الثلاثاء، 17 أبريل 2018

إفتتاح مكتبة قطر الوطنية ... حضور الدولة وغياب الثقافة


 

المكتبات عنوان  لثقافة المجتمعات ورقيها , المكتبات  إرث إنساني خالد تتركه الشعوب وكذلك الافراد, مكتبة الكونغرس الامريكي , مكتبة لندن , مكتبة الرئيس كلنتون , مكتبة طوكيو , هذه عناوين ثقافية  أبقى من السياسات وأكثر تواصلاً مع الانسان عبر العصور , كم كانت فرحتي عارمة  بإفتتاح مكتبة قطر الوطنية , كم كانت كلمة سمو الشيخه موزا رائعة , كم كانت إضافةنسخة كتاب صحيح البخاري بيد سمو سمو الامير إضافة تاريخية للمكتبة ولقطر, كم كان  الحضور رائعاً,  شيئاً واحداً لم يحضر وهو ثقافة المجتمع القطري,أو من يمثلها, نعم حضرت قطر رسمياً , أما شعبياً فلم تحضر مع الاسف , ألا يوجد من ابناء قطر أديباً كان أو شاعراً أو إستاذاً  من يستحق شرف إضفاء بصمة وطنية على هذا الحفل المهيب الذي حظى بحضور دولي كبير , ربما كان مثل هذا السؤال يراود نفوس العديد  من الضيوف الكرام الذين أتوا من خارج البلاد للمشاركة , أين من يمثل ثقافة المجتمع في يوم كبير كهذا؟ كلمة الشاعر الفلسطيني تميم البرغوثي جيدة  وأحترمها  لكنها  لايمكن أن تقوم مقام ثقافة المجتمع القطري كحضور وكتمثيل كذلك , خاصة في ظل الظروف الحالية التي تقف قطر فيها ثقافة  وعلماً  وإرادةً متكاتفة بشكل لم يسبق له مثيل , فيأتي مثل هذا الافتتاح الذي كان من المفترض أن يكون تتويجاً  لهذه الثقافة, ليسقط هذا البُعد المعنوي الهام  ونشعر نحن من كان يتابع هذا الافتتاح  بحالة من الانفصام بين  الثقافة الرسمية وثقافة المجتمع  الناتجة من تجربتة التي يعايش ذروتها اليوم , هل يعقل بعد نصف قرن من التعليم  أن لانجد من يمثل ثقافتنا في مثل هذا المحفل , ؟ هل يُعقل أنه بعد كل هذا الانفاق على الثقافة  ألى درجة أن للثقافة وزارة تضم بين اجنحتها الماضي والحاضر  وكذلك المستقبل أهدافً وتخطيطاً, هل يعقل أنها عجزت عن ترشيح شخصية قطرية تمثل ثقافة المجتمع  ليس حضوراً رسمياً وانما دوراً  فاعلاً كما شاهدنا  مع شخصيات المكتبات العالمية التي حضرت من الدول الاخرى,؟هل لاتمتلك قطر رموزاً ثقافية؟ غياب الرموز الثقافية في أي مجتمع تعني فقره  وعوزه  الوجودي  فهو حالة طبيعية قبل قيام المجتمع؟ لايمكن أن تكون مكتية قطر مشروعاً فضائياً , غياب من يمثل قطر ثقافيا  من ابناء المجتمع غياب للمجتمع والثقافة بطبيعتها حركة مجتمعية وليست  بناءً مبستراً ولوبلغ عنان السماء, دعوة لربط المجتمع بثقافته وعدم البحث عن ثقافة بديلة, الهوة التي كانت  في افتتاح الامس يجب أن تُردم بسرعة , مجتمع الفرجة  لايستحق مكتبة , عشت لحظات سعادة بالامس وانا أشاهد الافتتاح  , وأنا استمع لخطاب صاحبة السمو وأنا اشاهد افتتاح صاحب السمو لهذا الصرح الكبير , إلا أنني شعرت  بالانفصال الذهني والشعوري بعد ذلك سوى بعض  لحظات  الوصل بين  فقراته التي تطل فيها المذيعة القطرية مذكرة الجمهور بالمجتمع وثقافتة الهامشية.

الأحد، 15 أبريل 2018

قمة الدمام ...ماتت قبل أن تُولد



هناك أكثر من سبب واضح يدعو الى فشل القمة العربية الراهنة التي تعقد اليوم في الدمام بالمملكة العربية السعودية , وبالتالي وفاة الأمة العربية  مضاعفة فيها هذة المرة  ولعدة أسباب أذكر منها التالي:

أولاً: لم يعد هناك مايسمى دولة عربية  بمفهوم الدولة السيادي, ولم يعد هناك كذلك دولة عربية قابلة لأن تكون مشروعاً للتوسط والانقاذ  ولاحتى زعيماً يمثل طوق نجاة  تختزل فية الأمة  امالها وتطلعاتها.

