السبت، 5 مارس 2016

حول الخطاب الاخلاقي للدوله



هل الدولة قادرة على تشكيل أخلاق الناس؟ هل من وظيفة الدوله تربية الناس على الفضيلة؟ هل تستطيع الدولة أن تكون حيادية بحيث لاتضرب مثالا وتأتي بما يخالفه؟ عندما عاد الامام محمد عبده من الغرب قال كلاما بما معناه وجدت اسلاما ولم أجد مسلمين؟ مما يدل على أن الاسلام ظروف وبيئة , وما أكثر المسلمون في ديارهم ولكن بلا إسلام بمعنى أخلاقيات الاسلام كدين وكمعاملةو الدولة في عالمنا العربي إسلامية , لكن الصبغة الاخلاقية لها سياسية الطابع بالضرورة لأن الاشكال السياسي لايزال قائما في استلام السلطه وفي توريثها وفي الانتقال السلمي بها من جيل الى آخر , هذا الأمر جعل من خطاب الدولة العربيه الاخلاقي خطاب ذرائعي, وصف الرئيس السادات نفسه ب"كبير العيله" واخلاقيات القريه لكي يستمر نظامة ولتبرير هذا الاستمرار اخلاقيا, واي اعتراض عليه هو اعتراض غير اخلاقي , أتاتورك كذلك وصف بأنه أب الاتراك لنفس الغرض,يتوسع وينتشر مثل هذا الخطاب الاخلاقي للدوله بهدف الاسترزاق السياسي , الى درجة أن هناك في بعض الدول العربية أنشأت لجان "للضمير الاخلاقي" ولجان لرجال الدعوه يجوبون الاسواق يبحثون عن السافرات ويتجاوزون في ذلك كل معنى للأخلاق العامة ولكرامة الانسان, وغير ذلك , تدخل الدولة في الحيز الخاص وعدم التمييز بين المجال العام والحيز الخاص للإنسان الهدف منه ‘إحكام السيطره على المجتمع بإسم الحفاظ على أخلاقه, لاحارس للإخلاق سوى ضمير الانسان, تركن الدولة العربيه كثير على أزمة الأخلاق لتتخلص من أزمتها السياسية المتمثله في تجاوزها أخلاقيا على سنن الله الكونية في تجميدها لسنة التغيير والابدال والتداول , وبعث الاخلاق في غير مكانها وزمانها لتكون شاهد زور.

