السبت، 29 نوفمبر 2014

المغزى الثقافي لتبرئة الرئيس المخلوع حسني مبارك


صدر حكم نهائي بتبرئة الرئيس المخلوع حسني مبارك من مما وجه له من اتهامات يصل عقوبة بعضها الى حد الاعدام, لست هنا في مجال التعليق على الحكم جنائيا او قانونيا و لكنني سأحاول تناول الاشاره الى البعد الثقافي الذي أوجد مثل هذه الحاله المربكه التي جعلت القضاء في واد واحساس الشارع في واد آخر.
أولا: في مجتمعاتنا مايقتل هو الثقافه وليس الفرد ك جزء منها, ليس بالضروره الرئيس أو الحاكم من يصدر الأوامر بالقتل , لكنها ثقافة الحكم الذي لم يأت أصلا من الاراده الشعبيه في حالة دفاع عن نفسها, هل تذكرون العفو الذي أطلقه الرئيس صدام لصهريه الهاربين , ثم عند وصولهما , قامت ثقافة النظام الأبوي بقتلهما لأنهما عار على العراق.
ثانيا: بين ثقافة القبيله وثقافة العسكر تشابه كبير , تضيع معه مسؤولية الأفراد أو تتماهي معها , بحيث اذا قتل احد افراد القبيله تفزع للدفاع عنه , وكذلك العسكر , لذلك بدات المسؤوليه الفرديه للحكام والرؤساء بعد تجاوز هاذين النظامين للحكم, وهو الأمر المستبعد حاليا في عالمنا العربي , حوكم بينوشيه بعد ذهاب العسكر, وحوكم فيلا الارجنتيني بعد زوال حكم العسكر هناك.
ثالثا: الرئيس حسني مبارك ثقافيا برىء طالما كان حكم العسكر قائما , فالتبرئه اساسا ثقافيه , أما جنائيا فيتطلب الأمر الخروج من ثقافة العسكر الى ثقافة الحكم المدني التي تقوم على الفرديه والمسؤوليه الشخصيه في اصدار الاحكام .
رابعا:إجهاض ثورة الشباب وعدم استكمالها , وغياب المجال العام , وعدم تبلور اهداف الثوره في شكل مجلس انتقالي لجميع الاطياف أفسد ايجاد ثقافه توافقيه , فكان الصراع بين نموذجين مطلقين , أما الاخوان أو العسكر , لذلك كان من السهل على القضاء اللجوء الى الحل الثقافي الذي لايحمل الافراد التهم بقدر ما يعلقها على الثقافه السائده .
خامسا: المواطن العربي يرى ويشاهد جرائم المسؤوليين والانظمه ويشعر بها , لكنه لايمتلك القدره على محاكمتهم الابإستبدال الثقافه القائمه بثقافة اخرى جديده , وحده الشعب التونسي الذي استطاع حتى الآن استبدال ثقافه ديكتاتوريه بثقافه تعدديه لأسباب تاريخيه سبق فيها جميع الشعوب العربيه , فبالإمكان اليوم محاكمة زين العابدين محاكمة عادله لأن هناك ثقافة اخرى قائمه تصدر عن ارادة شعبيه.

سادسا: الحكم على مبارك جزء من احكامنا التي نطلقها على تاريخنا العربي والاسلامي الذي لايعرف الفصل بين الحقب التاريخيه وشروطها المعرفيه, فهو برىء لأنه قاد الضربة الأولى في أكتوبر, وهي براءة دائمه على مر التاريخ , كما أن مقتل الحسين , دم يسال وكره وحقد متصل حتى قيام الساعه بين المسلمين.
سابعا: طالما كانت ثقافتنا هي الأزمه فلا مخرج منها الابتجاوزها , الربيع العربي , أعاد الأمه الى بواكير الأزمه الطاحنه الى زمن مايسمى ب"الفتنه" وأنا اسميه بالعقل "المفتون" المسحور, طالما نحن نفكر من داخل صندوق "الفتنه" والفرقة الناجيه, والصراع حول آل البيت, سنظل هكذا نرى في الماض حلا لعدم قدرتنا على صنع الحاضر.
ثامنا: شاء الله ان يبقى مبارك وأن لايغادر بلده ويصر على محاكمته فيها , ليكون شاهدا علينا أكثر من أن نكون شهداء عليه , هو جزء من الأزمه وضحية لها , فبإمكانه هو أن يستأنف حكما بمقاضاة الأمة وثقافتها , فهو برىء اليوم طالما لاتزال نفس الثقافة فاعله.

