السبت، 5 مارس 2011

العربى وحكايته مع ا"لدستور"



التاريخ لدى العربى  رواية ودستور, تاريخ   يُحكى  ودستور يتصوره فى كل حين على شكل. قيل له دستورك القرآن الكريم فَصدق ولم يصدقوا, قيل له  لاتعجل فأن أيام الرشد قادمه فأصطفاء الله لنا لحكمك ليس عبثا فأتت الأيام ولم يظهر ولم يبن الرشد . آمن بالرجال ولكن الرجال قليل, وآمن بالورع ولكن الورع يؤتيه الله من يشاء. آمن بالقبيله ولكن الوقت أتى عليها و الزمن,آمن بالجمهوريه ولكنها كانت ثيابا من تحتها نار جاهليه,آمن بالثوره على الظلم  والاستبداد  ولكن الأمر وكأنه عود أبدى ودائرة مغلقه.فالثورة تحتاج الى ثورات  و هى  بالتالى ثورة  تروتسكى الأبديه, طلب الحريه فذهب الاستعمار ,    آمن  بعده بالاخوه والعروبه والاسلام , وحكم العربى لأخيه العربى بناء عليها, لم يركن الى  القانون إيمانا بما سبق و نسى أن المال إبليس الله فى الأرض , ونسى أن للنفط رائحه هى اغلى من رائحة كتب التاريخ  والمواثيق وما فيها. طلب دستور الوطن بعد أن أعياءه تطبيق دستور الله , فجاءه الدستور الوطنى قدرا مقدرا عليه أن يرضى به  حيث الأمور مقادير مقدره , أراد أن يتمثل بالغير ونسى أنه فى حكم الخاصه  لخصوصيته وتفرده بين العالمين , كيف يخرج من تاريخ هو صانعه منذ ألف عام , أى مروق اكبر من ذلك. فالدستور بالتالى هو بالضروره  دستور من يحكم  وليس دستور بين متساووين ,قيل له أن الثورات الدستوريه   خروجا على الحاكم لاترتضيه السنه ولا أوامر الجماعه. فأستوى فإذا بالسنه هى سنه النظام وإذا بالجماعة هى جماعة الحاكم ومن حوله. ندب حظه كونه عربى  ومضى التاريخ يسطر  له وقوفا بينما الاخرون فى حراك وتطور . لكن التاريخ ماض الى التصحيح  كون الاعوجاج دائما إستثناء , فهبت الريح على دستور تونس  فسقط مرتكبه وأُعيدت صياغته  بما يخدم الحق الدائم وهو الوطن والشعب,وأتت الرياح على دستور مصر الفئوى الضيق فطرد حامله  وأُعيدت صياغته بما يخدم الثمانين مليونا من البشر وليس  عائلة واحده لاتتعدى اصابع اليد الواحده  فردا, وليبيا تصوغ دستورها الجديد والبحرين  والبقيه الباقيه قادمه. لذلك إستبشر العربى خيرا   وآمن أن التاريخ قانونا يُكتب ونصوصا تَحمى  وإرثا محمودا فقط يُلبى  وأن الرجال يعرفون بالحق ولايعرف الحق بالرجال , لذلك قامت أُمما بلا تاريخ وتراجعت أُمما  أخرى تملك من التاريخ جوانبه  , العقد الأجتماعى هو فضيلة البشريه بعد  نزول الأديان وهو دليل التمدن والتحضر , الثورات الدستوريه المشهوده اليوم ألقت بالعربى فى أتون وخضم  الصراع الوجودى  عليه أن يحقق ذاته وأن يبنى دساتيره ,وأن ينتقل بحكايته مع الدستور جريا وراءه و بحثا الى حكايته مع المستقبل الدستورى. تطبيقا ومعايشة.