ثانياً: أصبح تصدير المشاكل والازمات هو السمت  الظاهر والواضح لكل نظام , فالهم كله  يقوم على حماية النفس والكرسي  حتى على حساب الشعوب .

ثالثاً: سقوط المرجعية العربية التي قامت على اساسها القمة العربية بل والجامعة العربية واستبدالها بمرجعية البيت الابيض ليس في الخلاف مع اسرائيل كما كان سابقاً بل في الخلاف البيني  مع الاشقاء , فالاوراق جميعها في واشنطن  وبدرجة اقل عند روسيا وربما ايران الأمر الذي يجعل من عقد القمة أمراً يخجل منه العربي لأنه مجرد صفر في عالم المعادلات.

رابعاً:البشاعة  والصفاقة التي سبقت عقد القمة تجعل منها مسخاً , حديث عن قناة بين قطر والسعودية  واسماك قرش وتماسيح وكأننا إزاء فيلم كارتوني لأطفال روضة, كيف يمكن لقمة المفترض منها أن تُجمع كيف يمكن للدولة المضيفة أن هي من يسعى للعمل على فصل  قطعة غالية من تراب الجزيرة العربية  عن إمتدادها الطبيعي؟ا

خامساً: غياب الأمن لأول مرة  في تاريخ القمم العربية  يصبح مقر الاجتماع هدفاً عسكرياً من قبل دولة عربية أخرى, أليس هذا هو قمة الفشل  ولو كان مسماها قمة "القدس" كما يزعمون.  كيف يمكن أن تكون قمة العرب  هدفاً لصواريخ  العرب ؟

سادساً: قمة بلا مشروع  واضح استبعدت جميع الاوراق  الهامة التي يجب أن تُحل أولاً  حتى يمكن أن نسعى لموقف عربي موحد إزاء  العالم , حصار قطر , استهداف اليمن وقتل شعبها بلا أفق ولا هدف واضح  وهو الامر الذي مر عليه اكثر من 3 سنوات.

سابعاً: لاأقول ان القمم السابقة كانت ناجحة , إلا انها على الأقل كان فيها نسبة عالية من الخجل ونقد الذات  والحد الادنى من التضامن و بعكس قمة الدمام الحالية التي تبدو خالية  من ادنى درجات الخجل من الذات  بل والمزايدة  في الانكشاف  على الغير حتى بدون طلب أو إلحاح من ألد الاعداء.

ثامناً: القمم السابقة كانت قمم زعامات , ناصر , صدام , الحسن , الحسين , فيصل  لها تقدير في وجدان الشعب العربي  على الرغم من أخطاءها , إلا أنه كان هناك قدر من الاحترام نظراً لعروبتها , اليوم لانجد  أحداً, الوحيد بلا مجاملة الذي  لدى الشعب العربي نحوه مقداراً من الحب والشعبية بشهادة الرئيس الامريكي  ترامب هو سمو الشيخ تميم أميرنا المفدى   , ولم يكن مستعداً للحضور لأسباب تخص وطنه وشعبه وإيمانه بقضيته وعدالتها.

تاسعاً:تبدو قمة الدمام قمة فاصلة  بين إرادة التحرر ورغبة الحفاظ على الوضع الراهن بل والتشرنق الى حد الحفاظ على كرسي الحكم , قمة الدمام هذة , هي قمة الحفاظ على كرسي الحكم  حتى وإن أدى ذلك لوقوف الدولة ضد الأمة , أو وقوف  االسلطة ضد الشعب.

حيث الصراع لم يعد عربياً –إسرائيلياً بل أصبح عربياً-عربياً ووصل لكي يصبح صراعاً أهلياً, بعد هذة القمة  في اعتقادي ستبدو المواجهات عربية- عربية بامتياز مالم  يسعف الله القوم  وتتدخل ارادته ثم عقلانية من تبقى من أصحاب العقل لإنقاذ الموقف.

عاشراً:هذه القمة هي قمة إسرائيل  والتسابق نحوها وسقوط السرديات الكبرى , مثلا المد الاسلامي لتحرير القدس وقبله المد القومي والرسالة الخالدة , واللاءات العربية وغير ذلك من السرديات الكبرى , خاصة بعد الموافقة الخجولة والتي ستعلن عن الموافقة على اعتبار القدس عاصمة ابدية لاسرائيل,

يبقى أن أشير الى أن التصهين هو الداء  الحقيقي , قادتنا السابقين  ارتكبوا أخطاء بالغة لكنهم لم يرتكبوا خطيئة التصهين التي يمارسها  قادة اليوم مع الاسف , يعتقدون أن التصهين سيحمي عروشهم ولم يدركوا أنه لاحماية لهم الا من داخل شعوبهم وعروبتهم وإيمانهم بقضيتهم