الجمعة، 28 نوفمبر 2014

المستفاد من الخلاف الخليجي الذي إنطوى

>الآن وقد اصبح الخلاف الخليجي –الخليجي وراء ظهورنا وكلنا امل في أن لايعود ثانية , وأن تبرى الجراح في اقصر وقت وتعود النفوس راضية وتستمر عملية تنميه حقيقه , ترتقي بالانسان , ولاتكرسه أداة وليس غايه , ولي هنا بعض الملاحظات أود لو أو جزها:
أولا:أثنا فترة الخلاف ظهر ميكانيزم "الفزعه" بشكل واضح وغاب بشكل واضح ايضا دور الرأي العام ,وهذا طبيعي لأن "الفزعه" انفعال ولاتحتاج لأن تعرف الاسباب, بينما الرأي لكي يتبلور يحتاج الى شفافيه ومعرفة تامه بما جرى ويجري.
ثانيا:غياب تأثير المواطن كان واضحا , واكتفت السلطه في دول الخلاف جميعها بإدارة الخلاف بأدواتها بما فيها طواقم "الفزعه " في وسائل الاتصال الجماهيري.
ثالثا: المجتمع المدني دائما يدافع عن قضايا افقيه , تهم المجتمع , بينما في حالة غياب تدافع السلطه دائما عن قضايا عاموديه , قضاياها هي وليس قضايا المجتمع , ايضا هذا كان واضحا في الخلاف الخليجي ولدى السلطه في الدول الأربع.
رابعا: سير المال الخلاف بعيدا عن تاريخ المنطقه وثوابتها التي قامت عليها وآمنت بها قياداتها السابقه قبل الطفرات الماليه , والسباق المالي محموم ومكلف و بالضبط مثل السباق التكنولوجي بين الاتحاد السوفيتي و الولايات المتحده سابقا, ففي حين كان الشعب الامريكي يدفع الضرائب لتمويله , سقط الاتحاد السوفيتي لديكتاتوريته , في المقابل يعاني المواطن الخليجي من تداعيات الانفاق على الخلاف بدلا من الانفاق على التنميه .
خامسا:مصر هي "مربط الفرس" لابد من ثمة اتفاق وتوافق حول مايجري في مصر ولو في حدوده الدنيا , لأن مشكلة مصر بإمكانها اسقاط جميع الدول العربيه في مستنقع لاقعر له.
سادسا: دولنا الخليجيه لاتستطيع أن تتجاوز دورة الحياه الخلدونيه للامم , الذي تنشأ بالعصبيه في الجيل الاول , ثم بالبذخ في الجيل الثاني و ثم بالتآكل والانهيار في الجيل الثالث والذي يليه و مالم تتجاوزها نحو بناء الدوله الوطنيه و الشواهد تدل على ان الصراعات على السلطه كامنه بين الاجيال والنظائر فيها.
سابعا: لم تنتج الدوله السلطه في مجتمعاتنا , بل العكس السلطه هي من شكلت الدوله لتصبح بالتالي مدينة وخادمة لها , لذلك الأزمه هيكليه ولن تحل الازمنيا وربما بتدخلات وتكلفه باهضه لذلك نرى أن معدلات الأميه والفقر , والتلوث البيئي في المنطقه في مستوياتها العليا, والحريات في تراجع , ومؤشرات حقوق الانسان سلبيه , وهي مؤشرات تخص الدوله , بينما السلطه في دولنا الخليجيه في نمو مادي عمودي بلاسقف.
ثامنا: المطلوب بناء المواطن أولا, في حالتنا الخليجيه الوطن يعني السلطه , والمواطن يعني تابع للوطن أي للسلطه وهذه مفارقه , فالوطن المستلب لاينتج مواطنين , لكن المواطنين الاحرار يبنون وطن.
تاسعا:ظهر بوضوح العلاقه الزبائنيه بين الافراد والدوله في الخلاف الاخير, لذلك ليست العلاقه مباشره من المواطن والدوله في خليجنا , هناك علاقه وسطيه تصل بها للدوله , أما القبيله أو الطائفه, أو العائله , أو خدمات خاصه تقدمها, الأمر الذي يعزل بقية المجتمع ويعطل امكانياته وطاقاته , ويدفعه الثمن لاحقا فيما لايد له في وقوعه أو حدوثه.

