الثلاثاء، 18 فبراير 2020

المثقف "المستورد"



 جميل إذا إلتزم بشروط الوظيفة  وأخلص لما جاء من أجله , وسىء إذا إنغمس  في المجتمع  وصولاً لتحقيق رغبات أخرى , رائع إذا أدرك أن للمواطن حقاً والمطالبة به مشروعة , وغير جدير بالثقة إذا سمى  هذة المطالبة عنصرية  ,يأتي يحمل شهادات علمية وخبرات دولية, كثيرون هم أولئك الذين عشقهم المجتمع لوفاءهم واخلاصهم وقليلون من ازدراهم لتطفلهم وانغماسهم في المجتمع طمعاً واستغلالاً وتحايلاً,الدور الذي يلعبه المثقف المستورد خطير ,البعض يأتي مستشاراً فيصبح تاجراً , ويأتي مخلصاً ليدق إسفيناً , ويأتي عاملاً ليصبح عيناً , علينا أن نفرق بين المستشار هنا وبين المقيم الذي جاء مبكراً وعمل وساعد في تنمية الدولة منذ نشأتها , المثقف الايديولوجي المستورد خطير لأن أيديولوجيته فوق  وطنه فكيف إذا كان وطن الاخرين , هو مفيد إذا كان ضمن مجاله , وضار إذا إنغمس في المجتمع  بحثاً عن فرص أخرى لم يأتي أساساً لها , سمعت أحدهم يقول , إعرف شيخ  تصبح شيخ , هكذا يفكر البعض في تجاوز المجتمع , هذه فجوة للشر الاخلاقي يجب على المجتمع أن يتلافاها , وأن لايترك فرصة للإنتهازيين , يعيش المجتمع اليوم بين أنواع من المثقفين طالما هو يعيش جدل التغير وسط حصار آثم ,لانحكم على الضمائر ومافي القلوب , ولكن هناك لغة بين السلطة والمجتمع , وهناك خطاب بين الدولة والمجتمع لايتقنهما المثقف المستورد  من الاهمية الوعي بذلك , نقول للمثقف المستورد بكل حب "مكانك تُحمد" والتزامك بدورك عليه تُشكر وقطر تستحق الافضل من الجميع.        

الاثنين، 17 فبراير 2020

المثقف "الطرثوث""


"الطرثوث"نبات صحراوي طفيلي يعتاش على جذور بعض النباتات الأخرى ليس له أوراق له ,ثقافياً "الطرثوثية"حالة تنشأ حين تبدأ المؤسسة أو السلطة في صناعة المثقف من الألف إلى الياء, تنتشله من القاع , قد يكون بلامأوى فتوفر المأوى له, بلا هوية فتعطيه هوية , بلا إسم فتخلع عليه إسماً , بلا وجود إجتماعي  فتلبسه بشتاً إجتماعياً يطوف به  أنحاء المجتمع, هذا اليتم يتحول إلى ثقافة  ملتصقة بالمؤسسة سواء كانت عسكرية أم سياسية أم إجتماعية, ثقافة اليُتم هذه تجعل منه مثقفاً حاداً  ومطيعاً , يحفظ دوره كما يحفظ النشء القران الكريم , يؤدي واجبه كما يؤدي المؤمن صلاته, مخلص للمؤسسة بكل عماء كما يخلص المرء لوالديه, يدير المنصب بعسكرية فذه, لايستطيع أن يقول لا , أو أن يقول رأياً لأنه لايمتلك رأياً من الاساس , لايدرك مايعتمل في المجتمع بقدر مايدرك الأوامر الذي تأتيه , عقليته عسكرية يدين لمن أنقذه من حالة اليتم الاجتماعي فقط, هو عجينة صنعتها المؤسسة او النظام عسكرياً كان أم مدنياً , هو ليس زئبقياً لأنه لا يمتلك سوى شكلاً واحداً , لايستطيع أن يتغير , هل تذكرون صحيفة "البرافدا"  السوفياتية هي مثال واضح على المثقف الذي تخرجه المؤسسة من حال الى حال  فيعتقد أنه يمثل الحقيقة في المجتمع ومع الوقت ربما يعتقد أنه الحقيقة ذاتها, هو نتوء للمؤسسة والنظام  لاأكثر  تجد ثقافته ببغاوية  بشكل واضح يردد بدون ان يدرك مايقوله , هذا المثقف بالضبط مثل قطعة السلاح التي إذاما  قدم بها العهد   استبدلت أو رميت في المخازن , أخطر ما تقوم به المؤسسة أو السلطة أن تخلق مثقفاً من هذه الحالة "الطرثوثية" فتستغل حاجته الماسة  للإعتراف المجتمعي ليصبح أداة أو مايكروفوناً لها ,ما أكثر ماعانت مجتمعاتنا من المثقف الطرثوث الذي يجري وراء الجزرة محاولاً الإمساك  بها  ولن يتمكن من ذلك , لأنه كوجود لابد له من علاقة يكون فيها تابعاً ومأموراً  , مقلداً لا يتأبطُ رأياً ولا يحمل فكراً

المثقف "الزئبقي"



هو نمط علائقي تماماً كالذي  يركض وراء الحافلة وهي تمشي  ليتعلق بها  ثم يجد مكاناً للجلوس في داخلها,نشاهد ذلك كثيراً في البلدان كثيفة السكان في العالم الثالث, لكن يجب أن نفرق أولاً بين المثقف الزئبق  والمثقف الذي يغير قناعته بعد مراجعات,  الاول لايحمل قناعات هو  إناء فارغ يمتليء بالموجود  حسب الظروف ويتشكل بالتالي طبقاً لما هو متوفر, بينما ألاخر لديه قناعات قد تتغير أو تتطور كإمتداد لهوية ثقافية قابلة للتغير مع تغير الزمان والمكان.

