الا اذا اقترن بفكرة النقاء والاصطفاء او امتلاك الحقيقة لفئة أو طائفة دون غيرها لذلك يمكن التعامل مع نتائجه مع التسليم بوجوده اصلا.

ما يهمنا هنا نمط آخر مؤسس لعملية الاستبعاد الاجتماعي له علاقة بعملية التطور التي مرت بها مجتمعاتنا العربية واجتياح الرأسمالية وحدها لهذه المجتمعات دون مصاحبة حقيقية لتشكيلاتها الارضية الضابطة لقيامها كنشوء برجوازية وطنية مطالبة بحقوقها. وطبقه وسطى مستقله

النوعان من الاستبعاد الاجتماعي الذي اشرت اليه احدهما متعلق بالنخبة او بالطبقة العليا في المجتمع والآخر بطبقة المهمشين فيه، الاولى لانها مكتفية والثانية لأنها مقصية، الاولى لها مبرراتها بنفي نفسها اختياريا والثانية لا تستطيع ان تبرر شعورها بالاستبعاد ,الاولى عادة ماتكون ضيقة، ومحصوره, والثانية غالبا مفتوحة وتزداد مساحتها مع الوقت، الاولى لها اخلاقياتها ،والثانية كذلك، الاولى تمجد الوضع الراهن، والاخرى تطلب التغيير.

شكلت الدراسات الاجتماعية مدخلا هاما لدراسة وجود الاستبعاد الاجتماعي في المجتمعات الريعية وأثبتت الدراسات ان عملية توزيع الريع عامل هام في وجود وقيام مثل هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة وان من اهم ســــــلبياتها انزياح المجــــــــتمع ضد نفسه ومكوناته بل انه حتى في المجتمعات المتقدمة شكلت جيوب المهمــــــــشين مشكلة للانظمة والحـــــكومات والخطورة في مجتمعاتنا لها شقان ليس فقط متعلقين بأطراف المجتمع نفسه الطــــبقة العليا والطبقة الدنيــــــا بل في غياب الطبقة الوسطى كذلك واضمحلالها، الذي نفهمه ان الاستبعاد الاجتماعي بشكله التاريخي المعروف متعلق بطبقة المهمشين وجيوبها اما الشكل الذي يلاحظ في مجتمعاتنا الخليجية بالذات ان جزءا آخر يسعى لاستبعاد نفسه اجتماعيا نظرا لاكتفائه وعدم حاجته ربما وهنا مكمن الخطورة متى شعرت فئة او طبقة باكتفائها واستغنائها عن باقي فئات المجتمع فالأمر خطير على المجتمع ككل مترابط يشد بعضه بعضا ويتلاحـــــم افراده في جميع الظروف والمناسبات .

يشكل القبول بالتحول الديمقراطي ا جسرا يمكن العبور فوقه لتجاوز هذه المثالب التي نتجت عن قصور بعض المجتمعات تاريخيا ليس بالضرورة ان يكون المجتمع منتجا للديمقراطية ولكنه من الضرورة الاقتناع بها واستيعابها من نسيجه وبعض آلياتها مع التطور لمنع الاحتكاك الذي قد يحدث لو استفحل الامر والذي نشهده في مجتمعات عديدة والذي لا نتمناه ان يحدث في اي بلد عربي فنحن لانزال نأمل في أن تستمر حنية الناس اللي "فوق" ع الناس اللي "تحت" كما يردد "احمد عدويه "وطالما الأمر كذلك فوجودنا ليس وجود حقيقي وانما وجود زائف كما يعتبره "هايدغر" لانه ليس كينونه مستقله وانما كينونه ملحقه اي زائفه