عاشرا: يجب ان لايعرض دور الدوله وجودها للخطر , هذه نصيحه لجميع دول الخليج ولنا في التاريخ امثلة واضحه لخطوره وضع الدوله الدور أو الدوله الوظيفيه.

رياض" الرفاع" ورياض " الطمآن" جغرافيا الفطره وإنسان الطبيعه.



ما إن يقبل الشتاء وتتلبد السماء بالغيوم وتنتشر الديًيم"جمع ديمه" وهي السحب الكثيفه المحمله بالمطر, على ربوع قطر إلا وتذكرت الرفاع, وطريق دخان والأفق الممتد عن يمينه وعن شماله بلا حدود , تشعر وكأنك خارج الى فضاء أرحب ,على الرغم من أن سكان الريان بل والدوحة كلها لايتعدون بضعة ألوف , إلا أنك كنت تشعر باختلاف الدينة عن الضواحي , وبإختلاف الضواحي عن البر والفضاء الطلق , ثمة إتزان في النفسيه يستطيع معها الفرد الهروب من حالة نفسيه إلى أخرى , وهو الذي يتعذر اليوم , حيث ماذهبت فثمة شاحنة ورائك وضجيج آلية امامك , فانت في وسط المدينه حتى لو صلت حدود البحر الشماليه أو الغربيه.
رياض الرفاع اللتي أتى عليها الشارع دخان, وأحاط بها ع السور من كل جانب, أما لثكنه عسكريه أو لغرض آخر, كانت مقام أهل قطر في الشتاء , من الوجبه شرقا حتى الحسنيه غربا ,الخزعليه والدحيليات, والشيخ سعيد ,وأم اثنيتين, وغيرهم من اسماء رياض الرفاع التي حفظناها أبا عن جد , وينزلها آبائنا شتاء مع الشيوخ وجمع غفير من أهل قطر الكرام , بيوت متقاربه ومعيشة واحده وأنتماء واحد , كان الرفاع كمنطقه غاليه جدا على الحكم في قطر لايسمح لأحد بقطع السمر منه ولا الشجر, ولاالعبث بتربته وطينه , كان محميه طبيعيه بلا اسوار حيث كان وعي الناس كافيا عن أي سور وقرب الناس من الحكام مانعا من التجاوز , لم اعش تلك الفتره بالتفاصيل , لكن حدثني والدي عنها أنهم كانوا ينزلون هم والخيارين وغيرهم من اعيان قطر في منازل متقاربه مع الشيوخ, أما في الصغر فكنا نذهب الى الوجبه حيث قلعة الشيخ عبدالله بن جاسم والتي سكنها بعده إبنه الشيخ حمد بن عبدالله والتي كانت مسرحا لمعركة بين اهل قطر والحاميه العثمانيه , انتصر فيها اهل قطر بقيادة المؤسس وذلك في عام 1893, على الدراجات الهوائيه ونتغدى في الزرع الكبير فيها ونلعب الكره حتى العصر ثم نعود بمافي ذلك من مخاطرة حيث الطريق الضيق ذو الاتجاه الواحد,أما روضة الحسنيه ففيها بيت كبير لأولاد الشيخ أحمد بن على حاكم قطر في الستينيات رحمه الله , يقضون فيه أيام العطل والمناسبات ويزورهم الاصحاب, وأذكر اننا كنا في روضة تسمى "الشيخ سعيد" في شتاء جميل في عام 68 ميلاديه على ماأظن , حين أعلن خبر وفاة الملك سعود بن عبدالعزيز رحمه الله, فحزن والدي لموته فقد كان دائما يصفه بالكرم. في أيامي و كانت ثمة روَض لها طابع اجتماعي , في ايام الشتاء, هناك رياض في الطمآن"مثل روضة "العقوريات" الكبيره حيث يتجمع الشباب ايام العطله الاسبوعيه وتجد في كل ركن أو حزم من حزومها ثلة مجتمعه تشرب القهوة أو تلعب الورق , ومحيرجه جنبها وأم صلال بجانبهما غير تلك الشماليه ثم روضة الفرس الكبيره والتي يقطعها الشارع نصفين وقد اصبحت دارسة اليوم بعد عهد من الاخضرار والنبات , ثم عن شمال الشارع تأتي النصرانيه وقد سميت كذلك في إحد التفاسير لأحجارها الكبيره الصماء صعبة التكسير" وهناك تفسيرات أخرى منها انها مجرى ماء كبير , وآخر يذكر أنها مكان نزله "النصراني" أو استخدمه اثناء التنقيب عن البترول وكان السابقون يستخدمون كلمة نصراني للتعريف بالمسيحي, لست هنا للتدليل او محاوله البحث عن معاني مسميات الروض والوديان في قطر , ولكنني أعتقد أن من المهم إعطاء هذا المجال إهتمام لأنه يكشف عن طبيعة الثقافه السائده في تعاملها مع الجغرافيا المحيطه في محاولة لترويضها وادخالها ضمن أجندة التعامل اليومي ذو الدلاله, , وغربها , "الهشميه " وهي روضه كبيره بها اليوم بها مقام لسمو الامير المفدى الشيخ تميم , وتأتي جنوبها روضه كبيره اعتقد أنها من اجمل واكبر رياض قطر , وأسمها "الوضيحيه" وبها حلال "غنم ومطايا " للشيخ الامير الأب حفظه الله , أما في الشرق منها فتأتي "أم طاقه" روضه كبيره يحدها حزم كبير من الغرب , سكنها معظم اهل قطر في الايام السابقه جئتها ووجدتها قد أصبحت صماء لاتنبت عودا ولازرع. هذه المواقع التى سكنها أهل قطر كان من الاحرى الاعتناء بها وابعادها عن المشاريع القائمه حيث هناك ما يكفي من المساحات الخاليه , المحافظه على البيئه البريه لايعني إقامة مناطق المحميات, المحافظه على البيئه البريه هي المحافظه على تاريختها التي هي جزء من ذاكرة المواطن القطري , اليوم المواطن يهرب بما تبقى له من ذاكره الى البر , فلا تجعلوه مقبرة لما تبقى له من ذاكره, بودي لو ننتبه ونتريث قليلا لأن الارض ملك لله وللأجيال فلا نمتلك بالتالي سوى حق المرور. بلاإساءه
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
الرياض :جمع روضه , الرفاع :المكان المرتفع من الأرض, و"الطمآن" المكان المنخفض من الأرض مقارنة بالمرتفع

الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

سوق واقف ومفهوم الهويه والتاجر والسوق


دكان الخال ثواب بن تركي السبيعي رحمه الله , مجلس صباحي تحت لافتة دكان , اذا ذهبت الصباح ستجد العديد من شخصيات قطر في الدكان مجتمعين , يتناولون القهوه والشاي والحديث حتى قبل صلاة الظهر لينفض المجلس الدكان ,ويبقى الدكان التجاري ليعود االدكان مجلسا في الصباح التالي, كان مفهوم السوق مختلفا عنه اليوم , كان الرجل حينما يقول "باروح السوق" يعني سأذهب الى السوق لايعني فقط أنه ذاهب ليتبضع , بقدر ماهو ذاهب ليلتقي بغيره من الاصحاب والاصدقاء, لذلك هناك دكاكين او محلات لها صفه اجتماعيه اكثر منها صفة تسوقيه , لذلك تجد العديد من رجالات قطر يلبسون "البشت " حينما يذهبون الى السوق, دلالة على مكانة السوق ورمزيتة الاجتماعيه في ذلك الوقت لاحظ الفرق اليوم كيف يلبس من يذهب الى المولات و من ابناء قطر البعض وليس الكل ناهيك عن الجنسيات الاخرى , وبل ماذايعني ذهابك الى المول وبماذا يفسر ضمن تفسيرات أخرى ؟دكان الخال رحمه الله كان احد اشهر هذه المحلات التجاريه يلتقي فيها يوميا جمعا من شخصيات قطر , كالشيخ فالح بن ناصر والسيد عبدالله بن ناصر السويدي ووالد محمد بن خالد الخاطر و العم علي بن يوسف الخاطر وحسن المطوع والشيخ فهد بن محمد بن ثاني كثيرون ربما لاتسعفني الذاكره لحصرهم رحمهم الله جميعا, بل انني لازلت اذكر حادثة طريفه , حينما لزم الامر الى توقيع السيد عبدالله بن ناصر السويدي وزير المواصلات والنقل الاسبق الذي ترك مكتبه باكرا قبل ان يوقع على امر مستعجل وهام ينتظر ان يرسل الى الديوان الاميري , ولم يكن الموبايل قد ظهر في ذلك الوقت , فكان من احد الحلول ان نرسل مراسلا بالاوراق الى دكان الخال ثواب لعله يجده هناك وكان الاحتمال لدىً عاليا ومرجحا , وبالفعل ذهب المراسل الى الدكان ليجد الوزير قبل صلاة الظهر في دكان الخال ليوقع على الاوراق وتُرسل الى الديوان لاتخاذ مايلزم, في مقابل دكانه , كان هناك دكان للمؤذن العمادي وقريبا منه دكان للطريفي وكذلك دكان "لعيال ذياب ". قصة الخال رحمه الله مع التجاره طريفه لقلة من كان يفكر في التجاره والبيع والشراء من اهل قطر في ذلك الوقت , لما زرت سوريا في اواخر السبعينيات مع وفد طلبة الجامعه , وجدت العديد من تجار الملابس والغتر والعُقل والاقمشه عموما يعرفونه , ويعرضون علىٌ تسهيلات وخصومات اذا ما ذكرت لهم أنه شقيق والدتي,كان السوق في ذلك الوقت كما ذكر