الخميس، 18 سبتمبر 2014

نماذج إنسانيه: فهد بن فالح الشهواني الهاجري رحمه الله


فوجئت في أحد الايام وقد كنت موظفا في مكتب وزير المواصلات في بداية الثمانينات من القرن المنصرم, بشيخ قطري بدت عليه ملامح الوقار والطيبه يدخل ويعرفني بإسمه , فعرفته فورا مما قد سمعت عنه وعن علاقته الطيبه باهل قطر عموما أنه الوالد فهد بن فالح الشهواني الهاجري رحمه الله, جاء يتكلم بإسم أهل"الجميليه" طالبا فتح مكتب لصناديق البريد فيها, لأنه كما قال رحمه الله : ياولدي لانستطيع منع" الدريوليه" الهنود من ذهاب الى مكتب البريد في الدوحه بين حين وآخر وهذا يعني ضياع اليوم كله وحاجتنا لهم ماسه وضروريه" وقد عُرف عنه رحمه الله هذه الخصله المطالبه بإسم أهل "الجميليه " وهي القريه الجميله القاطنه في الغرب من الدوحه , فتجده دائما في دوائر الحكومه يناشد المسؤولين على توصيل الخدمات الى قرى وضواحي قطر و كانت القرى في ذلك الوقت تعاني من شح الخدمات , لذلك كان الاهالى يعانون الأمرين في حياتهم اليوميه. لماذا نموذج الوالد فهد بن فالح مهم تذكره واسترجاعه اليوم؟ الإنسان الذي يحمل هَم الجميع . الإنسان الذي يتكلم بإسم الجميع . اليوم افضل نموذج تجده يتكلم بإسم عائلته أو قبيلته وساعدت الدوله مع الأسف سلبيا في تركيز هذه الخصله الانانيه حينما قسمت المناطق السكنيه الى عوائل وقبائل , نحتاج نموذج الوالد فهد بن فالح الذي هو نموذج برلماني أساسا , النائب او عضو مجلس الشورى الذي يتكلم بإسم المنطقه أولا وبإسم قطر اخيرا, اليوم نمتلك المسميات والتشريعات والادوات ولانعمل شيئا حتى مايمليه علينا الضمير, عندما ينطلق شيخ كبير في السن من منطقته التي تبعد حوالي 80 كيلو مترا من الدوحه الى دوائر الحكومه واحدة تلو الأخرى ويلتقي بالمسؤوليين ,كان يمكن ان يجد من يقوم بذلك غيره من الشباب ,لكنه كان يشعر بالرساله والمسؤوليه الجماعيه ,لم يكن رحمه الله رجل أعمال كبيرا , ولم يكن صاحب منصب مدويا, كل ماإمتلكه هو إنسانيته وحبه لقطرواهلها ولمنطقته ومن يقطنها. الوالد فهد بن فالح كان يمثل خلاصة حب القطري لبلده ولإخوانه من القطريين, الوالد فهد بن فالح كان أول عضو برلمان لمنطقة الجميليه وما حولها , مارس بفطرته هذه المهام وهذا الدور لم ينتظر إنتخابات ولم ينتظر قرارات , أنه إحساس الإنسان بضرورة التعاون على البر والتقوى. أمثال الوالد فهد رحمه الله كثيرون في ربوع قطرنا الحبيبه, إلا أنه كان الاكثر مبادرة وإصرار. في إحدى الجمع منذ عدة سنوات صليت الجمعه في مسجد "الجميليه" ومعي إبني محمد وقد كان صغيرا , وعند الخروج قال لي :يبه فيه رجال شيبه صليت جنبه وعطاني فلوس" وقلت له : اين هو دعني أراه. فإذا به الوالد فهد بن فالح رحمه الله, إمتدت إنسانيته الى كل من حوله ,أراد ان يشجع الولد الصغير على الصلاه.هكذا الإنسان , إنسان مع كل من حوله بعيدا عن أي مسمى او منصب أو لقب رحم الله الوالد النائب واول عضو برلمان فطري في تاريخ قطر فهد بن فالح ال شهوان الهاجري وأجزل له المغفرة والثواب.

