السبت، 12 مارس 2011

مواطن بين ثقافتين

< رأس المال الاجتماعى هو مجموع ماينفقه الانسان على نفسه لتحسين وضعه الاجتماعى او تموضعه داخل المجتمع  والانفاق هنا ليس ماديا فقط وانما سلوكيا ومعنويا كذلك. اما العنف الرمزى فهو ما يمارسه البعض على البعض  نتيجة تمايز وضعهم الاجتماعى او الطبقى كأن يركب احدهم  سيارة فخمه وسط قريه لايمتلك  اهلها الا الوسائل البدائيه كوسيله للمواصلات فتأثير ذلك عليهم يندرج تحت ما يسمى بالعنف الرمزى والامثله كثيره فى هذا المجال.المواطن الخليجى والعربى بشكل عام موضع جلى  لتمظهر  هاذين المؤشرين على شكل معادله معكوسه  تتمثل فى  اضمحلال  راسماله الاجتماعى داخل مجتمعه  وازداد سطوة العنف الرمزى عليه من جهه اخرى من خلال بروز اشكال وتصرفات واخلاقيات ماديه ومعنويه تدل بشكل واضح  على حالة من الاستعلاء فى مقابل حالة من الضعف وقلة الحيله , بينما الوضع الطبيعى هو العكس حيث من المفروض ان يزداد وضع المواطن الاجتماعى ثراء وتتناقص بالتالى حدة سطوة العنف الرمزى الموجه اليه لو ان هذه المجتمعات تسير فى الوجة الصحيحه لها. حتى فى المجتمعات التقليديه كمجتمعاتنا الخليجيه التى تعتمد  على الارث التاريخى للعائله او القبيله او الافراد كرأسمال اجتماعى لم يعد ذلك  واضحا  وانما الواضح ان ذلك فى انحسار وليس سبب ذلك تطور البنى التقليديه للمجتمع بقدر ماهو  سياسى الطابع وامنى الانضباط وتبعا لذلك ياتى طرف المعادله الاخر وهو تزايد العنف الرمزى باشكاله المختلفه وهو عنف كما قلت  يؤذى نفسيا  وقد لايؤذى بدنيا ويأخذ شكلا اوضح  حيث يبدو التمايز فج الظهور  ويتجه المجتمع بالتالى  الى الانقسام او الانشطار الى  طرفين رويدا رويدا. استطاعت  مجتمعاتنا  فى السابق من الاحتفاظ  بوضع اجتماعى جيد لمواطنيها   بعد ظهور النفط يجعل منه راسمال حقيقى لهم والمعروف انه قبل النفط كان الجميع  على قدر ومسافه واحده     من الثروه والجاه الاجتماعى الامر الذى هون  من  الاختلال المادى  بينهم كأفراد وعوائل ومع الوقت كان المعول لهم  هو راس المال هذا  فى تبنيهم لقضايا مجتمعهم حيث المكانه المميزه لهم  جعلت الكفه تميل لصالحهم على جميع الحسابات والمعايير الماديه التى قد يعبر عنها راس المال المادى  والحقيقى وبالتالى كانت مظاهر العنف الرمزى اقل بكثير مما هى عليه اليوم فكلما ازداد حجم راس المال الاجتماعى للافراد" المكانه الاجتماعيه وتاثيرها" كلما خف تعريضهم للعنف الرمزى الذى يكشف تباين المجتمع حيث تعريض او تعرض الشرائح   الكبرى فيه  للالم النفسى والشعور بالدونيه وبأنعدام التاثير
اود ان انبه هنا  الى ضرورة المحافظه على راس المال الاجتماعى للافراد واهل البلد بالشكل الذى لايضع الحاضر فى مقارنه او مواجهه مع الماضى لان  الحاضر اغنى واوفر واكثر ثراء  الامر الذى سيؤدى بالتالى الى اضمحلال اشكال العنف الرمزى التى بدت تظهر  وتبدو اكثر وضوحا من ذى قبل. مواطن العنف الرمزى مواطن منهك لاينتج ووطن العنف الرمزى وطن بلا مستقبل. لقد عاشت اجيال لاتملك سوى مكانتها الاجتماعيه كرأسمال, كانوا اغنياء به واليوم هناك من يملك كنوز الدنيا ولكن لا راسمال اجتماعى له داخل وطنه وصوته لايكاد يصل اذنيه. خطوره هذه المعادله بين  هاذين الموشرين انها تعكس صحة المجتمع نفسيا واجتماعيا اذا كانت فى وضعها الصحيح  بازدياد راسمال المجتمع الاجتماعى وبانفحاض نسبة تعرضه لاشكال العنف الرمزى  اما اذا انعكست هذه المعادله فنحن امام مجتمع يذبل رويدا رويدا وقد ينتهى  الى  وضع يصبح من الصعب  اطلاق صفه المجتمع ذاتها عليه.   
 