الخطاب الديني في المجتمع القطري








في إعتقادي مرَ الخطاب الديني في المجتمع القطري بثلاثة مراحل
المرحلة الأولي : خطاب المجتمع هو خطاب الدولة, خطاب فطري فردي متسامح , يتعامل مع ثنائية الدين والدنيا بإتزان , المسجد والمدرسة في تناغم مشترك ما يتعلمه في المدرسة يسمعه في المسجد , كان يرى في الخطاب القومي السائد في ذلك الوقت عضيدا له وليس في تضاد معه, حتى أن معظم مشايخ قطر في تلك الفترة كانوا مع الخطاب القومي الناصري,.
المرحلة الثانية: الخطاب الديني المتأثر ب"الصحوة الاسلاميه"وذلك مع بروز مايسمى بالصحوة الاسلامية أو الصحوة الجهادية, أخذ الخطاب الديني بعدا جديدا متجاوزا موقف الدولة السياسي الثابت, وغلب على طابعة الدعوة للجهاد ضد الغزو الالحادي السوفيتي لأفغانستان وشهدناسقوط أول شهيد قطري يقع في ارض المعركة هناك وأحتفى به الخطاب الديني في ذلك الوقت أيما إحتفاء, ورواد هذا الخطاب جميعا من مشايخ الدين العرب الذين احتضنتهم الدولة, وساد تبعا لذلك نمط من التدين الشعبي لدى العامة إتسم بظاهرة الخروج والاعتكاف في المساجد والدعوة للجهاد , والعزوف عن الدنيا وإحتقارها, غلب على هذا الطابع من الخطاب جانب القداسه في ظل مجتمع دنيوي مدنس
المرحلة الثالثة:الخطاب الديني السياسي:البروز الرسمي لهيئاتة ومراكزه ورموزه, فيما تراجعت مساهمة المجتمع القطري المحلية فيه وتعاظم دوره بالتالي إعلاميا كإمتداد لنتائج التي تمخض عنها الربيع العربي , في حين أن قناة الجزيرة إبان ثورة 25 يناير كانت تبث الاغاني الحماسية لفترة القوميه العربيه بشكل دائم تشجيعا للثورة على الوضع السائد والتي عاش عليها المجتمع القطري تلك الايام دون الشعور بأي تضارب أوتبدل في صورة أو طبيعة خطابه الديني.
ما أود الاشارة إليه هو أن لم يعد من الممكن الخروج من تضارب الخطاب الديني في أي مجتمع طالما أنه خطاب لاينبع من طبيعة المجتمع وقناعاته , الخطاب الديني المستورد, لايمكن أن يكون فاعلا في مجتمعات ليس لديها خلاف ولانزاع سياسي يجعل من الدين أداة أو وسيله للإنغماس في السياسه , تفقد الدول اليوم السيطره على المجال العام بفضل تقدم التكنولوجيا ووسائل الاتصال , مصادر التدين اليوم متعدده لم تعد فقط محصورة في المسجد ودور العبادة والخطاب الديني الرسمي, إعتماد دولنا على خطاب ديني فردي ضمن مؤسسات مدنية وتعليمية تملك رؤية واضحة لهوية المجتمع المفطوره على التدين بعيدا عن التقديس أو التسييس هو الحل الأمثل لصيانة فطرة المجتمع وهويته وتدينه

عسكرة الوزارة أم تطوير الإداره؟

للمؤسسه العسكريه في عالمنا العربي دور كبير منذ حركات التحرر والاستقلال من قبضة الاستعمار خلال القرن المنصرم, ليس في الدفاع عن الاوطان ولا بمواجهة العدو الصهيوني , ولكن حتى في الادارة المدنيه , فبكونها أكثر المؤسسات إكتمالا في مجتمعاتنا فهي كانت ولازالت رافدا هاما في تشكيل الوزارات وإستلام الحقائب الوزارية المدنيه كذلك, من اشهر الوزراء ذوي المرجعيه العسكريه في تاريخ السياسة العربيه السيد محمود رياض وزير خارجية مصر خلال حقبتي عبدالناصر والسادات قبل تسلمة أمانة الجامعة العربيه ثم استقالته منها بعد توقيع السادات لمعاهدة كامب ديفيد وانشقاق الموقف العربي, كذلك كمال حسن علي رئيس وزراء مصر ووزير خارجيتها إبان أيام السادات, الرئيس بوتفليقه كان وزيرا تاريخيا للجمهورية الجزائريه وهو من خلفية عسكرية, هناك ايضا الفريق على الشاعر استلم حقيبة الاعلام على ما أعتقد أيام الملك فهد رحمة الله , اليوم يتربع على أمانة مجلس التعاون الخليجي السيد عبداللطيف الزياني وهو عسكري محترف , ولا ننسى ان التشكيل الوزاري في دولتنا الحبيبه يضم عناصر ذات خلفية عسكريه ,فوزير البلديه والبيئه السيد محمد عبدالله الرميحي عسكري سابق , السيد خالد بن محمد العطيةوزير الدفاع , هو وزير الخارجية السابق , وسمعت أن وزير التنمية الاداريه والعمل السيد عيسى بن سعد النعيمي كذلك ذو خلفية عسكريه, وكان قبلهم الاخ علي بن سعيد الخيارين وزيرا للصحة وبعد ذلك للبلدية.ما يظهر للعيان أن العسكر لديهم قدرة أكبر على الضبط والتنظيم , في الدول المتقدمة عندما يستلم العسكري وظيفة مدنية يعمل على تطويرها مدنيا كذلك , لا مجرد ضبطها عسكريافقط , وذلك يرجع لوجود المؤسسه المدنيه الى جانب المؤسسة العسكريه هناك وبنفس الكفاءه والفاعليه, بينما الأمر مختلف لدينا فهناك مؤسسه عسكرية قائمة ولاتوجد مؤسسة مدنية مقابلة لها بنفس الكفاءه , هذا الجانب مهم , أنا أعتقد أن علينا تطوير مؤسساتنا المدنية بنفس الاهتمام بالمؤسسة العسكرية , الفراغات الادارية الموجوده في البناء الاداري للوزارات , تجعل من العسكري أكثر مناسبة من غيرة لتحقيق الضبط, بينما الإنتاجية تتطلب ملء هذه الفراغات بكوادر إدارية مؤهلة لكي تتحقق.

