السبت، 12 يناير 2019

هوس "الهوية"



هناك هوس يجتاح المجتمع  أسمه "هوس الهوية" منتديات ومحاضرات ومؤتمرات بأسم الهوية , الهوية القطرية وكيف نحافظ عليها ؟ هذا الهوس في إعتقادي يطمس  أسئلة  هامة لايمكن الولوج في مبحث الهوية دون مقاربتها  وفهمها ,الحديث عن الهوية  كما يُطرح اليوم في الندوات والمحاضرات , حديث غير ذي معنى , حديث مجرد  وليس له دلالة واضحة , بل له أثار سلبية, بل انني أعتقد جازماً أن ازمة الحصار هي أزمة هوية بالدرجة الاولى, أزمة هوية  مجردة متخيلة وليس لها وجود متحقق في الواقع لأنهم ليسوا مواطنون الا بقدر  إنخراطهم في  هوية النظام  لذلك عندما نطرح الهوية  من غير جذرها الحقيقي تتحول الى أداة قتل وليس مدخلاً لحوار أو لتفاهم , مشاكل أمتنا العربية تتأتى من إعتقادنا أن هناك حوار بين الهويات  وهذا خطأ واضح الهويات لاتتحاور مالم تسبقها وجود لمفهوم المواطن , فالحوار يتم بين مواطن ومواطن آخر  , بين مواطن ليبرالي أو علماني ومواطن إسلامي أو سلفي , ولكن لايتم بين علماني وسلفي أو بين ليبرالي  واسلامي , تصبح الهوية وطن  منغلق  يرى في المختلف تهديداً وخطراً عليه  , لذلك قبل هوس الهوية نحتاج الى هوس المواطنة  وهوس الحرية داخل الدولة حتى يمكن بعد ذلك  تُطرح مسألة الهوية , بدون ذلك حينما نطرح الهوية القطرية  فنحن أمام قطري قديم وقطري جديد وقطري بالجنسية وقطري بالوثيقة , وندخل في صراع , و قطري شيعي وقطري سني بعد ذلك . نحن بحاجة الى وعي بالدولة قبل الوعي بالهوية , لذلك  أتمنى الخروج من هوس الهوية والتركيز على بناء توافق  يصبح اساس للهوية القطرية الوطنية , كل عام أحضر اكثر من ملتقى عن الهوية والخوف عليها وكيفية المحافظة عليها لماذا لانها طائر  ليس له وكر يعود ويقف عليه, نعاني من طرح اسئلة في غير وقتها , سؤال الهوية في اعتقادي فخ وسجن  قبل سؤال المواطن  داخل دولة المواطنة,حوارتنا  لاتتفق عن اجابات ولا عن حلول , القوميون والاسلاميون  والليبراليون والمحافظون , والحداثة والتقليد  كلها مشاريع لحوارات ارهقت الامة وتتكرر كل عام , يتحاورون بهوياتهم  وليس كمواطنين ,فيصبح الاختلاف خلاف ,   وتبعد الشقة عاماً بعد آخر .
أنا ادعوا كما ذكرت الى طرح أسئلة تجعل من الهوية شيئاً مشتركاً داخل الوطن وخارجه ولايتحقق ذلك الا بمقاربة سؤال المواطنة  والحرية داخل الدولة ,ليس هذا قصراً على قطر ولكن معظم دولنا العربية  منخرطةٌ بلا وعي في  سؤال الهوية ,  سؤال الهوية قبل سؤال المواطنة ضرب من الوعي الزائف , أرجو أن تعي ذلك مؤسساتنا الثقافية والتعليمية لانها جزء من طرح سؤال الهوية  وهو سؤال مغري  ويستفز الانسان خاصة أن الانسان العربي بصفة عامة يعاني من التهميش  وليس له من حياته سوى الهوية  ولكن الحقيقة تقول أن الهوية حتى تكون فاعله وانسانية ومحايدة لابد لها من جذر  مشترك هو المواطنة ولا تحولت الى هوية قاتلة.

