السبت، 29 أكتوبر 2011

رساله الى مجلس الوزراء الموقر

عندما يحدد نظام المرور  وجود الدوله من عدمه

أحد محددات وجود الدوله هو نظام المرور فيها, أول مايلفت نظر القادم اليها  ويعطيه انطباعا عن  وجودها  ونوعية هذا الوجود, بل وعن طبيعة انسانها  والحكم على تصرفاته , الفوضويه فى المرور هى فى الاساس عدم   تخطيط يؤدى الى    التأخير الغير مبرر والتكدس اللامدروس  ,  , نظام المرور هو علاقتك  بالخارج , تصرفاتك  مع الغير, هذه جميعا تجعل من نظام المرور أولويه أخلاقيه قبل كل شىء, لايمكن مقاربتها بجهاز واحد أو إداره واحده , تحتاج الى تعاون الدوله من القمه الى القاعده, عندما ينتهك نظام المرور تنتهك الدوله, الدوله التى تعرض نفسها للإنتهاك , دوله فوضويه وتسعى الى الفوضى. قبل أن نتحول الى دوله فوضويه  مروريا وبالتالى تنظيميا , لدى ثمة ملاحظات لأبديها:
أولا: البنيه المروريه لدينا مشوه ولاتتمشى مع سياسة الدوله  لا السكانيه ولا العماليه, أو نستطيع أن نقول أن هذه السياسات عليها أن تراعى البنيه المروريه أولا فى رسم سياساتها , بمعنى مزيد من السكان والعماله يعنى مزيد من الفوضى,  والاضطراب والتخبط. لايغيب مثل هذا الامر عن  أى جهازتنظيمى  مرورى فى العالم.

ثانيا:  معظم المخالفات المروريه غير مشروعه لأنها تقع فى  مايسمى بفقه الضروره أو الحاجه, لامواقف عند ادارات الخدمه ,  لامواقف للضروره فى الشوارع, شوارع ضيقه  لاتتعدى الخطين لاتجدها فى  أضعف الدول وأفقرها ومع ذلك  الجزاءات مرتفعه وتشبه الى حد كبير  عملية الجبايه منها الى عملية الجزاء المرورى.

ثالثا: وجود مواقف للمعاقين فكره جيده بشرط ان لايتحول الجميع الى معاقين كذلك  عندما لاتوفر لهم  إمكانية  الانتظام ونظام المرور , عندما لايتم ذلك يتحول الجميع الى معاقين فبالتالى  من الظلم ان تمنع احدهم من استخدام مواقف "المعاق" بدنيا  لأنه كذلك معاق تنظيميا.

رابعا: دخول عامل جديد فى العمليه وخطير كذلك وله عواقب كارثيه نظرا للإزدحام الشديد  وتحول المشوار البسيط الى رحله زمنيه تستغرق من الوقت الكثير هذا العامل هو"استخدام البلاك برى والتويتر"  اثناء عملية الوقوف فى طوابير الزحمه  فى هذه الحاله يخرج السائق من مزاج العمليه المروريه الى مزاج آخر حتى ترى انه لايعبأ ليس فقط بالزحمه وانتظار الخروج منها  بل  وبجو الشارع العام  فقد لايتحرك الا بعد ان يكتب مايريد  من دردشه وغيرها , هذا شى ملاحظ جدا وملموس  , لذلك قد تؤدى هذه المشكله الى مشكله أخرى  اجتماعيه أوسع.

خامسا: تحول شرطة المرور الى مدونين  وكل منهم يحمل ورقه وقلم  ليدون الاخطاء , حول الامر الى مايشبه الواجب المدرسى والذى لايؤديه يحاسب , فترى الجميع يعود بالصيد الثمين على حساب ما  تسببه هذه البنيه المروريه الخربه  من اسلوب  للتعامل معها هى من أوجدته وكانت سببا مباشرا فيه.  
سادسا: لايعنى ان يترك الحبل على الغارب ولكن  يجب الفرز والاعتدال, فالقضيه قضية  مشروع عام الكل له نصيب من  قيامه وانتظامه, لكى لايتحول النظام المرورى الى مصيده  وفكرته تقوم على الاصطياد والايقاع بالضحايا.

سابعا: أناشد مجلس الوزراء الموقر, واناشد ادارة المرور والاشغال , كل فيما يعنيه أن يرحموا المواطن, أن يدعوه يصل الى مكان عمله بمزاج  صاف . العمليه الانتاجيه مترابطه أول  سلسلة  فيها  هو الشارع ونظام المرور والاحتكاك بالآخر وعليه يبنى  كل النشاط اليومى, فإذا اردنا انسانا منتجا, علينا بتنظيمه مروريا وتسهيل مروره الى  مصالحه التى هى بالتالى مصالح الدوله, بالمثل أذا اردنا أن نشعر القادم بوجود الدوله وحضورها , علينا بالشارع وتنظيمه, مشهد رجال الشرطه والمرور بكثافه لفك الاختناقات مشهد طوارىء فى الاساس فلا يجب تحويله الى ان يصبح قاعده

ثامنا:  السياسه السكانيه هى بيت الدواء, تناسبها مع البنيه التحتيه للدوله هو اولوية التنظيم بلاشك فهل من مدرك أو مستجيب,  المعاناه قبل وقتها  ليست سياسه, الضيق فى وقت السعه ليس اسلوبا, الزحمه لمجرد ولهدف الجبايه ليس نظاما لدوله تسعى للحفاظ على هويتها.

