السبت، 1 أغسطس 2015

"المايده" هايد بارك الشمال



فيما ينتشر ابناء قطر المستجمون في لندن وغيرهم من ابناء الخليج في صيف كل عام في حديقة"الهايد بارك" الشهيره في لندن مستمتعين بالخضره والماء والجو المنعش , تعود الذاكره بالجيل السابق الى أيام خلت حيث الصيف اللندني يقارب الشتاء القطري أيام الربيع , والهايد بارك اللندنيه تقارب الى حد ما روضة "المايده" في شمال قطر بسمرها الكثيف وبوديانها الواسعه وبإنهمار ماء المطر جريا في هذه الوديان الى وسط الروض وجوار السدر الى حدود الحزم هنا وهناك ,قبل أن تصبح بلقعا جرداءً كمانراها اليوم ."المايده" من أكبر رياض قطر إن لم تكن أكبرها على الاطلاق , يوم جمعه والسماء ممطره أو أن الارض ممطوره حديثا ونسيم الشتاء العليل يداعب البشره , لابد من انطلاقة الى روضة "المايده", تجد السيارات تحيط بها من كل جانب والناس على شكل تجمعات هنا وهناك على أطراف الحزم إلا من جهل فعاث في الارض فسادا وداس الارض وقضى على إمكانية أن تُعشب أو أن تُزهر. تلتقي الوجوه تعرفها , هؤلاء من الدوحه وأولئك من الريان , وأهل الشمال والجنوب , الجميع مستمتع بالمطر وبالعشب وبهذه الروضه الكبيره حتى أصبحت أشهر رياض قطر ,إرتبطت في أذهاننا في السبعينيات الاولى من القرن المنصرم , حيث بدأت مظاهر الرفاهيه تظهر على شباب تلك الايام , وبدأت ملامح المجتمع الرومانسي تتشكل بعد اختفاء ملامح التعب والكدَ الذي كانت تمثله الاجيال السابقه لذلك. كانت "المايده" في شتاء تلك الايام الممطره تمثل مجتمع الفرجه ,لم تكن الفرجه متاحه كما هي اليوم , فلذلك شكلت الطبيعه حينما تتجمل مناسبة وفرصه نادره لانكشاف المجتمع على بعضه البعض في ظروف طبيعيه لم يعايشها جيل تلك الفتره كما عايشها الجيل الاسبق أيام , كان أهل قطر ينزول البر شتاء حول الرياض تفصلهم مسافات صغيرة عن بعضهم البعض , عندما أزور لندن وأذهب الى الهايد بارك أتذكر المايده في الشمال و"العقرويات " في غرب قطر كذلك, الروضه الكبيره الممتده شرقا وغربا بحزومها وسدرها الكثيف , ولقاءات الشتاء فيها حتى مغيب الشمس . بلادنا جميله , صيفها حار فعلا , شتاءها جميل , انسانها كريم , تبقى أن نسأل الله الرحمة بها بأرضها بروضها , بإنسانها , بتاريخها, كم من الأجيال عايشت الهايد بارك اللندنيه , بقيت هي للتاريخ وللإنسان وذهب من أجيالها من ذهب , هل تحس منهم أحدا أوتسمع له ركزا , تلك لعمري هي الحضاره التي تحترم الحجر والبشر

الأحد، 26 يوليو 2015

اللنجاوي: إبتسامه بحجم الوطن


كان مصدر ابتسامه بحجم الوطن وتضاريسه ومكوناته الاجتماعيه , إبتسامته كانت تخترق الاسماء والالقاب والمناصب, أينما حل , حلت معه البسمه والابتسامه , يدخل قلوب الناس بلا إستئذان , تلقائيته هي مصدر قوته , لايتصنع النكته , تخرج منه بتلقائه تربك المتلقي ليدخل السرور على قلبه, الفكاهه عند موقف , والتقليد عنده موهبة ربانيه, نحتاجه نحن المكتئبون اليوم , أكثر من اي وقت مضى , رحيله المبكر يزيدنا إكتئابا, كان يعيش الوطن إبتسامة ومشاركة, ويعايش ألم المرض في داخله فردا, يتهافت إليه الصغار , ويعرفه الكبار على مستوى الخليج لحاجتهم الى الابتسامه والتحرر من الرسميات والروتين , إمتلك ناصية التقليد , من أول نظره ومن أول لقاء , يخفف وهج المنصب ويعمل على أنسنته وأنسنة حامله الذي رسم حوله هالة كاذبة من النفوذ الزائل والقوة الكاذبه , رأيته يقلد شخصيات البلد , فينسينا سطوتهم وكأنه يقول لنا ويذكرنا بأنهم بشر , علاقة الظرفاء بالحكام والمسؤولين في تاريخنا العربي ,علاقه خاصه , فيها كثير من الفائده يجنيها المسؤول ويضحي الظريف فيها بالكثير , ليعيد رسم العلاقه إنسانيا بين الاطراف على إختلاف مناصبهم الزائله . سرت إشاعة موته منذ عدة شهور حيث كان يتعالج في تايلند , لكن مابلث أن تلاشت بظهوره سالما معافى , حمدنا الله لأنه يمثل فكره نحتاجها جميعا , ولانجدها إلا لدى النادر من الناس , القلب الابيض , يوزع بطاقات الاعراس , يدعو الجميع , يزور المجالس , للقاء الأصحاب والأحباب , أنا أنتظر بشوق كبير , تكذيب خبر وفاته , بودي أن يستمر قليلا , نحن بحاجته , لكن الله عز وجل أدرى وأرحم بالناس من أنفسهم , فلايزيد ولاينقص عنده شىء إلا بمقدار, وجوده اليوم وأمثاله نادر في زمن التجهم والنوايا المؤصده والاحكام المسبقه , هو خلاصة المجتمع المدني التي تحمل الوطن بهوية الانتماء الواسع بعيدا المرجعيات الصغرى التي تغتاله وتحاول إبتزازه وإستيلابه لتنفرد به دون غيرها , سنظل نذكر اطلالته وإبتسامته , وضحكته , وتعليقاته وتقليده الذي يضفي على النفس مرحا وسرورا , تذكيرا لنا بان الحياة إبتسامة وليست تجهم , مرورا وليست بقاء , ذكرى وأن عايشتها وتمسكت بجلابيبها , رحم الله محمد اللنجاوي وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه ومحبيه العزاء والسلوان