الجمعة، 4 مارس 2011

عندما يكون سقوط النظام ضروره أخلاقيه





الازمه الليبيه الراهنه  تختلف عن سابقتيها التونسيه والمصريه  حيث لاجيش قوى يحسم الأمر   وكتائب النظام  من القوه بحيث اصبحت هى النظام, ظروف ليبيا مختلفه و قلة السكان مقارنة بمساحة المكان  وغياب الهياكل الفاعله فى الدوله  يجعل من الأزمه  مستعصيه وقد تأخذ اشكالا متغايره  من حين إلى آخر. سيطرة الضروره الأخلاقيه لإسقاط النظامين التونسى والمصرى السابقين على الضرورات الاخرى السياسيه أو الاقتصاديه , على الرغم من تنازلاتهما  المتلاحقه ,إلا أن رحيلهما كان ضروره أخلاقيه يطلبها الشعب  . المطالبه برحيل القذافى ضروره أخلاقيه  لعلها اشد حدة من  من ضرورة  رحيل بن على ومبارك الاخلاقيه لما سببه ويسببه من دمار وقتل وتنكيل لشعبه, ولكن الظروف مختلفة هنا  وقضية الحسم تبدو صعبه  ومكلفه جدا  وقد تتطلب التدخل الخارجى والذى يرفضه الجميع.  وربما الحاله الليبيه تبد و  حاله وسطيه بين الجمهوريات العربيه  التى تحكم بأسم الجيش أو يحكمها الجيش بأسم النظام وبين  الدول والممالك العربيه الوراثيه حيث النظام القرابى له  شرايين أخرى  ممتده فى مقابل مجتمع ضعيف وجيش لايمكن الاعتماد عليه لأكثريته الخارجيه كمرتزقه القذافى الذى يحارب بهم شعبه. هنا قد تبدو الضروره السياسيه مقدمه بعض الشىء على الضروره الأخلاقيه فى إعتقادى, بمعنى الضغط على الجانب السياسى بشكل  يجعل من النظام  يرفع يديه شيئا فشيئا عن الشعب  فى مقابل إحتفاظه  بوجوده  التاريخى الدستورى . تجارب الشعوب الأُخرى  تثبت أن  الضروره السياسيه حلا فاعلا جدا  فى مجتمعات التى قد لاتسمح ظروفها  لإمكانية الحسم  لسبب أو لآخر بعد  موت فرانكو فى أسبانيا سمح لحزبه بالبقاء وممارسة نشاطه وسمح للملكيه بالبقاء مع تحولها الى دستوريه والمعروف ان جميع الأحزاب خاضت حروبا ضد الملكيه قبل ذلك, وفى أوروبا الشرقيه سمح لجميع الاحزاب الشيوعيه بممارسة نشاطها السياسى. اليوم الوضع العربى  يحتمل فقط الحكمه و العبره  من تجارب الآخرين  , فإذاكانت الثورتين التونسيه والمصريه قد جعلتا من الضروره الأخلاقيه  مقدمه ولازمه , فقد نجد الحالات القادمه فى ليبيا والبحرين واليمن وغيرهم تحتمل تقديم الضروره السياسيه  على غيرها من الضرورات, على الأ نظمه الوعى بذلك كما على الشارع العربى الدفع بإتجاه الضروره السياسيه  فى حالات الدوله-النظام كما هو معايش فى دول الخليج   ودول أُخرى مشابهه تعانى من ضعف الشعب  وغياب المؤسسات الحاسمه كالجيش الوطنى فى حين تسرطن النظام وإنتشاره فى جميع الآوصال.

سننتظر لنرى ماذا ستحدث عنه الأمور فى ليبيا  ومن حسن حظ الشعب الليبى أن نظام القذافى كان من البشاعه بحيث تكفل  المجتمع  الدولى به اخلاقيا فالضروره الأخلاقيه لمحاكمته ونزعه لم تعد قصرا على الشعب الليبى وهى مرحله  سوداء متقدمه فى تاريخ الانظمه.  فالضروره السياسيه تقتضى التعامل مع  إرث المجتمع بشكل لايجعله عائقا أمام التحولات المستقبليه والتى تطلبها الأجيال المتلاحقه . فكرة التاريخ الرمزى الحى  الذى يؤسس ولايُمارسُ أكثر من مرحلته"مانديلا" نموذجا للأعتبار  مثل .هذه الفكره لاتزال غير مقبوله  لدينا كأنظمه وهى فى الأساس ميكانيزم أو آلية تطور الشعوب وتقدمها . الضرورات الاخلاقيه  قد تكون مستبعده  أو مؤجله أو لم يحن وقتها بعد ,أما الضروره السياسيه فى التقدم والمصالحه بين التاريخ وما يريده الشعب ويتطلبه العصر فهاذا هو وقتها  وأوانها إذا لم يكن  قد تأخر كثيرا.  

