السبت، 5 فبراير 2011

نصيحة مبارك لصدام"إنقذ العراق وأستقيل" زئبقية السلطه العربيه



لعل البعض يتذكر نصائح الرئيس مبارك للرئيس صدام  اثناء أزمة الخليج الاولى وماأكثرها .نصحه بأن يرحم العراق  أولا ويستقيل   و أن يرحل  الى أى بلد عربى  ويخرج الامة والشعب العربى من  محنته وإنشقاقه. اليوم  المشهد أمام مبارك أوضح كثيرا  للإقتداء بنصيحته "وبحكمته" حينئذ. الوضع اليوم يتطلب منه  أن يرحم شعبه وأمته  وأن يرحل , فالوضع مصرى التشكل والابعاد  , وطنى  الشعور  والاحساس , منبعه من الداخل  والداخل فقط. إنه موقف  الشعب بعيدا عن اى  تأثير خارجى  فلذلك  فيه من درجة الاختلاف الكثير مقارنة بما فعله صدام وإستوجب نصيحة مبارك له بالاستقاله والرحيل. هنا يتضح شكل آخر من ممارسات السلطه العربيه وهو شكل تاريخى  وثقافى لم يتوقف. يجزىء فى المواقف وينتقى فى الاوضاع ويجعل من الحقيقه  ذات وجهين , مطلق بالنسبة للاخر "خطأ أم صواب" ونسبى بالنسبة للذات. مثل هذا  الموقف "الزئبقى" نفاق اسود  يتطلب إعادة  فى دراسة تاريخ الامه وتراثها. ولى أن  ابدى بعض الملاحظات هنا:
أولا: الاستبداد مرتبط تماما  بثقافته ا لزئبقيه التى تقوم على النفاق والعاطفه بعيدا عن تحمل المسؤوليه  وتحديد  المواقف  ومحاباة الذات وعدم   مراعاة الاخر . يتحول فى مراحل الضعف الى عاطفه  واستجداء كخطاب مبارك الاخير ولعل البعض قرأ أو يتذكر  ما حصل فى رومانيا منذ عقدين قبل ازاحت  تشاوشيسكو ومقتله وزوجته  بعد ذلك حين نادت زوجته احد الجنود الذى يمسكها يدها بقوه قائلة له "اترك يدى أنا أُمك".

ثانيا: فقدان المرجعيه الثقافيه والاخلاقيه للسلطه اخطر كثيرا من فقدانها حتى  للشرعيه  الدستوريه ذاتها فلذلك  كانت المناداة لدى البعض عبر التاريخ بأنه لايصلح حال الامه سوى "مستبد عادل"  جرى التركيز فى هذه العباره على البعد الاخلاقى بعيدا عن  مصدر الشرعيه  لاهميه تلازم الامرين معا  ولكن فى حالة فقدان البعد الاخلاقى الثقافى  , تصبح الشرعيه ناقصه  وتتحول الى زئبقيه ما ينطبق على الاخر لاينطبق على" كم شهدنا فى نصيحة مبارك لصدام والتى  يحتاجها هو نفسه اليوم  اكثر من اى فرد او اى وقت آخر  "ولكننى أنا غير" هذا هو منطق  الموقف الزئبقى

ثالثا: الارضيه التى تتحرك عليها السلطه الزئبقيه التى ترى نفسها استثناء دائما  هى الارضيه "المافياويه" المستفيده من الوضع حيث تشكل هذه الارضيه دعما مستمرا لها ومبررا دائما لاخلاقياتها واستثناءاتها , واليوم نشهد  ذلك عيانا فى الجوقه الجديده من هؤلاء  يبررون ما لايمكن تبريره  محاولة منهم للالتفات على حركة الشارع المصرى وحراكه. 

رابعا: تعمل السلطه الزئبقيه على انشاء الدوله الرخوه التى تصدر القوانين ولا  تطبقها  فى حين تقوم المافياويات المصاحبه المستفيده بالالتفاف عليها  فتقل قبضة النظام  القانونى ويصبح شكلا  لا جوهرا وإذا وصل الامر الى الجيش فقد يلتحم  مع السلطه فى مواجهة الشعب المعزول  بمعنى أنه قد يتحول هو الاخر الى مافيا مستفيده من الوضع  فيشيع الفساد      .