الثلاثاء، 8 مارس 2011

سلطه وطنيه وعماله أجنبيه= معادلة إجهاض التغيير




ليس بالضروره الرهان على  أن تحكم البروليتاريا كما أشار ماركس, ولكن وجودها وحيويتها ضروره لابد منها للتغيير. الطبقه العامله بمعناها الواسع هى من قلب الموازين وأحدث ثورات التغيير فى تونس ومصر. عدم وجود أى شكل من أشكالها فى المجتمع يمنع التغيير أو ربما يحول دون وقوعه وإستكماله . مايحدث فى البحرين  نظرا لوجوده بصوره أوضح من بلدان الخليج الاخرى  ولو جزىء الأمر على أنه  طائفيه دينيه. فى البلدان الاخرى ذات العماله الاجنبيه الكامله تقريبا لايمكن الكلام عن تغيير متوازن  ومتساوى الشروط, الديمقراطيه تصنعها الطبقه العامله والبرجوازيه الوطنيه. طبعا الكلام عن خصائص المجتمع الريعى وارد هنا . عدم وجود الطبقه العامله الوطنيه بشكل مؤثر يفقد المجتمع  كثير من أدوات وآليات الضغط  مثل العصيان المدنى أو الاضرابات ويؤدى بالتالى بإغفال السلطه وعدم إحساسها بمتطلبات الشعب. وعدم شعورها بوجوده حيث أن مصالحها لاتمر من  خلاله بأى شكل من الأشكال . هذا هو المشهد العام لإمكانية التغيير الشعبى. فلذلك بناء الدوله الوطنيه فى الخليج  على درجاته  يتطلب  بالضروره إستثمار الريع بشكل يجعل منه  أداه إنتاجيه وليس وسيله توزيعيه وهو مطلب عسير ويتطلب وعى وزهد ووطنيه عالية الإحساس. قد يبدأ كما بدا عبد الله السالم فى الكويت  بإرساء دستور ديمقراطى يحدد كيفية توزيع الريع وكيفية حمايته ومراقبته. ومن ثم إنشاء خطط تنمويه واضحه وطموحه للنهوض  بالمجتمع وتحويله الى الانتاجيه بدلا من الاعتماد على الريع. وقد يستخدم  فى عكس ذلك  كما واضح  ويصبح عصا وجزره من حين لآخر. ندرة السكان مشكله ولكن لها حلول , ليس فى الاستغناء عنهم ولكن فى تحفيزهم , الأمر يتطلب العمل فى الإنسان للإنسان . إختفاء العماله الوطنيه يفقد السلطه بالتالى وطنيتها, لاسلطه وطنيه  دون عماله إنتاجيه وطنيه. فبالتالى   ثمة حلول سياسيه وإقتصاديه  لمواجهة العجز الناشىء عن قلة السكان وندرة العماله الوطنيه , لكن الاشكال مع السلطه  التى تريد القبض والتحكم عن طريق الفرز والتفتيت  فى عصر الاتحادات الكبرى  , الانقسامات العالميه فى العقود السابقه كانت إنقسامات إثنيه  لاوجود لها فى دول مجلس التعاون المتشابهه إثنيا وسكانيا,   دول المجلس مقسمه ريعيا ومع ذلك  الريع لايخدم جميع   اطراف المجتمع بحيث  يصبح  دعامه أمام الزحف العمالى الخارجى , فيتحول المواطن الى عمله رديئه لسبب أو لآخر. من ينتظر التغيير عليه أن يفكرفى أنه  لو جلس هو ومن هم على شاكلته من أبناء الوطنفى بيوتهم ولم يعملوا أويمارسوا دورهم , هل  سيغير ذلك من الأمر شيئا. أو هل سيزورهم رب العمل مستنجدا وملبيا لمطالبهم, ولو أنتظروه طويلا كما فعل ذلك غوار فى فيلمه "التقرير"  عندما أراد أن يثبت للسلطه وطنيته فإذا به خارج تفكيرها  وإهتمامها.