الأربعاء، 19 نوفمبر 2014

مؤشرات تدل على إتجاه المجتمع نحو العنف , ارجو التنبه لها



مجتمعنا الصغير المتسامح يتجه نحو العنف شيئا فشيئا, المتابع يمكنه ان يلحظ ذلك ,ولي هنا بعض الملاحظات أو د لو أذكرها:
أولا:علينا أولا أن نفرق بين العنف المادي والعنف الرمزي , الذي يمكن ان يتحول الى عنف مادي أو هو بدايه للعنف المادي مالم يعالج الأمر بحكمه وتعقل..
ثانيا: سرعة مايسمى بعملية"التنميه" وفي الحقيقه ليست تنميه بقدر ماهي قفزه سريعه وشاهقه في المجالين المادي والسكاني , قسمت المجتمع بين من"يملك" وبين "من لايملك" ماديا وحولت "الاكثريه" المواطنه أو شعورهم بذلك إلى أفليه واضحه العزله , أوجد مثل الجو شعورا متناميا ومتصاعدا بالعنف الرمزي الذي يمارسه من "يملك" نحو من لا"يملك" ومن قبل الاكثريه المستجده على الافليه المواطنه.
ثالثا: تعرض مفهوم الملكيه , ومفهوم الثراء, الى تغير حاد , والى إستقطاب كبير, فأصبح مفهوم الملكيه يعني , ملكية مدن وجزر , وفنادق .وسواحل وشقق وعمارات في اوروبا , فأصبح من يملك بيتا أو حديقة في قطر كأن لم يملك شيئا, كذلك بالنسبة للأموال , أصبح صاحب المليون ,شحاذا الى جانب صاحب المليارات, كل هذه الامور تدفع بالمجتمع مع الوقت الى مزيد من العنف الرمزي , قد يتحول الى عنف مادي مستقبلا.
رابعا: السؤال الذي اصبح أكثر الاسئله شيوعا على السنة المواطنين , والذي يتفق على طرحه الجميع هو سؤال "من أين لك هذا", كلما رأوا صعودا متزايدا لفئه على حساب فئات , أو لفرد على حساب غيره من أفراد المجتمع.خاصة أن الجميع بعيدا عن العمليه الانتاجيه.
خامسا:تشجع الدوله الانفتاح , وفي نفس الوقت يعيش في أحشائها من هم ضد الانفتاح وضد التغريب من الجاليات العربيه وغيرها , من مدرسيين ودعاه وخطباء مساجد . والضحيه هو المواطن الذي يعيش الواقع المتناقض , فكلما شعر بقصور اجتماعي وقع عليه أو اصابه لجأ الى أو إنحاز الى مايسمع من خطب وايديولوجيا مثاليه عن عصورنا السابقه , فتتكون بذور العنف وتتراكم , وهذا واقع ملموس في المجتمعات المجاوره وآثاره تعاني منها اليوم , وتتمنى لويعود الزمن لمعالجة اسباب ذلك الواقع وما أحدثه من نتائج كارثيه.
سادسا:أسهمت الدوله ربما بدون قصد في تركيز شعور المواطن بانه ضحية لممارستها العنف الرمزي, ضده , عندما انحازت كلية , أملا في إرضاء الجمعيات العالميه لحقوق الانسان الى العماله الوافده على حساب المواطن , فأصبحت حتى العماله المنزليه أقوى من المواطن الذي يستجلبها لخدمته , هناك حالات عنف بالطبع يجب أن تعالج , ولكن ليس بهذه الشموليه التي تضع المجتمع كله متهما أمام عمالته , وتجعل من هروب العامل حقا شرعيا له دون وجود أي مبرر سوى أن القانون يسمح له بذلك تحت أي إدعاء.
سابعا:عملية التجنيس الكثيفه والسريعه ,بإمتيازات لايحصل عليها المواطن , لهادور نفسي خطير وتذهب بأريحية المواطن وتسامحه مع مرور الزمن , نحن نريد لوطننا الخير ولمجتمعنا الاستقرار, وقطر دولة المضيوم وتحارب بالضروره "الضيم" لذلك لايمكن تصور أن يكون القطري مضيوما أو أن هناك من ينافسه على خير بلاده على حسابه.
ثامنا: المرأه لاتزال تتعرض لعنف رمزي من داخل المجتمع , رغم ماتبؤأته من مناصب ومراكز هامه إلا أن النظره نحوها لاتزال تتسم بالانغلاق , وشهدنا ذلك في كثير من كتابات وتغريدات حتى ممن يفترض أن يكونوا ممثلي للرأي العام , فتجاوز النقد الاداء الى جنس المرأه ذاته.
تاسعا:"ويل لقوم كان هذا من مثقفيهم " هذه الفقره جاءت في كتاب حول كتاباتي الاجتماعيه والسياسيه, ألفه شخصان , على لسان شيخ دين ثالث, لاحظوا كلمة "ويل". يحذرون المجتمع كله ويعلنون عليه الوصايه, ويهاجمون الصحف التي تسمح بنشر كتاباتي وكتابات غيري , هذا ما أحذر منه , فمجتمعنا يتجه نحو التشدد بتاثير خارجي في معظمه لتناقض مكوناته الجديده القادمه من بيئات بعضها راديكاليه تنحو نحو التغيير وبعضها متشدده تتسم بالجمود , غير ماكان في السابق, حينما كانت الأمور تمشى الهوينا ,في مراعاة اكثر لنفسية المواطن والمقيم كذلك
عاشرا: حتى الآن الامور في نطاق العنف"الرمزي" ويمكن معالجتها , لكنني من باب المواطنه ومن باب حبي لمجتمعي وأهلي أحذر من عدم معالجة الاسباب والمضي في البحث عن المكاسب الماليه على حساب الوطن ك"معنى" ووجود, وعلى حساب المواطن كثروه وكتاريخ." اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه"

الاثنين، 17 نوفمبر 2014

فرحنا بتائج قمة "الرياض " الاستثنائيه" ولكن ....


إستبشرنا خيرا بنتائج قمة الرياض"الاستثنائيه " التى عقدت بالامس في مدينة الرياض , ونتج عنها , الدعوه لعودة السفراء, وحضور قمة "الدوحه" القادمه, ووقف الحملات الاعلاميه بين الاطراف المعنيه . ولى هنا بعض الملاحظات أود لو أوجزها:
أولا: فرحنا بنتائج القمه " الاستثنائيه" ولكن نحن كمواطنين لانعرف لماذا تخاصمنا وتشاتمنا , ووصل بنا الوضع الى مرحلة التوتر القصوى, حتى أصبح الصدام العسكرى واردا في كل لحظه, بمعنى لم نكن سببا حتى نتحمل النتائج.
ثانيا: فرحنا بالنتائج , ولكن لن نفرح بإستمرار الوضع على ماهو عليه , قرارات تتأخذ بعيدا عن مصلحة المواطن , وبعيدا عن رأيه أو إعتبارا لمستقبله , فالوطن ليس هو العوائل الحاكمه, الوطن وطن الجميع , والمصير مصير الجميع.
ثالثا: فرحنا بنتائج القمه "الاستثنائيه" لكننا لن نفرح لاستمرار نفس النهج الاقتصادي الاحتكاري , لمداخيل دولنا وإستئثار البعض , دون الكل بها , فإذا كان ولابد أن نتحمل النتائج فلا أقل من أن نشارك في صنعها , أو يكون لنا دور في تقرير مصيرنا كمجتمعات.
رابعا: فرحنا بنتائج القمه "الاستثنائيه" ولكننا لن نفرح بتقسيم الحريه بين الشعب والسلطه , فالحرية واحده , لايصح ان نكون أحرارا في التصرف , دون أن نكون أحرارا في الاراده, نحن أحرار في التصرف ضمن دائرة إرادة السلطه , فهذه حريه "العبيد", لن تقبلها الشعوب بعد ذلك.
خامسا: فرحنا بنتائج القمه "الاستثنائيه" لكن علينا أن ندرك أن وضعنا هش , وانفصام القمه عن القاعده مدعاة لتواجد "دواعيش " كثيره
سادسا: فرحنا بنتائج القمه "الاستثنائيه" ولكن هناك شعور طاغ لدى المواطن الخليجي , أنها طوق نجاه للحكام لم يجدوا بديلا عنه لاستمرار وجودهم وسلطتهم , وليس محبة في شعوبهم ومجتمعاتهم.
سابعا: فرحنا بنتائج القمه "الاستثنائيه" ولكن لابد من الوعي بأن صراعنا سببه الابتعاد عن "الدوله الوطنيه" التي تجمع جميع الاطياف
ثامنا: فرحنا بنتائج القمه " الاستثنائيه" لكن علىنا ان نعي أن "القرآن الكريم" لم يكتمل تفسيره ولن يكتمل أبدا طالما الدنيا لاتزال قائمه, لذلك من الاحرى ان يكون غيره نسبيا , ومؤقتا وقابلا للتحول , فلا ينبغي الانحياز نحو هذا أو ذاك على حساب الوطن و لا ينبغي أن يبقى الشعب مسيرا والسلطة راع , في عصر الافراد والحريات.





