السبت، 12 مارس 2016

ثقافة "المضَمر" المعاصر

"لغة "المضمَر " من أضمر بمعنى أخفى. مضمر الأبل هو من يقوم بإعدادها وتجهيزها لتصبح مؤهلة للسباق , هذه الوظيفة أصبحت اليوم من أهم الوظائف وأسمنها إسما وفعلا في دولنا الخليجية , فأسم أشهر المضمرين ينافس أسماء أشهر المطربين والفنانين , نظرا لرواج مسابقات الهجن وجوائزها الثمينة ودخول اسماء كبيرة من السلم الاجتماعي فيها .كل هذا يبدو في مجالة , التضمير عموما ليس إبداع هو إعادة تأهيل , في إعتقادي أن مجتمعنا ينتج مضمرين في جميع نشاطاته وليس مبدعين , ما نقدمه من برامج تراثيه هي برامج مضمرة نمطية أخرجها مضمر في الحقيقه وليس مبدع, أعدها ورتبها وقضى على الترهل فيها لتصبح صالحة للعرض والسباق, ثقافتنا كذلك , محكومة بسقف تنظيمي رسمي , من أين تبدأ وإلى أين تنتهي, كميدان سباق الابل بمضمريه المشهورين, إعلامنا أيضا وكذلك صحفنا, المضمر يؤدي وظيفه كوظيفة الحلاق إلا أنها إستغراق في الريعية وبُعدا عن الانتاجيه , في إعتقادي أن مفهومها إنتقل الى نشاطات المجتمع الأخرى , فأنتجنا خريجا مُضمرا , ومثقفا جاهزا للتكرار والاعاده لاللتفكير, وإذا ما أستمر الوضع على ماهو علية تقشف وشدُ للأحزمة في وظائف الانتاجيه وبذخ في مجال المضمرين لاأستبعد أن يتجه خريجونا قريبا الى مجال التضمير هذا إذا لم يسبقهم الى هناك المتقاعدون الذين أفنوا أعمارهم في الدراسة ليحالوا الى التقاعد قبل أن تستفيد الدولة منهم ولا من دراستهم وخبراتهم.فيصبح لدينا قريبا مضمرين من حملة الشهادات , ويصبح التضمير ثقافة في حد ذاته , في إعتقادي علينا التنبه الى مانغرسه اليوم في وجدان وأدمغة الشباب , فالنشاطات التي تسمى تراثية هي نشاطات مبسترة مضمرة لكي تبدو جاهزة لحلبة السباق وليس لحقل الانتاج فلا يجب الانغماس فيها ولا على شروطها وثقافتها أكثر من ذلك مجتمعيا ولاإعلاميا, ثقافة "التضمير " الزاحفة مارستها وتمارسها الطبقات المخملية في مجتمعات كثيرة قديما وحديثا, لكن لم تُكرس هناك بحيث يتمنى المتقاعد لو يصبح مضمرا ,أو طالب الجامعة لو يصبح صقارا.أعظم جامعات المدينة التعليمية لاتقاوم إغراء الريع السريع المتحقق في حلبة الشحانيه , علينا أن نوازن بين المضمر والخريج , ولانجعلهما متقابلين كخيارين , وإلا أننا بصدد إنتاج مضمر معاصر , يتخرج من جورج تاون وعينه في الأخير على مضمار الشحانية أو سبخة"مرمي"

الجمعة، 11 مارس 2016

"أخي جاوز الظالمون المدى" و"فسحة "المدرسة

>الفرصه أو"الفسحه"بين الدروس كما نسميها أيام الدراسة النظامية في المدارس كانت تمثل جزءا من منهج الدراسة وهوية المدرسة , لازلت أذكر نشيد "أخي جاوز الظالمون المدى فحق الجهاد وحق الفداء" الذي يذاع في "الفسحة" بين إنتهاء الدرس الثالث في مدرسة قطر الاعدادية, حيث نذهب الى المقصف المدرسي لتناول المرطبات والوجبة المدرسيه من سندويشات "لحم بوعجين أو فلافل" بينما صوت محمد عبدالوهاب الشجي يغذي وجدان الطلبة بكلمات الشاعر علي محمود طه زارعا وعيا بعظمة أمتهم ولغتهم وقضيتهم المصيريه قضية فلسطين."أنتركهم يغصبون العروبة مجد الأبوة والسؤددا , وليسوا بغير صليل السيوف يجيبون صوتا لنا أو صدى" .الفكرة هنا أن المدرسة كانت تمثل منهجا نابعا من خصوصية المجتمع ومن خصوصية قضاياه التي يعيشها ,فهناك تفاعل بينها وبين المجتمع , لذلك كنا نرى الفروق , لكن لم نكن نرى الشذوذ والتناقض والتصادم بين المناهج , كانت اللغة العربية مشتركا أساسيا في المنهج , لايطغي على أهميتها طاغ , كان الوعي الاجتماعي ينتقل من الوطن الاصغر الى الوطن الأكبر, المنهج الديني الموحد في جميع مدارس الدولة ساعد على أداء المسجد لدوره وكذلك للخطيب في منبره.الطابور الصباحي وجبة عروبية إسلامية , فيها الحديث وفيها النشيد وفي خطاب الأمة العربية الواحدة, كان الاستعداد لمعركة جديدة مع العدو الاسرائيلي هو العامل الأهم المسيطر على وعي الأمة , كانت حرب الاستنزاف على اشدها الأمر الذي أرهق كاهل إسرائيل حتى تطلب من أمريكا التدخل لإيقافها بعد ذلك "الفسحة" بين الدروس كانت تنقل الطالب من وعي الدرس الى وعي الأمة , أشفقت كذلك على الاجيال اللاحقة لذلك حيث لاطابور صباحي ولافسحة مرتبطة بواقع المجتمع , والاخطر من ذلك كلة الخلط المسيطر على أذهان الجيل بين العروبة "كهوية" وبين القومية العربيه كتجربة سياسيه لها إخفاقاتها ككل التجارب السياسية في العالم نتجاوزها بتجاوز أخطاءها