الخميس، 10 يناير 2019

مجتمع هوية لامجتمع حرية


 

نحن مجتمع هوية ولسنا مجتمع حرية. هذه النقطة ليست واضحة في الاذهان, وبل وعملنا على تكريسها يوماً بعد آخر على المستوى الشخصي وعلى المستوى الرسمي , مانمارسه هو "الهوية" وليس الحرية,  يعتقد الكثير اننا أحرار ولكن في الحقيقة نحن نعيس في سجن الهوية.كل نشاطاتنا  واعمالنا تقوم على الهوية وليس الحرية ,  حتى ديمقراطيتنا هوية وليست حرية.المجتمع الهوياتي  يدمج الهوية داخل الفرد  فيصبح الفرد هوية صلبة, وبالتالي منتج هوياتي  ويصبح تبعاً لذلك  أداة لاستخدام الهوية ذاتها, هي التي تستخدمه وليست مجرد تجلياً لوجوده .أنظر في كل مكان من حولك ستجد الهوية حاضرة ليست كثقافة وإنما كقيامة , هذا التصاعد الهوياتي لايترك مجالاً للحرية بل ويتقمص رداء الحرية  وهو في الضد منها تماماً, تاريخنا تاريخ هوية لاتاريخ حرية هل هناك من ينكر ذلك؟تعليمنا تعليم هوية  يعطيك التاريخ منذ ولادتك حتى وفاتك مع ملحق بما قد يحصل لك بعد الممات .تنطلق من بيتك تحمل في وعيك قبيلتك وطائفتك وليس وطنك , الاخرون أغيار , تصل عملك أو مدرستك أو أي مكان آخر  يجري الفرز في المعاملة كل هذا داخل وعيك وتمارسه من منطلق حريتك وهو في الاساس منطلقاً من هويتك , كان مجتمعنا أكثر حرية في السابق عنه اليوم مع الاسف في المدرسة , في الفريج , في السوق, كنا نمارس حريتنا أكثر  وبدرجة أقل كثيراً هويتنا, ننطلق اساساً من أننا مجتمع مسلم وهذا أول مظهر هوياتي , ثم من أننا مجتمع قبلي وهذا ثاني مظهر هوياتي,  ثم من اننا نمتلك حقيقة الماضي وننطلق بها من الحاضر الى المستقبل وهذا ثالث مظهر هوياتي , أين إنسان الإرادة الحرة , دمجنا الحرية في الهوية منذ الصغر فأصبحت الوراثة حرية وهي في الأساس هوية, , أين المختلف سواءً دينياً أو إجتماعياً أو لوناً أو..., أين المرأة,أين حرية نقد الماضي وشخوصه ,  أين المراجعة لما تلقيناه قبل الوعي ؟أين أين.... كل هذه "الأين نات" التي تقع في نطاق الحرية مفقودة , ونعتقد أن الحرية فقط فيما نمارسه من هوية.ولتخفيف غلواء ذلك قد يسمح بممارسة جزء من الحرية كحرية التصرف داخل نطاق الهوية الجاهزة سواء الدينية أو الاجتماعية , لذلك لانعجب حينما نرى وسائل الاتصال الاجتماعي تموج بالغث من المديح والاطراء  وفي الجانب الآخر مزيج من القذف  وسوء اللفظ والابتذال كلا الطرفان  نتاج لممارسة الهوية  على حساب الحرية المغيبة, التي غيبتها الهوية بل طمست أبعادها بحيث أصبحت هي الحريةإن عدم الفاعلية في تسيير أمورنا ولا في استشراف مستقبلنا  ليس سوى  استطراد لمجال الهوية  المتشكله سابقاً, حتى التعليم الخارجي  وكثافة البعثات التي ارسلت في العقود السابقة  عادت تمارس الهوية وتلتحق بها على حساب الحرية , أنا أصدق حينما يقول قائل ماذا نريد بعد كل شىء متوفر ولله الحمد ؟ هنا يمكن تلمس البعد الهوياتي والنرجسي , لانريد شيئاً نحن نملك كل شىء , لانريد بعد هذا سوى حسن الخاتمة والذهاب الى الجنة.كما أضاف آخر .إذا كانت الهوية قد أثرت مجتمعنا في السابق , فإنها اليوم تحتضر مالم تتحول الى حرية تحفظ المكتسبات وتصون المجتمع وتبني ألانسان  , الحرية لاتعني الفوضى بل أنه ليس هناك حرية خارج الدولة بشرط أن تكون الدولة مجالاً للحرية لاللهوية  فالحرية تعني الانسان كأصالة لاكإلتحاق بماض لم يختاره  ولابمصير لم يحدده ولابمستقبل لايرى فيه تحققاً لما يصبو إليه .