تاسعا: فرحنا بنتائج القمه " الاستثنائيه" ولكن ينبغي على القاده الوعي أنه لم يعد هناك داخل وخارج في القضايا الانسانيه , الإنسان واحد , لذلك , سيكون الاختراق القادم بإسم الانسان سواء قامت به "داعش" أو "الدنمارك" , رغم اختلاف النظره الى الانسان لدى الطرفين, فهناك نظره تقتل إنسانا ليعيش آخر, وهناك نظره تدعوا الى تعايش الطرفين
عاشرا: فرحنا بنتائج القمه "الاستثنائيه" ولكن إلا متى سنستمر في رعاية المجتمع الابوي , إلى متى سيظل عبدالله بن عبد العزيز وصباح الاحمد والى متى الى متى سنحظى بمثليهما, الشعوب هي الخبره التي لاتشيخ , والمشوره التي لاتخيب, لاتركنوا الى الغريب وبين أحشائكم من هو خبير ومصيب .
أحد عشر:فرحنا بنتائج القمه "الاستشاريه" ولكن علينا الوعي بأن الاسلام ديننا ومنهجنا قبل الاجندات على إختلافها وتلونها , فمرة كنا مع أجنده , واليوم ننقلب عليها , لأننا أسأناالى الاسلام بفهمه كاجنده سياسيه ,نستخدمه لترسيخ أقدامنا في السلطه دونما وعي لحرمة الدين ولجلال فهمه ومقصده, وظلما لهذه الشعوب التي لم يبقى من لحمها سوى العظم دفاعا عنكم وعن استمراركم , أدعو الله أن تكون هذه القمه "الاستثنائيه" منهجا وليست تكتيكا نعود بعدها ليضرب بعضنا رقاب بعض.