الثلاثاء، 1 مارس 2016

المشترك الذي بيننا



مجتمع لايسأل نفسه ماهو المشترك بين أفراده الذي يجعل منهم مجتمعا , يكون عرضة للتجاذب وللصراع.ماهو المشترك بيني وبين المواطن الآخر؟ ماهو المشترك بين حريتي كمواطن وحرية بقية أفراد المجتمع؟ ماهو المشترك بين أفراد المجتمع والآرض التي يعيشون عليها؟ ماهو المشترك بين المجتمع ونظام الحكم السائد فيه؟ ماهو المشترك بين المجتمع وبيئته التي يعيش في أحضانها ويتمتع بخيراتها؟ ما نلاحظه من احتلال للساحات العامة والاعتصامات هنا وهناك ليس سوى دليلا على إختلال مفهوم "المشترك" لدى أفراد المجتمع ,النقاش حول المشتركات ضروري وحيوي وعلى قدر كبير من الأهمية لإستقرار المجتمع, مجتمعاتنا في الخليج بحاجة ماسة اليوم بالذات لإعادة فهم المشتركات بينها وبين شعوبها , لأنها تتعرض بالفعل لهجمة قاسيه من ثقوب غياب مفهوم "المشترك", أقترح على المؤسسات الشبابيه والثقافيه في المجتمع إحياء فكرة "المشترك"أو اللاصق الاجتماعي الهام لأي مجتمع ,من خلال نشاطاتها وندواتها ,والمنتظر إحياء رميم الطبقة الوسطى المتآكل والذي يؤثر سلبا على المجتمع ولاتظهر آثار ذلك إلا بعد حين, المشترك ببساطة هو اشكال الثروة بمفهومها الواسع التي يتقاسمها أفراد المجتمع ولاأعني بالثروة هنا الجانب المادي وإنما رأس المال الاجتماعي كذلك وهو على قدر كبير من الأهمية , الثقافة السائدة اليوم في مجتمعنا هي ثقافة "مايميزني عن بقية أفراد المجتمع" والبحث على هذا الأساس يجعل من المجتمع في حالة من اللهاث والتزوير والاختلاق , ويضع فاصلا وحاجزا بين المجتمع والنظام الذي هو من صلب المجتمع وجزء هام وضروري من أجزاء المشترك العام.قطر في وضعها الجديد تحتاج الى البحث عن المشتركات لا عن التمايزات , المشترك بين ابناء المجتمع القطري الذي أخذ في التحلل والاندثار بعدعملية رسملة المجتمع السريعة التي يتعرض لها المجتمع والتي تؤدي الى ابراز ثقافة التمايز على ثقافة المشترك , حتى لايبحث كل منا عن مصيرة بإنفراد كما يحصل في مجتمعات أخرى فيصبح ضحية للاستقطابات السياسية منها أو الطائفية أو الدينية , نحمد الله أن مجتمعنا القطري خاليا إلى حد ما منها حتى اليوم , لكن غياب مفهوم المشترك قد يجعل منه مسرحا لها في المستقبل المنظور.

