السبت، 19 فبراير 2011

الإنسان حين يكون زمنا لا تاريخا



 معادلة الاستبداد والطغيان , بسيطه وواضحه , تتمثل فى دمج الفرد فى الزمن بحيث يصبح الزمن فردا , والفرد زمنا. الفرد أساسا لايوضع فى مقابله مع الزمن , بل مع التاريخ أى الفعل فى الزمن. الزمن يوضع فى مقابله مع الطبيعه. الاهرامات هى الزمن, الاثار الماثله منذ قرون هى الزمن.أنه تاريخ الفتره الطويله. فمن الخطأ لأمه أن تضع الفرد فى مقابله مع الزمن , وتنتظر منه العدل واستمرار الذكاء واليقظه  وعدم الضعف. التاريخ الانسانى الفردى يسطر   فى سنين معدوده هى سنوات العطاء والقوه فقط, فى حين يستمر الزمن سرمدى  , فالتداول آليه ضمن الزمن  وليس خارجه , انها كتابة التاريخ  القصير  أو الصغير  ضمن التاريخ الطويل  تاريخ الزمن والطبيعه. أمة لاتفهم ذلك وتدمج بين الفرد الاداه والزمن  السرمدى أمه لديها خلل فى الرؤيه وفى التفكير. أمة تنقصها دراسة التاريخ بشكل حيادى وموضوعى وليس فقط كتابته , تاريخنا لم يدرس  بتفكيكيه واضحه بالرغم من إسهامات بن خلدون وغيره . هم نجحوا لأنهم درسوا التاريخ دراسه  واعيه , درسوه  وفى ذهنهم أنه  عامل تطور , درسوه  من حيث إرتباطه  بمفهوم آخر وهو التغير والتبدل  المستمر , ووضعوا الفرد ضمن  هذه المفاهيم وليس فوقها . أنا أعتقد  اننا لم نستفد كأمه لامن التاريخ , ولا  من عبره ولاحتى فى المنظور الدينى الاسلامى للتاريخ  للسنن  الكونيه ,  المفهوم القرآنى للتغيير  أقرب بل هو فى مركزيه ثابته  لدى الفهم الغربى فى دراسته للتاريخ , بل أن مدرسة الحوليات الشهيره لبردويل وغيره  ليست سوى فهما شبيها الى حد بعيد لمفهوم  او لسنة التغيير والابدال فى القران. وربط كل عصر بشروطه وإمكاناته. حيث يتكلم عن الزمن  السرمدى ويربطه  بتداول الليل والنهار وبالشمس والقمر, ويتكلم عن اسباب زوال الحكم  والمنعه والقوه  ضمن  عوامل تاريخيه متغيره كظهور الظلم وشيوع الفاحشه , وتفشى الطغيان والاستبداد. ويضع الانسان  ضمن هذا التاريخ ولايدخله ضمن مفهوم الزمن  أو التاريخ الطويل المعنى بالطبيعه كما ذكرت , فأى تجنى أكبر نفعله , حينما نقوم  نحن كأمه فى إبدال هذه السُنه الالهيه , وننتظر التقدم والنصر .إن إدخال الفرد ضمن الزمن من خلال  تصور القائد الزمنى أو القياده الزمنيه , فى حين يذكر القران الكريم أنه أى الانسان أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا   أ ليس ذلك سوى إفساد للزمن , وإخلال بالتاريخ كذلك والنتيجة كما نرى  لايستقيم التاريخ , و لايتسامح الزمن فى ذلك. إن مشكلتنا حين نبسطها نربطها فقط  بمفهوم حضارى موجز هو مفهوم غياب الديمقراطيه  والحقيقه إن مشكلتنا مع مع السنن الالهيه  ومع قوانين الطبيعة والانثروبولوجيا وعلم الانسجه  كذلك  الذى يحدد عمر الانسان بيولوجيا كومضه  خاطفه من عمر الزمان  الممتد كليل ليس له آخر ولا يحده فضاء  ولا تدرك  نهايته أعين أو أبصار. إن مانشهده اليوم من ثورات هنا وهناك هو نتاج طبيعى لإعادة  إنتظام الحياه ضمن السنن الكونيه التى قامت عليها , فليس فقط  الرهان على ضعف الشعوب يعد كافيا , ولا إستعمال البطش كذلك يبدو  وافيا لإدخال الفرد وفرضه زمنيا  عندما تنتهى  صلاحيته التاريخيه  الطبيعيه أو الدستوريه البشريه  المنظمه للتاريخ . بل أن هناك  نظام كونى إلهى حين تعجز كل هذه العوامل البشريه من إعادة إنتظام هذه المعادله  يتدخل  بشكل أو بآخر  لاعادة الإتزان  وفصل التاريخ عن الزمن, أى فصل الانسان عن ما    لا يجب أن يتصف به  وإعادة تموضعه داخل المفهوم التاريخى  المناسب لجنسه وبشريته  حيث هناك أزمان ليس لها تاريخ لايعلمها إلا الله ,فبالتالى ليس كل زمن تاريخ  ولكن بالضروره كل تاريخ  هو زمن.   