الخميس، 3 مارس 2011

إستقال الوزير الألمانى فكم وزير يجب أن يستقيل لدينا " تزوير شهادة دكتوراه"


"تزوير شهادة دكتوراه"

إستقال الوزيرالدفاع الالمانى  بعد  انكشاف تزويره لشهادة دكتوراه كان قد نسبها لنفسه,  جريمه فى  فكر تلك المجتمعات تعادل  الجرائم الاخرى , التزوير   بشاعه  ما بعدها بشاعه . حظه أنه من تلك البلاد لم يساعده على التجاوز  وارسال اللقب الى ما لانهايه وهو مزور . لم يرتكب جريمه كاللتى يرتكبها وزراؤنا من عدم تحمل للمسؤوليه أو سرقة للمال العام  أو إستيلاء على  أرض أو تخصيص  شارع او  سوق أو شاليه لصديق أو لقريب.  حظه الردىء أنه من الغرب  الذى يقدر الشهاده العلميه وينزلها منزلتها, كم يتمنى اليوم كونه عربيا  أو خليجيا بالأخص لينعم "  بالدال "حتى يؤرثها لأبنائه من بعده ,  اللقب هام إلى درجة التضحيه بالمبدأ لدينا , فالمجتمع مقسم بين طبقتين  والحل الوحيد فى اللقب العلمى  لإيجاد ,وضع وسطى له نفاذ تمييزى, فالدكاتره لدينا طبقه وسطى عندما يضيفون " الدال   حينما لا إمكانيه وجوديه لصفة"الشيخ"   وهروبا من  صفة" السيد"  المبتذله المتبعه للبقيه من الشعب بمعنى سيد نفسه لاغير, ليس له سياده غير ذلك, بمعنى أنها حريه وجوديه  لاتتعلق  وليس لها نطاق ابعد. أما إذا أقترنت  الدال بالمشيخه فتلك قلعه لايمكن إتيانها  بسهوله.تحصين ما بعده تحصين , إنه العلم عندما يتبع المال  فيصير مسخا , فالشهاده مع السلطه أو بعد السلطه  داء , والشهاده مراعاه للسلطه وبحثا عنها     هروب  و تحسين وضع فى مجتمع اللابدائل المنتظره فالتزوير الثقافى  فى مجتمعاتنا  ذو اهميه  وبديل حين تنعدم البدائل ,  اصحاب الدال" المزوره ينعمون بين ظهرانينا ويمتلكون المناصب  وتحتفى بهم الصالونات  رغم فقرهم  العلمى  إلا أنها   سطوة الشهاده فى مجتمعات الدهشه تجعل من الأمر ممكنا  ومتجاوزا وبعيدا عن الظن كم سمعنا ورأينا  وقرأنا عن مزورين لشهادات الدكتوراه و هم الآن بين ظهرانينا , يتلذذون باللقب المسروق وبالشهادة المزوره, كم حاول البعض إخفاء ذلك عن العامه و ودفع بالاثمان إتقاء ذلك,  مجتمعنا غير حساس تجاه الشهاده  العلميه قدر حساسيته تجاه المنصب , مع ان الشهاده العلميه أرفع  منزله  وأكبر قدرا .  سرقة الفكر جريمه أكبر من السرقه الماليه إلا فى مجتمعاتنا , فالمال قد يأتى بالفكر مسروقا , فيصبح الجهل مركبا  وتبتلى البلاد والعباد  بعلم  غير ذى نفع وبمنصب غيرذى ضرع. إستسهال الشهاده العلميه  ينبع من  أرضيه  غير منتجه  تفضل العاجل على  الاجل , انها أرضية الريع , التى تشترى الشهاده العلميه  كما تشترى  السلعه الاستهلاكيه, هناك شك وفضيحه اليوم  حول شهادات منحت لسيف الاسلام القذافى هى لدى الغرب أشنع من جرائمه الماديه والجسديه.  ما يعانى منه مجتمعنا العربى بشكل عام  ومجتمعنا القطرى أيضا بشكل خاص, هو الافتراء على العلم بعد الإفتراء على المنصب وإقتران الاثنان  والجمع بينهما ليثبت إحداهما الآخر  من يملك المنصب يرنو الى الشهاده " الدكتوراه "  وهناك من  يتربص بالشهاده  لإجل المنصب  , لاحظوا الوسيله  والنتيجه أو الهدف  لا تبنى مجتمعا ولا تربى جيلا. جريمة الرؤساء التى  أبعدتهم الشعوب وتحاول إبعاد البعض الأخر  هى نسبيا كجريمه من  يقتنص شهادة ويزور بحثا  ذاك أستولى على الثروه كرها وسرقه وهذا  إستولى  على فكر الغير زورا وبهتانا والفكر ابقى من الثروه فجريمته بالتالى اشد واشنع.ازمة الامه واحده  إقتناص المستقبل والقبض على مفارصه وأركانه, السلطه لوحدها  فاحشه  فلا بد من شى ليسترها ولا شىء ابسط من الشهاده العلميه فى مجتمعاتنا  تزين بها الابواب والمسالك  والبلكونات, فى الغرب لايحتاج المرء  للإعلان عن شهادته العلميه  فالمجتمع  أساسا يقوم على العلم والمنصب بلا شك يرتكز على المؤهل . لااعرف سبب تزوير وزير الدفاع الالمانى لشهادته  ولكنه بلا شك  كان يعايش الشرق العربى ذهنيا  او على الأقل كان يعتقد  صوفيا بإمتزاج الثقافتين  بشكل يمكن معه تغَير مزاتهما وخصائصهما  الثقافيه . وزراؤنا لايستقيلون ليس فقط بعد أن يفضحهم المجتمع  وتفضحهم  الاوراق والملفات وشكوى المغدورين  والذين سرقت  أبحاثهم   لأنهم يراهنون على سلطه ايضا تمت سرقتها,  تحتاجهم كما يحتاجونها فالأمر كله  سرقة فى ليل دامس ينتظر  أن لاينبلج له فجر أو أن تشرق له شمس  .