الاثنين، 29 فبراير 2016

"الأيقونه الإجتماعيه"



بدلا من أن ينتج المجتمع نشطاء إجتماعيين في جميع المجالات, عاملين على تطوير المجتمع وزيادة حراكه الاجتماعي, ينتج المجتمع أيقونات إجتماعيه, والأيقونه أساسا رمز لاهوتي يختزل المعنى التاريخي الديني للأجيال ويؤبده في ذاكرتهم , مجتمعاتنا العربيه والاسلاميه ممتلئه بظاهرة الأيقونات الدينيه ,وبإختراعنا للأيقونه الإجتماعيه نعمل على إعاقة المجتمع السياسي والمدني من الظهور كذلك, فالجديد في الأمر أننا أصبحنا ننتج أيقونات إجتماعيه بسبب النمو الرأسمالي اللا متوازن , والأيقونه الإجتماعيه مرحلة تأتي بعد مرحلة المنصب أو بالأحرى التشبع من المنصب الهام حتى الثماله , لينطلق بعدها صاحب المنصب الى مرحلة "الأيقنه" أو التحول الى أيقونه إجتماعيه يُتبارك بها في المناسبات والأفراح , خطورة الأيقونه الإجتماعيه تتمثل في أنها لم تكن ثمرة عملية إنتاجيه بقدر ماهي ثمرة لإنزياح الريع وتكدسه , الأيقونه الاجتماعيه نراها في المجتمعات الإنتاجيه أكثر إنتاجا ونشاطا من بقية أفراد المجتمع , في حين نراها في مجتمعات الريع , تبتسم للكاميرات وتستجيب للتصوير في المناسبات أكثر من مشاركاتها الإجتماعيه الخيريه , تختار الأنظمة أيقوناتها لتلميع صورتها أمام بقية المجتمع , فبعد أعلى المناصب في مجتمعاتنا تأتي, مرحلة الأيقونه الاجتماعيه المنتجه نظاميا. بودي لو ننتبه الى نقطة جوهريه وهي أن الوجاهه الاجتماعيه في السابق لم تكن مرتبطه بالثروة الماديه للشخص قدر إرتباطها بالمكانة الإجتماعيه له , مانراه اليوم العكس تماما , فاصبحت الثروه هي العامل الوحيد المحدد للوجاهه الاجتماعيه إلا في أضيق الحدود , وبإختلاقنا لظاهرة الأيقونة الإجتماعيه لمرحلة مابعد المنصب نكون قد طمسنا تماما مفهوم المكانة الاجتماعيه السائد في السابق , خطورة ذلك في تزييف المجتمع وبالتالي تزييف تاريخه فيما بعد , لذلك نلاحظ دائما ترتيبا جديدا فيما يسمى بلائحة "الأعيان" حسب ظهور إيقونه وإختفى أخرى , وننسى أن فكرة أعيان المجتمع تقوم على التسلسل التاريخي , وليس على الاختيار القائم على فكرة "الأيقونه الإجتماعيه" التي نصنعها بأيدنا ثم نطلقها في المجتمع ليتمحور حول هالتها واشعاعها البراق.