الخميس، 17 فبراير 2011

ديمقراطية ميدان التحرير




بين الشعب وبين الديمقراطيه , فقط,إرادته وعزيمته فى ممارسة حريته بمسؤوليه ,  هذا منطق الشعوب , ومنطق الديمقراطيه , أن تفرض نفسها لا أن تُفرض من فوق, أن يدفع الوضع الذى يحدده الشعب ويمسك بزمامه  نحو الإصلاح والتحول الديمقراطى. عندما تخلص الشباب من الخوف  وبإراده تامه وعزيمة كامله حين مارسوا حريتهم بكل مسؤوليه , قامت ديمقراطية ميدان التحرير.  وإنتخبت ممثليها , وأحتوت الاقليه, ووضعت مطالب الاغلبيه, وفرضت التسامح بين الاديان والاطياف والالوان, وتعاون  الجميع على حفظ النظام  وحمايه الاخر , والابتعاد عن العنف . أليست هذه سمات المجتمع الديمقراطى المنشود. اليوم مصر  تتشرب الديمقراطيه من الأعماق بعد أن كانت لجنة السياسات فى الحزب الحاكم تريد أن تفصلها لها من  عل . هل أدركنا اليوم أن إرادة الشعب فى ممارسة حريته بمسؤوليه هى الديمقراطيه  وما يليها تبعات وديكورات إذا وضع الديكور أولا تصبح ديمقراطية صالونات.. هل تعتقدوا  أن مصر وتونس  ستعود الى ديمقراطية الصالونات والديكورات   لاأتصور ذلك  مهما تعسر الأمر  لأن الخيار  فى يد الشعب الآن وحسنٌ يفعل فى البلدين  حين  يقوم بممارسة الضغط لإستكمال  خطوات تحول الديمقراطيه الى بنيه قائمه. إنه فى أمر ضد عقارب الساعه وضد إتجاه التاريخ , ننتظر رياح الديمقراطيه  من فاقدها, وننسى أن فاقد الشىء لايعطيه . الحريه المسؤوله هى مكون الديمقراطيه المنشوده , حرية التعبير , حرية الرأى , حرية الاختلاف  ,إفساح المجال لممارسة هذه الحريه بشكل  لايجعل منها تنفيسا  فى فضاء مغلق, ولكن يجعل منها صوتا  يُحسب ورأيا يحتمل أن يكسب صندوق الانتخاب, لقد سقطت أوهام كثيره فى ديمقراطية ميدان التحرير, سقط وهم الخوف الجاثم على الصدور, سقط وهم  استعمال الجزره  فى كل وقت  ونجاع ذلك فى السيطره على الموقف مع الشعوب. سقط  وهم العصا الثقيله وإستعمال العنف  كوسيله نهائيه للترويض والامساك بالموقف. سقط وهم الانجاز التاريخى الوطنى للقياده  إذا لم يتكرس ويتعزز على الدوام ناهيك إذا لم يكن قد إنتكس الى درجة الصفر بعدا عن الوطنيه. سقط وهم الاعتماد فى الامن على الخارج  القوى ضد الداخل  المنهوك , لان الاراده هى القوه  وغيابها لايعنى عدم رجوعها.   أوهام كثيره أسقطتها جمهوريه ميدان التحرير  وهى لاتزال تنشر  إشعاعها الحضارى فوق الأرض العربيه إن خطوات التحول الديمقراطى المنشود فى جمهوريه مصر  هى وليده  شرعيه  لديمقراطيه ميدان التحرير  التى ىشهد لها العالم بأنها الاكثر طوبائيه فى التاريخ حيث لاعنف ولاتحرش ولاتشابك  وكأن الشعب المصرى  الذى كان يشكو إنعدام الاخلاق البائن فى سنواته الاخيره  قد تحول الى صنف من الملائكه. إنه الشعور بالحريه وبالمسؤوليه وبالكرامه. الانسان يرقى إذا ما أٌُ شعر بكرامته وعزته, دروس ديمقراطية ميدان التحرير   كثيره ومتعدده . يكفى أنها الجمهوريه الديمقراطيه الأولى التى قامت فى تاريخ العرب  حتى الآن على أمل  أن تشمل القطر المصرى كله بعد ذلك  لتحملها رياح الشرق من أرض الكنانه شرقا وغربا وشمالا وجنوبا الى أطراف الجسم العربى الذى أثخنه  الاستبداد حتى كاد يعتقد أنه الهواء المفروض عليه تنفُسه قدرا إلهيا. كخروج إبن آدم من الفردوس إلى أرض هذه الدنيا الفانيه,عقابا لما إرتكبه أباه الأول.

