الخميس، 4 ديسمبر 2014

صباح : ذلك الفرح المقيم



وسط القتل والذبح والبطش والدمار , نعش يرقص وحوله دبكة تقام وطبول تقرع وفرح مقيم, ماذا كانت تريد صباح أن تقول لنا؟ اليس الموت مجرد إمتداد للحياه ؟ اليس الصمت مجرد إستئناف للكلام؟ اليس الله اعظم من أن يتكلم بإسمه بشر؟ أو أن يحتكر رحمته مخلوق ؟ صباح بوصيتها هذه وهي أن لايحزن أحد بموتها , بل يرقص الجميع حول نعشها , ارادت ان تتحدى ارادة الاشرار من البشر من سياسيين وسماسرة حروب تعتاش على دماء الالاف من البشر في وطننا العربي النازف حزنا ودماء. الفرح وحده هو السلاح الوحيد الذي بيد الابرياء العزل يقاومون به الظلم والفساد والطغيان , الفرح المرتبط ارتباطا وثيقا بعدالة السماء القادمه بلا محالة لتنصفهم, الفرح والابتهاج وحدهما اقوى من أي طبقة سياسيه حاكمه تتاجر بدماء ابناء الوطن من اجل مصالحها الخاصه , ماتت فقيره الا من الفرح , ماتت فقيره احتجاجا على من يسرق اقوات الشعب ومقدراته وهي اللتي امتلكت الملايين ,لانه لن يستطيع أن يفرح في النهايه , ولن يكون موته إمتدادا لحياة أخرى. كانت اقوى من مجتمعها ومجتمعاتنا العربيه الحزينه , لاتكترثوا بالدنيا كثيرا لانها ليست نهاية الا للطغاه , رمزية تابينها انتصار لإرادة الحياه على مجتمعات الموت والفتك بالانسان , رفعت صباح برمزيتها هذه بقيمة الغنى المعنوي الى اسمى مقام فوق الغنى المادي والفقر المعنوي الذي يستبطن خفايانا ويعيش بين جلابيبنا وثيابنا . الحياه طريقة عيش يوميه وليست استملاكا للزمن وحرصا على جمع الايام واتقاء شر السنين بمزيد من النهب والجشع والطمع, لم تعد اوطننا تتحمل مزيدا من القتل وزهق الارواح والبطش بالابرياء بإسم الله وبإسم الدين , ردت عليهم صباح بما تملكه من خزان فرح وابتسامة أمل فيما بعد الموت, تحدت من يمتلكون الدنيا ويتحكمون في مصائر الناس بعد الموت فيوزعونهم مسبقا نحو الجنه ونحو النار, نحن ابناء الخطيئه التي أنزلت أبانا آدم الارض بعد أن كان في السماء, نعم الموت له حرمتة و لكن لم يترك سفك دماء الابرياء ولا قطع رقاب الاحياء ولا جز الرؤوس ولا بقر البطون أية حرمة له في ترابنا الاسلامي الطاهر. علمتنا صباح أنه بالحب وحده تحيا الشعوب , وبالابتسامه تنهض المجتمعات وبالتسامح نحظى بخير الدنيا والاخره , لاتملك سوى الغناء , وعندما غاب الصوت , لم تعد تملك سوى الفرح , علت بإنسانيتها فوق ايديولوجياتنا الضيقه ., أعادتنا صباح لباكورة اقبالنا على الحياه دون تكلف أو تصنع عندما كان صغارا , لانعرف سوى الحب والصداقة والفرح والامل , لم نعرف من السياسة سوى التآلف والتجاور والتصافي , لم نعرف سوى حب الاوطان وتحية العلم , لانمتلك اليوم سوى الامل في الله وفي المستقبل بعد ان سرق منا كل شىء و لانمتلك سوى الفرح رأسمالنا المتبقي لاننا استوفينا جميع جرعات الحزن في الدنيا, كنا صغارا نردد اغانيها واغان مواطنتها سميره توفيق ونحن نستمع اليهما عبر الاسطوانات القديمه فنستشعر المرؤة مع أغنية "بالله صوبها القهوه وزودوها هيل " ونستشعر الصفاء والاحساس الجميل مع صباح وهي تردد " ع الضيعه يمه ع الضيعه , وديني وبلا هالبيعه"
لم نكن نعيش القلق , ولم نكن نخشى الايام وقلوبنا فضفاضة بالحب . غفر لها الله ورحمنا جميعا إنه هو وحده علام الغيوب