خامسا: السلطه الزئبقيه لاتريد أن تخرج فلذلك يصبح التوريث  هو السبيل الاوحد ورأينا  حمى التوريث يجتاح الجميع  وينتج نسخا مكرره معدله تحاول تجميل الصوره فيأتى الابن لإصلاح ما أفسده الاب على حساب الشعب مصدر السلطات. حتى فى احلك الساعات  وتجهم الموقف الشعبى بشكل مباشر  مشيرا بإصبع واحده  تقول أخرج " يأتى جواب السلطه "هم رايحين فين" بمعنى الشعب رايح فين.
سادسا:  تستهين هذه السلطه بالشعب  مع مرور الوقت  ومع تكون المافياويات المحيطه بها  تشعر بالأمن والاستقرار  فلا تعد تحس بالشعب ولا  بأوجاعه وهنا  يبدأ العد التنازلى لها مع الوقت , ويذكر الدكتور جلال أمين أنه بعد الانتخابات التشريعيه المزوره الاخيره فى مصر حاول بعض الوطنين إنشاء برلمان بديل لهم فلما وصل الامر الى الرئيس قال "خليهم يتسلوا"  هذه صوره واضحه لإنفصام السلطه بمن حولها عن الشعب.

سابعا: لقد كان مبارك أكثر الناصحين  لصدام والمكررين له بالانسحاب والتراجع عن الخطأ حيث يعد ذلك  ايجابيا وأذكر بأننا كنا نستمع الى ذلك بشكل شبه يومى حيث كان ونظامه يمثلون الناصح الاكبر من أجل العراق ومن أجل الأمه ومن أجل حقن دماء المسلمين. ولكن التاريخ  يحصره اليوم فى زاوية نصائحه   وكأنه يكشف النوايا وما تخبىء الصدور بأمر ربانى ليميز الصادق من المأجور.

 الآن:اذا لم تنتهز شعوب الامه الفرصه السانحه اليوم  لفرز ثقافتها بشكل  انسانى وعصرى  واستمرأت الخطاب  التاريخى السمج  الذى يبرر القدريه والخيريه  والانتقائيه والاسطفائيه تحت أى مسميات فإن القادم اسوأ  لأن انكشافنا الاخلاقى اليوم أمام العالم والذى يمثله نظام مبارك حيث تتكسر الاراده الشعبيه أمام إصرار السلطه المتلونه التى تقذف  بالقرابين واحدا بعد الاخر لكى تتلون وتعود من جديد  فى موقف أنكره العالم . شعب يطالب ورئيس يماطل ويرفض   بعد ثلاثون عاما من ا لحكم لمطلق  الاستفزازى ولكنها تمر على الظالم  كلمح البصرفى حين يبدو يوم ا لحساب  بالنسبة له كألف سنة مما تعدون.

الجمعة، 4 فبراير 2011

التحول الديمقراطى بين: مجتمعات الرغبه ومجتمعات الحاجه



 لماذا تونس ومصر؟ لأنهما مجتمعان وصلا الى مرحلة الحاجه الى التحول الديمقراطى. ولكن اليست هناك مجتمعات عربيه اخرى  تمثل الحاجه الى التحول الديمقراطى ضروره ملحه؟. الجواب نعم ولكن شروط وصولهما لم   تنضج  حتى الان وربما هى فى طريقها لذلك. درس هام علينا ان  نتعلمه   مما حدث ويحدث فى تونس ومصر.درس يغنينا كثيرا عن  التنظير  وتفصيل السناريوهات  وانتقاء النماذج . بل يغنينا عن  التلبس باليأس  وانسداد الافق  واسوداد الرؤيه وتوجس سوء المصير حول  هواجسنا نحو حلم الديمقراطيه الذى طال به العهد حتى  تحول الى كابوس تتناقله الاجيال وتحكى به الركبان.  فى هذا الجانب ارجو ان اوضح بعض النقاط:
أولا:المطالبه بالديمقراطيه  أو بالتحول الديمقراطى كرغبه غير العمل من اجله  او من أجلها كحاجه,   الحاجه ضغط نفسى وبيولوجى لايمكن تأجيله عندما تحين ساعته, بينما الرغبه حاجة مؤجله او يمكن تأجيلها وليست ضاغطه
ثانيا: هل تتحول الرغبه الى حاجه  فى هذا الخصوص, الجواب نعم, عندما تتآلف مجموعه من العوامل الاقتصاديه والاجتماعيه  الضاغطه التى تأتى على طمأنينة الرغبه المؤجله لتحولها الى حاجه ملحه معنويه :كإنخفاض الدخل وإغتصاب الحقوق ومصادرة الرأى  وحرية التعبير , بمعنى حاله من انعدام الوزن الاقتصادى والاجتماعى يضاف اليها فقدان العداله اوالقدره  على اللجوء للقضاء العادل أو فقدانه من الاساس.

