الجمعة، 23 مارس 2018

مناصب تُقرب من النار


 

بعض المناصب في إدارتنا العربيه أشفق كثيرا على من يتولاها ,لأنه سيكون متحملا إثما فوق طاقته في الدنيا و شهادة لايحتمل القيام بها أو الادلاء بهاالآخره, شاءت الاقدار أن يكون المواطن العربي مخيرا  بين رزقه وبين ضميره , فيأتي الرزق أولا والضمير ثانيا إلا من رحم ربي, منصب ديوان المحاسبه , ومنصب النائب العام وسلك القضاء عموما , ومنصب الرقابة والشفافيه ,  ومفتي الدوله او القضاء الشرعي مناصب قيَم  بالدرجة الاولى  , جميع المناصب الحكوميه  على قدر من الاهمية  وعلى جانب كبير من القيم أو يفترض ذلك , لكن هذه المناصب الاربعه لها خصوصيه  لأنها هي مداخل الاصلاح , يعجز أي نظام في العالم تسيير  آلياته دون وجود هذه المناصب , لذلك هي من ركائزه الهامه جدا , بل هي إنعكاس طبيعي لصورته في المرءاه.هذه المناصب في الدول المتقدمه  تم التعيين فيها بالمشوره بين الحكومه  والمجالس المنتخبه, النائب العام في امريكا يعرض على الكونغرس  لكي يوافق عليه مثله مثل جميع المناصب القياديه , ورئيس القضاه في بريطانيا  فوق سلطة رئيس الوزاره , بل أن منصب رئيس ديوان المحاسبه يعينه مجلس الامة ولا يتصل الابمكتب الرئيس , لانها مناصب حياديه أو المفترض ذلك  على الرغم ان منصب المفتي او القاضي الشرعي  خصوصيه اسلاميه الا ان هناك أيضا  آليات متبعه في التعيين فيهما كذلك. إلتهام النظام العربي لهذه المناصب كرس استبداده وقنن له , فيما يستمتع اصحابها بالرضا الحكومي والمباركه من النظام تتسع في نفس الوقت  ذمتهم في التملك والحيازه فيصبح حارس الحقل هو من يسرق المحصول .رأينا كيف عُدل الدستور في خمس دقائق في بلد عربي, وسمعنا رؤيا   المفتى عن الجنرال الذي ارسلته السماء لينقذ الشعب , ورأينا الشفافية والرقابه التي تراقب سيارات المواطنين عند كل منحنى لتسرق قوت الشهر من الاولاد , وسمعنا الخطاب الديني الرسمي الذي وعد بإعادة  عهد عمر وعدالة ابن عبدالعزيز.وكذلك عن المفتي الذي بارك حصار دولة جارة مسلمة وشقيقة في شهر الله الحرام"رمضان"أشفق كثيرا كما ذكرت  على من يعتلي هذه المناصب في عالمنا العربي فهي مناصب تقرب من النار , تأخذه الدنيا وبريقها الزائف ويترك وراءه يوما ثقيلا , لعن الله الحاجه  والعوز , وبارك في الضمير الحىَ الذي يرى الدنيا  مساحة بين مدخل ومخرج  أو طيف خيال لابد من أن نصحو منه  ببصر من حديد.