الخميس، 24 مايو 2018

ذاكرة رمضان "6" الوسواس


عليك به لاتتركه حتى تشرب  غسيل ماء فنجانه  لعل عينه أصابتك. لعله "نظلك" أصابك بعين

نصحني "الشيخ"

نعم أنا متأكد  من أنه "نظلني"   رماني بنظرة عين  ولم يذكر الله ولم يصلي على رسوله.

منذ ساعتها وانا أشعر بتوعك  وضغطي مرتفع لعلها عين "ماصلت على النبي"

منذ أن رزقني الله بثروة وانا ألاحظ اعين الاصحاب  بل الاقارب وهي تترصدني , عندما كنت يافعا وعلى "قد" حالي  وفي عنفوان شبابي  لم يذكر أحد  كل ذلك.

ولكن منذ أن أتتني الثروة الجميع بدأ يتفرس معالم وجهي  ويذكر صحتي ووسامتي و شىء عجيب, أنه الحسد بلاشك.

هم يحسدوني على ثروتي  وأموالي , وأنا هجرتهم مخافة ذلك , أصبحت  أعيش مع وسواس الحسد أينما توجهت , أراجع المصحات والمستشفيات  وليس بي داء , أخاف اعينهم , أصبحت أردد مع سارتر"الجحيم هم الآخرون"

أقرب الناس  هم من أستشعر الخطر من أعينهم , العين حق , أصبحت اضع آيات قرانيه في كل ركن من أركان إقامتي , في بيتي , في مجلسي , حتى في سيارتي , كم كنت سعيدا عندما كنت أستخدم المال  استخداما يوميا يسيرا , عندما غكتنز أصبح هما  ولكنه همٌ جميل

لا علي  سأغسل فنجان كل زائر يزورني وسأشرب ماؤه بعد ذهابه, لقد أعددت فنجانين بعدد الضيوف  الذي أدعوهم وإن ذهبت لزيارة أحد أخذت فناجيني معي , ليس هناك حل غير ذلك.

من يقول لي وجهك مشرق , أو رجعت شبابا ,أو زادت نظارتك , لم يعد ذلك يطربني كما كان في السابق, بل أشعر بالعرق يتصبب  مني , وأشعر بإرتفاع ضغطي وأحيانا كثيرا تجدني عند أقرب مركز صحي .أشعر بأن مجتمعنا أصبح مجتمع "حسد" وغيرة .

لكن هناك كثيرون اغنى مني  وأكثر ثراء لكنهم  يعيشون حياة طبيعية بعيدة عن كل ما يحيطني من وساوس , لا لا لا لكنني بالفعل محسود , أعربف أصحابي وأقربائي , عيونهم حاسدة  وقلوبهم تفيض حسدا لأنني غني  وأزددت غنى.

سأستخدم من الطرق جميعا لكي أحمي نفسي من الحسد, سأضع مصحفا في جيبي الداخلي  وآخر في سيارتي  وفناجيني في جيوب ثوبي, وسأمر على المطوع  بعد يوم وآخر ليقرأ علىَ . لن اتركم يحسدونني , مع أنهم أقل ثراء مني وبعضهم على "قد الحال" لكن  أشعر أنهم  فرحين مبسوطين  لايخافون من الغد ولا من العين .بالضبط كما كنت أنا خاليا قد  أن تأتيني الثروة ومعها عين الحسود , إنها معركتي مع العين , كل عين ترمقني سأحاربها , لن أتخلى عن اسلحتي  , لن أترك لأعينهم فرصة حتى  أثناء نومي سأترك القران  يصدح بالمعوذات من آيات الله. المشكلة أنهم لايشعرون بهمي  ولايدركون معاناتي  وأنا أحمل هَمَ نظراتهم ولفتاتهم  وضحكاتهم  وتعليقاتهم .

 لقد أحالوا حياتي جحيما  وهم لايشعرون , لقد عشت أبحث عن الثراء  ولما أصبته  جائني بضريبتة المكلفة جدا لأني أدفعها من داخلي, ومن راحتي ونفسيتي .

