الجمعة، 23 فبراير 2018

شبح شارع الكهرباء

أتذكر شارع الكهرباء كلما أقبلت على منطقة "اللؤلؤة" بالذات , لاأعرف لماذا  , كان وهج منطقة اللؤلؤة الحالي , يقابله وهج شارع الكهرباء السابق الذي لم يعد له وجود, شباب "اللؤلؤة" اليوم يقابلهم شباب شارع الكهرباء  في ذلك الزمان , كان شارع الكهرباء لؤلؤة زمانه  حيث المطاعم  والمتاجر واستديوهات التصوير الشمسي, كان أيضاً مسرحاً للتجوال  في السيارات الفارهة  ومعظمها أمريكي الصنع في ذلك الزمن ,كما يهرع الناس اليوم الى منطقة اللؤلؤة وكتارا , شباب ذلك الزمن أيضاً وخاصة في ليال رمضان يتكدسون في شارع الكهرباء حتى ساعة متأخره , شارع الكهرباء كان يمثل ثقافة المدينة في ذلك الوقت  في مقابل ثقافة الضواحي حيث  لاأماكن للتسوق ولامطاعم سوى مطاعم هندية صغيرة ,  اليوم ما يحزنني ان اللؤلؤة كمنطقة سكنية  وفضاء تسوق عظيم  تبدو بلا تاريخ  تماما  بعد إزالة شارع الكهرباء وما حوله مثل شارع مشيرب وشارع عبدالله بن ثاني  , وتبدو وكأنها إفتعال وليس إنتقال  بعد هذه الازالة  لعمقها التاريخي  المتمثل في شارع الكهرباء  وما حوله , التحديث جيد لكن لكي  يصبح تحديثاً يجب الاحتفاظ  في الواقع بنسخته  الاصلية القديمة, تحديث البنيان تماماً كتحديث الانسان  لايمكن إلغاؤه بدعوى تحديثه, إنسان شارع الكهرباء كان بسيطاً  هدفه كان شهادة جامعية يخدم بها وطنه بإخلاص وعزيمة ,بينما إنسان "اللؤلؤة اليوم  مستهلك لايشعر بإنتماء المكان كما يشعر به ساكن شارع الكهرباء, إنسان شارع الكهرباء  مرتبط به وبحواريه الضيقة  يشعر بأنه حين يتحرك يتحرك ضمن تاريخه وزمانه, بينما إنسان "اللؤلؤة" يشعر بالغربة  والتوجس "أتكلم هنا عن القطري, شخصياً كان يمثل لي شارع الكهرباء  ألقاً لاأنساه  ففي إستديو الجمهورية العربية المتحدة  أُخذت أول صورة شخصية لي  لاستخراج الجواز, ومن أحذية "باتا"  أشتريت أول حذاء لي  وفي مطاعمه اكلت أول طبق حمص وفول , شارع الكهرباء علامة فارقة للمدينة كنت أتمنى لو إحتفظنا بها  للزمن وللأجيال وللذاكرة , كلما عبرت شارع الريان متجها نحو سوق واقف أرنو بناظري الى اليمين وتعود بي الذاكرة الى  ذلك العصر الجميل  حيث حركة الناس التلقائية  وتفاعلهم مع محيطهم  بكل بساطة  لاتشعر معه  بضغط التحول والتغير السريع .كان شارع الكهرباء أيام الابتدائية والاعدادية بالنسبة لنا فرصة لاتُضيع متى ماتوفرت المادة , واليوم تزهو اللؤلؤة بكل مفاخر الاستهلاك العالمي من أسواق ومطاعم  ومتاجر إلاأنها   لاتسكن في النفس كما كان يسكن شارع الكهرباء  حيث انه لم يكن مجرد شارع   وإنما كان موطنا لمشاعر وأحاسيس وطن , لم يكن مجرد شارع بقدر ماكان رمزاً لارتباط المادة بالمعنى  والمبنى بالأرض لم يكن قط مشروعاً  بقدر ماكان إنتماءً ,أتمنى لو أجد دواءً لمتلازمة شارع الكهرباء التي تلازمني كل ما أقبلت على اللؤلؤة , شبح شارع الكهرباء يطارد أجيالاً عاشت فيه طمأنينة التنمية وهدوء خطى المستقبل الآتي .