الاثنين، 7 مارس 2011

بناء البديل

  


ليست القضيه الحقيقيه إزالة النظام بل هى بناء البديل, فا لأولى ليست سوى طريق للثانيه .  إزالة  النظام  يتطلب التوحد وإقامة البديل يقوم على   التعدد .الإزاله غريزه والبناء ركيزة محسوبه. صيرورة البناء بدأت فى كل من تونس ومصر وطريقها طويل ويتطلب  يقظة سالكيه  وحكمة  الموكولون به وعليه. إننا أمة بدون بدائل, البديل تأتى به الظروف  والأحداث فقط. التوريث الذى دإبت عليه الأمه ليس بديل هو إستمرار . رغم بعض الاستثناءات التاريخيه التى أظهرت من الوريث البديل,أى الاستثناء. البديل السياسى الحقيقى يقوم على الإستيعاب  والتعدد ,يسقط النظام عندما يكون شموليا, التعدديه لاتسقط  لطبيعتها الأفقيه , ولكن قيامها  هو السؤال  وهو التحدى. احيانا يكون البديل جاهزا نظرا لتطور المجتمع المدنى ونسبة هذا التطور فأوروبا الشرقيه لم تعانى كثيرا من الانتقال الى الديمقراطيه من تاريخها الشمولى السابق , فالمجتمع موجود ولكنه تحت رهبة الشموليه وسيف الأحاديه متوقف عن الحراك. فى حالة غياب المجتمع المدنى  قد يحتاج الشعب للجيش كمراقب وحارس لهذه المرحله المصيريه لمده قد تطول إذا لم  يتصور نفسه البديل فى أسوأ الحالات. الطائفيه  مقتل وتتطلب بديلا توافقيا يختلف فى طبيعته عن ماهو محتمل فى مجتمعات ذات النسيج الاجتماعى  المتقارب أو الواحد. ثمه  ملاحظات لابد من ذكرها هنا:
أولا: أهمية الإجماع على ضرورة إيجاد البديل الذى يرضاه المجتمع. لأن التاريخ يحكى عن حالات كان فيها إسقاط النظام فقط هو الاجماع. 
ثانيا: شعور المجتمع الحاد بضرورة الخروج من الشموليه بل واحساسه كذلك بعجز مكوناته منفرده من الاستئثار بالحكم لوحده   كالحالات التى تنشأ بعد الحروب الأهليه الإنهاكيه.
ثالثا: الخروج من حالة التمثلات الايديولوجيه الوسطى الغير مؤسسه  الى حالة الايديولوجيا المؤسسه والمنظمه والمدنيه عن طريق الاحزاب المدنيه التى تعتمد  البرامج  لأن إستمرار الايديولوجيا كتمثلات  يخرجها من التقنين وقد تنتهى الى صراعات مسلحه  فى حالة عدم ايجاد تعبير سلمى مدنى لرؤاها.
رابعا: إيجاد البديل يتطلب الشعور بحاله من المساواه بين جميع أطراف ومكونات المجتمع, لابد أن يشعر الجميع بذلك.

خامسا: عدم الحنين الى الماضى بل التطلع إلى المستقبل , حيث مكونات الماضى موجوده, فكم نادى البعض بعودة الملكيه والملك  أو عودة صدام فأى ماض ينتظروأى حاضر حالك يعاش, وكأن الدنيا لاتنجب بديل  وكأن الزمن قد توقف.
سادسا:  التأكد من  فكرة البديل عباره عن صيروره غير ثابته   بمعنى عدم التسليم بالبديل الأبدى وأعتقد أن شعوبنا أدركت تماما ذلك ولكنها شعوب عاطفيه.
سابعا: عدم الطوبائيه فى التفكير لإن لحظة الخلاص لحظه طوبائيه أساسا فى حين لحظة بناء البديل لابد وأن تكون واقعيه لكى لاتطول أكثر من اللازم .