الأربعاء، 16 فبراير 2011

فى فقه المقارنات,وأزمة الفكر والواقع



العقليه العربيه تعيش على المقارنات, وتقيس الأمور بناء عليها  بعيدا تماما عن جميع الظروف التى قد تستوجبها وهى قليله بل  نادره. المقارنه أصلا دليل إحصائى  تتحد فىه الظروف  أو بيانات القاعده  ثم يأتى الأمر بعد ذلك على حساب النتائج. فهى إذن عمليه رياضيه  تستخدم إجتماعيا فى مجالات عده. المجتمعات المتطوره إستطاعت  وبقدر كبير  تكوين أساس  وقاعده سياسيه  يمكن أن تبنى على مثل هذه المقارنات الرياضيه أصلا, فلذلك أمكنهم التنبؤ  وقياس المستقبل  وهناك المعاهد المتخصصه القادره على  التنبوء بمصير النظام  وبإمكانية فوزه ثانيه من عدم ذلك. فى عالمنا , الوضع كارثى جدا فى هذا الخصوص ومأساوى تشهد عليه برامجنا وشعاراتنا  وفضائياتنا. حيث لاقاعده بيانيه , يمكن أن يقاس عليها. ولاأساس  أو بناء سياسى يحتمل المقارنه . وإنما أهواء  وإنطباعات تعيد من  تدوير الأزمات  وإنتاج التخلف وخلط أوراق الماضى الذاهب بالمستقبل القادم . ترقبوا معى ما يحدث على جميع الاصعده , فستجدون أن المقارنه هى إسلوب  الحياه لدينا  ومحرك  التفاعل , فلان أفضل من فلان, ذاك الوزيز أحسن من الذى بعده, الرئيس السابق أفضل من الحالى, فى حين يأخذ الامر إتجاها معاكسا لدى الفريق الآخر. بمعنى أننا نُعنى فقط بالقشور  أو بالظاهر  بما يحكمه من قرابه وصداقه وحب وكره.إذن المقارنه فى عقليتنا ليست عمليه رياضيه تحكمها قاعده بيانيه واضحه ومتفق عليها , وإنما عمليه سياسيه تاريخيه جرها وثبتها فى عقليتنا تاريخنا الثقيل العليل. وهى مثبطه ومنفره ودافعه للانتقام وعدم الإنجاز. اليوم هناك من يقول أن مبارك أفضل من السادات ومن عبد الناصرأو العكس صحيح وهى مقارنه  ثَمله  لايمكن أن يطرحها عقل سليم  لانها  ببساطه  لاتستقيم إلا إذا آمنا بأن التخلف هو قدر الأمه ,لأنهم جميعا لم يمثلوا إنتاجا لقاعده بيانيه متفق عليها شعبيا من الأساس. فالعمليه اذن شخصيه  لاأكثر المقارنات أسلوب لإيضاح الطريق ورصد العقبات  وتلافى الأخطاء, فبأى منطق يمكننا أن نقارن بين هذه الأنظمه, وعلى أى قاعده بيانيه محتمله , حيث جرى نسف شديد  لمحتويات كل فتره من قبل الفتره التى تلتها, من التأميم إلى الانفتاح أ لى التطبيع لدرجة حمايه أمن إسرائيل. لايمكن الركون هنا لمنطق المقارنه  لأن  الهدف الرئيسى الذى قامت عليه كل فتره له علاقه مباشره بمصلحة الفرد لا الجماعه مع فارق تميزت به مرحلة الناصريه  فيما يتعلق بالثروه ويشهد به التاريخ. هل سمعتم بين مقارنه بين بوش وكلينتون شغلت الرأى الامريكى  وتناولتها البرنامج التلفزيونيه  أو بين أوباما  وبوش  أكثر من التركيز على أخطاء الأداره .  