الثلاثاء، 22 مارس 2016

الدكتور حسن النعمة"العرفان" في الخارجيه القطريه

في منتصف الستينيات من القرن المنصرم  وبعد  نكسة 67  بالذات , تخرجت من الابتدائيه , وكان لنا موعد مع الاحتفال بهذا التخرج  تشهده الدولة حينذاك , إشارة  لإهتمامها  بالعلم , وكان مبنى قسم التغذية  على ما اعتقد  هو المكان  لانعقاد  هذا الاحتفال الذي سيحضره  رائد التعليم ووزير المعارف حينئذ الشيخ جاسم بن حمد ال ثاني غفر الله  له, أي تكريم اعظم من هذا , طلبة الشهادة الابتدائيه يكرمون رسميا , كانت سعادتنا غامره , إنتقلنا من الريان ب"باص"  يحمل إشارة "وزارة المعارف " , وأصطففنا طوابير من جميع  مدارس قط الابتدائيه لينتظم الحفل وتبدأ المراسم, تقدم شاب  وسيم  الى المايكرفون بعد  الافتتاح بالقرآن الكريم ليلقي قصيدة عصماء, لاتزال بعض أبياتها في ذاكرتي , لغة عربية  تعيدك الى عصر العرب والعروبة ,  تبعث في النفس الإباء والتاريخ , لم اكن اعرف من هو؟ , كنت صغيرا لم أتجاوز الحاديه أو الثانية عشر ,لكن كلماته رسخت في ذاكرتي سنين طوال  حتى اليوم ,وكأنه يختصر العصر  وينسج من  لحظاته  رؤيا عروبيه, تؤمن بالأمة وقدراتها  , إكتشفت بعد حين  أن هذا الشاب  هو الدكتور حسن  النعمه , سفير دولة قطر لاحقا  في عدة دول والشاعر المجيد خريج  جامعة أكسفورد العريقه , حاولت أن اصل على أبعد من ذلك فسالت من عَمل معه  دبلوماسيا , فزادني ذلك إيمانا بشفافيته , وروعة نظرته الى الحياه ,الدكتور حسن كما حدثني كثيرُ ممن عمل معه مَعني بالثقافة اكثر من أي شى آخر وبالتاريخ ليس كإيديولوجيا وإنما  كوجود , تجد في بيته  الحياة بصنوفها والرسوم على تشكيلاتها , يعشق الحياة ,   يتعامل مع الدبلوماسيين الذين عملوا معه تعاملا ثقافيا, أكثر منه سياسيا, كما إستنتجت ذلك من بعض من عمل معه ,   يشكل في إعتقادي ظاهرة جديده في مجتمعنا العربي  وهي ظاهرة " العرفان" , أي الوصول الى الحقائق  عن طريق الذوق  والحدس , لم يستخدم من أدوات الضبط العقلية  أي أداة .يؤمن بالذوق وبالحدس طريقا للوصول الى الحقيقه , هو دبلوماسي بالفطره الانسانيه  وهذا ما كنت أقصده , الدكتور حسن النعمة في إعتقادي , ظاهرة  يجب ان تُعزز  في مجالنا الثقافي  , لانها مفتاح التعايش  وأداة التفاعل و مجتمعنا المهرول الى المادية بخطى حثيثة سيفتقد  خيال  الدكتورحسن النعمة , وسيربط الأمور جميعها  بتصورات خارجة عن العقل وعن  الحدس , وسيقفز فوق التاريخ لينسج  من المادة بديلا . الوقوف بين خيار العقل وخيار الذوق  وقوف زائف ,  , خيار العقل  الفردي  لايجب أن يتجاوز      خيار الذوق الإنساني   الأوسع مجالا , وهو     خيار الطبيعة    التي ترى في الانسان  هدفا أخيرا لايمكن تجاوزه أو تغييبه, فالبعد العرفاني الذي يمثله الدكتور حسن النعمة في اعتقادي , انه خيار المجتمع القطري الذي عُرف بفطرته, لم اسمع عنه قط  ولم ينقل لي كلمة جارحة أو  هجوما شرسا  صادرا منه  أو موجها لأحد دليلا على أهمية "العرفان " وهوترك الانسان مباشرة  لقوى الاتصال  الروحاني  التي  تعانق روحه دون وساطة, لذلك كانت فترة  دبلوماسيته في الخارجية القطرية , هي فترة "العرفان" التي سمت بالذوق وبالوجدان, كما ذكر لي من عمل معه و لايهتم بالتفاصيل قدر إهتمامه بالكل و لاينظر للصورة قدر نظره  للمعنى, هناك من الدبلوماسيين  من يتتبع خطوات  الموظف  حتى يصل بها الى دورة المياه ليثبت كفاءته , أنا هنا لست محاميا او مدافعا عن الدكتور حسن لكنني كمراقب  معني  بالصورة امام المجتمع ,اعتقد ان الدكتور حس النعمه صورة عرفانية  فريده في المجتمع القطري ,  تتفاعل معه عن طريق التجاوز وليس عن طريق الانغماس ,أود لو ينتبه الشباب  لذلك   ,  فترة الدكتور حسن  الدبلوماسيه  إعتلى فيها الادب  فوق  الاداره  والذوق فوق  المحاسبة,  والتاريخ فوق المناسبة الضيقة
أسأل الله أن يطيل في عمره  .

