السبت، 23 أبريل 2011

إنقراض أم إبتعاد أم تهميش

إنقراض أم إبتعاد أم تهميش

المشهد الإعلامى  القطرى, مشهد مدهش بُعده الثقافى لاينتمى بدرجة كبيره لبعده الجغرافى,  الجغرافيا قطريه , بينما المناخ يكاد يخلو من الرائحه  والمزاج القطرى. أتصفح إحدى الجرائد القطريه  "العرب" وفى الصفحه الاخيره وفى عمودى الرأى فيها  ليومين متتاليين  الجمعه والسبت وعلى مدار الاسبوع مقالين لكاتبين خليجيين"الشيحى" واعتقد انه سعودى أو اماراتى " وسمر المقرن" كاتبه سعوديه  واخرى "ال عاطف"  وربما سعوديه هى الاخرى  وهناك كاتب آخر .  والصحف الاخرى ليست بأقل من ذلك  الكتاب الخليجيين اكثر تواجدا فيهم من القطريين, ولكن الصفحتين الاولى والاخيره هما هوية الصحيفه ومنهما تعرف مكان ودولة صدورها. مجال إعلامى آخر, الندوات  التى تعقد  فى مراكز كالجزيره والمركز العربى للأبحاث و جميع  الباحثين العرب على مختلف توجهاتهم المنقرضين منهم  والناشطين  متواجدون ببدلهم العتيقه وبأيديولوجياتهم  الديناصوريه  ولاتجد من بينهم قطريا واحدا وإن وجد فعلى خجل  وربما "متقيطر". التلفزيون . الجزيره , المعلقين السياسيين , هل يعقل لم تنجب قطر معلقا سياسيا واحدا  له القدره على تفسير الاحداث وما يدور من حولنا , هل يعقل أن اعضاء مجلس الشورى الموقر لايوجد من بينهم من له رأى فيما يحدث فى عالمنا وليكن رأيا شخصيا.  أين هم السفراء ذوى الخبره   والذين قضوا  سنينا طويلا ممثليين لبلادهم فى أصقاع الدنيا   وفى بلدان الاحداث المشتعله اليوم  لتحليل ما يجرى ,كل هذا الاغتناء الميكانيكى التنكنولوجى  يقابله  فقر أيديولوجى  تاريخى  إلى هذا الحد. لننظر إلى أى صحيفه خليجيه تجد صفحات الرأى للكتاب المحليين  ولا تجد سوى كاتبا متميزا ينشر له من غير ابناء الوطن وبتحفظ . صنع الكاتب اليومى مهمة الصحيفه , وصنع المعلق أو مقدم البرنامج مهمة التلفزيون والقناه.  صحيفه تعجز عن سد فراغ صحفتى" الويكند" بأقلام قطريه  تضحى بالهويه, قناه لاتعرف هويتها من مظهر ولسان مقدميها تعيش الثقافه مبتوره  عن جغرافيتها وتصبح مثارا للتأويل. وما المجال  أو المشهد الرياضى الاعلامى عن ذلك ببعيد ولعل وجود خالد جاسم يخفف من غلوائه ومعه بعض الاخوه القطريين. هل إنقرض القطريون أم تراجعوا؟ أم آثروا الابتعاد لعدم قدرتهم على المنافسه  التى لم يعتادوها أم هو شعور بالتهميش  لاتقوى عليه النفس وإحترامها. ولكن سؤال الهويه  لايستكين ولا يزول تحت أى تأثير مادى أو معنوى . أنه سؤال أزلى  وجودى, علينا أن نحدد ماذا نريد أن نكون أو لانكون.  ليست هناك سياسه تصنع بعيدا عن الهويه , وليس هناك إعلاما  معلق بالسماء ولا تزهر ثقافة فى غير موضعها وتربتها