العين حق
لكن التفكير السلبي يجعلها  هاجسا  حتى ولم تقع

ذاكرة رمضان"5" الحقيقة

 
في إعتقادي أن الفنان أهم من السياسي   , وأن المثقف أهم من الوزير في الأزمات, لأن الفن  والثقافة عموما حالة صدق  أو من المفترض أن تكون كذلك , في حين أن السياسة  حالة ظَرف. الفن والثقافة هما الوسط  الانساني الضروري  الذي يجب أن يُترك دونما تدخل من الجانب السياسي  ليبقى الباب مفتوحا للعودة  الى الحالة الطبيعية بعد إختفاء الظَرف. كم من الشعوب خرجت من أزماتها  عن طريق  وجود الثقافة كحالة مستقلة داخل المجتمع مع إنها إنعكاسا لواقعه الاجتماعي , كم من الشعوب وجدت حلولا لأزماتها مع الاخر عن طريق الواقع الثقافي والفني الحر والمستقل الذي كانت تعيشه تلك الشعوب ,  عندما يجد السياسي مأزقا يلجأ الى المثقف ليأخذ منه وليستمع الى رأيه , لذلك بقاء الثقافة والفن بمعزل عن  الازمات السياسية ضمانٌ للمجتمع,   , كنت دائما على إيمان بان الفن هو طريقنا  نحن الشعوب في مواجهة  الاستبداد والطغيان , كنت دائما على إيمان بأن الفن بمفهومه الواسع هو مايجمع شعوبنا من المحيط الى الخليج وليس السياسة, وققف سارتر ضد استعمار فرنسا للجزائر  , ووقفت جين فوندا ضد حرب فيتنام , الفن مؤثر جدا عندما  يكون مستقلا  وحرا , إذا قبضت الدولة على الفن فأعلم بأن المصير أسود  لأنك اقفلت الطريق أمام الخيال  وعاشت الواقع الضيق بكل تفاصيله ,  لذلك نرى الانظمة التي صادرت حق الفنان وعملت على تجييرة زالت في طريقها الى الزوال , إلتحق  الفيلسوف هايدغر بالنظام النازي أيام هتلر  مسايرة لوضعه كأستاذ ومدير للجامعة  فخسر سمعته على الرغم من تفردة المذهل  بخطة الوجودي والذي نهل منه الكثير بعده ,  ووقف دريد لحام    في صف طاغية دمشق الامر الذي أفقده  مكانته لدى الشعب العربي, وكان صدام حسين بعد غزوه للكويت يبحث عن فنانيها ومثقفيها  إدراكا منه لأهمية الفن كحامل وكلاحم  يجمع  أجزاء المجتمع, لذلك تسير مجتمعات الاستبداد الى حيث حتفها  عندما  تصادر حق المجتمع في التعبير عن ذاته  فنيا وثقافيا , الانجاز الكبير للمجتمعات الغربية  أنها أوجدت مساحة بين النظام السياسي  وحركة المجتمع الثقافية والفنية, إيمانا منها بأن ذلك في صالح المجتمع  وفي صالح النظام أيضا  لتعديل مساراته  وإيجاد الحلول ,لماذا الفن  ودور الفنان مهما جدا في الازمات  لأنه "يقول ما كان يُخفية المجتمع " في الايام الرتيبة.  هو وعد بالحقيقة التي يبحث عنها الجميع.

الأربعاء، 23 مايو 2018

ذاكرة رمضان "4" الحيازة


 

حينما أعلن  زعيم حركة "النهضة" التونسيه الشيخ راشد الغنوشي   العمل على فصل العمل الدعوي داخلها عن العمل السياسي وبالتالي تحولها الى حزب سياسي, ومعللاً ذلك  بأن   هذا الاتجاه جاء نتيجة لقراءة الاحداث وتفاعلا مع مقتضيات العصر ,يكشف كم كان فكر حزب  النهضة وتعاملها مع مخرجات الربيع العربي يسبق بمراحل  فكر الاخوان المسلمين  في مصر أو في غيرها من بلاد المشرق العربي و وراشد الغنوشي يتمتع بشخصية براجماتية تاريخيه  لاتتهيأ  لاحد سواه من زعامات الاخوان ولا من شيوخهم في الخليج ولا في المحيط. نادينا منذ زمن أنه لايمكن للديني أن يسير السياسي بمعزل عن العصر, ولايمكن للسياسي أن يستغل الديني, لتحقيق مآربه السياسة تحت غطاء الدين , نحن في الخليج نعاني من اشكالية داخل إشكالية الديني والسياسي , وهوإشكالية الديني والاجتماعي, أو سيطرة الديني على الاجتماعي,  فنلاحظ التمكين الاجتماعي  ل"رجل الدين" حتى يتحول الى  أيقونة اجتماعية  إقتصاديه  , لااقول أنه ليس له الحق في العمل والتملك , لكن أقول أن يكون سنده فقط أنه يمتلك صك " الدين " فيدخل من باب الدين  الى حيازة المجتمع.وتأتي التسهيلات  من كل جانب  اليه بما فيها التسهيلات المصرفيه  والاعفاءات من هذا الباب , ملاحظة سريعة  وقراءة مبسطة لتاريخ الدعوة والدعاة خلال العقود السابقة القليله  في بلدنا الحبيب , توضح ما قلته , فإذا كان فصل الدعوه عن العمل السياسي مطلبا واستراتيجية  تنشدها حركة"النهضة" في تونس  لتقدم نموذجا جديدا عن فهما للدين ومتطلبات العصر , فإن فصلا بين الدين  وإستغلاله  إجتماعيا  مطلبا ملحا جدا لنا أصحاب الاقتصادات الريعية, لأنه لاتوجد يد أخف من يد من يدعي إمتلاك  ورقة"الدين"" في مجتمع متدين بالفطرة, ولاأسهل من إستغلال المنبر للوصول إلى السوق.  