الأحد، 27 فبراير 2011

أخيرا عَلمانيه عربيه



 صناعة الواقع كفيله بتغيير كثير من الافكار والتوجهات  والخروج بالتالى من دائره القول والاعتقاد الى دائرة الفعل ونتائجه الملموسه بحيث لايبدو المصطلح أو المفهوم المصنع واقعيا  فى منطقه وسطى بين الاخذ به  أورفضه. اندفاع الثورات العربيه  بهذا الشكل " العلمانى" بعيدا عن الايديولوجيات والاديان  باشكالها , متجاوزة كل الفروقات المذهبيه, صانعة لتاريخ  إنسانى مدنى . قد يخرج الأمه من سباتها المعرفى الذى تعايشه منذ أمد ليس بيسير,واضعة الدين أو الايديولوجيا كشرط لبداية التحول هنا بعض الملاحظات لابد من ذكرها
أولا: يبدو واضحا كل الوضوح , رفض هذه الشعوب للهيمنه عليها من جديد أيا كان نوع هذه الهيمنه  وليس فقط من قبل الانظمه السياسيه بل حتى  من قبل السلطه الثقافيه والدينيه  وغيرها من أشكال السلطه الثقافيه القائمه فى عالمنا العربى عرقية كانت أو جهويه أو طائفيه.

ثانيا: نلاحظ تهافت   البعض لإصباغ  الثوره بصبغه دينيه بالذات وأيديولوجيه من بعض النخب , خوفا من فقدان  شريان مهم  من شرايين السيطره على وعى المجتمع من جديد للإبقاء  على حالة الهيمنه الروحيه والثقافيه التى هى أبشع من الهيمنه العسكريه التى يمارسها النظام والادهى أن الحالتين فى إتفاق تام  لطبيعة الهيمنه ذاتها
ثالثا: اندفاع الشعوب بهذه الطريقه  يدل على تسامحها  بحيث لم تعد ترى الفوارق التى يعتاش من أجلها النظام  السياس أو الثقافى السلطوى القائم , وهودليل كذلك  على بروز مفهوم "علمانى" سنتفق على إستخدام هذا المصطلح حتى نجد له  بديلا ربما "مدنى" أو ديمقراطى لاحقا.
رابعا: ظهر زيف كثير من القضايا التى أُوهم الشعب بأنه لن يتطور ولن يتقدم ما لم يجد لها حلولا  أولا  كثير من القضايا الدينيه كوضع المرأه ومشكلة الولايه وإرثها الاسلامى والعربى التى جعلا منها أهم من الشعوب وإرادتها.
خامسا: سيحاول النظام  الثقافى القديم  استعادة مواقعه بمزيد من التدخل فى الاحداث وسرقة منجزاتها  وتوظيف ذلك لصالحه . ولكن الحقيقه الناصعه أن هذه الثورات ثورات علمانيه بالمصطلح المتعارف عليه ولايعنينا تعريفاته الاخرى المؤدلجه من طرف أو آخر.

سادسا: العسكر  من المفروض  أنهم علمانيون لكنهم ديكتاتوريون  فبالتالى مهمتهم تسليم البلاد لنظام مدنى  علمانى  بمعنى محايد أمام الشعب  ومكوناته. وخطورةإتفاق العسكر مع الايديولوجيات الاخرى  وارد والتاريخ العربى يشهد بذلك إذا لم يكن هم كذلك مؤدلجون وهو ما أفسد حتى العسكريه العربيه..