ثالثا: التحول الفوقى المساعد يعتمد على قدرة النظام  وفاعليته بين إدراك المسافه التى وصل اليها الشعب والنقطه التى يعايشها بين مستوى الرغبه ومستوى الحاجه للتحول الذى ذكرت, إذا لم يدرك أو تعامى عنها فسيأتى الامر لامحالة عليه كما حصل فى تونس ويحصل الآن فى مصر عدم إدراك النظامين بأن  الشعبين وصلا الى مستوى الحاجه الى التحول  او فقدهما للإحساس بذلك أورثهمما المهالك  والمصيرالمظلم  والعزله الدوليه والداخليه. حتى سقوطهما الفعلى أو المؤجل  بالنسبه لمصر.حتى كتابة هذا المقال.
رابعا: خطورة مستوى الحاجه كونه بيولوجى الطابع أما أن يتحقق أو  التضحيه من أجله بينما مستوى الرغبه كما ذكرت يمكن تأجيله  حيث أنه فى الوعى ولم يصل الى مكامن الحاجه البيولوجيه  .

رابعا: إحتقار الشعوب  وعدم الاحساس بها وإستفزازها عامل نارى فى سرعة تحول الرغبه الى حاجه, لكم أن تشاهدوا ما يحصل الان فى مصر  مزيدا من الاصرار  على ذهاب النظام كلما استمر فى استفزازاته  من تنازلاته وقحه لاترقى  الى مستوى الحدث  وإحساس المواطن وتضحيته.
 خامسا:بالنسبة لمصر , مصر المجموع, أكبر إهانه معنويه لها  ولتاريخها هى  فى مصادرة دورها التاريخى فى المنطقه وتحولها الى  أداه. اليوم مصر تريد استرداد تاريخها  ودورها  وهذه حاجه  معنويه جمعيه  كامنه  فى اللاوعى بالنسبه لكل المصريين, إن اللاوعى المصرى بل العربى الجمعى كذلك يختزن صور زاهيه لايمكن نسيانها أو إغفالها,  ربما من استمع للجزيره مباشر  اليوم وهى تعيد الاستماع لقصيدة "دعاء الشرق" لعبد الوهاب أدرك ما اعنى . نعم الدور المصرى أكبر صادرات مصر جرى  مصادرته  وتقزيمه وبيعه بثمن بخس دراهم معدودات.
 سادسا: مستوى الحاجه  يتطلب البعد الديمغرافى المؤثر  لكى يتحقق بالاضافه الى الابعاد الاقتصاديه والاجتماعيه التى ذكرت. تحقق مستوى الحاجه وتاثيره يتطلب شارع ممتلىء  قادر على التضحيه من أجل المجموع, الدول العربيه الكبرى مهيئه ومدركه ذلك  فلذلك رأينا المبادرات فى الجزائر وسوريا الى حد م  واليمن كذلك
 سابعا: بالنسبه لبعض دول الخليج لايزال مستوى الرغبه فى التحول الديمقراطى هو السائد أما مستوى الحاجه فلا يزال غير واضح بالنسبه لمجموعة العوامل  الاجتماعيه أو الاقتصاديه مع بعض أو الديمغرافيه  , وهو أبعدها تحققا على ما يبدو فلذلك يبدو التحول الفوقى بطيئا   ومكياجيا الى حد كبير  بينما تزداد الرغبه إمعانا  وتركزا الى درجه الفرز فى المجتمع ولكنها لاتصل الى مستوى الحاجه المادى الذى يقوم على فكرة التضحيه الاساس الذى يتجاوز كثيرا ما يخالط الوعى  أو ما تخطه الاقلام.