لي رحمه الله محتكر من قبل فئه متجانسه من التجار , وليس من السهل وليس مرحب ايضا من جانبهم قدوم تاجر او منافس جديد خاصة أنه "قبيلي" وليس من ابناء القبائل في ذلك الوقت من هو يعمل بالتجاره الا القليل وفي مجالات اخرى وليس مجال الاقمشه والثياب. انتهز الخال رحمه الله فرصة وجوده في الكويت في الستينيات على ماأظن برفقة الشيخ محمد بن على ال ثاني رحمه الله شقيق الشيخ احمد حاكم دولة قطر الاسبق, وطلب موعدا مع الشيخ سعد العبداالله وكان وزيرا للداخليه في ذلك الوقت, ليطلب منه السماح له برخصه لشراء بعض بنادق الصيد وكميات من المؤونه لها"الزهب أو الفشق"",ليجلبها الى قطر وتم ذلك بالفعل ليصبح من أوائل من يبيع السلاح "سلاح الصيد " في قطر ويصبح دكانه مقصدا لكل هواة الصيد والقنص الى جانب دكاكين اخرى "للنجاده" وكذلك دكان "الغزال" لبيع ادوات الصيد البحريه حتى قرار المنع لبيع اسلحة الصيد في الاسواق . السوق وأعني سوق واقف بالذات في الماض له رمزيه اجتماعيه لم تعد موجودة اليوم, كان يمثل جزء من ثقافة المجتمع ومن شخصية القطري , سوق واقف الجديد لم يعد كما كان ايام دكان الخال , اليوم تشعر وانت في وسطه بأنك ضمن ثقافة اخرى , ليس من ناحية الزي فقط ولكن من ناحية التصرفات والسلوكيات, الجديده بعد تلك التي كانت تعكس حقيقة المجتمع القطري , ما يحزنني هو ذهاب رمزية السوق والتاجر معا , لم يعد السوق يرمز الى المستوى الحقيقي لمعيشة المواطن ولم يعد التاجر نبيلا الى درجة ان يكون يجمع بين انسانيته واجتماعيته وبين السعي وراء الربح بأي ثمن , طغت الماده بشكل جارف على السوق وعلى التاجر, أعتقد أن سوق واقف كان يعبر عن التراث سابقا اكثر منه اليوم رغم تجديد شكله نحو التراث الا أن روحه التراثيه ذهبت مع ذهاب دكان الخال والدكاكين الاخرى التي كانت معه,كان يأتيه أهل قطر تواصلا , كان يأتونه إتصالا بالثقافه بالدرجة الاولى , ثقافة الاجتماع والتواد والمشاركه قبل أي شىء آخر , اليوم يفتقد الروح ويفتقد رائحة البخور والعود الطيب في دكاكين تجار ذلك الزمن مقارنة بدخان الشيشه الكثيف المؤدي الى الاختناق والسعال. ويفتقد اغاني عبدالله الفضاله و اصوات محمد بن فارس اللي يبيعها "بومرداو" والتي تسمعها حين عبورك لدكانه خارجا من السوق , اليوم ضجيج الاغاني اللبنانيه الحديثه التي تبث في غيرها موضعها ولابيئتها , يتسلل الى مسامعك قسرا شئت أم أبيت فلا يترك لك الفرصه حتى تستعيد ذاكرةالمكان ولا ذكرى الزمان الجميل بمن كان فيه.