الجمعة، 14 نوفمبر 2014

حول الانسان وذاكرة المكان "قرض البناء وأولوية الانتماء


عندما تخرجت في أوائل الثمانينات من الجامعه, أصبحت مؤهلا للحصول على قرض لبناء مسكن أسوة بجميع خريجي الجامعات من القطريين, وكانت قيمة القرض في ذلك الوقت ستمائة ألف ريال قطري , تسلم على دفعات , وفق اتفاق بين البنك والمقاول, وكانت قضية الدفعات هذه تشكل تعطيلا وتطويلا لامبرر له, حيث لابد من معاينة كل مرحله , وهناك كشوف انتظار طويله, المحظوظ هو من يعفى من هذه الاجراءات باستثناء, حيث يسلم له القرض , ويتفق مباشرة مع المقاول , دون توسط من البنك إلا بعد شهادة إتمام البناء , ليبدأ البنك في تحصيل قيمة القرض شهريا من راتب الموظف, شاء الحظ أن لاأكون من هؤلاء المحظوظين , إلا أنني كنت سعيدا حيث أشقائي الكبار كانوا من ضمنهم, بإستثناء من وزير الماليه السابق الشيخ عبدالعزيز بن خليفه متعه الله بالصحه, قمت بتسليم جميع الاوراق الضروريه من شهادة عمل وراتب وشهادة تخرج وما الى ذلك للبنك , وتمر الشهور وربما مايزيد على السنتين, ولم يشعرني أحد أن إسمى على وشك الاستدعاء واستلام الجزء الأول من القرض. وفي احد الايام جاءني والدي رحمه الله فرحا مبتسما قائلا: خلاص انشالله أمورك تيسرت , كنت عند الشيخ فهد بن على" رحمه الله" وقابلت أحد المسؤولين في بنك قطر الوطني وهو من جنسيه عربيه مقيمه منذ زمن في قطر , وكان مسؤولا كبيرا في البنك في ذلك الوقت , ووعدني أمام الشيخ فهد أنه سينهي معاناتي, فإذهب اليه غدا , فهو في إنتظارك. فرحت فرحا شديدا , وفي الصباح الباكر ,ذهبت الى بنك قطر الوطني على كورنيش الدوحه الجميل, وصعد ت الى أحد الادوار , حيث القروض الاسكانيه , وسألت عن ذلك المسؤؤل العربي , فقيل لي إنتظر فأنتظرت, وبعد قليل, جاني رجل كبير لم تعد ملامحه راسخه في ذهني اليوم , انما بادرني قائلا: مافيش قروض , حاولت أن أذكره بما حصل في مجلس الشيخ فهد بن على بين أبي وبينه بوجود الشيخ فهد , فأستدار قائلا : اذهب ليس لك قرض الآن , واتبع دورك و ما بدكم تمشوا بالدور, قلت له اكملت سنتان ,لم يجب وتركني وذهب. صعقت و ليس لإجابته الغير متوقعه بقدر ماكان لاختلاف أقواله , عند "الشيخ" شىء , وبعد الشيخ "شىء آخر. قال لي أحد الاصدقاء في حينه, : القرض من الحكومه و لكن هؤلاء يديرونه بشكل تخدم مصالحهم الخاصه , لاتعتمد على كلامهم امام المسؤولين أو أمام الشيوخ , شوف واسطة تخدمه شخصيا وإلا إنتظر الاما شاء الله. أخبرت والدي بما حصل , فتعجب وقال "ياولدي" داشين بينا وبين الشيوخ",وتمر الايام واذهب لكي افتح لي حسابا في بنك قطر الوطني , في نفس الفرع, وأتوجه الى موظف يلبس الغتره والعقال كان ابي نصحني بالذهاب اليه, فيرحب بي وهو من جنسيه عربيه مماثله ايضا, قال لي والدي أنه يعرفه لأن يتردد على مجلس أحد الشيوخ , لم أعد اتذكر أسمه , المهم أننا استوفينا استمارة فتح الحساب, طلب مني العوده في اليوم التالي بكتاب من عملي لكي يتحول الحساب مباشرة الى البنك , جئت في اليوم التالي بكتاب من جهة عملي وسلمته إياه, فسألني مابدك تفتح حساب توفير, قلت له : ربما في المستقبل , لكنه اضاف ""ماعندك حدا بدو يتخلص من الفوائد؟, ما بتعرف حدا من الشيوخ , لأن الربا حرام , وهناك شيوخ كثيرون لهم أموال مجمده وعليها فوائد طائله. فأستمر يسألني بعد ذلك كلما مررت بالبنك , حيث لم تكن مكائن السحب الآلي , قد توفرت, حتى يئس , فلم يعد يعيرني أي إهتمام ويدفع بي الى الى موظف آخر , فلم أعد أذهب إليه.وحكى لي أحد الاخوه وهو قطري ومن كبار موظفي الدوله في ذلك الوقت أن طلبه لللحصول على قرض , رفض , حتى توسط له أحد الافراد من نفس جنسية مدير البنك في ذلك الوقت, فتمت الموافقه له على ذلك. يسر الله لي القرض بعد عسر , أثر ذهاب ذلك"الاغبر" واستلام الاخ سلطان بن محمد الكواري رئيسا لدائرة القروض الاسكانيه , الذي أشاد به الجميع ولاعجب فإن إحساسه بالمواطن مختلف عن إحساس ذلك "الاشقر" والآخر الذي يبحث عن أموال الشيوخ , ليخلصها من الربا رأفة بهم, واشفاقا لهم من عذاب يوم عظيم, لكنك بدون فوائد في نظره لاتساوي شيئا وفي بلاء مقيم.