الخميس، 3 فبراير 2011

ثوره مفاهيميه" بلطجة النظام وتحضر الشارع"



اعتقد بان امتنا العربيه دخلت القرن الواحد  والعشرين ليس بإنجازاتها  الماديه والتقنيه ولكن بإعتمادها  لمفاهيم القرن الواحد والعشرين والذى فى مقدمتها , انضباط الشارع وتحضره  فى المطالبه بحقوقه  فالذى دخل العصر هو الشارع العربى  دون النظام وهى مفارقه عربيه بإ متياز لأن النظام اصلا ليس وليد الشارع  كما هو متعارف عليه حضاريا, اليوم الشارع العربى يقدم نموذجا يشيد به العالم  والنظام العربى يقدم نموذجا  قروسطيا يثير اشمئزاز العالم أجمع .. ما مارسه الشارع العربى فى تونس ومصر حاليا  يعد انجازا عربيا حضاريا.مفهوم الشارع السلمى مفهوم حضارى متقدم , اسقط غاندى الاحتلال البريطانى بمغزله وردائه الابيض الخالى من الخياط, النزول السلمى هو القوه الانسانيه التى لاتقهر , فى حين بدا النظام العربى فى تونس  وفى مصر اليوم  متأخرا حضاريا وانسانيا  ومارس من  البلطجيه" ما يندى له جبين التاريخ والقاده العرب منذ الفتوحات الاولى. هنا لابد من اضافة بعض الملاحظات .
أولا: تقدم منطق الشعوب مقارنه بمنطق الانظمه, لم يعد بإمكان  الانظمه تبرير ما تقوم به من ممارسات  على حساب  الشعوب , منطقيا سقط التبرير تحت أى مسمى كان , عائله, طبقه, قبيله, طائفه  منطق التاريخ اليوم  يقوم على المساواه.أتاحت التكنولوجيا الكاشفه  والحساسه جدا   البعد الانسانى االشامل كإتجاه لامحيد عنه, فالبائس فى بيته والمحروم فى سكنه يرى ويشاهد ما يشاهده اوباما او حسنى مبارك  وكلهم بشر  فى النهايه ومنطق البشر واحد.
ثانيا: تقوم فكرة البلطجه على التنازل  شيئا فشيئا عن ما لاتملكه اساسا وقضيه التفاوض فى الحقوق الانسانيه وتجزئتها  من مكتسبات العقليه البلطجيه التى تشهدها انظمتنا العربيه وشهدنا ذلك فى نظام  بن على واليوم فى نظام مبارك دليلا على  رثاثة النظام العربى  أمام   شعبه وجماهيره , الامر الذى يثبت   تأخره انسانيا عن الركب.
ثالثا:برآءة الشارع العربى  امام التاريخ من تهمة  عدم القبول بالديمقراطيه  جينياً فهاهو يطالب بإعطاءه الفرصه  فى إقامه الحكومات الانتقاليه والدساتير  الشعبيه
رابعا: سقوط الانظمه العربيه "تونس ومصر حتى الان"  عن وعودها وتنكرهم  لها وتحولهم  الى مزارع أهليه  وللاقارب  بينما تراجع بعضها عن الاستمرار فى الخروج عن العصر"اليمن" ربما تكون وعودا كذلك.
خامسا: الخلط بين مفهوم الوطنيه  ومفهوم الاحقيه التاريخيه  وتداول السلطه, الوطنيه لاتعنى الاحقيه فى التأبيد , من قام بدور وطنى فى حرب اكتوبر  لايمكن القبول به حين يجترىء على شعبه ويضطهده  فيما بعد, رحل ديغول وهو من هو بالنسبه للتاريخ الفرنسى ولم يأتى على شعبه بجزء مما يفعله مبارك اليوم  , وسقط تشرشل وهو  قائد بريطانيا فى الحرب   وتاريخه ناصع البياض, لاتوضع الوطنيه امام التأبيد والتوريث , الوطنيه احساس وواجب  وإستحقاقاتها آنيه ومحسوبه وليست صك على بياض او شهاده تاريخيه معقمه.
سادسا: الشباب ثوره يجب احترامها و الايمان والشعور بروح العصر من مسلمات الحكم الرشيد ,  ثورات الشباب هى من يحرك العالم  ويدفع الى الامام , الشباب يشعر بأن  الثوره التكنولوجيه فى الاتصالات   اقرب الى فكره ودينامياته وحركته كما كانت افكار 68 اقرب الى فكر الشباب الفرنسى من ديغول مؤسس الجمهوريه الخامسه, انظمتنا فى معظمها هرمه وعسكريه  ولاتصلح للاستجابه لروح العصر والامر واضح من تصرفات مبارك  فهو لايزال يفكر بشرفه العسكرى فى وجه مطالب شعبه وعلى حساب دمائهم , منطق الشيخوخه الذى تلافاه الغرب.
 هذا كله وغيره يثبت أن الشارع العربى بخير والشباب العربى بخير كذلك والازمه أزمة نظام عربى عاجز عن تطوير نفسه أو الاستماع لمنطق العقل  والعصر حيث لا يزال يحكم بعقلية المزايد فى أسواق  البيع الرخيص عل وعسى ان  يستمر اطول فتره ممكنه, تجرؤاً على التاريخ المتدفق وتدوال الايام .