العقليه السليمه ليست عقلية مقارنه كيفما أتفق لأنها تعنى بالإنجاز وتعطى مالديها  ولاتدعى الكمال  أو اللاخطأ. ولكن العقليه المحكومه بالمقارنات تحول الخطأ الى صواب والكارثه إلى نصر, والفقر الى رخاء , لأنها تعتاش على تسويقها للجماهير. وهو مستهَلك مرغوب لدى جماهير الفرجه  لإفتقادها أصلا  للقدره على التخلص منها وإرساء النظام  والقاعده  والبيان المُغنى عن الفرد وعن التغنى بإنجازه. فى القضايا السياسيه والاجتماعيه لاينتهج الناس أسلوب المقارنات فرديا ,وإلا أصبح هناك شللا فى التفكير وعيبا فى إصوله .إن مما كنسه النظام الديمقراطى  فى طريق تحوله التاريخى  هذا النمط من التفكير الماضوى , هل رأيتم من يحمل صورة تشرشل وبريطانيا اليوم على قيد الإفلاس. ولكن أنظروا الى روسيا لاتزال هناك صور ترفع  للينين وستالين فلم يكتمل التحول بعد  ولاتزال بقايا عقلية المقارنه حيه ولكنها الى زوال بلاشك وسريعا.فما بالكم بنا ونحن لم ندخل عملية التحول بعد.  فالماضى إذا لم نروضه  بتفعيل الحاضر وتمكينه وإنجاحه سيأتى بمُثلهُ وصوره وشخوصه ومقارناته بلاشك.إن التخلص من فكر المقارنه وتخليصه من  براثن إستعماله الغير مقيد علميا , يعتمد على  الابتعاد عن الشخوص والحفر فى الظروف وتحسينها بإرساء نماذج وأسس  ونظم قادره على توجيه الفكر وإخراجه من بوتقته , فالازمة أزمة فكر كم أنها أزمة واقع  , لايمكن ونحن فى "أوج التحول"  أن نعقد المقارنات  بين ما هوسىء وما هو أسوأ, أو بين لحظه تجلى تاريخيه لاتتكرر  وبين نظام يعمل بكفاءه  رغم تحول الافراد وغيابهم.
أُبتلينا بالمقارنه حتى فى أصغر الأشياءوأتفهها , بين المطربات والممثلات , وهذا أفضل من ذاك, وتلك أسمها لابد أن يكون مقدما على تلك فى أفيشات الافلام , فأنتعشت الصحافه الصفراء  والاقلام المأجوره. ولم نعترف لابالذوق   ولا بالأحساس المختلف  ولا بالفروق الفرديه بين البشر . فلذلك أول ما يفعله من يسيطر هو إزالة آثار من قبله تماما ليتخلص من كابوس المقارنه المفروض عليه من مجتمع المقارنات العشوائى. وليصبح نجم الشباك الأوحد وبطل المرحله الفيلم