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

جورج اللبناني والشيخ القره داغي وتحويشة العمر


شركة "المدينه " للإستثمار المالي إسم لم يعد موجودا إلا في ذاكرة , من خسر تحويشة عمره أو بعضا منها لاهثا وراء المجتمع" "القطيع والدوله "الرعويه". سمعت عن شركة إستثمار مالي ما أن تضع فلوسك فيها للإستثمار , حتى يأتيك العائد شهريا بشكل مضمون وأكثر من فوائد الادخار في البنوك على اشكالها, ذهبت لأتأكد من الأمر فإذا بي أمام شركه مجهزه وعملاء يتكاثرون ويتوسلون من مديرها اللبناني السمين"جورج" ان يقبل أموال اقربائهم واصدقائهم الجدد ويستثمرها لهم , كما فعل معهم , داخلني شكوك, لكن إندفاع الناس جعلني في حيره ,وسألت أحدهم , فإذا به يقول لي , أنظر هناك ألا تعرف ذلك الشيخ الملتحي , إنه الشيخ القره داغي , ,فإذا بلافته كتب عليها "المدينه" الاسلاميه للإستثمار المالي أو نحو ذلك , وتركني صاحبي وذهب , قلت في نفسي طالما هناك شيخ دين بمستوى القره داغي فالأمر لابد وأن يكون محكم وعلى هديُ من الكتاب, في اليوم التالي أخذت ما قد إدخرته وذهبت الى جورج بواسطة أحد الإخوه القطريين , وحررت كتابا , ووقعت على وثيقة, وعدت آخر الشهر لأقبض مبلغا جيدا قالوا أنها أرباح الشهر المنصرم, والشهر الذي بعده , والشهر الثالث, كنت اشعر بانني أحد المحظوظين الى درجه أنني أخفي إسم الشركه عن الاخرين حتى لاأتاثر بشكل أوبآخر كمستثمر, في الشهر الرابع تقريبا بدأ المصرف المركزي يصدر إعلانات في الجرائد عن عدم التعامل مع الشركات الماليه الغير مرخصه, فهناك من قال أنظر إنه "الحسد" لايريدون للناس أن ينتفعوا ,يريدون أموالنا في بنوكهم, وهناك من قال , لماذا لاتقفل الشركه طالما أنها لم ترخص ؟, بل كيف يسمح لها بالعمل وأخذ الأموال دون ترخيص ؟, "لاتخف قو فلبك الاستثمار يبي قلب قوي" قالها صديقي مشجعا إياي. قلت في نفسي طالما أنها بهذه القوه فلربما لدى اصحابها إستثناء , فعدت مرة أخرى أفكر , لكن منظر الشيخ القره داغي , يقاوم تشاؤمي ويقلل من فرص إستماعي وانصاتي لإعلانات المصرف المركزي, جئت الى جورج في عصر أحد تلك الأيام وسألته مباشره قائلا أن هناك من يشكك في عمل شركتك , فأجابني بالحرف الواحد" اللي معه الأسد من شو بدو يخاف" فأضافت صفة الأسد الى جانب إسم الشيخ القره داغي مزيدا من الاطمئنان في قلبي الضعيف, لذلك سافرت الى دبي بصحبة عائلتي في صيف ذلك العام, وعدت وأنا مطمئن كل الإطمئنان , وذهبت الى الشركه في عصر اليوم التالي من وصولي من دبي, وبدأت انتقل من دور الى آخر بحثا عنها , لم أجد ملصق شركة المدينه للإستثمار , فلعلني أخطأت في العماره, وعدت مرة أخرى لأجد شركة بإسم أحد القطريين , فقلت لمن كان فيها أين شركة المدينه للإستثمار فقال لي , لم تعد هناك شركة أو ربما إنتقلت الى مكان آخر,في اليوم التالي إنتشر الخبر لقد إختفى جورج واختفت معه الأموال, ذهبت الى الشركه لأجد أفواجا متراكمه أمام ابوابها بل إحتلوا مكاتبها , وأخذوا يهددون ويشتمون, ووقعت حالات إغماء كثيره وبعض حالات الوفاه كذلك, فساد وجوم وإكتئاب كيف حصل هذا في يوم وليله, لكن ثمة أمل حينما إنبرى الدكتور نجيب النعيمي, للدفاع عنا واسترجاع أموالنا, فذهبنا إليه أفرادا وزرافات , وقال لي كما أذكر أنه يلاحق جورج وهو الآن في السعوديه وسيذهب الى بريطانيا التى غادر اليها لاحقا لإحضاره واسترجاع الأموال, فدفعت ألف ريال , فقد عاد شىء من الأمل وتبدد شىء من الخوف كذلك. والطابور يتزايد أمام مكتب المحامي نجيب النعيمي تماما كما كان يحدث أمام مكتب شركة المدينه للإستثمار , وذهب الدكتور نجيب الى بريطانيا وعاد منها ليخبرنا أنه ليس هناك معاهدة تسليم مجرمين بين قطر وبريطانيا, فكان إكتشافا أكثر منه معلومه متوفره لدى صاحب البقاله ناهيك عن محام , , وكنا نتسائل هل خرج جورج أو لايزال في البلد , وسيرجع , وستتدخل الحكومه لإنقاذ الأمر , أشيع بعد ذلك في الأوساط الاجتماعيه قولا لم أكن أتوقعه البته وهو أنه خرج متخفيا في سيارةالحليب الطازج الذي يشربه أهل قطر يوميا , هذا الحليب اشتريه كل يوم طازجا, ونشربه جميعا ,هل كان جورج كل هذه الفتره يشرب هذا الحليب الطازج لتشتد عظامه استعداد ليوم كهذا اليوم؟ الغريب أن جورج أرجع للبعض أموالهم كاملة قبل أن يختفي, حتى الآن لاأعرف من سرقنا ؟أرجو ان يكون جورج لأنني شككت فيه , لكن عقلية القطيع طغت, شككت فيه , لكن اللوحة الاسلاميه في زاوية الشركه بددت شكي وخوفي , منذ ذلك التاريخ لم أعد اشرب هذاالحليب , وإذا شاهدت سيارته تجوب الدوحه , يقفز الى مخيلتي صورة جورج فأتجاوزها غاضبا , لقد إستبدلته بالنيدو, طويل الأمد,الذي أرجو أن يكون هو الآخر مخلصا للوطن وللعلم.
"

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

إحتفالاتنا ومدرسة الدكتور"يوسف عبيدان"