سابعا: ثورات الاستقلال من الاستغلال هى أساسا ثورات مدنيه  علمانية الطابع  بمعنى أن هذه الشعوب عانت من الاستغلال بأنواعه وأطرافه فكما يستغل صاحب السلطه سلطته فى تمكين وضعه وسرقة لحقوق الشعب , يمارس صاحب السلطه الثقافيه أو الدينيه سلطته فى ربط  التغير من خلاله وبواسطته  وإلا خرج الامر  وضاعت الامه وفسد العباد  وهذا قتل للحريه وللدين كذلك الذى ينظم العلاقه المباشره بين الانسان وما يعتقد وبينه وبين الله عز وجل .

ثامنا: مع هذه الثورات تدخل الامه عصرا جديدا  فى تاريخها السياسى وهو الاعجز من فصول تاريخها والاكثر إعاقه  فلم يتعدى تاريخيا سوى التوريث والانقلابات العسكريه  وإغتصاب السلطه بشكل أوبآخر والسبب فى ذلك التبرير الثقافى واستمرار سلطته باسم الدين أو القبيله أو الطائفه , وقد يكون  تبريرا قبليا أو يكون بعديا كذلك ,  من جانب هذه السلطه الثقافيه لتمكين السلطه السياسيه وإقتسام  الثروات بينهما بعد ذلك.  

تاسعا: اليوم تنام السياسه العربيه فى مخدع المال سفاحا بعد زواجها اللاشرعى به الامر الذى أخر تقدم الامه وعمل على نزف وإستنزاف خيراتها   على أمد الدهر, فكما يطالب الشارع  بالثورة على الاستبداد واشكاله وثقافته ,   محطما بالتالى  ابشع اشكاله فى مصر وتونس وليبيا بين ثروات وسلطه سياسيه  ووسط ثقافى تبريرى وصولى نزق يستعير التاريخ ويزور الحقائق ليبقى وتبقى سلطته,   فبقدر ما اراه فى علمانية حركة الشارع نحو التحرر بقدر ما أرى ضروره فك الرباط المقدس بين المال والسلطه و"الدين" بمن يمثله وليس باطلاقه وليس الكل ولكن البعض الذى يخدم الشيطان.
  على كل حال , مانراه سيسيولوجيا أن ما يحدث هو   أن الامه دخلت مرحلة  جديده علمانية الطابع بالمفهوم التاريخى الثابت وحطمت الاسوار والروابط   الدوغمائيه التى أثقلتها  فلا   حاجة لديها اليوم لإستيراد تجارب الآخرين ومفاهيمهم إنها تصنع علمانيتها بيدها وبظروفها وبرائحة أرضها ودماء شهدائها. وبإتفاق مع موروثها وثقافتها وبالتالى تكسر انشالله  الحاجز النفسى التى يتستر وراءه كل من يرى نفسه وصيا على الامه ودينها ومستقبلها ويرهنها الى الزمن السرمدى  حتى تستفيق من سباتها  و قد وصل الامر منتها ه وبلغت  القلوب الحناجر  . لقد إنتهى الدرس  وكبر التلميذ وأصبح يصنع تاريخه بنفسه.

