الأربعاء، 5 نوفمبر 2014

"راشد" يفضح إنسانية المجتمع الزائف


عرفته هائما في سكيك وحواري الريان ,لطيف المعشر, لايتكلم كثيرا , كان يعمل في مركز الريان الصحي , اذكر مره , ساعدني في الدخول الى أحد الاطباء رغم عدم وجود بطاقة طبيه لي في هذا المركز, راشد هذا عاش عمرا طويلا الى حد ما متنقلا بين بعض مجالس اهل الريان , يذهب معهم الى البر والبحر , يدخن كثيرا , قاوم ظلم المجتمع الذي لم ينسبه الى "أب" إكتنى راشد هذا بكنية " " فأصبح معروفا للجميع بهذه الكنيه,لم يكن لقيطا وإنما فقط لم يحظى بالاعتراف, لم يكن يلبس غترة وعقالا وإنما فقط "طاقيه" او قحفيه" كما نسميها, وكأنه يقول أن المجتمع رفض أن يلبسني " الغتره والعقال", تحمل نظرة المجتمع له بدون ذنب له ولم يتذمر ولم يشتكي لأحد, عاشر الجميع بخلق حسن , عندما يغضب أحدهم عليه أثناء لعب "الورقه" ويصفه"بال ..." يبتسم وكأنه يحيل هذه التهمه وهذا الوصف للمجتمع وليس يعنيه ذلك كثيرا لأنه يشعر بأنه ضحية مجتمع لاأكثر والجميع يتحمل معه مأساة وضعه. لم يلجأ إلى إنتحال أي أسم آخر كما يفعل الكثير لتخفيف غلواء المجتمع ونظرته القاسيه, بل ترك ذلك ربما ليحرج المجتمع ذاته وليكشف عورته ,فهو إنسان مكتمل ومواطن صالح وأبن الريان , لم يُسرع ليصلح وضعه, في مرحلة "إصلاح الوضع" التي سادت في مرحله سابقه, فعندما يشتبه بأحقية هذا أو ذاك للجنسيه , يقال له إذهب وأصلح وضعك , بمعنى إنتسب الى أحد ما لكي تقبل في المجتمع, وهناك العديد من الشخصيات المرموقه اليوم من أصلح وضعه سواء لأب معين أو لقبيله معينه ليختفي من أعين المجتمع ويسلم من لسانه, مجتمع القشور هذا لم يحرك ساكنا في نفسية راشد رحمه الله , ولم يعمل على إصلاح وضعه لأن وضعه في الاساس هو"الصح" ووضع المجتمع هو"الخطأ" كشف راشد رحمه الله حقيقة المجتمع وزيفه , ينظر إليه البعض كشخصيه لاقيمة لها وأراه شخصيه غنيه جدا وثرية جدا بإمكان المتخصص أن يدرس المجتمع من خلال هذه الشخصيات التي تعكس تجاذبات المجتمع وتناقضاته لولا غنى شخصية راشد لما استطاع أن يعيش ويمارس عمله بشكل يومي وطبيعى , بلا شك كان يملك من المشاعر والاحساسيس والايمان بالله ما جعله يرتفع فوق وضعه الاجتماعي ليعيش وضعه الانساني, كثيرُ منا يعيش وضعه الاجتماعي على حساب وضعه الانساني , فيظلم هذا ويتكبر على هذا , ويلعق حذاء الآخر, ونادر منا من يعيش وضعه الانساني أولا والاندر من يقاوم وضعه الاجتماعي بالارتفاع الى وضعه كإنسان , كما فعل راشد رحمه الله, بعد أن غاب عن عيني طويلا , سألت عنه فقيل لي : لقد توفي في غرفته في مركز الريان الصحي حيث كان يعمل منذ مدة طويله, لم يعلم ولم يشعر بوفاته أحد, رحل بصمت كصمته أيام حياته وابتسامته عند الحديث عن نسبه , شخصية بهذا الغنى المعنوي , تعادل في نظري عشرات الشخصيات الفارغه إلا من إمتلاء الجيوب والبطون, رحم الله راشد وأبدله عدلا سماويا عما لحق به من ظلم في دنيا الفناء والزوال.