الاثنين، 24 أكتوبر 2011

الفرصه الدينيه والفرصه المدنيه





 الفرصه الدينيه فى شعوب متدينه بالفطره لابد وأن تكون الاقرب للتمثل اليوم من غيرها من التوجهات والاتجاهات والتطلعات  الموجوده فى الشارع العربى على أشكالها. لذلك ما أن يسقط نظام عربى  متسلط حتى  تفرض الفكره أو الفرصه الدينيه نفسها قربا  عن غيرها.  ولى هنا بعض الملاحظات:  
أولا: كما أشرت  فأن الشعوب العربيه  شعوب متدينه بالفطره لأسباب عديده , كونها منبع الاديان السماويه , ولأن الاسلام أنشأ  مفهوم الأمه  وأكد عليه .

ثانيا: تبرز الفرصه الدينيه أسرع  لأن هذه الشعوب لم تعرف السياسه فى حياتها, رغم أنظمتها السياسيه إلا أنها أنظمه  ذات بنيه دينيه أكثر منها سياسيه  تقوم على الفرد المبجل , المعصوم , المحرر   القائد, مفاهيم رسوليه أكثر منها سياسيه.

ثالثا: الفرصه الدينيه اذا لم تتحول الى إمكانيه مدنيه من خلال صب  التوجهات الدينيه فى قوالب مدنيه واضحه, قد تؤدى الى التمايز بل حتما ستؤدىاليه.

رابعا:  مفاهيم الدين  المطلقه كالحريه والعداله والمساواه, أسرع دائما  فى  التعبير عنها  فى مراحل الظلم وعند سقوط الظالم ولكن بعد ذلك  لكى تحكم لابد وأن تتحول الى مفاهيم مدنيه  مقننه وحياديه  لكى يعيد الشعب بناء نفسه من جديد ولايؤدى الأمر الى إعادة الوضع السابق.

خامسا: جميع أنظمتنا السابقه استخدمت  هذه المفاهيم الدينيه المطلقه  عند استلامها الحكم ولكن  لم تحولها الى مفاهيم مدنيه مقننه دستوريا فلذلك تحركت فى  فضاء من المطلق أو استخدمت على نحو جعلها تعنى شىء فى موضع وشىء آخر فى موضع آخر , وعند شخص آخر.

سادسا: تحول الفرصه الدينيه الى فرصه مدنيه هى اللحظه الحاسمه والمنتظره غير ذلك ليس مأمون  الجانب  خاصة فى مرحلة الشحن الطائفى الذى تبدو نذره فى تزايد.
 سابعا: قد يحيل المفهوم المطلق الى الانتقام  السريع فى الفكره الدينيه , فيزيد الأمر سوءا كما شهدنا , "السن بالسن والعين بالعين " كما استشهد البعض. لكن المفهوم  المدنى  يعنى فهما أكثر رقيا للفكره الدينيه  ووضح  ذلك القرآن " ولئن صبرتم  فهو خير للصابرين" مثلا. الفرصه المدنيه  تعنى الارتقاء  بالفهم الدينى الى مرحلة الايمان.
ثامنا:   أبلغ صوره  للفرصه المدنيه اليوم "محاكمة مبارك ووجوده فى القفص, هزت  هذه الصوره  الذهنيه العربيه  وقربتها كثيرا من النقله الحضاريه, أرجو أن لايسرقها الشحن الطائفى ومن هم وراءه. وأبشع صوره  فى إخراج الفرصه الدينيه هى  فى مقتل القذافى والتمثيل به , لو إرتقت الى مستوى المحاكمه  لفاقت الصوره المصريه بكثير.
تاسعا: الأمه بحاجه الى الفرصه الدينيه والفرصه المدنيه, هى بحاجه الى الفرصه المدنيه كإمتداد للفرصه الدينيه الموجوده فرضا, لكن قوتها وإستثمارها الحقيقى والمفيد أن تتحول الى فرصه مدنيه ودستور متسامح  مكتوب  يسمو بالروح المتدينه الى رحابها الانسانيه.

عاشرا: الفرصه الدينيه هى بالضروره مدنيه, وإلا لايمكن التحقق من أحقيتها وحقيقتها الدينيه.  لذلك هما الضروره  فرصه واحده , تجزئتها إختلاق على الدين وعلى المجتمع.