أبعد من الثوره, وأعمق من التغيير

أبعد من الثوره, وأعمق من التغيير

المتابع  للأحداث فى تونس ومصر , يدرك جيدا مدى عمق الأزمه , بل أن كل ما حصل ليس سوى تفجير لمكوناتها ليس إلا.   مستوى العيش المرتفع   ووجود السياسه الاجتماعيه  الجيده اللذين هما معيارى   لشعبية أى نظام ومدى نجاحه فى العالم المتقدم  , لا أثر لهما البته فى هاذين المجتمعين اللذين دخلا مرحلة مابعد الثوره. المتابع لأتصالات فئات المجتمع  المختلفه مع الجزيره مباشر تتكشف له هذه الحقيقه المُره. بينما تتكلم البيانات الرسميه عن ثروة النظام وثراء الرئيس وعائلته. فالثورتين إذا ليستا فقط مؤشر لقوة الشعب العربى بل لبؤسه وضعفه كذلك , كل الديكتاتوريات تترك الشعوب ضعيفه  لاغبار فى ذلك, ولكن الأمر فى إعتقادى يختلف مع الأمه العربيه, لكون الأمر تكرارا سمجا من نظام لآخر , سقوط النظام وإعادة بناء الدوله من جديد , تتزامن مع إضرابات العمال فى كل مكان  مطالبة بتحسين أوضاعهم ورفع مستويات أجورهم. لذلك يبدو الوضع كارثيا  بإمتياز. تترك الحكومات شعوبها بأحسن قدر من الرفاه الاجتماعى وتقاس شعبية أى نظام كما ذكرت بما يحققه من نتائج على صعيد السياسه الأجتماعيه. لكن الوضع فى عالمنا مختلف جدا, يمتص النظام دماء الشعب , حتى إذا ما جرى إستئصاله بعمليه جراحيه مؤلمه , انكشف الأمر عن بؤس أجتماعى لامثيل له. وإنفصال  بل بترا واضحا بين المجتمع ومصادر دخلة المرتبطه بالرئيس أو القائد, كل شى حيوى يذهب معه  فجميع الخيوط بيده وبنظامه , فتتقطع الاوصال كما ينقطع التيار الكهربائى  عن المبنى  ويتطلب الأمر بالتالى إعادة أولا  وقبل كل شىء منتهى الانهاك  ومنتهى الفشل الحضارى, لكنها السياسه العربيه وخصوصيتها كما يقال.  لابد إذن من تأسيس حقيقى  لعمليه سياسيه لاتعود بالمجتمع الى مرحلة الصفر عندما يسقط النظام أو يتغير . هذه هى معركة الأمه التى هى أبعد من الثوره , وأشد عمقا من مجرد التغيير. اليوم الوضع فى مصر وفى تونس ,يراوح بين  الحفاظ على مكتسبات الثوره , من خلال إنقاذ الواقع المعيشى المتهالك. جريمة هذه الأنظمه مركبه , ليس فقط فى القضاء على حاضر الشعب بل حتى فى تهديد مستقبله. لذلك لدى العربى حنين دائما للنظام السابق الحاكم فى بلده , لأن  من يأتى بعد ذلك لايستطيع أن يخرج  من وضع اللاعوده الذى  يجده فيفضل الاستمرار على مايبدو, فهو بين خيار أما أن يحكم أو أن يُصلح , وان يصلح يعنى أولا أن يضع برنامجا واضحا  له هدف  فوق الشخص وفوق الفرد ما أن يتحقق حتى  تنتهى مهمته ويصبح التغيير ملزما.وهذا ملا يستطيع على إتيانه  كعربى ,فالبرنامج المفتوح لأنظمتنا يعنى الافقار المطلق للشعوب. فلذلك  المهمة اليوم صعبه بعد الثوره ,ربما أكبر مما كانت قبلها, أحزمة الفقر , والمرض , والجهل  التى تركتها هذه الأنظمه تحتاج الى مراحل  إنتقاليه متعدده فى نظرى, للخروج من نطاقها أو التخفيف من شدتها. فاللجو الى سياسة الهروب الى الأمام التى تجيدها الأنظمه العربيه لاتجدى هنا, بمعنى التعويل على البنيه الفوقيه من إعلام  وصحافه  وبرنامج تنمويه  للاستهلاك المحلى  وللتمكين لن تفيد  كما هو معمول به قبل هاتين الثورتين. لابد من وقفه  وأعتقد أن الشباب يعى ذلك جيدا . عنوان المرحله القادمه , البرنامج وليس الأشخاص, والمده وليس  التمنى. تجارب الدول الأخرى كتاب مفتوح يمكن الرجوع إليه, تثور الطبقات المسحوقه اليوم لتحسين أوضاعها بعد أن أسقطت النظام  ولكنها خائفه, مرتبكه , لاتثق فى الوضع العربى  وتفتقد الى المثال. لاتعرف من الرقابة الا ما كان عليها لا لها, ولاتعرف من المساءله الا  مساءلتها من قبل النظام, ولاتعرف  للثقة ولا للوعود معنى  إلا ما تقرأه فى كتب التاريخ . إن الأزمه أبعد من قيام الثوره  وأعمق من كونه تغيير , إنها اشبه بعمليه سرقه  ليس لشى مادى يمكن إسترجاعه أو إستعادته ,بل هى إختلاس المستقبل  والحلم بعد أن ضحت الشعوب    بالماضى   وبالحاضر  كذلك من أجل أن تعيشه واقعا فإذا به سرابا يلامس  يدها وينساب إنسياب الماء من قبضتها.

