الخميس، 31 أغسطس 2023

دكتوراه حتى دورة المياه

لابد من إعادة النظر في ارسال بعثات جديدة للحصول على شهادة الدكتوراة رسمياً على الاقل إلا في حالة الحاجة الاكاديمية الملحة , بدأ البحث عن شهادة الدكتوراة في مجتمعنا طموحاً بحثياً واكاديمياً لينتهي منذ مدة ليست بالقصيرة الى وضع سايكلوجي ليس له علاقة بالعلم بقدر علاقته بالمجتمع وتحسين وضع الشخص اجتماعياً وهذا ايضاً مشروع الى حد ماالا أنه لايجب ان يكون على حساب العلم, اين تبدو الاشكالية , مجتمعاتنا مجتمعات ألقاب وصور نمطية, فشهادة الدكتوراة تماماً كشهادة الميلاد , تظل ملاصقة لك في كل مكان وفي أي زمان حتى وان كان موضوعها دراسة سلوك النمل مثلاً, فتسمع جاء الدكتور , ذهب الدكتور, قام جلس , أكل ... ابتزاز سخيف لوعي المجتمع لاداع له, هناك نظام اعتقد انه في فرنسا يدعى de-schooling ينزع شهادة الدكتوراه لمن لم يقدم بحوثاً ذات قيمه في كل فترة من الزمن, والربع عندها جلهم ولا أقول كلهم خاصة الذين هم خارج إطار الجامعة لم يعرفوا طريق البحث العلمي منذ حصولهم على الشهادة , ويستثمرونها في مجتمع منهك الوعي امام الشهادات وبريقها, البلد محتاجة اولاً الى مهنيين وشهادات انتاجية في علوم تطبيقية كما أن هناك حاجة كذلك الى تعزيز مفهوم الممارسة والخبرة واحلالها مكان الشهادات الجامعية, عدد من يحمل الدكتوراة في قطر اكبر من الانتاجية المتوقعه منهم دليلاً على البعد الاجتماعي الصرف التي جاءت من أجله , في مجتمع قبلي يعني له الاسم الكثير والقبيلة المعنى الاكبر, أما عن مصادر هذة الشهادات فحدث ولاحرج, العروض تتوالى من كل ناحية, أحدهم غضب حين قدمته لاحد الاصدقاء مجرداً من لقب دكتور, سألت عن أحدهم ذات يوم مذكراً بأسمه فجاءني الرد تقصد الدكتور ,قلت له نعم , أجاب الدكتور في "الحمام", همست في داخلي , يا الهي ما اعظم هذا الانجاز الذي يلحق بصاحبه المتقاعد حتى داخل دورة المياه

الأربعاء، 30 أغسطس 2023

إنسان"المول"فرجة أم سلعة؟

قبل عدة سنوات لم يكن في الدوحة «مولات» سوى" السنتر" الذي أنشئ على ما يبدو في أواخر السبعينيات، وكان حدثاً كبيراً في مجتمع لم يعتد على كل هذا التجمع في مكان محدود إلى جوار تنظيم واضح للسلع وللمطاعم أو الكفتريات داخله. سمعت ساعتها عن زوار من المملكة العربية السعودية للتبضع فيه والتسوق في أرجائه، واستمر الحال على ذلك مدة طويلة حتى عهد قريب حينما انتشرت المولات وتكاثرت بشكل مشهود في أرجاء قطر. لا يهمني كيف أنشأت ولمن؟ .. وهل هي فعلاً امتداد لاقتصاد حقيقي أم لا؟ . ما يهمني أثرها الاجتماعي على المجتمع وهنا لي بعض الملاحظات لعلي أبديها.. المولات تندرج تحت ما يسمى باقتصاديات الحجم واقتصاد الحجم يحتمل التبضع والفرجة؛ بل إن الفرجة والتعود على مكانها نوع من التسويق السيكولوجي للفرد؛ فتنطبع الأشياء في ذاكرته ليعود فيشتريها في وقت ما. لذلك أصبح هناك ما يمكن ان اسميه بإنسان المول بحيث إذا ذكرت مولاً معيناً تبادر إلى ذهنك تواجده. لست أدري إذا كان لها أثر على قضاء الفرد في بيته نسبة أقل من الساعات؛ كما كان قبل وجودها، ولكن المؤشرات تدل على ذلك، فبالتالي لها تأثير غير مباشر على الأسرة. تبدو المولات مكان لرؤية مؤشرات اجتماعية مهمة في المجتمع منها الزي واللبس فيمكن مثلاً معرفة الموضة السائدة للعبايات النسائية من خلال التجوال في المول، كذلك ممكن من خلالها الإتيان بانطباع عن نسبة الأجانب وجنسياتهم في البلد. كما يمكن ملاحظة العديد من السلوكيات الجديدة وربما الغريبة على المجتمع من زيارة المول أو عدد من المولات، مثل البشاعة في المظهر بشكل لافت أو التطرف في استخدام الموضة، أو إيجابياً ممارسة رياضة المشي المكيف للعديد من الناس خاصة في الطقس الحار.ايضاً هناك ظهور الشللية الاجتماعية بصورة أكبر، فدائماً تجد مجموعة من الأصدقاء في مكان معين في وقت معين من الأسبوع، ولكنها عفوية وبلا - طبعاً- برامج، مقارنة بما عرف عن بعض المقاهي في بعض الدول من كونها أشبه بتجمع ثقافي فلسفي بين شيخ ومريديه. لكن ، تبقى الفرجة هي النشاط المشترك للجميع، بل يبدو وجود أو كثرة هذه المولات في بلد صغير كقطر ضغطا على الفرد وعلى الأسرة لأنه من السهولة بمكان التحول من نشاط الفرجة إلى التسوق اللامبرر أو الزائد عن الحاجة. اجهزةً الصراف الآلي المنتشره في انحاء المكان تدعوك للسحب بينما كان الشيك سابقاً له وقت محدد لصرفه ولحاجته، بمعنى أنها نمط استهلاكي مغر يصعب مقاومته. تحل المولات شيئاً فشيئاً محل ثقافة «الفريج» المندثرة فأهل كل منطقة عادة ما يأتون إلى الأقرب منها اليهم ولكن ليس بشروطهم كما الحال في «الفريج» وإنما بشروطها»المولات» فتحدث التغيير فيهم ولا يستطيعوا التغيير في نمطها أو أسلوب الخدمة فيها سواء كان تسوقاً أو تجولاً وحركة. و قد تشكل الكتل الموجودة داخل هذه المولات أنماطاً سلوكية لا علاقة لها بالمجتمع؛ تفرض مع الوقت وجودها وحضورها. كما يبدو إنسان المول غير نشط كإنسان الأسواق السابقة «الشبرات مثلا» الذي كان يأتي مباشرة ليشترى ويذهب أدراجه؛ فإنسان المول يمعن النظر ساعات في كل شىء حوله من بشر ومن حجر قبل أن يمد يده ليشتري الحاجة على كل حال : من ياتي الى المول لقضاء وقت للفرجة قد يصبح هو كذلك موضوعاً للفرجة ، فبين متسوق الحاجة ومتسوق الفرجة بون شاسع؛ فالأول جاءت به الحاجة أما الثاني فجاء به الفراغ والتقاعد المبكر وقصور المجتمع الثقافي