الاثنين، 23 مارس 2020

كورونيات:ثرثرة على الكورنيش


 

حسناً فعلت الدولة  بمنع التجمع   وحظر الازدحام في جميع الاماكن سواء في الحدائق او في الكورنيش او في أي مكان عام سواء اسواق أو مولات.
الناس يتحدثون اليوم  على نحو  ما تقوم به الخادمة الكسولة حينما  تنفض غبار المنزل  على  باقي حجرات المنزل وتنشر السجاجيد فوق الاشياء الثمينة  وتدفع بالنفايات الى زوايا الغرف لتخفيها  تحت السجاجيد, تسمع المواعظ الساخنة والصراخ العالي والنصائج الجافة  والتعليقات الغبية والذكية ,ستتعاظم هذة القدرة الفائقة اكثر واكثر على تناقل الاخبار وتصويرها وبثها  ونشرها , سيعيش الانسان وضعاً مأساوياً سببه مايسمعه وما يشاهده, سيدير الانسان الثرثار معركته بكل براعة  مهاجماً الصامتين  المتلقين , سيتوارى الانسان العاقل  كلما استمرت معركتنا مع الكورونا, لسبب بسيط أن العالم يتعرض لحرب من عدو مجهول  وطالما هو مجهول سيبقى موضوعاً للثرثرة واصحابها , مات كثير من الصامتين في أوبئة سابقة  عبر التاريخ  وبقيت احاديتهم الصغيرة تقبع الى جانبهم في زوايا مراقدهم, لم تسبق عدوى انتشار الكلام عدوى انتشار المرض نفسه بعد, كان المرض يفتك بالانسان ثم يأتي الحديث بعده بفترة قد تطول ليسمع العالم قصص هذا الفتك , لم يتخلق الانسان الثرثار بعد  وان كان موجوداً الا أن انتشاره كان محدوداً جداً الى من يستمعه مباشرة وليس كما يحدث اليوم  ,الانسان الثرثار هو النسخة الاخيرة من الانسان العاقل وهو بداية لعصر من الكورونيات  سيستمر طويلاً, كلما تأخر العلم  ازدادث ثرثرته  وكلما اجتمع الناس  في حيرة  وجد له طريقاً للإنقضاض كالزبد على ساحل الكورنيش  حين تتدافع الامواج لتصطدم بالاسمنت  مخلفة وراءها ثرثرة قلقة تحكى وراءها قصة نهاية غير متوقعة

كورونيات: القابلية للتصديق



مثقف كبير يحمل شهادة دكتوراه من جامعة امريكية عريقة وجدته مرتبكاً خائفاً  يبحث في دكايين الاغذية الشعبية , كيلو من المُرة , نصف كيلو حلبَة , قليل من المسمار, بالاضافة الى أن البصل قد نفذ من السوق ووعده البقال بتوفيره في وقت لاحق , الثوم أيضاً في طريقه للنفاذ .كل هذة العناصر الغذائية مفيدة للجسم بلاشك, ومتوفرة بشكل لايشعر معه الانسان بأهميتها طبيعي لكن الخوف  وقابلية

 الانسان الهشة للتصديق في أوقات الفزع والخوف على الحياة يجعل منها ملاذاً أخيراً  في حالة الخوف والجزع  يتساوى البشر لأنهم         

ينطلقون من  بؤرة الغريزة لا من  حدود العقل, بل أكثر من ذلك وجدت شخصاً يضع السشوار الحار في أنفه لقتل فيروس الكورونا  إمتثالاً لنصحية شاهدها في اليوتيوب وآخر يقول أنه يحط رجله في مطهر ويلبس قفازات اثناء النوم, والبعض يشتكي من حساسية جامحة في يديه جراء الاستخدام المفرط  في استخدام المطهرات التجارية التي تملأ الاسواق.

ليس لأن النصيحة الطبية  والعلمية غير متوفرة  بل بالعكس  الاخوة في وزارة الصحة ومؤسسة حمد  استخدموا جميع الوسائل الممكنه من اعلام تلفزيوني وورقي  وسوشيال ميديا  لارشاد الناس لما يجب عمله  والرعاية الصحية الآمنه في مثل هذة الظروف , لكن هناك جزء في الانسان  مفتوحاً للتأويلات , الانسان كائن قلق على المستقبل  وخائف منه حتى على الرغم من إيمانه  واعتقاده بأن الامور كلها بيد الله وفي مجال قدرته , انفتاحه على المستقبل يجعل من حياته ذات مغزى , خوفه من الموت  يجعله يبحث عن أجوبه تفتح له طريقاً للفرار منه , حينما يتوقف العلم أو يتلكأ قليلاً يبحث عن بديل عند عراف او قارىء كف مهما كانت درجته العلمية ومكانته  قيل عن الرئيس ميتران أنه كان يتردد على عراف  وهناك العديد من الشخصيات العلمية والثقافية  يفعل  من قبيل ذلك.