مدرسون في الذاكره


أبرز المدرسين الذين لايزالون عالقين في ذاكرتي الدراسيه في مراحل التعليم التي مر بها جيلي إبتداء بمدرسة الريان القديم الابتدائيه مرورا بمدرسة قطر الاعداديه وانتهاء بالدوحة الثانويه ثم الاستقلال الثانويه, في مدرسة الريان القديم الابتدائيه,كان الاستاذ برهان رفيق محمود أطال الله في عمره يمثل اسما مشتركا لجميع طلبة المدرسه وعصاه الخيزران التي كان يسميها "ست الكل" تشكل مصدر خوف ورعب لكل من لم يقم بأداءواجبه الوظيفي المدرسي في البيت , كذلك الاستاذ محمد بديع قاسم رحمه الله الانيق اللطيف ,والاستاذ زهير صاحب البنطال الذي لايستقر على حال لكبر بطنه, وأذكر أستاذ أسمه "عليان" والاستاذ دسوقي مدرس الشرعيه الذي كان ينطق الثاء"سين" كعادته الاخوه المصريين وأوصله ذلك للمشاده الكلاميه مع أحد "شيبان" قطر في أحد المساجد التي كان يحدث فيها بعد العصر كما جرت العادة في ذلك الزمان الجميل حينما قرأ سورة "الكوثر" الكوسر, وكذلك مدير المدرسة محمد ابوحزيمه والاستاذ علي حسن الدرهم أول استاذ قطري في تلك المدرسه ,رحمهم الله. في قطر الاعداديه , كان هناك الاستاذ وجيه مصطفى كابتن النادي الاهلي وأحد نجوم فريق المعارف استاذا للعلوم , وسالم الهمص وطه العطار المصارع السابق ضخم الجثه الذي لايقوى أحد من الطلبة المشاكسة معه مدرس اللغه العربيه , وغازي الخطيب مدرس الرياضيات النشط , وقاسم حميد الملقب ب"الخثاق" لتطاير بعض الرذاذ من فمه حين يتكلم بسرعه مدرس اللغه الانجليزيه المجيد والرائع حقيقة , ايضا كان هناك مصطفى حسنون مدرس الشرعيه السوداني المصري أما في المرحلةالثانوية في الدوحه الثانويه فلا زلت أذكر الاستاذ اسماعيل سرور "الازهري" النحيل الجسم السريع الغضب , كذلك فايد عاشور مدرس الاجتماعيات الساخر الذي اصبح دكتورا في لتاريخ فيما بعد , وكذلك عبدالرحمن القاسم مدرس التاريخ وأحمد المغني وعاصم جلال مدرسي التربيه الرياضيه, والاستاذ طالب بلان إلتحق بالمدرسة مدرسا للتاريخ على ما أعتقد, ثم في الاستقلال , الدكتور محمد الدويك مدرس اللغه العربيه وسعيد ابوزيد مدرس الفلسفه ذو الاعصاب الهادئه جدا ومسعود الحسن شقيق خالد الحسن في منظمة التحرير الفلسطينيه الذي أصبح ملحقا ثقافيا لقط في أمريكا ثم أٌقصي بفعل اللوبي الصهيوني كما كان يقال في حينه. وكما ل غزاوي الذين كان يأتي بنا بعد العصر للمراجعة قبل الامتحان كما أشرت سابقا , إختلفت نظرتنا بالنسبة للمدرسه بإختلاف البيئه الدراسيه وبحكم السن , إلا ان موقف وزارة التربيه والتعليم في زمن الشيخ جاسم بن حمد رحمه الله كانت تعطي أولوية كبرى لوضع المدرس وإحترامه ولايسمح بالتعدي عليه , لذلك كان تمرد الطالب تحت السيطره بحيث لايسىء إلى مكانة المدرس , لم تكن هناك فروق , التعليم الحكومي موحد والنتائج في المحصلة النهائيه عربية وطنية اسلاميه , منهج متكامل لجيل كان يشعر بالفخر بأمته وبدينه وبوطنه. رحم الله من توفى منهم وأطال عمر من لايزال حيا يرزق هؤلاء وغيرهم لهم فضل كبير على الاجيال , فليس اقل من ان يُذكروا بخير على ما قدموا لشباب الامس رجال اليوم الذين شهدوا على وفاؤهم وإخلاصهم في بلد الخير والعطاء قطر الحبيبه.