الثلاثاء، 22 مايو 2018

ذاكرة رمضان "3"

نجد اليوم أن الصفات والمسميات الاجتماعية القديمة التي كانت تدل على وضعية مهنية مرتبطة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي  البسيط الذي كان سائداً في  وقت مضى  قبل ظهور النفط بشكل اقتصادي, نجد مثل المسميات قد عادت من جديد لبعض اجهزة الدولة كالخويا والفداوية  مع بعض قيمها  كالفزعة , وكذلك النشاطات المصاحبة لتلك الفترة أيضاً عادت كمسميات لنشاطات المجتمع ومسابقاته  كالصيد بالصقور أو "بالسلق" اضافة الى سباقات الهجن المستمره طول موسم الشتاء الى مابعده انتهاء بمزاين الابل والطيور الى آخر ذلك.
من الاهمية بمكان الادراك أن كل هذه المهن والنشاطات كانت ضمن سياق المجتمع الاجتماعي والاقتصادي في حينه , ومع تغير هذا السياق  لم تعد لها مثل تلك االقيمة التي كانت تمثلها , سياق الدولة مختلف , هناك من يقول أننا نركز على "قيم" هذه المهن والنشاطات  وعلى مضمونها وليس على مسمياتها , , لكن مايغيب عن الادراك هنا أن  الاسم يختزل المضمون  وبالامكان بالتالي تقديم المضمون مع اسم يتفق  وواقع الدولة اليوم , هناك مسميات كثيرة يمكن اشتقاقها  من  واقع المجتمع المدني  تجعل من هذه القيم في توافق تام  مع اتجاه الدولة التنموي.الاسم هو اختزال عقلي للنشاط  أو للمهنة , لذلك  وجود هذه المسميات  هو وجود للعقلية  ذاتها , أجد صعباً  أن أرى ضابطاً يحمل فوق كتفيه تاج وبضع نجوم  ومتخرج من ارقى الكليات العسكرية ويعمل ضمن جهاز يسمى  الفداوية أو الخويا , أو كيف أستطيع أن أربط بين الصيد "بالسلق" في بيئة لم يعد فيها مكاناً يسمح بذلك  بشكل طبيعي كما كان في السابق, مثل هذه المفارقات  تَخلق نوعاً من الوعي"الشقي" والتضاد الزمكاني"  التضاد بين الزمان والمكان",  كلما استمر كلما كانت شخصية المجتمع عرضة للإنفصام.

الأحد، 20 مايو 2018

ذاكرة المكان

 
 الصقارة  وهي" فن تدريب الطير على الصيد" في دم كل قطري أصيل وتُعد من المهارات الرجولية  وتصل الى حد أن تكون مهنة في ذلك الزمن الذي مضى , الجميع تقريباً في الريان حيث نشأت كانوا يمتلكون صقوراً ويدربون أولادهم على حملها وتدريبها وترتبيتها والصيد بها , ومن يحظى بصقارة طير الشيخ يكون قدبلغ  درجة عالية في سلم هذه المهنة, قيم البر والصحراء كانت مترسخة في أذهان النشء لذلك كانت هواياتهم مرتبطة بهذه القيم  الرجولية لما تحمله من معنى , ينشغل الصقار دائماً بتوفير "فريس" للطير بشكل يومي , لم تكن هناك مشكلة فأنواع الطيور وأشكالها كانت  في مثل أعداد الناس  في ذلك الزمان , كانت زروع الريان تمتلىْ بأشكال شتى  من انواع الطيور  وغيرها من مناطق قطر  حتى في مناطق الدوحة ذاتها أذكر أن منطقة النعيجة  من مناطق تواجد الطيور  وأصطيادها , كانت البيئة أكثر ثراءً  روحيا منها الآن  حيث أصبحت أكثر ثراء إسمنتياً وأختف الروح سواء كانت بشراً أو طيراً. منطقة الوجبة  قصر الحكم اليوم كانت منطقة قنص مفضلة وما حولها من رياض الرفاع , لم أشهد تلك المرحلة لكن والدي رحمة الله حدثني عنها وعن ماكانوا يصطادون فيها وفي حولها من حباري وكراوين"جمع كروان", مناطق السيج حيث مول قطر اليوم والثميد وما جوارها شهدتها  مناطق صيد حتى اواخر الستينيات ومابعد قليلاً, في أيام العطل كنا نسلك طريق "برنيوش" من الريان الى أم القهاب  وسمى بهذا الاسم تشبيها بأكلة البرنيوش  المشهورة عند أهل قطر حيث العيش الاحمر والسمك لأن تربته وحصاهُ يميل الى الاحمرار, أم القهاب روضة كبيرة  بها آبار مياه ينزلها الشيوخ شتاءً أحياناً  , أذكر أشهر طير أمتلكناه يُدعى عدوان وهو حر وقد أبلى بلاءحسناً  في الصيد وكم كنت حزيناً في ذات يوم حين وجدته ميتاً خنقاً كما يبدو وآثار  الحية"الافعى" تملأ  المكان من حوله