لماذا حيادية الاديان مطلب؟



   أبتليت الاديان بمن يمثلها فى ذهنية المجتمع  فلذلك خرج الدين  فى الذهنيه  المسلمه بالذات من كونه  مثال لايمكن إكتماله بل وهناك مسافه متروكه للذات لكى تفهمه الى كونه إكتمالا فى قول من يمثله أو من ينتسب علميا إليه.  الأزمة السياسيه التى نعايشها اليوم  تتعدى كونها سياسيه الى أبعاد أُخرى دينيه وثقافيه , تدعونا جميعا الى المراجعه . تعالوا نراجع موقف فقهاؤنا واْإمتنا حيالها  ففى حين صب المفتى السعودى نار غضبه عليها "الثوره" وعلى من قام بها ووصفها بالفوضى والخروج عن  ولى الأمر , إنتصب   الشيخ القرضاوى  مدافعا عنها وعن مشروعيتها , وهذا لالبس فيه لو أن  كلا الرجلين يتحدثان  بشخصيتهما وليس بما يمثلانه, أو كان يتكلمان فى  مكان خاص  بهما ,إلا أن الاول أصدر تصريحا رسميا , والاخر تكلم فى خطبة جمعه ومن فوق منبر الامامه.  هنا لابد من أن يطرح سؤال  وهو هل الموقف الدينى , موقف سياسى   بالضروره , بمعنى    هل كل موقف سياسى يمكن تفسيره دينيا؟ , بمعنى هل نحتاج  الى تقييم الموقف السياسى  لكى ننتقى من الدين ما يناسبه طبقا لوضع كل شيخ أو إمام, ومكان إقامته والنظام الذى يتبعه, الشيخ المفتى السعودى , يعيش فى المملكه المحافظه , التى لاترى سياسيا مجالا للخروج عن ولى الامر  , تلك سياسه داخليه متبعه ومرسومه بتوافق بين الدين والسياسيه , بينما الشيخ القرضاوى يعيش فى قطر , حيث الجزيره وحرية الرأى   , فجاء خطابه  رجما على الظلم والاستعباد والطغيان  ولكن ليس من بابه الاوسع , ذاك استخدم الدين وآياته , وشيخنا القرضاوى , برع فى إنتقاء ما يضيق على الظلم والظالمين الخناق. نحن إذا أمام حيره , أى التفسيرين نتبع , هل نأخذ بالبعد السياسى وكل يتبع خطى سياسة بلده , أو نقتسم الفهم الدينى ونتقاسمه أُخوةُ متحابين.
لعله دائما إسقاط الدين فى السياسه  مشين وينفر فى الدين ويزرى من قامته ,  على الرغم من فشل الحركه الاسلاميه  أو الدينيه السياسيه بشكل عام  لأنها كغيرها من الايديولوجيات تحمل روشته خلاصيه كامله تريد من العصر أن يتغير ليواكبها ,إلا أن  شخوصها  لايريدون أن يتركوا الساحه , ومع ذلك ثمة فهم متقدم لدى الغنوشى رئيس حزب النهضه فى تونس, وإلى حد ما لدى الاخوان , ولكن الاشكال مع  الذين يتحركوا  بعيدا عن التصور السياسى للأزمه , لذلك البرنامج وليس المنابر أو الفتاوى التى يمكن أن تحل الاشكال وتبعد الظلم وتبنى بعد الهدم اليوم,تعانى الأمه اليوم مع الأسف من الدين كمفرق وليس كجامع من خلال شخوصه , ألا يكفينا الشقاق بين  طوائف الاسلام نفسه. لقد عبر شباب تونس ومصر عن إرادتهم ومطالبهم فلمَ  إلانقضاض بإسم الدين عليهم من كل جانب , أليست الحريه مطلب إنسانى بحت , أليست الكرامه مطلب إنسانى خالص, أليست المساواه مطلب لايعترف بالفوارق ولا بالاديان.  مفسدة التطور السياسى الكبرى  هى فى  إشراك الدين فى السياسه , وقمة التخلف إستخدامه رموزه فى تفعيل هذه الثقافيه الدامجه بين إنسانيه الشعب وبين مطالبه والتفريق بينهما بإسم الدين ومن يمثله . لاأحد يمثل الدين , ولا احد ينطق   بأسمه, إذا أردنا التقدم  والتطور فليعود الجميع إلى مواقعهم ووظائفهم , فهم موظفون  لاغير لأن منطق الدوله والسياسه فو ق منطق  الوظيفه ورؤيه الدين. لسبب بسيط لأنها للجميع , وهذا الجميع  توزيع إلهى  وحكمة ربانيه لم يجعل عليها من وصى, ولامتحكم إن من أتى على ثورة   الشبان الاحرار  بالتشويه هى تلك  الخطب التى إنطلقت بالتحريم أو بالتبريك  بأسم الاسلام من الخارج ولم تأنس للداخل ومنطقه وجغرافيته وحدوده.إنها اصطياد فى ماء  عكر , وتسجيل مواقف ضعيفه أدركت من الأمر اسهله ,وكم بودى لولم تنطلق أصلا, ومن يثبت لنا بأنها لم تكن موجهه, لانتهم أحدا ولكن مثل هذا يفتح الباب لإستخدام الدين لدى البعض الضعيف.    فالتوقيت  والاختيار والانتقاء  كلها عوامل تساعد على استخدام الدين, لذلك نطالب برفع الدين الى مكانه كمثال  لايمكن أن تلوثه تصرفات البعض أو تأتى عليه نزوات البشر. إحترموا الدين أيها الساده  لكى تصفو لنا الحياه.ونعيش فيها كبشر, فالسياسة تتطلب الاختلاف لامحاله, والدولة تتطلب التوافق لامحاله هاذين البعدين هما  ما يمكن التعايش معهما , التعدديه كمطلب سياسى والتوافق كمطلب لإرساء الدوله.. فأوقفوا قصف المنابر والفتاوى المقنن بلا مبرر, لكى لايتحول الامر الى كونه أشبه   بقناه فضائيه  ترسمها حدود جغرافيتها.,أو تمليها أجندتها .

