الخميس، 24 أغسطس 2017

هوية مابعد الحصار



أسوأ ما تمخض عنه الربيع العربي  ليس فقط هذه الفوضى العارمة هنا وهناك وهذة الدولة الممزقة  في جميع ارجائة في الشرق او في الغرب , أسوأ نتائج الربيع العربي  في إعتقادي  هو القضاء على  إمكانية الخروج من كوجيتو الهوية المغلقة ,الى فضاء جديد  غير هوياتي يتشكل تبعا للحرية  ومناط سيرها وإتجاهها, أهم ما خسر مجتمعنا العربي  هو "الأنا " الحرة, التي عانت طويلا من  ألاخر كبديل لها. تلك الجموع التي خرجت  خارج نطاق الهوية التي فرضتها الدولة عليهم, ليس لها طابع ايديولوجي سياسي أو ديني أو غير ذلك, لم تخرج من أجل زعيم  أو قائد , خرجت تمثل رمزية الكثرة  لشباب عاطل عن العمل , خرجت  تبحث عن هوية أخرى مفتوحة  لايملؤها رمز سوى  رمز الانا الحرة ,  خرجت تبحث عن نوع جديد من الشهادة ليست الشهادة من أجل الحزب أو الزعيم أو القائد  ولكن من أجل الشهادة كرمز إنساني أخلاقي ,فالشباب صيغة حيوية  تماما كما حصل في ربيع باريس 1968 حين تفجرت الهوية عن هويات  وتبع ذلك تعددا في الهويات والذوات الحره كان المجتمع الفرنسي  على استعداد للتعامل معها  نظرا لامتلاء المجال العام  بالناشطين الاحرار , بعكس ماتم في ربيعنا العربي  حيث إنقضت الهويات الجاهزة الموروثة والذهنيات الزعامية حيث كل زعامة هي في الاساس هوية عنيفة  على الثورة  التي قامت اساسا  للخروج من مجتمع الهوية  المنغلقة التي تمثل الزعامة فية  أقسى  وأعنف  أشكال الهوية.

أنا اعتقد أن  ازمة الحصار التي تفرضة الدول الاربع على قطر  هوية ازمة هوية, وإستباق قبل أن تتفجر الارض معلنةً قدرة الشعوب على التحرر المفتوح على كل آفاق المستقبل للخروج من هوية الثبات الميتافيزيقية  التي تمثلها أنظمة الدول الاربع أفضل تمثيل , في حين تبدو أكثر حراكا  في قطر  إلا انه لايعني أن الازمة لم تكسر الجمود الهوياتي  في قطر كذلك, بل أن بوادر ظهور القطري بهوية  أكثر إنفتاحا  كذات حرة  كانت واضحة لم يشوبها سوى البعض الذي كان يرى   أنه ليس رقما بمفردة  وإنما  رقما  إلتحاقيا  لاأكثر, تجد ذلك في وسائل الاتصال  الجماهيري , تجد ذلك في السؤال عما يجري , كل من يطرح سؤلا في هذة الازمة هو  ذات حرة وهوية مفتوحة  , اطلقت الازمة حمى الاسئلة وحجمت الاجوبة بشكل كبير  هذا دليلُ واضح على  كسر  نسق الهوية  الرسمية التي تعطيك أجوبة  حتى بدون أسئلة , لعل إشارة سمو الامير في خطاب سابق له "قطر تستحق الافضل من أبنائها" دليل أو إشارة الى الهوية الغير جاهزة  وأهميتها, أخشى ما أخشاة أن قوى "الرجعية" في المجتمع  تكون أكثر حرصا من أصحاب الشأن في التمترس وراء الهوية "الجاهزة  الموروثة" في حين أن العصر القادم هو عصر  الحرية كمولود جديد دائما   لأجيال بلا هويات سياسية إلا ماتصنعها برغبتها  وإختيارها.

الأحد، 20 أغسطس 2017

الأزمة والوعي الزائف



علينا  الانتباه على أن اي وعي  يقودنا إلى مادون الوطن  هو "وعي زائف".أخشى ما اخشاه من تشظي الوعي بحيث يسيطر على فرد أو جماعة فيعتقد أو يعتقدون انهم على حق وغيرهم على باطل, أو أنهم  وحدهم من يمثل الوطن  أو البطل في الدفاع عن الوطن , لذلك فإن مؤسسات المجتمع تلعب دورا هاما في تكوين الوعي الحقيقي الذي  ينطلق من الواقع, لأن في ذلك شرطا رئيسيا حتى لايكون زائفا. فهي وحدها القادرة على تنمية الجانب الفكري والعقلي  بدلا عن  التلقين المجرد الذي يُخلق بالتالي وعيا زائف. اليوم في هذه الازمة , المراد كما يخطط المحاصرون أن  نكون مجتمعا تابعا ومسيطرا عليه وهذا لن يتحقق لهم  طالما كان الوعي حقيقيا وليس زائفا  أي  أن ينطلق من الوطن مؤسسة وليس من الافراد والجماعات والطوائف. من صور الوعي الزائف   التي قد تسبب إشكاليات كثيرة للمجتمع في المستقبل أن يُربى النشء على التلقين  تربويا , حينها يصبح صيدا  سهلا  لحبائل تزييف الوعي سواء دينيا أو سياسيا  . نحن في أشد الحاجة اليوم  الى  أن يكون مصدر الوعي هو الوطن  وليس غيره  فالوعي الحقيقي يساعد في تغيير الواقع أما الوعي الزائف فيقوم على تكريسه, خاصة عندما يكون الانسان في مرحلة من عدم ادراك ما يدور حولة في زمن التضليل والفتن والصراعات. فالملاذ الوحيد هو ان ينطلق الوعي من الوطن ومن قيم المجتمع النبيلة. النظام التعليمي يتحمل جزءا كبيرا  من  هذه المسؤولية العظمى وهي تبديد الوعي الزائف الذي يتبرمج عليه الاطفال والذي يبقى مسيطرا عليهم طوال حياتهم ومهما حملوا من شهادات بأرقى الجامعات إلا أن وعيهم  لم يتغير ويظل مرتبطا بوحدات صغرى  مادون الوطن  سواء دينية كانت أم إجتماعيو فأول خطوة يحققها الانسان في معرفة ذاته هي هو شعوره بإنتمائه لمجتمع يتطور تاريخيا وحضاريا , إذا فقد المجتمع هذة الخاصية تبدأ طبقات الوعي الزائف بالتراكم على العقول , أزمتنا الراهنة أزمة وعي زائف  يمثله هذا الحصار الجائر , وأول خط دفاع  نواجهه به هو  الوعي الحقيقي النابع من الوطن الواحد , من قطر , هي القبيلة وهي الطائفة  , أحذروا من الوعي الزائف الذي تحمله كثيرٌ من وسائل الاتصال الاجتماعي ,  وبذور الشك  والتفرقة التي تُلقى هنا وهناك وأعتصموا بعد الله بحبل الوطن  وبالوفاء للأمير .وبالمكاسب التي تحققت  حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.