الجمعة، 1 يوليو 2016

أحمد بن سيف وزير العلاقة الإنسانية "شخصية في الذاكرة"






عندما سمعت بتعيين  الاخ الكريم سلطان بن سعد المريخي وزيرا للدولة للشئون الخارجيه, الذي أتمنى له كل النجاح والتوفيق, قفزت الى ذاكرتي  صورة أول وزير للشئون الخارجية في قطر , الشيخ أحمد بن سيف آل ثاني., أجد لزاما علينا أن نذكر هذا الرجل الذي جاء في مرحلة هامه وحساسة من تاريخ الخارجية القطرية إستلزمت  كثيرا من الحركة والنشاط , خاصة وأنه أول وزير دولة يعين في تاريخ قطر كما أعتقد , ولم يكن مفهوم وزير الدولة شائعا قبله  في أروقة الدوله , إستطاع  الشيخ أحمد بن سيف الذي تم تعيينه في   عام 1978, أن يقوم بدور وزير الخارجيه الذي كان  شبه خاليا لما يزيد عن عشر سنوات , سمعت من كل الذي عملوا معه دماثة خلقه  وتقديره وإحترامه  للجميع كان وزيراً للعلاقة الإنسانية قبل ان يكون وزيراً للمنصب السياسي وكان قبل ذلك قد شغل منصب سفير دولة قطر في لندن , فكان محلا للإطراء والثناء كذلك. وزارة الخارجية من أهم الوزارات السيادية في البلد ,وعملية إختيار الكوادر فيها لها صدى مباشر على المجتمع أكثر من غيرها لأنها تضم معظم كفاءات الدوله  كما كان الوضع في السابق , لاأعرف اليوم مدى إهتمام المسؤولين بهذا الجانب, ما يهمني هنا أن سعادة الشيخ أحمد بن سيف آل ثاني كان مكوك وزارة الخارجية الذي لايهدأ  من أواخر السبعينيات حتى أواخر الثمانينيات , حتى أن صورته على ما أذكر  لم تكن لتختفي من  النشرة الاخباريه اليوميه لتلفزيون قطر ,كما أنه بعد ذلك عُين وزارا للصحة وللعدل بالوكالة  على ما أذكر , وقد كان متعاونا مع أصحاب الحق   في العلاج  من أهل قطر.تميز الشيخ أحمد بالهدوء  وبالعبارة اللطيفه  حتى في تصريحاته الرسميه . نحن المراقبون يعكس لنا تنظيم وزارة الخارجيه معنًى هام  , وشكلا إداريا يمكن القياس عليه  لمستوى الادارة وتطورها في البلد , لأول مرة  يتم إعتماد مسمى أمين عام الخارجيه ولاأدرى إذا كان يعني شيئا آخر غير مسمى الوكيل , لكن تكدس  الادارات  الكثيرة تحته تنظيميا يوحى بعظم مسؤوليته وسعة نطاق اشرافه ,الأمر الذي سيحتاج الى جهد  استثنائي وشاق , أرجو أن يوفق الدكتور أحمد مال الله الحمادي في أداء وظيفته على أكمل  وجه ,لكنني أتساءل لمَ لم يستفد من الكوادر الدبلوماسية ذات الخبرة في المجال الدبلوماسي  في تشكيل مجلس استشاري يضم خبراء في العلاقات الامريكيه او الروسيه او الاوربيه  من  خيرة سفرائنا السابقين في تلك الدول .كل ما أخشاه وأتوقع أنه من مشاكلنا الاداريه القاتله هو عدم تراكم الخبرات  أو البتر الاداري  الذي يجعل من الهبوط مؤشرا ملحوظا, على كل حال أتمنى  التوفيق  لوزير الدولة للشئون الخارجيه سعادة  الاخ سلطان بن سعد المريخي , كما أتمنى  دوام الصحه والعافية وطولة العمر للشيخ أحمد بن سيف آلثاني أول وزير دولة للشئون الخارجيه في تاريخ قطر. فإذا كان الشيخ أحمد جاء في وقت الحاجة  الملحه, فأبلى بلاء حسنا, فإن الأخ سلطان يأتي في وقت الحاجه الى التنظيم  والاستشراف وتعظيم الفائده الحديَه وبلا شك لاينقصه التأهيل الاكاديمي ولا الخبره الاداريه. أسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه

الخميس، 30 يونيو 2016

"العوسج"