الأحد، 13 فبراير 2011

إصلاحت " الهزيع الأخير من الليل" المغزى والدلاله

 


لو أن الرئيس حسنى مبارك وزع قراراته الاصلاحيه الاخيره  التى أطلقها "خلال إسبوعى الثوره التى إقتلعت نظامه , على مدى فترات حكمه الثلاثون , لدخل التاريخ كأكبر مُصلح فى تاريخ مصر الحديثه.  مالذى يجعل من إلإصلاح عزيزا حتى اللحظه الأخيره. هل نحن أمة ضد الإصلاح كسياسة للحكم؟ هل ثمة تعارض ذهنى  فى ذواتنا بين الإصلاح وإستمراريه الحكم والحاكم؟ لماذا يبدأ الحاكم لدينا مناديا بالإصلاح وينتهى ديكتاتوريا  يختزن الاصلاح لربع الساعة الاخير  عل وعسى؟ هل  محددات العقل السياسى العربى  التى  صورها الجابرى من  غنيمه وقبيله وعقيده لايمكن الخروج منها  فالكل مصلح فى لحظه وديكتاتوريا باقى اللحظات؟ أسئله كثيره وعديده يطرحها المشهد القائم اليوم , إنه اشبه  بالشاشه التاريخيه التى تمر مستعرضة تاريخنا  لتأتى النتيجه شبه تماثل أو ربما تطابق بين ألامس واليوم والغد. إن الاصلاح فى غير وقته كالبذر فى غير موعده, روشته الاصلاح كروشته الطبيب فى حينها وبجرعاتها وأوقاتها لاتفيد قبل ذلك ولابعده, مثل هذا السلوك المتبع  والذى تجلى بوضوح فى حالتى بن على ومبارك يشير الى ملاحظات  لابد من ذكرها.
أولا:أن الحكم حاله فرديه "لدينا" لها  وضعها الخاص  وهى أشبه بالاسقاط الفوقى  ومن الصعب أو من الاستحاله تحوله الى سيستم أو نظام  تفاعلى بين الاطراف ذات الشأن, لأن السيستم أو النظام يقوم أساسا على المراجعه والاصلاح ولا يثبت على صوره دائمه الى الأبد المنظور.