الأربعاء، 2 فبراير 2011

الحياه بعد السلطه أم السلطه هى الحياه ؟ ثنائية العربى وكرسى الزعامه"محنة مصر"

 

 

أشفق كثيراً على زعمائنا وقادتنا لسبب بسيط وهو عدم وجود حياة حقيقية لهم بعد غياب السلطة عنهم وحتى وإن وجدت فهي حياة أقرب الى الموت  منها الى الحياة فالإفراز التاريخي لأمتنا في هذا الخصوص لا يخرج عن موت القائد أو الزعيم أو إبعاده قسراً وغيابه في المنفى وفي بعض الحالات التخلص منه ومن مرحلته بأي طريقة كانت إذا ما تم استثناء الحالة اللبنانية فهذه المخرجات هي ما استوطنت عليه أمتنا ولو استعرضنا الوطن العربي من الخليج الى المحيط نجد أن هذه هي شروط انتقال السلطة وأن تلاشت بعضها مثل الاغتيالات وبقي المراهنة على الموت لتداول السلطة وإن كانت وراثية لسوء الحظ . ما يدعوني الى التذكير بهذه النقطة  مانراه من من تداعيات لأزمة الشرعيه القائمه اليوم فى مصر وعدم استجابة الرئيس مبارك  لأصوات الجماهير وابناء شعبه بالتنحى  حفاظا على مصر وعلى رصيده التاريخى المتضائل  امام اصراره فى مواجهة شعبه وكأنه لاغد ينتظره   خارج السلطه بالرغم من تذكير اردوغان له بأن الزوال  للافراد لامحاله والبقاء للشعوب وهى بديهيه  لكل ذى قلب  وقبله بن على  وغيرهما والباقون ينتظرهم نفس المصير ومتوقع منهم فى المقابل نفس التصرف إلا من رحم  ربى , فى حين  يدرك الغير بأن الحياه ليست هى السلطه  وانما هى مابعد السلطه, السلطه المنجزه , السلطه  المقيده , السلطه المحترمه لنفسها ولمن أتى بها وفوضها و فهاهو  الرئيس الامريكي السابق كلينتون مثلا أصبح محاضراً فى العديد من الجامعات وتعاقد مع جامعة أكسفوردفى وقت سابق للتدريس فيها بعد خروجه من السلطة في البيت الأبيض بوقت قصير وقبله انتقل بوش الأب الى إدارة أعماله في تكساس بعد سنوات حامية في البيت الأبيض  وبوش الابن يكتب مذكراته فى مزرعته فى تكساس, وشيراك ينعم بحياه تقاعديه تأمليه وغيرهم  كثيرون في أوروبا وحتى فى غيرها  فى اسيا مهاتير محمد وربما غيره ممن يمارسون حياتهم باستمتاع كبير بعد سنوات السلطة والزعامة .
فالسلطة هناك فترة مرحلية تتبعها فترات من النضج والتأمل
ولكنها عندنا نهاية المطاف وغاية المنى وغالباً ما يخيب الظن
في النهاية فإذا بها كارثية . مثل هذه الحالة النكوصية التي
يعاني منها وطننا العربي الكبير ولا تشاركه فيها سوى دول
أفريقيا المتخلفة وبعض دول آسيا المأزومة ، هذه الحالة التي
يندفع فيها الشعب والجيش في أغلب الأحيان ليمارس صلاحياته
