السبت، 1 ديسمبر 2018

معرض الكتاب والطبقة الوسطى الثقافية"2"



في إعتقادي أن الثقافة سلطة لوحدها تنشأ من داخل أحشاء المجتمع ودور الدولة فقط في إفساح المجال لذلك بأقل تدخل ممكن ,فالبداية كما أظن وأعتقد  ليس في إنشاء وزارة ولكن في ترك الفرصة لبذرات المجتمع المدني أن تنمو وإكتفاء الدولة بدور المنظم  والتمثيل الخارجي, عندما تصبح الثقافة جهازاً مركزيا حكوميا تصبح أداة رسمية وتصبح الثقافة بالتالي ثقافة رسمية من أعلى الى أسفل , والمعروف أن أهم أجهزة الُسلطة الشمولية هي الثقافة بالاضافة الى التعليم ,والحقيقة التي يجب أن تقال  أن وزارة الثقافة والرياضة حققت في فترتها الحالية الكثير من التقدم في اطار تخفيف قبضة الدولة على الثقافة واطلاق يد المجتمع في ذلك ,  ولكن يبقى الخوف من أن يتماهى المجتمع مع ثقافة السلطة ناسياً أنه مصدر الثقافة ومنبعها بل ان ثقافة السلطة هي جزء من ثقافته او يفترض أن تكون كذلك  ,لذلك دعماً للأنشطة الثقافية المتكاثرة, مثل معرض الكتاب والندوات ومراكز البحوث وغيرها في المجتمع ينبغي أن يكون هناك دوراً للمجتمع المدني من خلال اطلاق  جمعياته وتنظيماته واستصدار قوانين تخص ذلك وتشجع عليه , كما من المفترض أن لاتؤطر ثقافة المجتمع  تحت أية شعارات  أو تصورات تلزم الثقافة والمثقفين  بالالتزام بها , حيث المجتمع نفسه لديه القدرة والاحساس  والالتزام الذاتي  بذلك , إذا شعر المجتمع بالوصاية  تماهى مع الامر وانتج ثقافة الوضع القائم, قطر اليوم تعج بكل مختلف  ومتنوع  لذلك هي في حاجة ماسة بأن تبرز ثقافة مجتمعها  كما يفرزه بكل حرية  وثقة , الامر فقط يحتاج الى منظم أكثر من احتياجه الى جهاز كبير كالوزارة تنشأ  تنظيماته  وجمعياته, مجتمع قطر يضج بالصحفيين والاعلاميين والاجتماعيين والقانونيين  والاداريين  والاطباء واالبيئين والمسرحيين واهل البحر واهل القنص وغيرهم وكلهم  أبناء البلد  وولائهم للحكم هؤلاء هم  مصدر ثقافته, فقط اتركوا لمن لم يولد بعد أن يولد  وأطلقوا يد المولود لكي ينظم نفسه بنفسه , وقتها ستجدون ثقافة تنشأ ذاتياً وترفد المشهد الثقافي بالتجدد وتجعل من معرض الكتاب والندوات والمحاضرات  مسلكاً تلقائياً وشعوراً ذاتياً  لأنه ينبع من المجتمع ويرتفع منسوبه تلقائياً نحو المشاركة الفعالة  والاحساس الملموس  بالمواطنة

الخميس، 29 نوفمبر 2018

معرض الكتاب والطبقة الوسطى الثقافية"1"


 