الاحتفال باليوم الوطني ومفهوم الهويه


نحن على ابواب احتفالات الدوله السنويه باليوم الوطني, ومن الهام جدا في نظري التأصيل الثقافي لمعنى العيد الوطني أكثر من الاحتفال به ولي هناك بعض الملاحظات أود لو أذكرها أو أُذكر بها.
أولا:أول فكره يطرحها أي إحتفال بالعيد الوطني هي فكرة" الهويه" بل أول انطباع للزائر للاحتفال هو الخروج بإنطباع أو تصور عن هوية المجتمع صاحب الاحتفال
ثانيا:قضية الهويه , قضيه فارقه وهامه في تطوير وتنمية المجتمعات, لذلك لابد للمجتمع الوعي بها كقطار للمستقبل أكثر منها إستراحه على رصيف الماض
ثالثا:إذا تصور المجتمع أنه يحمل هويته مكتمله خلفه , أصبح في موقع الدفاع وليس الابداع و في موقف التكور والتحوط ولىس في وضع الانفتاح نحو الممكن دائما, لذلك من الهام تجديد الاحتفال مع تجدد هوية المجتمع.
رابعا: هوية المجتمع دائما أمامه يخلقها ويبدعها مع تطوره, ليس على حساب ماضيه بالطبع ولكن بتجدد رؤيته لذاته ولمستقبله.
خامسا: لايعني انفتاح الهويه على المستقبل والتجدد, التفريط في جزء أو أجزاء من المجتمع على حساب جزء آخر, أو العبث بشكل يجعل يعزز من سيطرة مكون على آخر داخل المجتمع.
سادسا: الخروج من ظاهرة الأحاديه في إختزال الهويه الى التعدد, ومن صفة التشابه الى التنوع, الهويه الغنيه هي الهويه التي يلازمها التعدد والغنى الثقافي, اختزال المجتمع في شموليه ثقافيه واحده افقار للهويه.
سابعا: كما ذكرت سابقا وأكرر هنا أن البعد الهام والضروري يجب أن تكون الرؤيه المستقبليه , يعني مالفرق الثقافي الواضح والظاهر بين احتفالنا الاول واحتفالنا اليوم باليوم الوطني .
ثامنا: جميل جدا شعار العيد الوطني المأخوذ من أقوال المؤسس الشيخ جاسم ورؤيته الشامله للكون وللوجود وللحكم, فالبتالي يجب ان تكون هناك رؤيه واضحه أكثر من طقوس احتفاليه تأخذ يومين ثم تنتهي.
تاسعا: هوية المجتمع دائما بحاجه الى المجتمع ليضيف اليها ويبلورها بما يخدم حاضره ومستقبله , أكثر من حاجته اليها مكتمله متوارثه سلمت اليه جاهزه ويسلمها لمن بعده وصيه ثابته, يجب كسر هذه الدائره لأن فيها من الاستعباد والاحتكار الكثير يتحول معها المجتمع الى شكل من اشكال التراتيبيه الاجتماعيه المقفله كتلك التى تسود في المجتمعات الطبقيه الحاده كالمجتمع الهندي مثلا
عاشرا: لايمكن التقدم في اي مجال من مجالات التنميه مع وجود الهويه المكتمله لانها تسكن الماض وتوقفت عند لحظه معينة منه وتبدافي الصراع على الحفاظ على ما انجزته , كما لايمكن التقدم كذلك مع انتهاك الهويه بقصد الهندسه الاجتماعيه للمجتمع لغرض أو لآخر.
أحد عشر: الهويه الوطنيه هي الهويه الأم التي يجب التركيز عليها كشعار وكإحتفال, الهويات الصغرى يجب ان تكون تحت الهويه الوطنيه ,
إثنا عشر: الهويه ليست هي جواز السفر او الحصول على الجنسيه و لا هي ابعد من ذلك واعمق من ذلك , الهويه تكوين ثقافي يمتلك الماض وله رؤيه ثابته نحو المستقبل, وهو جزء من ثقافة المجتمع , بحيث لايمكن فرزه بعيدا عنها حتى مع سحب جواز سفره او إسقاط جنسيته. فلا يجب الخلط بين الاثنين
ثلاثة عشر: الهويه ليست مجالا للتسابق على اثبات الوجود, لذلك ارجو ان يرتفع الاحتفال الى مرحلة الاطمئنان لجميع فئاته واجزاءه , لذلك ادخال مكونات جديده كل عام لايزيد في متانة الهويه, لان الهويه لاتستدعى للتعبير عن ذاتها هي تملك ذاتها في الاساس وكل ما تحتمله هو التعبير عنها بشكل حضاري ونحو المستقبل وافساح المجال العام لها في الحياه وليس فقط في المناسبات