بعضهم قال ان فيروس كورونا هو المهدي المنتظر  والبعض الآخر إدعى أن الشعب الذي سينجو من كورونا هو شعب الله المختار.

ما أصغر كورونا وأعظمه في نفس الوقت   

الأحد، 22 مارس 2020

كورونيات: أوهام تتحطم



جاءت "القيامة"على شكل فيروس صغير لايُرى بالعين المجردة, العالم اليوم يسير نحو المجهول  لاأحد يستطيع التنبؤ بشكل حاسم الى أين ستصل الأمور, كل ما يمكن أن يقال إجلس في بيتك لكي لايصيبك هذا الفيروس الخطير,حطم كورونا مع إجتياحه العالم كثير من الاوهام الكبرى  والاوهام الصغرى

من الاوهام الكبرى التي  حطمها هذا الفيروس الصغير هناك وهم السيطرة على الطبيعة ووهم صلابة العلم او النموذج العلمي الغير قابل للتكذيب وغير ذلك لكن ما يهمنا هنا هو مجتمعنا الصغير وأوهامه الصغرى الاجتماعية الطابع في معظمها التي حطمها هذا الفيروس الغير مرئي بالعين المجردة ويأتي في مقدمتها

الوهم  الاول:الطبقة الاجتماعية فالجميع أمامه طبقة واحدة منكشفون عليه بنفس الدرجة وحيث أنه لاعلاج محدد له اليوم فالجميع أمامه متساوون .

الوهَم الثاني:الواسطة , حيث يستطيع المقتدر أن يسافر للعلاج وغير المقتدر يبقى للعلاج في الداخل , كورونا جعل الخارج والداخل سواء بسواء بل أصبح الداخل هو ملاذ المواطن الاول والاخير.

الوهَم الثالث :ثقافة الريع ورموزها, المقاتلون اليوم الذين هم في الصفوف الاولى هؤلاء نتاج إقتصاد الانتاج , الاطباء, أخصائي المختبر , الممرضين والممرضات , أساتذة الرياضيات والتخطيط الاستراتيجي  إداريي الازمات,هؤلاء يعملون بصمت في الايام العادية ولكنهم في الازمات هم عماد المجتمع , على المجتمع أن يعيد نظرتة الى الامور بعد طغيان ثقافة الريع وابطالها من أيقونات وأبواق.

الوهًم الرابع: أن كل شيخ دين  يُستمع إليه, هناك مشايخ غرروا بالناس واصدروا أحكاماً زرعت كثيراً من الشكوك في نفوس كثيراً من النشء فمن من قال أنه عقوبة للملحدين وللشيوعين لأنهم عذبوا المسلمين  ومن هم من قال أنه عقوبة للمسلمين ليرجعوا الى دينهم وبعد أن أصبحت خريطة العالم كلها كورونا حمراء  انقلبوا الى ضحالتهم فكهين, وهناك من كان متزناً في طرحه وفي تطمينه للمجتمع وتبديد مخاوفة.

الوهم الخامس:وهم النقاء العرقي , يضرب هذا الفيروس جميع الاعراق والاصول ,بعض الامراض تجدها في متأصله في عرق دون آخر حسب احصائيات الصحة العالمية بل أن لكل عرق عدد من الامراض خاصة به  بشكل مركز أكثر من غيره , كورونا يخترق جميع الاعراق والالوان والاحجام إلا أنه  رفيق بالصغار الى حد ما كما تقول التقارير  وهي أسبقية وجودية لإعمار الارض  أما بالنسبة للكبار أصحاب الامراض  الوراثية  المناعية فهو متتاليه عددية لإخراجهم من  المسرح .

دعاء أن يُنجي الله البشرية كلها من هذا الوباء بعد أن يطهرها من أوهامها  في قدرة الانسان على إمتلاك السيطرة على الطبيعة  وقدرة العلم على السيطرة على المستقبل , ليعيش الانسان دائماً في ترقب  إنطلاقاً من إيمانه بضعفه وهشاشة وجوده.