في كل عام تشهد الدوحة في مثل هذة الايام تظاهرة معرض الكتاب تستمر بضعة أيام ثم تختفي  بلا آثر أو تنفصل لتلتحق بكوكب آخر حتى  تعود في موسمها القادم, القارىء في قطر يقرأ لنفسه فقط ليس هناك تيار ثقافي  يمكن استشعاره بعد كل هذه العقود من استمرار ظاهرة معرض الكتاب  , كان يمكن التعويل على طبقة وسطى ثقافية حتى تكسب مثل هذه المعارض والورش  والندوات الثقافية نوع من المصداقية والفائدة الحقيقية داخل المجتمع , مجتمعنا يعيش بلا طبقة وسطى ثقافية وتكاد تختفي منه ايضاً الطبقة الوسطى الاقتصادية كذلك , لذلك معرض الكتاب تماماً مثل ندوات الديمقراطية والهوية الشائعة منذ اكثر من عقد في مجتمعنا بلا أرضية حقيقية  تنتج موادها الاولية فهي لاتتعدى كونها مجال للعلاقات العامة وتبادل الافكار النظرية  التي انتجتها تجارب الاخرين  وعقول الغير,معرض الكتاب في إعتقادي  هو اللاصق الاجتماعي  لمفهوم الطبة الوسطى الثقافة  لأن الكتاب هو محور الثقافة ,هناك من يقول ولكن انظر الى عدد المؤلفين القطريين والكتاب وغيرهم من الفعاليات الثقافية انهم في تزايد مستمر , ألا يدل ذلك على وجود طبقة  ثقافية في قطر, أقول له نعم هم في تزايد مستمر  ولكنهم  يعيشون مرحلة الاستقطاب الثقافي  سواء الفردي او الايديولوجي  مما يجعلهم  مجرد امتداد  ولايشكلون طبقة وسطى ثقافية  نابعة من  نفس المجتمع, لاتستطيع أن تؤسس طبقة وسطى ثقافية  دون وجود مجتمع مدني مستقل ,فيه جميع انواع المثقفين  لاتستطيع أن تقنع أحداً بقيمة معرض الكتاب أو ندوات الديمقراطية أو الهوية دون أن يكون لها أرضية صلبة في المجتمع من مؤسسات وهيئات ونقابات مجتمع مدني , بودي أن أزور دور عرض هذة المؤسسات المدنية الحرة في معرض الكتاب فلاأجد, لذلك المثقف عندنا مثقف سياحي  يحفظ الكثير  ولكن يفتقد الموقف , يفتقد المرجعية المدنية داخل وطنه , فالمثقف القومي جذوره هناك والمثقف الديني ايضاً جذوره خارج الحدود والعلماني ايضاً ابعد من ذلك لو أنهم انطلقوا من داخل المجتمع لأمكن قيام طبقة وسطى ثقافية غير مُستَلبه , تسند الطبقة الوسطى الاقتصادية المتآكله  وترفد التحول الديمقراطي الذي تنشدة الدولة بيسر , هناك حالة من الفراغ في الوسط بين المثقف  وانتماءاته لايمكن ان تشغلها هذة التظاهرات ,  غياب هذة الطبقة جعل من المثقف عندنا مجرد ردود أفعال , الذباب الالكتروني المتزايد هو نتيجة غياب الطبقة الوسطى الثقافية , وكلما كان كثيراً كلما كان غيابها قي المجتمع أكبر يمكن ملاحظة ذلك بوضوح في ازمة الخليج الراهنة.المجال العام هو مجال الطبقة الوسطى الثقافية ,إذا غابت اصبح هذا المجال مجالٌ رسمي بإمتياز, جميع الفعاليات تصبح بلاقيمة تذكر بل تصبح كدعوة على العشاء  أو حفلة زواج ينفض المدعوون بعدها ليبقى العريس والعروسة يحتفلان ببعضهما البعض  "الدولة ووزاراتها ومؤسساتها",الطبقة الوسطى الثقافية هي مجموع الانماط الثقافية داخل المجتمع بها يستغني المجتمع عن الكثير من تجارب الغير , بها يستطيع أن يحقق التعايش دون عملية فرز قد تكلفه كثيراً في المستقبل , الحصار فرصة ذهبية للدفع في طريق ايجاد طبقة وسطى ثقافية تحتضن الجميع من خلال السماح بمكونات المجتمع المدني بالظهور والاستقلال عن جهاز الدولة , لاأعتقد ان هناك من يشكك في ولاء أهل قطر بعد هذة التجربة القاسية التي نمر بها, اشعر وأنا أزور معرض الكتاب وكأنني ذاهب الى سوبرماركت لاشترى بعض الحاجيات والكماليات  لانني لاأشعر بالجذر الثقافي بقدر ماأستحضر وجود الوزارة وهيبة الدولة, والفراغ الثقافي الذي يملأ المجال العام بين مركز الدوحة للمعارض وبيتي المتواضع