الدوله مقبله على احتفالات يوم المؤسس ,الشيخ جاسم بن محمد طيب الله ثراه , كعادة كل عام في الثامن عشر من شهر ديسمبر القادم.والدكتور هو يوسف عبيدان , عميد كلية الاداره في جامعة قطر سابقا على ماأعتقد واستاذ العلوم السياسيه,وهو شخصيه لطيفه ,حلوة المعشر , يعشق "الميديا" وسائل الاعلام , وهي بالتالي تجري ورائه وتبحث عنه قدر المستطاع في كل مناسبه من مناسبات المجتمع, متحدث لبق,لكنه لايقول شيئا, تابعت الكثير من لقاءاته , لعل أجد تحليلا سياسيا , أو توقعا كحدس اساتذه السياسه في محيطنا على الأقل , مثل الدكتور النفيسى أو الشايجي , أو عبدالخالق عبدالله الامارتي النشط اليوم في هجومه ضد قطر , هؤلاء اساتذة علوم سياسيه يجدر بالدكتور أن يكون صنوا لهم وهناك ايضا الدكتور السعودي خالد الدخيل استاذ علم الاجتماع السياسي ,المبدع في تحليلاته , اللاذع في نقده البناء . لكن مدرسة يوسف عبيدان السياسيه مختلفه , فهي مدرسة "المدح حتى الاشباع" مع بروموشن "مدح" كذلك حسب وضعك ومنصبك.إن كنت مسؤولا فانت إنجاز في حد ذاته حتى ولم تنجز سوى جلوسك على كرسي المنصب, أما إذا كنت شيخا , فأنت هبه سماويه , ليس المدح عيبا , بل قد يكون واجبا في محله , وليس هناك منا من لايمدح بلده وقيادته , وفي اللقاءات التلفزيونيه حول الوطن وانجازاته كلنا نمدح ماتحقق , ونثني على قيادتنا سوى كان ذلك الامير الوالد اطال الله في عمره أم اميرنا الشاب وفقه الله وسدد خطاه , لكن في حدود المعقول , إذا كان "كانط" فيلسوف أوروبا وضع تقدم العالم رهينة في وضع "الدين في حدود العقل" أفلا نضع في ثقافتنا "المدح في حدود المعقول".لآ يتقدم المجتمع واستاذ السياسه لايحلل, لايتقدم المجتمع واستاذ علم الاجتماع لايدرس ويحلل الظواهر , لايتقدم المجتمع واستاذ الاقتصاد لايأخذ بالنماذج الاقتصاديه والرياضيه ويبني تنبؤات تجنب المجتمع الهزات الاقتصاديه , المجتمع لايحتاج الى جوقة "المداحين" ولا القياده تحتاج اليهم الا في حدود العقل , أقول هذا ونحن مقبلين على احتفالنا السنوي الكبير , وسنرى تلاميذ الدكتور يوسف عبيدان يملؤن المكان ويسدون مطلع الشمس , الدكتور يوسف إبن قطر الوفي ومن عائله قطريه صميمه وشيبانه معروفون لدى اهل قطر منذ القدم بلاشك, و لكنني اتكلم عن شهادته ودراسته واشرافه على العديد من رسائل الدكتور لذلك لابد أن يبدو متميزا حتى في مدحه ليس بالكم ولكن بالنوع وإلا ماهو الفرق بينه وبين الاخرين من الاولين والمستأخرين, مع الاسف لاارى من اساتذة جامعتنا القطريين من يشار اليه بالبنان مقارنة بمثقفي الخليج , واكتفينا بالصحفيين في مقارعتهم وهذا ضعف ومجرد دفاع وليس تحليلا يمكن لقضايانا أن تستند عليه , أحسن من مَدَح , هو الشاعر المتمكن "خلف بن هذال العتيبي" ومع ذلك فأن مدحه نصفه نصائح وهو أمام" الترويكا "السعوديه, الملك وولي العهد والنائب الثاني , في العقود الاخيره. لاتنزعج ياصديقي الدكتور يوسف نحن جميعا من مدرستك في الوقت المناسب في مدح الوطن والقياده , لكن في حدود العقل , لأن المدح الفائض عن الحاجه إنتكاسه ويضر بالممدوح , ولنا في تاريخنا العربي الذي انت أعرف مني به أمثلة كثيره .أرجو لك طول العمر وأن ترفل في ثياب الصحة والعافيه.

الاثنين، 10 نوفمبر 2014

زمن "عيسى بن غانم الكواري"


يواجه المحتار في ذلك الزمن سؤال محدد وهو " هل تعرف عيسى بن غانم الكواري؟" هو الذي سيخلصك بمعنى سيحل مشكلتك.أيا كانت المشكله كان عيسى بن غانم هو "المخلص" في ذلك الزمن ,بالنسبة لي, لااعرفه شخصيا ولايعرفني كذلك ولم أدخل عليه يوما في مكتب طوال فترة وجوده في القصر كمدير لمكتب سمو الامير الآب ثم وزيرا للديوان بعد ذلك. سمعت عن حسن استماعه ومقابلته للناس وانصاته لهم ومن ثم مراجعة أمورهم مع سمو الامير الأب أطال الله في عمره, وإتخاذ ما يلزم بشأنها, أول مرة رايته في حفل زواج شقيقي خالد في عام 1974 في منزل عمي عبدالرحمن بن خالد الخاطر حفظه الله, رئيس الديوان الخاص في ذلك الحين. إنقسم الناس في زمنه الى قسمين قسم يرى فيه نموذجا للمسؤول الحريص على اداءه مسؤوليته بتجرد , وقسم آخر يرى فيه انحيازا لفئة على أخرى وتمكينا لأحد على حساب أحد آخر, ما لاحظته شخصيا من عملي في وزارة المواصلات في زمن"عيسى الكواري" أنه كان وزيرا لكل الوزارات بالاضافة الى عمله , لذلك أسميت فترته بزمن "عيسى الكواري" كان الاتصال بمكتبه يوميا لأخذ التوجيهات, والموافقه على بعض الترتيبات العاجله التي لاتحتمل التأخير , بالطبع لم يستمد الدكتور عيسى سلطته الا لكونه مديرا لمكتب الأمير الأب ومن ثم وزيرا للديوان في وجود الأمير الأب كذلك,و لكن يُحسب له إنفتاحه الكبير على الناس وثقافته , فكم سمعت عن حالات , " مثلها لاتستطيع اليوم الوصول الى مكتب الوزير المختص لتعرض شكواها وأحقيتها في النظر فيها والبت في شأنها , لما تلاقيه من عراقيل وتهرب وعدم احساس بالمسؤوليه الدستوريه والقسم العظيم الذي وقع ساعة القبول بتحمل الأمانه ",كانت محط إهتمام الدكتور عيسى ولايبرح حتى يجد لها حلا يرضى صاحبها. لقد كان زمن عيسى الكواري هو زمن "االإداره الأبويه" ,يراقب عمل الوزارات ويعين من يظن أنه صالحا لأداء العمل من الشباب في ذلك الحين في ظل وجود الوزراء "الوجهاء" الذين يمثلون السن والمجتمع , لاأذيع سرا , أنني كنت ألاحظ تذمرا من البعض بحكم البيروقراطيه السائده في حينه , لكنها لم تنته الى فوضى إداريه وتنازع في المسؤوليه وإزدواجيه في المسميات والاختصاصات , لم يكن جميع من وضع الدكتور عيسى بن غانم ثقته فيهم في الوزارات على قدر المسؤوليه , هناك من كان جيدا منهم وهناك من كان أقل من المنصب . لم يكن "زمن" عيسى الكواري عصر ملائكيا , لكنه كان عصرا منفتحا على الداخل , وقريبا منه, وتشعر بحميميته , لم تدخل الدوله في عصر الازدواج الاداري المتعب الذي شهدناه بعد ذلك بين إختصاصات الوزاره والمؤسسه والهيئه والمجلس ,وما إلا ذلك من مسميات حتى انك تجد الوزير وقد يرأسه أحد موظفيه في مجلس إداره أو شركه , كم ألوم الإداريين والقانونين على ما شهدناه من فوضى إداريه , تجعل من "زمن " عيسى الكواري" على أبويته وبساطته يبدو ذكرى يحن إليها المواطن البسيط.,الذي ضاقت به السبل واحتار إلى أين يذهب ,إذا إحتجت الى علاج بإمكانك الذهاب اليه ومقابلته , وهو وزير الديوان ومدير مكتب الأمير, أذكر ان والدي في مرضة الاخير إحتاج الى ممرضه متفرغه دائمه له, فذهب اليه شقيقي خالد واخبره بذلك , فقال له "والدك خدم الدوله و له حق " وأمر له بممرضه على حساب الدوله , رافقته حتى وفاته رحمه الله. كثيرُ ممن استمع اليهم الآن يحنون الى نموذج عيسى الكواري , نموذج "المخلص" شيوخنا لم يتغيروا , لكن وظيفة"المخلص" إختفت أو ربما خصصت فلم يعد في برامجها أو في ذهنها , المواطن كما كان في السابق في ذهنية زمن "عيسى الكواري" , لم يكن عيسى بن غانم ملائكيا , لكنه كان متصالحا مع زمنه ومع مجتمعه , لم يغتاله منصبه بعد أن تركه ليعيش ماتبقى من حياته بعد ه , فهو لايزال يمشى مبتسما , يتلقى التحايا أينما حل وحيثما ذهب , لاأدعو الى تكرار نموذجه بقدر ما أعني تجاوزه وهو الأمر الذي لايبدو أنه تحقق ,ذهب زمن عيس الكواري , لكن الطريف أنه لايتذكره وحده وإنما بمعية مجتمعه , وقمة النجاج أن تجعل من ذكراك, جزءا من ذاكرة مجتمعك , عندئذ لايمكن أن تُكون مجرد فرد , فأنت مجتمع يحمل مسمى فرد.