 سيرة وذكريات الدكتور علي بن خليفة الكواري  أدق ماتمكنت  استخلاصه منها    ليس سلاسة السرد  و لا إزدحام الذكريات وتنوعها, ولا التنقل بين بلد الى آخر أو من منطقة الى أخرى داخل الوطن الحبيب , اكثر مالفت نظري هو ملمح الكينونة التي تنغمس في المجتمع    دون اأن تذوب فيه   ,  حيث بإمكان الفرد أن يعيش في أتم الانسجام مع  مجتمعه , لكن   بمعاييره    وقناعاته الشخصيه, "العوسج" لها   أيضا  بُعدا أخلاقيا إبتداء من الأسم  هذا النبات الذي لايموت في أصعب البيئات  جفافا  فهو لاينفصل عن بيئته , لكنه يخضر ويزهر حينما تحتفي بيئته به, كذلك هناك إشارات لبناء الفعل الاخلاقي  على البعد الانساني , أكثر منه  على البعد الاجتماعي الموروث  , استمرار العلاقه ذات البعد الانساني على جميع اشكال العلاقات الاخرى ذات الريع ربما, المحافظه على العلاقه مع البسطاء  الموظف   , الفراش و البائع....الخ بعد آخر وهو إستخلاص المعرفه من الواقع , وليس فقط وصفه  , كثير من فصول الكتاب  تجعلك تشعر بأن هناك جهد لإستخلاص  المعرفه  ليس من  المجتمع كمعطى سابق للتجربه  وإنما من سيرورة البحث  لايجاد مكان  لإثبات الذات وتوافقها مع مسلمات المجتمع الخاضع  لحكم  المجموع أو الجمعية البشريه التي تطغى على  الفرد وتعطل  ملكاته الفرديه أمام أهوائها الجارفه, أيضا هناك مقاربة واضحه لشكل المجتمع  بشكل  لم يسبق الاشارة إليه , فويرط والغاريه  بساطة وتلقائية العلاقات , الريان  عدم وضوح الترابط الأفقي  بين المجتمع على حساب ترابط عمودي مشدود وقوي مع الحكم نظرا لكونه مركز الحكم في ذلك الوقت  وشعور بنوع من الغربه , أم غويلينه , تجمع لكثير من الأسر والعائلات القطريه في وسط  الدوحه وتنوع  أشكال العلاقه .أيضا هناك بعد فلسفي يمكن ملاحظته  وهو إنتقال الاراده من الوجود بالقوه الى الوجود بالفعل, من إراة السلب الى إرادة الايجاب, عدم الموافقه على التوظيف في الحكومه أوجدت الإرادة بالقوه  ,تحولت  مع  افتتاح برادات الأمل ,الى إرادة بالفعل , هناك كثير من النقاط التي يمكن تلمسها من سيرة وذكريات العوسج  فوق التفاصيل الصغيره والاحداث التي يمكن مقاربتها بأكثر من وجهة نظر ,  ماشدني في "عوسج" علي الكواري , هي محاولته لكسر الحجر الذي يقف في الطريق   ليس لأنه آذاه  بشكل شخصي , ولكن لكي لايؤذي غيره من السائرين خلفه في طريق صنع الذات وإمتلاك الإرادة.  

