السبت، 9 ديسمبر 2017

اليوم الوطني والعودة إلى الذات


 

بدأت الاحتفالات باليوم الوطني مع إفتتاح  أنشطة درب الساعي , والجميع يشعر بأنه هذا العام يمثل حدثاً مختلفا  عن الاعوام السابقة  من حيث المعنى والدلالة ولي هنا بعض الملاحظات:

أولا:لأول مرة نشعر بأن إحتفال  هذا العام ينبع من الذات "المُتحققة" وليس من الذات "المُتخيَلة" كما كان في الاعوام السابقة.

ثانيا: لأول مرة يجب على لغة "البيان" أن تخفتَ أو تتوارى وراء لغة "الانجاز"

ثالثا: لأول مرة    يفترض أن تكون القبيلة جزءا  من النسيج الوطني وليست النسيج الوطني  كله, كما كانت تُظهرها إحتفالاتنا السابقة.  

رابعاً: يأتي إحتفال هذا العام  وقطر ممثلة في سموه أميرها تقدم خطاباً إنسانياً راقيا على جميع المستويات المحلية والاقليمية والعالمية, وبالتالي يصبح خطاب المجتمع  وإحتفالاته جزءا من هذا الخطاب الانساني  المرتفع.

خامساً: لأول مرة أشعر بضرورة أن يكون إحتفال هذا العام إنكشافا للذات القطرية  من خلال الانسان,  ففي الاعوام السابقة  لم تشكل إحتفالاتنا  ظهورا للذات الوطنية كوجود  بقدر ما أظهرت الموجود  على السطح وعملت على تعظيمة.

سادساً:العودة الى الذات تعني أن تشعر بالوطن من خلال المواطن , وهذة فرصة مؤاتية بعدما كان المواطن يُخفي الوطن  في تاريخه الصغير  أو في حكايتة القصيرة.

سابعاً:يأتي إحتفال هذا العام مشبعاً بإمكانيات جديدة  لدولة قطر على جميع الاصعدة , لذلك يجب أن يكون معززا  لما تحقق ومبنياً على إنجازات حضور الذات القطرية وفاعليتها وإعتمادها على ذاتها,  على جميع الاصعدة, بمعنى أن يكون تجاوزا لماسبق  وتعالياً على  تجربة الاحتفالات السابقة.

ثامنا: شعار هذا العام هو مقولة سمو الامير"إبشروا بالعز والخير" وهو شعار جامع كبير  ويربط بين العزة والكرامة من جهة والخير من جهة أخرى,  ويمثل في نفس الوقت  تأكيدا وحرصاً من قبل سموه حفظة الله على  أن يشعر المواطن والمقيم في قطر بالكرامة  أساسا  للعيش  وفي طلب الرزق , كما يُمثلُ شعاراً إنسانيا  وليس  شعاراً سياسياً ,مما يظهر التوجة المستقبلي للدولة  في الاعتماد على الذات أولا وأخيراً بعد أن أثبتت تجربة الحصار الظالم المستمر أن ابلغ الظلم قد يأتيك من أقرب الاشقاء ومن كنت تثق بهم كل الثقة.

تاسعاً: كنت في كل عام أدعوا الى إحتفالا وطنيا  يمثلُ ولاءً أفضل , وأعتقد أن هذا العام  يمثل فرصة واقعية  وواضحة  لتقديم الولاء الافضل للوطن من خلال الوطن ذاته ,

عاشراً : الاحتفالات الاعوام السابقة كانت  إحتفالا للمواطن , يرى فيها المواطن الوطن من خلال وعيه به , هذا العام من المفترض أن يكون وعي المواطن جزءاً من وعي الوطن , بمعنى أن يختزال ذاته ضمن ذات الوطن , لقد تركزت عبر الاعوام السابقة الذات الفردية وتضخمت على حساب الوطن كذات, في حين نحن نعيش اليوم  ظروفا تثبتُ أن المواجهة والدفاع عن الوجود تتطلب أن يكون الوطن بوتقة تنصهر فيها جميع الذوات , وهو ما عبر عنه سمو الامير حين أشار أن قطر ترحب بجميع الوساطات  وبالحوار شريطة أن لايكون على حساب  الكرامة  والسيادة, وهما الاساس  لكل وطن حر وذات موحدة, وأمةٌ كريمة.