تحول ثقافى أم تأثر معلوماتى؟

 
هل ما يحدث فى عالمنا العربى اليوم  نتيجة لتحولات  فى بنيته الثقافيه ؟ أم ردة فعل  غاضبه ومتأخره وقد تبدو إنتحاريه  فى مواجهة ظلم ,إستبداد طال زمنه  ووقته ؟  هل هناك مايثبت أنها فعلا نتيجة  لتحولات داخل  البنيه الثقافيه العربيه؟ تشكيلات الوعى السائد    هنا وهناك لما يحدث ,لاتشير الى انها فعلا  نتيجه لتحولات عميقه للبنيه الثقافيه العربيه, بالقدر الذى يمكن أن يشار اليها كونها تصدعات داخلها نتيجه ثورة الاتصالات  المعلوماتيه العالميه  واختراق الحدود والخصوصيات, بمعنى أنها أثرا  لإنسياب ثقافه عالميه أكثر منه  خصوصيه عربيه. هل فقدت  برك الإستنقاعات العقائديه دورها بأشكالها المختلفه؟ لايبدو الأمر كذلك وإنما العكس تماما ما نلحظه فى أزمة البحرين ,ثورة سوريا والحرب الأهليه فى ليبيا, لاتزال هذه البرك الإستنقاعيه العقائديه تزيد من إشتعال النيران وتصب الزيت على النار , ويتعامل العالم الغربى معها بذكاء وبما يخدم مصالحه, ورويدا رويدا تفقد الثورات بريقها  المدينى نحو وعى ريفى وقروى  تغذيه هذه البرك الإستنقاعيه العقائديه, لنرى كيف إستعمل الرئيس اليمنى  مصطلح "الإختلاط" وإستله من من هذه البرك الإستنقاعيه وأستعمله  ضد المظاهرات عليه وبأنها نوع من الإختلاط المحرم, لنستمع  الى التراشق بين أئمة سوريا والشيخ القرضاوى إسبوعيا حول جدلية الثوره  وبراهينها وشروطها من منطلق الدين لكليهما, لنعايش ما يحدث فى البحرين  وكل التفسيرات أو ربما معظمها من إستنتاجات البرك الاستنقاعيه العقديه  التى أزرت بالأمه  على مر العقود حول ثنائية سنى _شيعى , حتى فى مصر كان لتأثيرات هذه البرك دور فى بداية لإحتقان جديد داخل المجتمع أثناء التصويت على التعديلات الدستوريه الأخيره .كل هذه الشواهد تثبت أن ما يحدث فى عالمنا العربى ليس نتيجة حتميه لتحولات داخل البنيه الثقافيه العربيه و بقدر ماهو ردة فعل عنيفه على الاستبداد والظلم الذى طال جوره وعهده. لذلك أشك فى كون مايحدث يشكل تحولا إجتماعيا هيكليا , لصلاده البنيه الثقافيه العربيه وكونها عباره عن برك إستنقاعيه عقاديه. تكتسى بالجديد والمعاصر فقط, الثورات القائمه تثبت ذلك , هل يتصور العالم , اليوم , أن يفنى القائد شعبه كله لكى يبقى ويستمر أليس هذا بُعد عقائدى؟ هل يتصور العالم اليوم رئيسا يوجه أسلحته  لشباب شعبه العزل, اليس يعتبره ذاته عقيده بذاتها, كيف يمكن للعالم أن يقتنع  أن رئيسا  يلغى حكم الطوارىء علنا ليمارس ماهو أبشع منه فى الخفاء ما أمكن,هل هذا رئيسا منتخب أم الها يُرجى, يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء. هذه نماذج من البرك الإستنقاعيه العقائديه السياسيه , ناهيك عن الدينيه, والقبليه والطائفيه. عن أى تحول نتحدث  وعن أى مقارنة نتكلم,  لايمكن قياس ما يحدث فى عامنا العربى  مقارنه بما حدث فى  ويحدث فى عالم قد تجاوز الإستنقاع العقائدى إلى ثقافه مدينيه حديثه , كل ما فى الأمر أننا و معظم دول أفريقيا  على قدم المساواه  ثوره هناك وإنتكاسة بعدها , ديمقراطيه تتقدم خطوه لتتراجع بعد ذلك  . متفائلون نحن بزوال قبضة الاستبداد القويه  وبتأثر الاستنقاع العقائدى الموجود بما يحمله العصر من آليات  وإتصالات ولك سيبقى الأمر رهين المحبسين فى الآخر  الدين والسياسه.

الاثنين، 18 أبريل 2011

الإحتفاء بالديمقراطيه , ثم السخريه منها



من يتوق الى إختفاء النزاعات  والشقاقات داخل المجتمع لايعلم بأنه يتعارض مع الحياه نفسها. إذاكان تحقيق الذات بالإبتعاد عن الحياه الإجتماعيه, أوفى تجاهلها, فنحن أمام ثقافه تشاؤميه إزاء الانسانيه برمتها. لم تأت  الديمقراطيه لمنع الإنقسامات المجتمعيه ولكن لمعالجتها. تحت الديمقراطيه هناك نضالات, من يحتفى بالديمقراطيه كوسيله لمحو الإختلافات والانشقاقات, سيسخر منها  بعد ذلك  لأنه إختار دواء لعرض لا دواء له أصلا ,كونه طبيعه بشريه  وجوديه.الإحتفاء بالديمقراطيه وسط ساحة مختلطه لايمثل فيها الشعب سوى مجموعه"ضغط" من بين سواه من"لوبيات"  يجعل من الديمقراطيه فى تناقض وربما تصادم مع  ماتحتها من نضالات إجتماعيه.فبالتالى يصبح الكفر بها وليس فقط السخرية منها ملاذا لابد منه. النضالات الإجتماعيه تعنى بتطور الأفكار داخل المجتمع مما يجعل الديمقراطيه عضوية البناء وليست ديكورا خارجيا فقط.سنسخر من الديمقراطيه حين لاتقيم معارضه شرعيه, سنسخر من الديمقراطيه عندما تعجز عن إستئصال الطائفيه والقبليه, سنسخر من الديمقراطيه عندما تؤبد الوضع وتقدس الاشخاص.سنسخر من الديمقراطيه عندما تسعى لإزالة الاختلاف, لا معالجته .وفى المقابل, سنحتفى بالديمقراطيه عندما تساعد على اتساع مساحة التعبير السياسى عن التناقضات,   سنحتفى بالديمقراطيه عندما تكون تعبيرا عن الاراده الشعبيه, سنحتفى بالديمقراطيه عندما تكون نتيجة للنضال الاجتماعى  , سنحتفى بالديمقراطيه عندما تكون"  قبليه"  أى ماقبل  صياغة المجتمع المنهك وليس بعد استكمال صك بيعه. الديمقراطيه ليس كاملة الأوصاف  ولم تكن كذلك أبدا ولكنها  الحيز الذى تتحرك فيه الطبقات والتكتلات والاتجاهات الاجتماعيه. فإذا تم استبعاد هذا الحيز وجرى الإحتفاء بالديمقراطيه بعيدا عنه, أقامت لها السخريه بعد ذلك موكبا وعويلا.