السبت، 28 ديسمبر 2019

عن شرايينا المفتوحة


 

المواطن أشبه مايكون في غرفة العمليات شرايينه مفتوحة لكن الجراح مشغول بأمور أخرى , ملحة والتزامات خارجية ضخمة, إلى متى يستطيع البقاء حتى تبدأ العملية لإقفال هذة الشرايين النازفة لاأدرى وليس هناك مؤشر يدل على أن ذلك قريباً. الشريان المفتوح يعني مايدخل من دم فيه اكثر مما يخرج منه , يعني نزيف وبالتالي حياته يومياً تتعرض لخطر الموت, كيف يمكن إيقاف نزيف  المخالفات المرورية  الشبه يومي  في نظام  مروري لايزال تحت التشييد والبناء?, كيف يمكن إيقاف نزيف رسوم الخدمات التي تُقر يومياً على أصحاب الدخل المحدود دون سابق إنذار أو تبرير?,كيف يمكن إيقاف غول  الغلاء المتوحش الذي يلتهم ليس فقط راتب الموظف المتقاعد بل حتى مدخراته,? كيف يمكن أن يحتفظ المواطن بشرايينه سليمة دون ترفيه وسفر وقيمة تذكرة السفر تحتاج راتب شهور من سنوات كدحه وكده? كيف يمكن له يعيش بشرايين مفتوحة أمام نسبة من اعلى نسب التلوث في العالم؟ هو مشروع شرايين مفتوحة أيضاً أمام جميع وزارات وهيئات ومؤسسات الخدمة العامة, ما أريد أن أقوله , هو الكف عن التفكير في أن المواطن شريان مفتوح  سواء في طرح الشركات المتعثرة أو الرغبة في الحصول على أموال مباشرة لهدف أو لآخر, وفي نفس الوقت ليس هناك تفكير جدي في استيفاءه لحقوقه مثل حقه في علاوة السكن بعد التقاعد, وحقه في الحصول في سعر مناسب على الناقلة الوطنية, أيضاً هناك شريان آخرنازف  وهو إمكانية المساهمة مع إمتناعها سلباً في تداول قضية  إرتفاع تكلفة المعيشة للمواطن أمام جمود إمكانياته أو إخراجه من دائرة الفعل لو أن الاخوان  أعضاء مجلس الشورى الموقرأرتفعوا الى مستوى وجودهم كذوات فاعله وليس فقط وجود للإستخدام  الأمر الذي لايساعد على إحتواء هذه الظاهرة بقدر ماهو يبررها ويجعل شرايين المواطن أكثر عرضة للنزيف  والادهى من هذا كله أن حينما تستفحل حالة النزيف بالمواطن لايجد له سريراً لإستطبابه داخلياً إلا بشق الأنفس ولاتأميناً صحياً لعلاجه,هناك شعور بأن شرايين العمال أهم كثيراً من شرايين المواطن , مستشفى خاص ورعاية متفوقه إنجاز عظيم بلاشك يُسجل لقطر  لكن ليس مع  نسيان أن المواطن أيضاً كان عاملاً حتى بلغ سن التقاعد أو أُحيل غصباً عنه الى التقاعد,لاأدعوا الى فتح شرايين أحد لا العامل ولا المقيم أدعوا فقط إلى الإلتفات الى شرايين المواطن المفتوحة, هناك أيضاً إستخدام مغلوط متعمد لمفهوم الترشيد حين تكون النية فتح شرايين جديدة تستنزف  مكتسبات المواطن  فترشيد الماء والكهرباء غاية سامية لكنه مرتبط بمفهوم آخر وهو مفهوم توزيع الثروة وحق التملك إذا لم نراعي الفرق  في ذلك فالمواطن ليس سوى مشروع وفاة  قادم ويصبح من الصعب بعد ذلك  بقاء الوطن  لايمكن أن نتذكر الوطن وننسى المواطن  ويأتي المستقبل كما نتمنى أو نريد. 