الأربعاء، 29 يونيو 2016

قلب من ذهب




  يشعرك بالقرب وإن كنت بعيدا , يشعرك  بالألفة وإن كنت  وحيدا , يملؤك بالسؤال وإن كنت خاليا ,يعيش المجتمع بذاكرة الاباء والاجداد  الذين كانوا يعيشون الانتماء  للمجتمع وللوطن كأسرة واحده, كلما إلتقيت مع الاخ الكريم  سعادة عبدالله بن محمد بن شمسان الساده ,عضو مجلس الشورى وأحد أعيان قبيلة الساده الكريمه, اشعر تماما  بهذه المشاعر, أجد فيه الطيبه , طيبة أهل قطر , نقاء السريرة وصفاء القلب , سبحان الله , هناك من تشعر معه بأن قلبه هو الذي يحدثك لا لسانه , أنا أحد الذين يبحثون عن القلوب  لاعن الجيوب , يأسرني قلبُ أبيض  ,أشعر به  صافيا ,وإن كان متجهما   أحس بنقائه وإن كان  ناصحا ,أشعر بإخلاصه وإن كان صادما. أمتلأنا مادة  حتى تغيرت الأنفس وتقلبت القلوب   نحوها بشكل أصبح البحث عن قلب سليم كالبحث عن قطعة من الذهب في  رمال العريق , أو في "طعوس" النقيان, أخذت المادة بالعديد ممن كنا نظن أنهم أقوى  إنسانيا من أن تؤثر فيهم , إستولى المنصب على العديد بعد أن كنا نعتقد أنهم  أقوى جأشا  من الكرسي وإغراءه.أدرك الاخ عبدالله بن محمد بن شمسان  وأمثاله والحمد لله كثر في مجتمعنا الطيب , حقيقة السعادة , في الاتصال والسؤال , ليس إتصال المتكلف ولا سؤال العابر , لكن سؤال المحب  الملم تماما بتاريخ قطر وأهل قطر , لشعوره بالواجب,  عندما يجدك  تشعر بسطحية الكثيرين ممن عشت معهم وعرفتهم أكثر منه , حيث   يستوقفك سائلا ,مهتما, بينما يمر الاخرون الذين ذكرت  بخفة النسيان وبتجاوز  الزمان الذي قضيته معهم .القلب السليم ليس صفة مجرده , القلب السليم له حمولة  ثقيلة ترتفع  وتترفع فوق كل شىء ,لايقدر عليها سوى من كان ذو حظ عظيم  . نحضر المناسبات  والافراح والاعياد لكننا لانلتفت لأصحاب القلوب التي من ذهب , التي تبقى بعد المناسبة كما كانت قبلها وبعدالايام  كما كانت قبلها ,  عبدالله بن محمد بن شمسان قلب من ذهب يخفق في الرويس الحبيبه بكل الحب لأهل قطر جميعا , هناك بلا شك قلوب كثيرة كقلب عبدالله في جميع أرجاء بلادي , في الوكرة , في الخور, في الدوحه ,في الشمال , في الجنوب , قلوب من ذهب , لكن علينا أن نشعر بها  لاأن ننشغل ببريق الذهب وننسى خفقان القلب المحب  الذي هو أغلى من الذهب  في حد ذاته.

الاثنين، 27 يونيو 2016

يوميات فداوي "قديم"



لم اعد قريبا من الشيخ كما كنت في السابق , لم يعد يطلبني لمرافقته , لم يعد يشعر بي كما كان في السابق كلُ ماعلىَ ان أقبض  معاشي الشهري , لم اعد احصل منه على عطايا أخرى , لاحظت تغيرا في إهتمامه وسلوكه معي ومع بعض اقراني حينما  إنضم الى جوقتنا فداوي من نوع آخر  يفهم في البورصه , ويعرف في التجاره  ويقرأ التقارير والاحصائيات, هو احسن حالا ماديا منا , لكنه  يحمل نفس العقلية  التي ترى أن القرب من الشيخ قربُ من الدنيا وخيراتها, كل إمكانياتنا أنا وأقراني  هي  في الاستجابه لطلبات الشيخ  بصورة فجه , سياقة السيارة , توصيل الطلبات  والاولاد , قضاء حاجيات القصر, بينما الفداوي الجديد ينكب معه على أوراق ووصولات ورسومات , لاندرك كنهها , يطلبه حثيثا ودائما  ويقعده الى جانبه,  فداويتنا السابقه  تغيرت شروطها عندما كان الشيخ  يقضي كل أوقاته في القنص  والتخييم في الشتاء  وفي المجلس  ,أصبح الآن أكثر إنغماسا في مجال "البزنس" إلهي من قاده الى هذه الفكره التي ستقضي على مستقبلي ومستقبل أقراني  , هذا التغير لست أنا وأقراني مهيئون له بالدرجة التي  نحتفظ  معها ومكانتنا, سمعت حديثا مخيفا بأن الشيخ قد يستغني عن خدماتنا بتطوير  مجلسه  وإدارته بإيجاد طاقم فندقي  يلبس الزي الموحد   وإن الاصلح منا سيبقى سائقا لاغير  في أحسن الظروف , خاصة وأن الشيخ سيترك هواية القنص  نهائيا فهي لم تعد مجزيه  وسيركز على  اعماله التجارية أكثر. حاولت ان أتقرب من الفداوي"الجديد" واسأله عن كيف يمكنني التأقلم مع  الوضع الجديد؟ أجاب  :بانني لم أطور نفسي  بالشكل الذي طور معه الشيخ نفسه   هو إتجه من الترفيه الى العمل التجاري , وأنت لم تتطور معه لتمتلك  إمكانيات التعامل مع وضعه الجديد سواء دراسة أو خبره. لذلك هو اليوم لايحتاجك , أنا مثلا أمتلك خبرة تجارية ورثتها من آبائي,الذين عملوا في بدايات التجارة في قطر مع إنكم أحيانا تعايرونني  بأصلي    ومكان ولادتي ونشأتي ,  وقد تمكنتم كثيرا  من إقصائي  بعيدا عن طريق التعامل مع الشيخ و لكنكم لم تحسبوا يوما لتغير ذهنيته  وإهتمامه, مع مايجتاح العصر  من مادية , خاصة بأنه شعر بثقل مايملك من ثروه فإحتاج لمن  يحسن إدارتها أو يعاونه على  تحقيق ذلك , ثم أخذني جانبا وأسر  لي , هل تعلم ياأخي : أن الشيخ  الآن في حاجة لي أكثر من حاجتي إليه؟ إ لى  درجة  بت أشعر معها بأننا يمكن  نتبادل الأدوار في الخفاء دون أن يشعر احد؟نعم يا أخي لم يعد هناك إملاء مباشر عليَ, هناك تشاور وإصغاء  واستجابة لكثير ما أقول . أما أمامكم فأنا  أأحمل نفس الصفة التي تحملونها وأقوم بنفس الدور الذي تقومون به أمام المجتمع  لكن مع إعتبار  بانكم مهيئون للإستجابة  للنداء الفج منه , إذهب , أعمل , نفذ ..إلخ ,بينما انا اأصبح ندائي همسا  والاشارة لي  غمزا.نعم أنا كنت أمتلك المال ولكن كان ينقصني الجاه, بينما أنتم تمتلكون أسس الجاه  ولكن كان ينقصكم المال , فمستقبلنا  أنا وأنت  في اتجاهيين مختلفين أنا أبحث عن الجاه , وأنت تبحث عن المال , إذا لم تستطع تحقيق  ذلك  فستستبدلك الدائرة المحيطة بآخر غيرك , يدرك المتغيرات  التي تحدث في القطب  ويتفاعل معها إيجابيا.