الاثنين، 24 نوفمبر 2014

"حول الانسان وذاكرة المكان" مذكرات ريانيه" رجال حول الشيوخ


من عاش في الريان القديم في الستينيات لابد وان يذكر مبارك الشمالي والغامدي وعباد خير وخميس الطبيشي وسالم بن بطي وسليمان بن هندي واخويه ماجد وسيف بن هندي وسرورالعبدالله وعمر الدفع وآخرين لااستطيع عدهم أو هناك من هو أكبر مني وأعرف مني بهم,بعض هؤلاء كانوا ينظمون الاوكسترا اليوميه التي تعزف على مسامع أهل الريان , حين زيارتهم وسلامهم على الشيوخ ومنظمي الحفل اليومي للقاءات بالشيوخ والجلوس معهم, بعضهم كان أكثر قربا من الآخر عند الشيوخ واكثر سلطه, طابع الحياه في الريان حين كان مركزا للحكم , يتطلب نوعا من الحجابه والحراسه , حيث لم تكن المواكب الرسميه قد انتشرت بعد, ولم يكن حرس الشرف قد ظهر بعد بصورته الرسميه,, فكان وضع البعض من هؤلاء قويا بحيث يتحكم بمن يصل الى الحاكم وبمن لايصل , هذه الفئه الطيبه من اهل الريان , كانت من الوفاء والتفاني , الى حد ان اصبحت حياتها تبدأ من يوم الحاكم أو الشيخ وتنتهي بإنتهاء يومه, لم يكن هناك غرباء ولامجنسين , في الدائره القريبه من الشيوخ والحكام في ذلك الوقت, لذلك كان هناك من يحقد على البعض منهم لقربهم من الشيوخ وحصولهم على بعض الامتيازات , ليس جميعهم ولكن القله فقط منهم , ماكان يلفت النظر هو أن جميعهم تقريبا كانوا يحرصون على تعليم ابنائهم بشكل ربما أكثر من حرص غيرهم من المواطنين حتى الميسورين منهم , لذلك نجد العديد من ابناء هذه الفئه اليوم يتبوأون مناصب عليا وبشهادات عليا,سالم بن بطي والغامدي رحمهما الله ,على طيبتهما وإخلاصهما إلا أنه لايمكن أن تشاركهما الطريق وهم يقودان سيارتيهما , وقد رأيتهما بعيني كيف يحتلان كل الطريق بسيارتيهما"الجيب" فالسياقه بالنسبة لهما كانت معركه والتحكم في المقود امر صعب وجهد جهيد,فلا محالة أن تفسح لهما الطريق والا عليك ان تتحمل النتائج حيث لاتامين ولاتحقيق ينتظر, عمر الدفع تاجر كبير واول محطة بنزين في الدوحه رأيتها ولاتزال ملكا له, وخميس الطبيشى رحمه الله كان رجلا كريما وميسورا , عباد خير , يجمع الايمان والتقوى كأن لم يجمعهما انسانا قبله,سليمان بن هندي عرف بشدته وصرامته في أداء واجبه واخلاصه وتفانيه, مبارك الشمالي من اكثر الشخصيات ظرفا في الريان القديم واولاده اليوم من احب الشخصيات الى اهل الريان لطيبتهم ومودتهم, هذه البيئه القريبه والتي تشكل حزاما شعبيا خدميا للحكام والشيوخ على بساطتها كانت تؤدي وظيفتها على افضل ماتكون التأديه , وحتى بعد إنتهاء دورهم ووقتهم عاشوا مع اهل الريان لانهم اصلا منهم , دونما مشاكل أو منغصات أو تراكمات , بل بالعكس كانوا دائما مكانا للترحاب وللتذكر بزمن كانت العلاقات فيه من البساطة بحيث يمكنك أن تلاقى اخاك بوجه طلق فيصفح لك , رحمهم الله جميعا , فقد كان زمنهم زمن الاخلاص والايثار و فلم يتنكروا له وكانوا على عهده من الاوفياء.