 

 

 









الثلاثاء، 24 ديسمبر 2019

عظم الله أجركم في الطبقة الوسطى


 

 

تهمني الطبقة  الوسطى كوجود مادي , بقدر ما تهمني ثقافتها كعامل إتزان في المجتمع , نحن نتجه اليوم نحو  مجتمع بلا طبقة وسطى تماماً , كتبت مراراً وتكراراً منذ عدة سنوات عن تلاشي هذة الطبقة رويداً  رويداً وأكتب اليوم كي أنعيها , الثقافة السائدة اليوم هي ثقافة  الدولة  بإنفراد , لذلك نرى  ثمة عسكرة للذوق العام إبتداءً من القصيدة الى اللحن الى النشيد الى الاداء , نقدر ظروف البلاد ونقدر ما يُحاك ضدها من مؤامرات ولكن في نفس الوقت قطر إنتصرت لم يعد الحصار يمثلُ عائقاً أو سبباً في تجييش الذوق العام واقتصار الثقافة على مهرجانات وحشد إحتفالي , مانراه ليس دليل على صحة المجتمع , لاأثر للطبقة الوسطى وثقافتها فيه البته , ناهيك عن تلاشي وجودها المادي الملحوظ,, أثنا الحصار  حصلت عملية تآكل  واضحة  لهذة الطبقة سواء إلتحاقاً بالطبقة العليا  أو تركاً لسقوط متدرج نحو الاسفل.الذوق العام في المجتمع في خطر نظراً لتبعيته لنمط العلاقات السائدة حالياً , الطبقة الوسطى كلما إتسع حجمها كلما أصبحت العلاقات أفقية وهذا مؤشر صحة للمجتمع وكلما تناقص حجمها جرى سحب هذة العلاقات وشدها إلى أعلى  تبعاً للمصلحة على حساب العلاقة الانسانية, الطبقة الوسطى كلما إتسعت كلما حافظ المجتمع  على قيمه وأخلاقياته, وكلما تلاشت كلما خسر  ذلك المجتمع , الطبقة الوسطى كلما وجدت  وجد التسامح اليوم مجتمعنا يتجه نحو التشدد مع الاسف في علاقاته , الضغط السكاني جاء على حساب هذة الطبقة وعمل على  تفتيتها وإضعافها نظراً لأنها أصلاً حكومية المنشأ , فأحالتها الحكومة الى التقاعد ,مكان الطبقة الوسطى الوطنية  ليس المولات وإنما الجامعات والمدارس ومراكز الابحاث,الطبقة الوسطى هي الرافد الحقيقي للإنتخابات القادمة , المهندس  , استاذ الجامعة, المدرس  و الصحفي...... إذا كانوا من رواد المولات الدائمين من ابناء هيئة التقاعد فأي برنامج سيحملون غداً الى المقاعد, نحن أمام تحدي كبير كأس العالم صحيح لكن نستقبله بقاعدة عريضة من أبناء الطبقة الوسطى  المتمكنة  لأنه مناسبة وظرف وبناء البلد ديمومة  واستمرار,  الذي ينهار ويتلاشي اليوم ليس  هو البناء وإنما الطموح , أبناء الطبقة العليا ومن سلك مسلكهم من الايقونات  إكتمل طموحهم وما تبقى ليس سوى طمع وابناء الطبقة السفلى يحملون فقرهم خالياً من  كل مايمكن أن يقدمونه للوطن,المحافظة على الطبقة الوسطى  سيحفظ لهم الذوق العام  ,وسيحفظ للمجتمع ذائقته الفنية التي افتقدناها مع رحيل عبدالعزيز ناصر وحسن علي , وجود الطبقة الوسطى سيحفظ  للناس علاقتهم الطبيعية وسيعمل  على تخفيف درجة التشدد التي أراها في تزايد واضح  حيث يتعامل الفرد هنا مع مرجعيته الاولى لعدم وجود طبقة وسطى ثقافية تعفيه من ذلك , قيم المجتمع في خطر , ذائقة المجتمع في خطر , وسطية المجتمع في خطر , الجانب الانساني في المجتمع في خطر لتغول المادة بشكل مخيف , لانريد أن نجد أنفسنا وقد تحولنا الى مجرد اشياء ومبان وناطحات سحاب,وخسرنا الانسان انتبهوا ايها السادة  الطبقة الوسطى صمام أمان لوسطية المجتمع ,صمام أمان لقيادته , صمام أمان لثقافته ولهويته , اليوم يعيش أفراد هذة الطبقة بين الخوف من السقوط  المادي والسقوط الثقافي  وهو أخطر حيث سيفقد المجتمع ثقافته الوسطى التي إشتهر بها ومن هنا يتسلل الخوف على المصير.