الأحد، 28 فبراير 2016

توطين أهل قطر



أصبح من الواضح بحيث لايدع مجالا للشك أننا بحاجه الى سياسة توطين جديده ذات ابعاد أمنيه لأهل قطر تأخذ في الاعتبار المتغيرات السائده اليوم والآخذه في التوسع بشكل تأتي على البنيان المورفولوجي للمجتمع القطري,أهل قطر قبائل كانوا أم عوائل تنقلوا بين سكن البر وسكن المدينة أو الضاحيه , وتهادي كثيرا منهم الى المدينه بعد قيام الدوله وتقديمها للخدمات الاجتماعيه والصحيه والتعليميه وتركوا قراهم ومساكنهم, فمنها ما درَس ولم تبقى منه سوى الاطلال ومنها ما لايزال قائما , وهناك جزء آخر من أهل قطر ممن كان ينزل البر وريضانه فترات طويله ويقيم فيها طيلة ايام الشتاء , ولكنه استقر في الضواحي كالريان والغرافه وغيرهما وهذه المناطق كانت في السابق قرى قريبة بمايسمى اليوم ب"الهجر", الدولة اليوم تمر بعملية تغيير كبيره في التركيبه السكانيه , اليوم الدوله في حاجة ماسة لمساعدة ابناءها في عملية البناء والتعمير , اليوم الدوله ومن ناحية أمنيه تحتاج الى تموضع لأهل قطر وتوسع في جميع أرجائها , عوائل أهل قطر المعروفه بمنازلها في البر يمكن الاستدلال عليها من قبل المختصين والثقاة ومن كبار السن ,حتى وان لم يعد هناك شواهد ومعالم باقية حتى اليوم , فمن كان قريبا من الشيوخ في ذلك الوقت من عوائل أهل قطر كان ينزل البر ويقيم فيه معهم وحواليهم, فليس هناك حاجة لمَعلم أو نيشان ,ولم يصل بهم الوعي إلى ما قد حصل وإلا لكانوا وضعوا من النياشين والعلامات الدالة على أماكنهم تلك من لايمحوها الزمن ولا مرور العصر,لكن ذاكرة المجتمع والرجال خير مَعلم وخير شاهد,أنا اعتقد أننا اليوم في أشد الحاجه لإيجاد عملية توطين ثانيه لأهل قطر من خلال تمكينهم لخدمة وطنهم من مواقع عاش فيه آباءهم واجدادهم وليرتبط ذلك بإنماءها و تعميرها , وزراعتها منعا لتسرب الجهود والاموال الى الخارج, حسنا تعمل الدولة حينما أعطت لبعض العوائل القطريه"هجر" هنا وهناك بشرط اثبات تواجدهم القديم ,فيها ولكن هناك من لايستطيع أن يثبت ذلك ماديا اليوم, كما ذكرت حيث كان يستوطن الضواحي التي كانت في السابق قرى نائيه لاأكثر , اليوم أصبحت مدن ذات كثافة سكانيه ونزعت الملكيات من أهاليها لضرورات التوسع, فمن العدالة بمكان أن يكون له تعويض يقاس برغبته حين سكن القرية أو ضاحية وكان بإمكانه ان يسكن المدينة في ذلك الوقت," لم يكن الريان القديم وغرافة الريان سوى "هجرة" لكثرة مزارعهما , فعدد المزارع فاق فيهما عدد البيوت".النظرة هنا من المفترض أن تكون شمولية لعوائل أهل قطر فقد عاشوا على التماثل وحققوا التكامل والانتماء واليوم يواجهون تحديا سكانيا كبيرا , من العقل والأمانة بمكان أن نعيد التاريخ حين نريد إعادته بشروطه وخصوصيته التي كان عليها , لا أن نضفي عليه أبعاد الحاضر ورغباته .,ُأذكر ثانية أن مثل هذا المشروع يصب في خانة الأمن والتنميه حيث يساعد على انتشار العنصر القطري القليل وتوزيعه بشكل يشكل حزاما وإمتدادا طبيعيا تاريخيا ويحفظ للوطن إنتشاره الطبيعي الذي كان سائدا في السابق .إذا لم ننتبه اليوم , فأننا سنجد مساحات كبيره من الوطن مستقبلا لايوجد بها قطري واحد, أفضل حل أراه هو في تمكين الأقليه المواطنه وتوزيعها بشكل يحفظ للمجتمع هويته من أي جهة أتيته أو باغته,ولاأعنى هنا بتوزيعها إنتشالها , ولكن توطينها ثانية من خلال إيجاد متنفس لها خارج المدن , وهي سياسة ليست بجديده بل متبعه في كثير من البلدان القريبة منا من دول مجلس التعاون.أما سياسة "العزب" الجماعيه فهي ليست حلا ناجعا وإن أصبحت عزيزة المنال إلا لذي حظوة ومنصب.