بعد كل هذا اللي سمعته , عدت أدراجي , نادما على غبائي الذي كان يقودني دائما الى ربط المسمى بالمهنه  ولم ادرك  بان  مجتمعاتنا الخليجيه تحتفظ بالصفات المهنيه طويلا , فإذا لم تتطور بإتجاه المهنه ومتطلباتها العملية والعلميه المطلوبه, قتلتك الصفة واهالت عليك ترابها

الأحد، 26 يونيو 2016

فكرة المسلم "الأعلى"



عندما تشعر بأنك لست مسلما بالقدر الكافي, عندما تشعر دائما بذنب التقصير , عندما يحتويك الندم  المستمر بأنك لايمكن أن تكون  مثل أولئك الاوائل في الاسلام , وإن عليك دائما أن تكون أكثر إسلاما, صورة المسلم الأعلى  من جانب العبادات فقط , وليس من جانب المعاملات  الدنيويه, أو من منطلق البعد الانساني  الذي يأخذ بظروف الوقت ومتغيراته, هي حالة من الحزن الدائم  الذي  يرتبط لدى البعض ذهنيا بفكرة المسلم الأعلى ,وهي  لست صورة صحيه لاللإسلام ولا للمسلمين, الانسان كائن مادي  , توحشك على ماديتك بإستمرار لايحولك الى كائن نوراني , يعيش المسلم اليوم ضمن  نطاق دولة  وسط إقليم عالمي , مالم  ينتمي إليه إنسانيا  خاصة وأن الاسلام دين إنساني , لكن التركيز على فكرة المسلم الأعلى  تضع النشء في حيرة من أمره ومن مستقبله, شهد التاريخ امبراطوريات عظيمة  قامت على فكرة الانسان الاعلى  ولكنها إنتهت , لكن الاديان استمرت , المهم أن لاتنتج وحوشا جريا وراء فكرة  الانسان الأعلى هذه, المسلم المتواضع الذي يهدي البشرية الى خير السبيل , الذي أوصل الاسلام الى أرخبيل الفلبيين وجزر اندونيسيا , هذا المسلم  المتعامل مع ظروفه  وبيئته بشىء  من  تواضع الانسان  وعظمة الاسلام, هو من أنتج اليوم توافقا بين الاسلام والعصر في تلك الدول كماليزيا زاندونيسيا وغيرهما, المسلم ليس كائنا خارقا ,  حتى يعيش تبدل العصر  دون أن يندمج فيه اندماجا ايجابيا , يجعل منه في حالة طلب مستمر  لبناء ذاتا اسلاميه’ انسانيه , تعلو بحقيقة الاسلام السرمديه  وفي نفس الوقت تؤكد حقيقة الانسان  المرحلية ووظيفة المسلم في السعي  وراء الكمال  ليس انطلاقا من الحتمية  الالهيه ولكن انطلاقا من ثنائية الذنب والاستغفار البشريه.