تحت مسمى استشراء الفساد دونما خطة أو برنامج لا تمثل حلاً
ناجعاً للاشكال حيث لا آلية واضحة لممارسة العمل السياسي
فإذا بالفساد يعود من جديد وبثوب آخر . ولو استعرضنا وطننا
الكبير بلداً بلداً وتساءلنا عن السلف فهو بلا شك يقع بين تلك
الإفرازات التي أشرت إليها سابقاً " فيما عدا لبنان "فك الله كربته;
ولو تساءلنا أكثر عن المستقبل أي ما بعد الزعيم أو القائد
الحالي فليس هناك جواب وانما الأمر متروك للقدر فهو بالتالي
لا يخرج عن تلك الإفرازات أيضاً الموت أو الإبعاد أو الاغتيال .
ان مأساة الأمة ومكمن أمراضها يتمثل في الاستبداد فلا مخرج
لها من دون التعامل مع هذا الداء حيث لا إصلاح للتربية ولا
إصلاح للثقافة ولا وجود حقيقي للتنمية دونما البدء بمعالجة
الاستبداد الذي يجعل من السلطة نهاية المطاف وليست مرحلة
يبني عليها وترتكز عليها خطوات أخرى لقد هُزمت الأمة من
جراء هذا الاستبداد ونزفت أموالها الى العدو واقتصاداته الموالية
بسببه ولسبب حب السلطة أو جعلها نهاية المطاف ، فلا يحتمل
عربي أن ينزل من السلطة ليعامل بعد ذلك كإنسان أو مواطن
عادي وهذه في حد ذاتها إشكالية ثقافية عانينا منها منذ القِدم
فالعربي في السلطة أما ضعيف فيؤكل أما قوي فيستبد ويبطش
ولا يوجد خط وسط ولا توجد آلية تقلل من جميع خيوط السلطة
في يد الفرد ولا توجد آلية كذلك تجعل من اتخاذ القرار السياسي
المصيري والذى يتعلق بمصير الأمة أكثر تعقيداً. والآن ألا
توافقون معي على أن الزعامة العربية والقيادة العربية تدعو الى
الشفقة والعطف فهي في أحسن أحوالها يلحقها النقد واللاذع بعد
مماتها وفي أسوأ أحوالها تسحل في الشوارع العامة كما جرى في
انقلابات الستينيات من القرن الماضي في حين أن الحياة تبدأ
بعد الخروج منها لدى قوم آخرين وتبدأ مرحلة من التأمل والنقد
الذاتي والمشاركة في الحياة العامة هذه المفارقة هي ما تجعل
أولئك يتقدمون برغم ظلمهم السياسي في بعض الأحيان وهي ما
تجعل منا في الحضيض برغم صدق مطالبنا التاريخية ولكننا
نفشل دائماً في إعطاء النماذج والبراهين الدالة على هذا الصدق
وتلك الحقيقة .وبما أن لكل قاعدة استثناء وعلى أمل أن يكون
هذا الاستثناء هو القاعدة فيما يتعلق بهذا الخصوص بالذات
فإن "سوار الذهب وولد فال" دخلا التاريخ من أوسع ابوابه وكانت
السلطة بالنسبة لهما وسيلة لحياة أفضل( ويكفيهما احترام
المواطن العربى لهم طواعية دونما خوف أو زجر) ولم تكن أبدا
هي الحياة كما يبدو لغيرهما.