الثلاثاء، 5 ديسمبر 2017

لماذا غاب المُحاصرون وحضر ألمُحاصَر؟


 

 

يجب أولا أن  نتفق على تحديد هام وهو :هل الأزمة أزمة خطاب أم ازمة أفراد؟ لكي يمكن تفسير  إشكالية الغياب والحضور في قمة دول مجلس التعاون الاخيرة  التي عقدت أمس في الكويت وسط جو من الاحباط  شهده المجتمع الخليجي من الكويت شمالا حتى مسقط جنوبا.ماذا يعني أن يتحاشى المسؤولين المواجهة  وجها لوجه؟ لماذا يغرد المسؤول بكلمات لايستطيع بعدها مواجهة من غرد بحقه من الدولة الاخرى؟ لماذا كان الشيخ تميم مستعداً  وجاهزا للقاء  ومواجهة  جميع  الاتهامات  والجلوس للحوار؟ لماذا كان الشيخ صباح قادرا على  مواجهة جميع تقلبات الازمة ومصرا على  تحريك الأمور ؟ لماذا تتهرب دول الحوار من اللقاء وتوعد وتُخلف  وتصطنع الاعذار والمسببات لعدم الحضور؟ الجواب في إعتقادي  له جانبان : الاول  أن الازمة  لدى قطر والكويت هي أزمة خطاب . بينما هي عند دول الحصار أزمة أفراد. ويترتب الفرق هنا أن الخطاب مرتبط بعلاقة بين القاعدة والقمة , لذلك تنتفي عنه الشخصانية  وهو مانشاهده في في خلافات العالم المتحضر  حيث ليس هناك أزمة أفراد مهما كانت الالفاظ حادة بينهما إلا أن اللقاء والحوار  لايحمل صفة شخصية أبدا لأن  المشكلة أو الازمة أزمة خطاب , الجانب الآخر يتمثل في أن أزمة  إذاكانت أزمة أفراد فذلك يعني أن هناك إنفصاما بين  القاعدة والقمة بحيث  لايمكن أن يطلق عليها أزمة خطاب . دول الحصار عجزت عن الحضور لأن أزمتها مع قطر أزمة أفراد  وقطر والكويت وعمان حضروا لأن الازمة لديهم أزمة خطاب تتعدى  ملامح الوجوه و وبذاءات اللسان , وكان واضحا استعدادهم للحضور بأريحية أذهلت المجتمع الخليجي والعربي وجلسوا مع موظفين أدني منهم مستوى دونما حرج لأن الازمة كما قلت لديهم أزمة خطاب وليست أزمة أفراد , لانهم يمثلون مجتمعاتهم  وإراداتها .  بينما حال الانفصام بين القاعدة  والقمة  لعدم وجود خطاب مشترك أصلا بينهم في دول الحصار حال دون حضور  ملوك وأمراء هذه الدول .ليس هناك منهج واضح ينظرون اليه الى الموضوع سوى  من منطلق فردي  ونوازع نفس مريضة  لذلك جاءت اتهاماتهم  كخبط عشواء  في كل إتجاه وقبضتهم في نفس الوقت تزداد على الداخل المنفصل  لغياب الخطاب  المشترك  الذي لوكان متوافرا لأمكن الحل , لان  ازمة الخطاب  تتعدى الافراد وحضورهم وتضع المجتمعات ومصيرها واهدافها في المقدمة. ولايمتلكون أيضا موضوعا يعيدون  قراءة المنهج وتعديله من خلالة. لذلك  هم لايزالون  يعيشون عبثية واضحة تجعلهم يتسترون , الحقيقة إنكشاف  وظهور  وإستعداد فطري للحوار  والبحث  هذه هي الحقيقة الانسانية التي تبحث عنها الشعوب , لقد كان هناك ألما خفياً في النفوس  نظرا لسرقة الافراد لخطاب الشعوب وإختزاله في  مشاعرهم  الشخصية التي تخدم مصالحهم الفردية على مصالح الصالح العام ورغم ذلك فقد كان مشهد الشيخ صباح ومعه أميرنا الشاب الشيخ تميم  مشهدا اثلج الصدور أيضا لأنه يكشف بالمقابل عن حقيقة هذه الشعوب  وحقيقة إرادتها وسعيها للتجاوز والاستمرار معاً رغما جميع الصعاب . إن كينونة وحقيقة شعبنا الخليجي إنكشفت من خلال شخصيتي هاذين الرمزين , لذلك حضورهما كان حضوراً للحقيقة التي لايزيدها غياب الاخرين  إلا ظهوراً.