الأربعاء، 5 نوفمبر 2014

"راشد" يفضح إنسانية المجتمع الزائف


عرفته هائما في سكيك وحواري الريان ,لطيف المعشر, لايتكلم كثيرا , كان يعمل في مركز الريان الصحي , اذكر مره , ساعدني في الدخول الى أحد الاطباء رغم عدم وجود بطاقة طبيه لي في هذا المركز, راشد هذا عاش عمرا طويلا الى حد ما متنقلا بين بعض مجالس اهل الريان , يذهب معهم الى البر والبحر , يدخن كثيرا , قاوم ظلم المجتمع الذي لم ينسبه الى "أب" إكتنى راشد هذا بكنية " " فأصبح معروفا للجميع بهذه الكنيه,لم يكن لقيطا وإنما فقط لم يحظى بالاعتراف, لم يكن يلبس غترة وعقالا وإنما فقط "طاقيه" او قحفيه" كما نسميها, وكأنه يقول أن المجتمع رفض أن يلبسني " الغتره والعقال", تحمل نظرة المجتمع له بدون ذنب له ولم يتذمر ولم يشتكي لأحد, عاشر الجميع بخلق حسن , عندما يغضب أحدهم عليه أثناء لعب "الورقه" ويصفه"بال ..." يبتسم وكأنه يحيل هذه التهمه وهذا الوصف للمجتمع وليس يعنيه ذلك كثيرا لأنه يشعر بأنه ضحية مجتمع لاأكثر والجميع يتحمل معه مأساة وضعه. لم يلجأ إلى إنتحال أي أسم آخر كما يفعل الكثير لتخفيف غلواء المجتمع ونظرته القاسيه, بل ترك ذلك ربما ليحرج المجتمع ذاته وليكشف عورته ,فهو إنسان مكتمل ومواطن صالح وأبن الريان , لم يُسرع ليصلح وضعه, في مرحلة "إصلاح الوضع" التي سادت في مرحله سابقه, فعندما يشتبه بأحقية هذا أو ذاك للجنسيه , يقال له إذهب وأصلح وضعك , بمعنى إنتسب الى أحد ما لكي تقبل في المجتمع, وهناك العديد من الشخصيات المرموقه اليوم من أصلح وضعه سواء لأب معين أو لقبيله معينه ليختفي من أعين المجتمع ويسلم من لسانه, مجتمع القشور هذا لم يحرك ساكنا في نفسية راشد رحمه الله , ولم يعمل على إصلاح وضعه لأن وضعه في الاساس هو"الصح" ووضع المجتمع هو"الخطأ" كشف راشد رحمه الله حقيقة المجتمع وزيفه , ينظر إليه البعض كشخصيه لاقيمة لها وأراه شخصيه غنيه جدا وثرية جدا بإمكان المتخصص أن يدرس المجتمع من خلال هذه الشخصيات التي تعكس تجاذبات المجتمع وتناقضاته لولا غنى شخصية راشد لما استطاع أن يعيش ويمارس عمله بشكل يومي وطبيعى , بلا شك كان يملك من المشاعر والاحساسيس والايمان بالله ما جعله يرتفع فوق وضعه الاجتماعي ليعيش وضعه الانساني, كثيرُ منا يعيش وضعه الاجتماعي على حساب وضعه الانساني , فيظلم هذا ويتكبر على هذا , ويلعق حذاء الآخر, ونادر منا من يعيش وضعه الانساني أولا والاندر من يقاوم وضعه الاجتماعي بالارتفاع الى وضعه كإنسان , كما فعل راشد رحمه الله, بعد أن غاب عن عيني طويلا , سألت عنه فقيل لي : لقد توفي في غرفته في مركز الريان الصحي حيث كان يعمل منذ مدة طويله, لم يعلم ولم يشعر بوفاته أحد, رحل بصمت كصمته أيام حياته وابتسامته عند الحديث عن نسبه , شخصية بهذا الغنى المعنوي , تعادل في نظري عشرات الشخصيات الفارغه إلا من إمتلاء الجيوب والبطون, رحم الله راشد وأبدله عدلا سماويا عما لحق به من ظلم في دنيا الفناء والزوال.