الأحد، 30 يناير 2011

لأول مره اشعر "بأن البلد بلدى"



لأول مره اشعر بأنى مصرى  عباره قالها احد المواطنين المصريين من الشباب اثناء التجمهر والمظاهرات المستمره فى شوارع القاهره حتى اللحظه, عباره تلخص انتهاء تاريخ بأكمله, تاريخ مصادرة السلطه لشرعية الشعوب وإرادتها, كان يقال ان عبدالناصر اول حاكم مصرى لمصر  ولكن مصر بعده لم تعد كما كانت مصر  الحضور والوزن والثقل والرياده, عندما قال هذا المواطن  ما قاله كان يستشعر حضوره ووزنه وثقله  كمواطن على ارضه لأول مره كونه من جيل الشباب الذين افقدهم النظام القائم  وجودهم الا من تاريخ يتلى عليهم او تستعيده ذاكرتهم من خلال كتب التاريخ, عندما تؤجر البلد لايشعر اهلها بأنها امهم وحاضنتهم. لقد كان هذا الشاب اكثر تعبيرا من كل الاحزاب والايديولوجيات والشعارات والمفكرون والمحللون الذين صموا آذاننا  طوال هذه المده , قالها بعفويه جارفه رائحتها رائحة الارض والترعه ومياه النيل المنسابه كأنسياب التاريخ الذى لايعرف التوقف. لأول مره اشعر بأن البلد بلدى ما أبلغها من عباره فيها من الشموليه بحيث يمكن ان تعبرعن مايود أى"مواطن" عربى من الخليج الى المحيط, ان يشعر به وأن يحسه. كم أُتهم الجيل الحالى بالسطحيه والانجراف وراء القشور والشعارات مقارنة بالاجيال السابقه التنظيريه والايديولوجيه ,ولكن مفتاح التعدديه يمتلكه هؤلاء الشباب الذين خرجوا يبحثون عن وجودهم والبحث عن الوجود  يقتضى الانغماس فيه  وقبول شروطه والتزاماته, لم يرفعوا أى شعار ايديولوجى او دينى  سوى" أرحل يامبارك"  لانريدك, تطفل الاحزاب الايديولوجيه والدينيه واضح من خلال رسائلها ومشاركاتها المتأخره والجميع منهم يدعى وصلا بليلى, لاننكر كفاح البعض ولكن كان كفاحا تحتى شعار معين مما قد يؤأزم  الوضع اكثر , تكفى عبارة  اريد اشعر بأنى مواطن , أول لاول مره اشعر بأن البلد دى بلدى. هذا الشعار وحده يكفى لنقل الامه من اختلافاتها وشقاقها الى محتوى اوسع وأكبر. وللتاريخ كم كانت عودة راشد الغنوشى زعيم حزب الأمه معبره عن الوضع الجديد للأمه وتطلعاتها عندما التف حوله مريديه واتباعه وفى الناحية الأخرى تجمع الذين يخشون من تطبيق  الشريعه بعد حصولهم على مكاسب للمرأه التونسيه كما يقولون  وللحريه لايريدون التنازل عنها فى مقابله  تدعوا الى  الخوف من الاستفراد واقتناص الفرص وضياع دم الشهداء تحت اى شعار ايديولوجى لايؤمن بالتعدديه ولا بالمواطنه وكم كان الشيخ راشد موضوعيا عندما قال" لامكان للشريعه" فالدوله محتاجه الى البناء اولا  والحزب يحتاج الى اعادة ترتيب. هنا تترك الخيارات للشعب , لاشعار ولاتنظيم على حساب المواطنه, مراحل التشكل التاريخى خطيره وسريعة الذوبان يجب التبه لذلك وارضيتها الحقيقه وبناؤها الاول هو الشعور بالمواطنه لكل فرد والشعور بإمتلاك اهل البلد لبلدهم كما عبر عنه بكل عفويه ذلك الشاب المصرى الأسمر الذى نحت البؤس والشقاء تضاريسه على وجه بينما تغادر طائرات  اصحاب الحزب والشعارات ارض مصر محملة بخيراتها  ومع ذلك تبقى استعادة الوطن والبلد اغلى واثمن مما يجمعون.
كمواطن عربى أحب مصر وهتف لها اشعر بشعور هذا الشاب , نعم اشعر بأن البلد بلدى