الوطن العربى لم يعد كما فى السابق  هذه السنه فارقه بكل المقاييس , نرجوا ونتمنى  تحولا سلميا قدر المستطاع  للقادمين على الطريق ولأإهلنا فى ليبيا زوال الغمه ورحيل الطاغيه  رغم تعسر التحول هناك إلا أن  النتيجه حتما واحده وهى ما يختارها ويحددها الشعب  وحده.

الدوله= تعبير عن التعاقد الاجتماعى لاغير



إذا تأخرت التيارات الوطنيه¸تقدمت غيرها من التيارات الأخرى  , وأزداد بالتالى تمشكل وتأخر ظهور الدوله  فى شكلها الاساس ,  لقد كانت ثمة مبالغه بالمناداة بالوحده العربيه والدوله الوطنيه العربيه لم تقم بعد. أنظمتنا العربيه الراهنه  ليست أكثر من شراكات مع العالم الخارجى, أكثر من كونها  وطنيه. لقد إقتصر تاريخنا العربى على الافراد وكانت مساهماتهم داعيا لتأبيد مفاهيم على حساب الوطن بدلا من ان تكون   سببا للتحرر وفى هذا تجاوز لبديهيه أوليه فى قيام الدوله التى هى بالضروره تعبير عن التعاقد الاجتماعى وهى بالتالى قيمه عليا  اخلاقيه. من يخالف هذه البديهيه لايستطيع البقاء طويلا  والاستمرار الى مالا نهايه ومانراه اليوم فى ساحتنا العربيه  عباره عن حلول وقت استيفاء الدوله لشروطها. لاتقوم الدوله وإن سميت كذلك ولايمكن لها أ ن تستمر الا من خلال شروطها الذاتيه المتمثله من كونها تعبير عن عقد إجتماعى, الدوله الناقصه لاتستمر طويلا  حتى تكتمل شروطها  أو ترجع الى مقابل  حالة "الدوله" كما نرى فى ليبيا وبدرجه أقل ومع الفارق  فى تونس ومصر , قضية التعاقد الاجتماعى  الخاتم لتمظهر الدوله  هو ما ينقص تلك المجتمعات ومجتمعات العرب الاخرى , كل منها فى نقطه قد تختلف مع الاخرين من الطريق الى ذلك فمصر وتونس كما أشرت فى نقطه متقدمه عن ليبيا  مثلا. الآن حالة الإنتقال الى التحول الفارز  فى نهايته الى  تعاقد إجتماعى تحتاج  الى السماح بتأسيس احزاب جديده وإطلاق أخرى كانت محظوره  والتحول الى حاله سياسيه بعيدا عن الحالات الاخرى,     الفضاء  يجب أن تملأه التمثلات الايديولوجيه فى المجتمع بشكل مقنن ورسمى  وهذا مانراه فى تونس ومصر  إنه الاتجاه نحو النضج  من خلال بوابة التعاقد الاجتماعى. المرحله الليبيه سابقه على هذه المرحله وتتطلب  القبول أولا بعد الانتهاء من الصراع الاهلى. حالاتنا فى دول الخليج تتأرجح بين تيارات وتوجهات تشكل  نواة لأحزاب قادمه , فى حين يعدم البعض وجود أو ظهور هذه التوجهات والتيارات. الدوله الوطنيه تحتمل وجود جميع التيارات ولكن ضمن المنظومه والشروط اللازمه لللعبه الساسيه.  يمكن للجميع أن يكون وطنيا , فالتيار الدينى  أو الحزب الدينى يمكن أن يكون وطنيا حينما لايدعى  إمتلاكه للحقيقه والحل دون غيره , والتيار القومى كذلك عندما لا يقوم على شوفينيه مقيته, والتيار الماركس كذلك عندما لايدعى أحقية البروليتاريا فى الحكم دون غيرها , والتيار القبلى  أو حتى الطائفى إذا  ما عتبروا أن  قبليتهم وطائفيتهم تاريخ أومسمى تاريخي لاغير. إن فكرة الأمل هى اللازمه لبناء الشعوب ,الأمل يتطلب رؤيه واسعه  وهى ما يستند عليه  التعاقد الإجتماعى. إن ما تحاول شعوبنا صنعه اليوم من المحيط الى الخليج هو  الابقاء على الأمل فقط لاغير, بناء الدوله أمل بل وتعبير عن تعاقد إجتماعى مستمر ومتطور بتطور الأمل الذى لايمكن للحياة أن تستمر بدونه.