المقايضه التاريخيه

عبد العزيز بن محمد الخاطر
المصريون : 29 - 09 - 2005
النقطة الحرجة بين القبول بالتحول الديمقراطي كطريق للمستقبل وبين حصول ذلك عنوةً وبتكلفة روحية ومالية كبيرة يتحملها المجتمع، هي في الإبقاء علي امتيازات الطبقة المسيطرة بشكل يمكن معه التحرك سلمياً في اتجاه ذلك التحول في مقابل قبول هذه الطبقة بالتنازل عن امتيازها الإلهي كما تتصوره في الملك والحكم الي ما شاء الله دونما ضوابط دستورية واضحة. التقاء القبول من جانبها وبقاء بعض امتيازاتها بموافقة الشعب هو المنحني الآمن للخروج بعالمنا العربي من الحلقة المفرغة التي يعاود إنتاج أزماته داخلها. إن الاستفادة من التاريخ وحوادثه هي ما يجب أن يرتكز الشعب عليه لا إعادة تكراره وقد أصبحت نتائجه واضحة وضوح الشمس في منتصف النهار. التحول الدموي الذي انتهي بالديمقراطية كأساس للحكم لا يجب الحث علي تكراره والدفع باتجاهه من جانب النخب الحاكمة. أن الامتيازات المتعاظمة لأولئك النخب والتي تزداد يوماً بعد آخر تشكل عائقاً في سبيل التحول الآمن باتجاه الديمقراطية وهي ما اتفقت عليه حضارات العالم المعاصر بشقيها الغربي والشرقي كوسيلة لابد منها لاستمرار السلم والرفاء العالميين وما نشهده اليوم من انكسار وتهشم للحكم الشمولي والسلطوي هنا وهناك دليل دامغ عن عدم اكتمال دورة الحياة في هذا النمط من الحكم لاستعلائه علي الناس والغريب أن مثل هذا الحكم سواء كان في الدول الغنية أم تلك الفقيرة له نفس الميكانيزم وهو تكديس الثروة الطائلة والفرق الجوهري بينهما يكمن في إطالة ذلك الحكم في الدول الغنية عنه في الدول الفقيرة المتكدسة سكانياً ولكنهم يلتقون لا محالة في النهاية المعروفة وهي الانتقال الدموي للسلطة في معظم الحالات. والمنهج الخلدوني يبرز دورة الحكم العصبوي المتمثلة في النشوء ثم القوة ثم الضعف والانهيار لعدم قدرته علي تجديد نفسه. وحيث أننا نعايش بدايات قرن جديد وقد تكدست للفكر السياسي تجارب لا تُعد ولا تحصي كما أثبتت هذه التجارب باليقين الواضح أفضلية الحكم الديمقراطي علي علله ومثالبه التي يمكن تخطيها وتلافيها حيث أنه نتاج فكر بشري ولا يجب التسليم به كعقيدة علي جميع أشكال الحكم الأخري مهما استمدت مرجعيتها من جوانب تاريخية أو دينية أو غيرها. ليس المطلوب من شعوبنا العربية إعادة التجربة الغربية في إنتاج الديمقراطية ومن يدفعها الي ذلك يكون ارتكب إثما في حق الأمة والتاريخ. والاتجاهات الديمقراطية التي تدخلها أنظمتنا العربية في مجتمعاتنا يجب أن تشمل تداول السلطة حيث أنها السقف الأعلي للممارسة الديمقراطية فالاكتفاء فقط بمظاهر الديمقراطية من ترشيح وانتخاب يجعل منها عقبه أكثر من كونها أسلوب معالجة. فالديمقراطية كالعلاج لا يمكن إن يحدث تأثيراً ما لم يؤخذ بجرعاته الكاملة والمقررة. لعل أسلوب المقايضة التاريخية التي علي قدر من امتيازات النخب الحاكمة كالوجاهة والوضع الاقتصادي المناسب والمشاركة في الرأي وما إلا ذلك في مقابل فتح باب الحكم والسلطة داخل المجتمع لجميع التيارات من خلال برنامج عمل واضح يتناسب مع تطور كل مجتمع علي حدة. أقول مجرد القبول بأسلوب المقايضة فهو خطوة جبارة في طريق الاتجاه الي التحول الديمقراطي وكذلك مجرد القبول بانتقال خيوط السلطة الي أكثر من يدٍ واحدة لهو تطور يوفر علي الأمة وأجيالها مالاً ودماً وجهداً لا يعرف سوي الله مقداره. لقد أنجبت هذه الأمة أمثلة حية ولكن جميعها فردية علي عبقريتها ولكنها لم تبرز في جهدها الجماعي علي أي صعيد فإذا كانت أوروبا أحدثت المنهج الديمقراطي ودخلت به العصر بعد أن طال نزيفها فهل تستطيع أمتنا أن تدخله بطريقة أخري غير تلك التي شهدتها أوروبا مع تناظر الأسلوبين وتشابههما من حيث الركائز والمبادئ العامة؟ طريقة تثبت معها عمق الاستفادة من التاريخ والتجربة لا يمكن التفاؤل كثيراً فالتاريخ أيضاً يثبت أن المرور بالتجربة أمر ضروري في أغلب الأحيان أما الاستفادة من تجارب الآخرين فهو أمر استثنائي يدركه أولو البصائر والنهي أولئك الذين يدركون أهمية القبول بالشروط التاريخية التي يفرضها العصر والواقع ولا يكابرون جعلنا لله وقادتنا منهم. --- صحيفة القدس العربي اللندنية في 29 -9- 2005