الزئبقية حالة سيولة مستمرة ,  في الفكر يمكن التعامل معها  انطلاقاً من أصالة الفكر , لكن في الانسان من الصعب السيطرة عليها مع بقاء الانسان أصيلاً في وجوده,المثقف الزئبقي  ليس أصيلاً كوجود  هو شكل من اشكال العلائقية كما ذكرت , تراه في الامام مرة, وفي المؤخرة مرة أخرى , وتدفع به ظروف خاصة ليكون الوطني الاول , ثم يوضع خلف الستار فترة أخرى , ليعود عند الحاجة , مهاجماً تارة , ومهادناً تارة أخرى حسب الطلب , المثقف الزئبقي لايأبه للمجتمع لأنه حالة زئبقية بلا جذور , وجوده زائف لأنه لايستطيع الوقوف بذاته كمثقف  له رأي ومبدأ , لذلك تراه ملكياً أكثر من الملك , لن تجد أحداً من أبناء الوطن المتجذر من هذا الصنف الا ماندر , مثقف الوطن يخاف على وطنه يمتلك رأياًوناصحاً للقائمين عليه , المثقف الزئبقي يتمنى أن تبقى الحالة الزئبقية التي أنتجته  الى ما لانهاية , لأن الثبات  يفقده الحركة حيث لا أرجل أو أقدام له , كثيرون تراهم اينما ذهبت  من الداخل ومن الخارج الايام تكشف بعضهم والمواقف تعري البعض الآخر   والآخر الثالث صنيعة من عجين الرسم  يمكن اعادة الى اللاتشكل مرة أخرى, المثقف الزئبقي حكاية  وسردية تبدأ من القفز في الحافلة الثقافية الى القدرة على تبوأ مكان القيادة فيها  ولكن الى مستقبل زئبقي قد ينتهي بالتلاشىء  حيث فاقد الجذر  لاتجري به الأرجل مهما  سار أو ركض.

الأحد، 16 فبراير 2020

مثقف "الصالون"


 

مثقف الصالون  يحمل شهادات ويكتسي أفضل البدلات والثياب  شكله حسن  مهندم ,دائم الابتسامه أنيق ,يعشق قاعات الفنادق  والمحاضرات خلف الأبواب المغلقة  أفضل من المثقف "الايقونة" فبينما تكتفي الايقونة  بالشكل والرمز يمارس مثقف الصالون النشاط الثقافي يعيش جمال ذاته إنعكاساً على الواقع , الواقع ليس سوى صالونه , السُلطة في ذهنه تحتاجه  لأنه أحد تمظهراتها  سواء يعيش في كنفها ,أ أو على تخومها,أو حتى إستشعاراً لها يكتب كثيراً لكن لايقول شيئاً,  يظهر كثيراً لكن لايُعطي إنطباعاً , يزاحم المجتمع  ليس إنغماساً في أو جاعه وإنما  بحثاً عن مايرضي نرجسيته , يحب التصوير يزهو بالصورة يستمتع بملاحقة الفلاشات , كل ما يعمله إنجاز , مايقوله حكَم,  هو نتاج لمجتمع الريع  فهو مُعطى  وليس تراكم زمني , ناجح في مجتمعه"الصالون" كألحان كمال الطويل ومحمد الموجي لعبدالحليم  "على قد الشوق" صافيني مرة وجافيني مرة "التي لم تصل الى عمق المجتمع بل بقيت حكراً على الصالونات  في حين وصلت ألحان بليغ حمدي لعبدالحليم التي تشبعت بروح الحارة الشعبية وبساطة الكلمة مثل"جانا الهوى" وزي الهوى" وحاول تفتكرني " وعلى حسب وداد قلبي يابوي".الى القاع الاجتماعي وحملت همومه فانتشرت واحبها وتفاعل معها الناس حتى اليوم

مثقف "الصالون" جميل  لكنه يطفوا فوق السطح  لايلامس أوجاع المجتمع ولايحكي قصص الفرجان والحارات الشعبية,الخطورة حينما يتطابق الصالون ونرجسية المثقف صاحبة حينها يصاب المجتمع بزكام وصداع وفهو لايستطيع التعايش معه ولا يستطيع أن يعترض عليه  من باب الحرية الشخصية  فلا أصحاب الصالون يستحملونه ولا من هم في خارج الصالون يطيقونه لأنه لايصل إليهم بقدر ما يسببه من صداع لهم.

هناك مثقفون رائعون كانوا في السلطة لكن في كتاباتهم إنحازوا الى المجتمع وأوجاعه , الدكتور علي فخرو  وغازي القصيبي وغيرهم ,الثقافة ينتجها المجتمع  وغير ذلك فهي صناعة صالونات مغلقة ومثقفها مثقف صالون غرفتين وصالة وحَمام.