الاثنين، 15 سبتمبر 2014

نماذج إنسانيه: عبدالرحمن بن عيسى المناعي


لازلت أذكر كلمات والدتي رحمها الله وهي تقول: علىً ان ألحق بصلاة العشاء والتراويح خلف عبدالرحمن المناعي في جامع الريان الكبير فإن الصلاة خلفه لها طعم خاص لجمال صوته وحسن قراءته وترتيله" كان ذلك في ثمانينيات القرن المنصرم على ما اعتقد.عبدالرحمن بن عيسى المناعى هذا ,هو رجل الأعمال الناجح , ومدير مكتب وزير الداخليه الاسبق , وإمام جامع الريان الكبير في ليال رمضان .أقام الوالد عبدالرحمن المناعي اطال الله في عمره , توازنا إنسانيا فريدا بين الدين والدنيا , بين حقوق العباد وحق رب العباد, طغت إنسانيته على هاجس رجل الأعمال الذي ينظر إلى الربح مجردا , وطغت روحانيته على مادية المنصب وشروطه , فكان إنسانا بإمتياز, نحن حقيقة في حاجة كمجتمع إلى نموذج رجل الأعمال" الإنسان", نحن إيضا كمجتمع في حاجه إلى إمام المسجد المواطن المتجرد وليس الموظف أو المؤدلج, كان يدير مكتب الشيخ خالد بن حمد أطال الله في عمره وكان الجميع يلجأ إليه في امور شتى وكان يتفهم ويساعد الجميع وينزل الناس منازلهم هذا ماسمعته من أهل الريان وغيرهم ولااعتقد أن الناس قد تجتمع أو تجمع على غير الحق والصواب ,أهمية نموذج عبدالرحمن المناعي الإنساني اليوم أشد من اي وقت مضى , حيث يمر مجتمعنا اليوم بقفزات غير متوازنه اجتماعيا قد تحدث أثارا سلبيه في حالة غياب البعد الانساني , وقد تجعل المسجد معزولا عن المنصب والثراء, نحن اليوم في امس الحاجه الى نموذج عبدالرحمن المناعي الإنساني, رجل الأعمال الناجح الذي يرى بعين الإنسانيه المشتركه , أذكر أن والدي رحمه الله قد ذهب إليه في موضوع إنساني يخص أحد الأخوه الذي إشترى سيارة للتو من شركة "التيسير " وقدر الله أن تنقلب به ويتوفى قبل وصوله بيته ولم يدفع سوى عربون ,فما كان من الانسان عبدالرحمن المناعي عندما أخبره الوالد رحمة الله عليه إلا أن تنازل عن باقي المبلغ وترحم على الميت.موقف إنساني لاينسى , لماذا نحن في حاجه الى نموذج عبدالرحمن المناعي اليوم أكثر من أي وقت مضى؟ لان مجتمعنا بدا يتجه نحو العزله متأثرا بآثار الريع, سواء كان منصبا أو ثروة, بدأت تظهر تقسيمات خطيره نتيجة لذلك, نحتاج الى من يكسر حاجز هذه التقسيمات كما فعل الوالد عبدالرحمن المناعي , نحتاج أن نعود الى مزيدا من الأنسنه التي قام عليها مجتمعنا القطري , عندنا شيوخ كرام , ورجال أعمال افاضل نريد منهم مزيدا من الإندماج مع مجتمعهم إنسانيا بعيدا عن أي شىء آخر, لاننسى ان سر تطور المجتمعات ليس فعل الحكومات بقدر ماهو فعل افراد المجتمع وتضحياتهم, إن أكبر مؤسسات وجامعات الغرب هي نتيجة لمساهمات المجتمع من رجال أعمال وأثرياء, كان إيمان عبد الرحمن المناعي جزءا من ثروته , وكان المسجد جزءا من مكتبه وكان المجتمع كله جزءا من إنسانيته, أطال الله في عمر الوالد عبدالرحمن بن عيسى المناعي وحفظ له ابنائه الكرام, ومتعه بمزيد من الصحه والعافيه