السبت، 1 نوفمبر 2014

"حول الانسان وذاكرة "المكان "سفراء الزمن الجميل


أربعة سفراء تركوا إنطباعا واضحا في ذهنية المتابع لنشاط وزارة الخارجيه القطريه في الزمن الجميل,ليس هذا انطباعا خاصا بي , بقدر ماهو حصيلة وقت طويل من تلمس لآراء الوسط الاجتماعي, فثمة رأيا وجدته يقترب الى حد ما ,من الاجماع على أنهم تركوا بصمه واضحه , يمكن ان تكون استنارة لجيل الدبلوماسيين والسفراء الجدد, فالسفير في العرف الدبلوماسي مدرسه , لازلت أذكر قوة شخصية على بن سلطان العلي المعاضيد أول سفير لقطر في مصر, عندما ذهبت للدراسة فيها, وكان شقيقي عبدالله قنصلا في نفس السفاره, واذكر أننا كنا نجتمع , في منزله القريب من السفاره غير مره في الليل نلعب الورق"الزنجفه" ,كان بسيطا , لم يكن متعاليا , وهذه حاله خاصه , فطالما رايت سفراء يظهرون القوه في شكل "تعال" حتى على المواطن , الأمر الذي أعتقد أنه ضعف أو عقدة نقص , كما كان متعه الله بالصحه مرحا"غشمريا" رغم صلابته في العمل وحدة لسانه. وأيضا لم تزل كلمات الثناء للشيخ احمد بن سيف ال ثاني اول سفير لقطر في المملكه المتحده تعاود سمعي بين حين وآخر سواء من مقربين أو من عموم المرضى القطريين وغيرهم , لما يبديه شخصيا لهم من مساعده ومبادره كان يكفي ان يقوم بها أي موظف آخر في السفاره,اما الثالث, فقد سمعت عن قدرته في نسج العلاقات وتمهيد السبل لإقامة علاقه خاصه لقطر مع الدوله المضيفه ألا وهو السيد عبدالله الجيده سفيرقطر الأسبق في المملكة المغربيه, وقد إحتفظ لنفسه بعلاقه خاصه مع ملك المغرب الراحل الحسن الثاني , وبخط مباشر معه أو مع ديوانه , ومثل هذا العمل في العرف الدبلوماسي يعتبر إنجاز, و قد ذكر لي العديد من الدبلوماسيين والمختصين صعوبة حدوث مثل ذلك في بلد بروتوكولي حتى النخاع في مثل المغرب كطلبه من جامعة قطر في بداية الثمانينيات من القرن الماض , بدا خلالها متحدثا لبقا أما الرابع فهو الرائع شريده بن سعد الكعبي "بوسعد"سفير قطر في بريطانيا في حقبة الثمانينات, فهو السفير الانسان , الذي يحرص على زيارة المرضى بشكل دائم, ويمتلك في الصفاء النفسي وطولة البال الكثير , وأذكر أن أحد الاصدقاء الذي كان مرافقا لوالده المريض لم يكن حريضا على زيارته في المستشفى والجلوس عنده وهو المرافق الوحيد له أثناء مرضه وغربته, فلما علم السفير بذلك أرسل مندوبا من جانبه , دخل علينا الفندق ذاكرا إسمه , طالبا منه مرافقته الى سعادة السفير الذي يطلبه على عجل , فإذا به يعطيه درسا عن واجبه نحو أبيه ووالديه , ليعود إلى متفاجئا من تدخل السفير شخصيا بالرغم من وجود مكتب وملحق طبي , وأذكر أنني جئت مرافقا مع نسيبي المرحوم عبدالله بن محمد الخاطر الى لندن , واتصلت به مساء ذلك اليوم لأسأله عن الترتيبات حيث كان سفرنا مستعجلا لم يكن يعرفني في ذلك الوقت , فإذا به في اليوم التالي يزورنا في مستشفى بعيد صغير وكئيب في اطراف لندن ,سفراء الزمن الجميل كانوا سفراء دولة الرعايه الاجتماعيه , سفراء الإنسان القطري , لذلك كان إختيارهم اكثر دقة من إختيار سفراء اليوم , معظمهم أو كلهم كانوا اشخاصا ناجحين قبل إلتحاقهم بالخارجيه , لايعني أنه لم يكن هناك غيرهم , بالطبع لا , هناك العديد , لكن هؤلاء تركوا بصمه, فقوة على بن سلطان التي لم تكن تجبرا ولاتكبرا, ولطافة "الشيخ "السفير أحمد بن سيف التي لم تكن ضعفا , ودبلوماسية عبدالله الجيده التي لم تؤثر على كرمه, وإنسانية شريده الكعبي التي طغت على تلك الفتره من تاريخ سفارة قطر في لندن حتى سميت ب"زمن شريده الكعبي" لم تكن على حساب عمله وانجازه ,كل هذه الخصائص الجميله لم تكن وليدة معهد أو مدرسه , فالمدارس والجامعات موجوده ولاتزال , ولكنها كانت حصيلة مجتمع متحاب يرى في المنصب تكليف وليس تشريف, وفي خدمة المواطن واجب وليس فضل , كان زمنا جميلا في كل شيء, يالهفا أين أختفى و غاب؟