الأحد، 20 مارس 2016

برنامج "فصاحة" إنطباعات حول الصورة والمعنى

شاهدت الحلقة الأولى من برنامج "فصاحة" عن طريق اليوتيوب, وأود هنا أن أسجل  إعجابي بالفكرة , واتوجه من خلالها بالشكر للقائمين على مؤسسة الاعلام  وعلى رأسهم الشيخ عبدالرحمن بن حمد بن جاسم  الرئيس التنفيذي للمؤسسة, محب الشعر والأدب والفصاحة , ولي هنا بعض الملاحظات اود لو اسجلها من باب إثراء  فكرة البرنامج:
أولا: فكرة "الفصاحة" بعيدا عن الشعر   فكرة جيدة ومطلوبة إعلاميا منذ زمن طويل, فهي بالتالي إنجاز  يحسب لمؤسسة الاعلام القطريه.
ثانيا:  فكرة التركيز على "المعنى" كما يقول احمد الشيخ وليس الوصف, "معنى الصورة وليس وصفها"فكرة إشكالية, لذلك يبقى المعني الذي في ذهن الحَكم  هو المعنى"الحقيقي"والوحيد الذي يجب على المتسابق أن يصل إليه, وليس الذي في ذهن المتسابق أو الذي إستنتجه المتسابق . وهي فكرة "واحديه".
ثالثا: كان بإمكان اللجنة أن تتنبه للربط بين الفصاحة والموقف الثقافي المطلوب ,كمعيار للحكم للخروج من واحدية المعنى في ذهنية الحَكم, إلا انها لم تُدر بالا لذلك بل على العكس , صفقت للمتسابق السورى الذي وصف معنى الصوره بربطة بموقف ثقافي لايتفق البته مع العصر وهوصرخة"وامعتصماة" للمرأة العمورية, بل الأمة لاتزال تعاني للإنفكاك منه, .مما يؤكد ربط فصاحتنا بالماضي .
في إعتقادي هو أبعدهم عن الفوز , لأنه يطرح الفصاحة في طبق من المستحيل.ولو كان شعرا لأمكن التعليل.إلا أنه وصف لصورة  من الحاضر
رابعا: في إعتقادي إذا إستمر البرنامج بفوقيته هذه    سينتج خطباء  لايربطون الفصاحة بالواقع  أو بالموقف الثقافي الذي يجعل منها فاعلة.كما أنتج  برنامج  أمير الشعراء , أميرا للشعر في عليائه , وقبله برنامج شاعر المليون شاعرا  نبطيا مليونيا في فلكه.
خامسا:لاحظت ان ردود لجنة الحكام جميعا متشابهه   ربما ومتوافقة تماما , فيعجبون جميعا بمتسابق , وينكفون جميعا عن متسابق آخر , هل هذا دليل على عدم وجود معايير واضحة أو على تشابه تخصص الحكام ؟
 سادسا:في إعتقادي ان اللغة العربية تحتاج إلا أن تمارس يوميا من  خلال إعتمادها في جميع المعاملات الرسمية , حتى يمكن الدخول الى باب الفصاحة فيها رويدا رويدا  ومن خلال الممارسة .الفصاحة الممكنه  الكافية  وليست الزائده  عن الحاجة.
سابعا:احيانا لايستطيع اللفظ أن يعبر عن المعنى أو يعجز عن ذلك , هنا يبدو الصمت فصاحة, . تحبيب النشء في الفصاحة ليس في تصعيدها وانما في تسهيلها , تبدو اللجنة في الحلقة الأولى في أوج التصعيد و لااعرف ماذا سيجري في الحلقات القادمة.
ثامنا:في المحصلة النهائية برنامج جيد , باكورة انتاج مؤسسة الاعلام القطريه , نرجوا منها مزيد  من الإنتاج  على هذا المنوال المبشر , وتحياتي للجميع.