ثانيا: بقدر ما يعمل الحاكم على تثبيت صورته فى الأذهان عنوه بقدر ماينفى عقلانية التعامل معه فيما بعد  , وإن استنجد بالعاطفه أو بوضع خطوات إصلاحيه للتراجع  لإمتصاص الغضب  المتراكم  والغضب كما هو معروف  يخفى العقل  ويستر إمكانيه تدخله وأو إستعماله.

ثالثا:الاصلاح يأتى مع الكرامه وليس بديلا عنها, بعد أن تهان الكرامه يصبح الاصلاح  أو المبادره به , خارج تصور النفس الباحثه عن الكرامة أولا , وكان ذلك واضحا فى ثورة مصر وتونس, حتى الزياده فى المرتبات  وهودعم مباشر ومحسوس , لم يطفىء غضب الشارع لأن الوقت غير وقته وزمانه.
 رابعا: الإصلاحات الوقائيه التى تتخذها باقى الانظمه هنا وهناك  الآن, لانها سابقه وليست  ذاتيه, فلابد من أن تكون إصلاحات هيكليه  لتكون قادره على درء  الموقف من الوصول الى درجة الصفر.

خامسا: مشكلة الانظمه العربيه  تتمثل فى عدم إدراكها لأهمية  الوقت وإستهتارها بالانسان أو بالمواطن,, شباب مصر وشباب تونس, نسف كوادر الفساد المنيعه ومشاريعه الضخمه , لقد حان للنظام العربى أن يدرك أن الثروه  لاتعمل على تحييد الوقت والزمن مهما بلغت وأرتفعت بها الارصده, الزمن مع التغيير , سنه إالهيه ولن تجد لها تبديلا أو تحويلا.

سادسا: المعارضه الشرعيه هى وجه النظام الحقيقى والذى ينشد الاصلاح دائما وليس فى الهزيع الاخير من وقت قيامته, لو جدت معارضه حقيقيه أو لو سمح بها وجرى التعامل معها كشرعيه وطنيه , لأمكن الاصلاح  وعدم وصول الامر اليوم الى ما وصل أليه فى مصر وتونس من إعادة لبناء الدوله من جديد وتكلفة ذلك إقتصاديا وإجتماعيا وسياسيا على شعبيهما, أى إرث تركه بن على ومبارك لشعبيهما.
سابعا: سوء المنقلب , أو سوء الخاتمه من تراثنا  الدينى الذى نتناقله دائما حيث الاعمال بخواتيمها كما نقول دائما, العجيب أن النظام العربى يعمل عكس هذه المقوله تماما  فلذلك حتى ثقافيا أنظمتنا العربيه خارجه عن  المألوف  دينيا وإجتماعيا , ومع ذلك تأتى نصائح شيوخ الدين عندنا متأخره وربما شامته , وهى تعايش وتعاين الامر, إلا أن عامل الوقت  وإنتهاز الفرصه كذلك  , يحكمان المسيره.
 ثامنا: يبدأ الحاكم العربى عصره بالوعود لينتهى  بعد ذلك بالوعيد, فى حين أنه لدى الغير يبدأ بالوعود ويستمر فقط أذا عمل على تنفيذها. برنامج واضح , ولكن فى عالمنا البرنامج هو الشخص  والتنفيذ هو رغبته, والاجتباء والقرب هو منحته, والنفى هو ماتكرهه نفسه , والاصلاح هو مايراه هو دون غيره, والوطن هو ملكيته الخاصه, والموت هو موت للشعب . لذلك يبدو كل شىء فى الهزيع الاخير من ساعته حين تحين , محض إفتراء وكذب,ولا معنى له عند  الشعوب . أى جريمة  يرتكبها هؤلاء وهم لايشعرون.أى ندم يعايشونه  وهم أعجز من أى يرفعوا أعينهم فى أعين مواطنيهم اليوم الذين عانوا من أجلهم الكثير . اللهم إنا نسألك لقادتنا الرشاد و حسن الختام , حين تحين بهم الساعه التى  أدركوها ولم يعملوا لها.