الأربعاء، 16 فبراير 2011

فى فقه المقارنات,وأزمة الفكر والواقع



العقليه العربيه تعيش على المقارنات, وتقيس الأمور بناء عليها  بعيدا تماما عن جميع الظروف التى قد تستوجبها وهى قليله بل  نادره. المقارنه أصلا دليل إحصائى  تتحد فىه الظروف  أو بيانات القاعده  ثم يأتى الأمر بعد ذلك على حساب النتائج. فهى إذن عمليه رياضيه  تستخدم إجتماعيا فى مجالات عده. المجتمعات المتطوره إستطاعت  وبقدر كبير  تكوين أساس  وقاعده سياسيه  يمكن أن تبنى على مثل هذه المقارنات الرياضيه أصلا, فلذلك أمكنهم التنبؤ  وقياس المستقبل  وهناك المعاهد المتخصصه القادره على  التنبوء بمصير النظام  وبإمكانية فوزه ثانيه من عدم ذلك. فى عالمنا , الوضع كارثى جدا فى هذا الخصوص ومأساوى تشهد عليه برامجنا وشعاراتنا  وفضائياتنا. حيث لاقاعده بيانيه , يمكن أن يقاس عليها. ولاأساس  أو بناء سياسى يحتمل المقارنه . وإنما أهواء  وإنطباعات تعيد من  تدوير الأزمات  وإنتاج التخلف وخلط أوراق الماضى الذاهب بالمستقبل القادم . ترقبوا معى ما يحدث على جميع الاصعده , فستجدون أن المقارنه هى إسلوب  الحياه لدينا  ومحرك  التفاعل , فلان أفضل من فلان, ذاك الوزيز أحسن من الذى بعده, الرئيس السابق أفضل من الحالى, فى حين يأخذ الامر إتجاها معاكسا لدى الفريق الآخر. بمعنى أننا نُعنى فقط بالقشور  أو بالظاهر  بما يحكمه من قرابه وصداقه وحب وكره.إذن المقارنه فى عقليتنا ليست عمليه رياضيه تحكمها قاعده بيانيه واضحه ومتفق عليها , وإنما عمليه سياسيه تاريخيه جرها وثبتها فى عقليتنا تاريخنا الثقيل العليل. وهى مثبطه ومنفره ودافعه للانتقام وعدم الإنجاز. اليوم هناك من يقول أن مبارك أفضل من السادات ومن عبد الناصرأو العكس صحيح وهى مقارنه  ثَمله  لايمكن أن يطرحها عقل سليم  لانها  ببساطه  لاتستقيم إلا إذا آمنا بأن التخلف هو قدر الأمه ,لأنهم جميعا لم يمثلوا إنتاجا لقاعده بيانيه متفق عليها شعبيا من الأساس. فالعمليه اذن شخصيه  لاأكثر المقارنات أسلوب لإيضاح الطريق ورصد العقبات  وتلافى الأخطاء, فبأى منطق يمكننا أن نقارن بين هذه الأنظمه, وعلى أى قاعده بيانيه محتمله , حيث جرى نسف شديد  لمحتويات كل فتره من قبل الفتره التى تلتها, من التأميم إلى الانفتاح أ لى التطبيع لدرجة حمايه أمن إسرائيل. لايمكن الركون هنا لمنطق المقارنه  لأن  الهدف الرئيسى الذى قامت عليه كل فتره له علاقه مباشره بمصلحة الفرد لا الجماعه مع فارق تميزت به مرحلة الناصريه  فيما يتعلق بالثروه ويشهد به التاريخ. هل سمعتم بين مقارنه بين بوش وكلينتون شغلت الرأى الامريكى  وتناولتها البرنامج التلفزيونيه  أو بين أوباما  وبوش  أكثر من التركيز على أخطاء الأداره .  العقليه السليمه ليست عقلية مقارنه كيفما أتفق لأنها تعنى بالإنجاز وتعطى مالديها  ولاتدعى الكمال  أو اللاخطأ. ولكن العقليه المحكومه بالمقارنات تحول الخطأ الى صواب والكارثه إلى نصر, والفقر الى رخاء , لأنها تعتاش على تسويقها للجماهير. وهو مستهَلك مرغوب لدى جماهير الفرجه  لإفتقادها أصلا  للقدره على التخلص منها وإرساء النظام  والقاعده  والبيان المُغنى عن الفرد وعن التغنى بإنجازه. فى القضايا السياسيه والاجتماعيه لاينتهج الناس أسلوب المقارنات فرديا ,وإلا أصبح هناك شللا فى التفكير وعيبا فى إصوله .إن مما كنسه النظام الديمقراطى  فى طريق تحوله التاريخى  هذا النمط من التفكير الماضوى , هل رأيتم من يحمل صورة تشرشل وبريطانيا اليوم على قيد الإفلاس. ولكن أنظروا الى روسيا لاتزال هناك صور ترفع  للينين وستالين فلم يكتمل التحول بعد  ولاتزال بقايا عقلية المقارنه حيه ولكنها الى زوال بلاشك وسريعا.فما بالكم بنا ونحن لم ندخل عملية التحول بعد.  فالماضى إذا لم نروضه  بتفعيل الحاضر وتمكينه وإنجاحه سيأتى بمُثلهُ وصوره وشخوصه ومقارناته بلاشك.إن التخلص من فكر المقارنه وتخليصه من  براثن إستعماله الغير مقيد علميا , يعتمد على  الابتعاد عن الشخوص والحفر فى الظروف وتحسينها بإرساء نماذج وأسس  ونظم قادره على توجيه الفكر وإخراجه من بوتقته , فالازمة أزمة فكر كم أنها أزمة واقع  , لايمكن ونحن فى "أوج التحول"  أن نعقد المقارنات  بين ما هوسىء وما هو أسوأ, أو بين لحظه تجلى تاريخيه لاتتكرر  وبين نظام يعمل بكفاءه  رغم تحول الافراد وغيابهم.
أُبتلينا بالمقارنه حتى فى أصغر الأشياءوأتفهها , بين المطربات والممثلات , وهذا أفضل من ذاك, وتلك أسمها لابد أن يكون مقدما على تلك فى أفيشات الافلام , فأنتعشت الصحافه الصفراء  والاقلام المأجوره. ولم نعترف لابالذوق   ولا بالأحساس المختلف  ولا بالفروق الفرديه بين البشر . فلذلك أول ما يفعله من يسيطر هو إزالة آثار من قبله تماما ليتخلص من كابوس المقارنه المفروض عليه من مجتمع المقارنات العشوائى. وليصبح نجم الشباك الأوحد وبطل المرحله الفيلم

هناك تعليق واحد:

  1. الزبدة هي اننا : ما دخلنا عملية التحول !
    تصور !! حتى هذه الثورات المباركة والمعمدة بالدماء لم تدخلنا الى مجال ومدار التحول . هناك ضغوط ومتغيرات جديدة وحالة من الاهتزاز ورغبة في الخروج لان الشعوب طال عليها العهد تحت نير العبودية والظلم والقهر . الناس صاروا تحت خط الفقر وتحت خط اليأس ولكنهم لم يصلوا بعد الى سيرورة التحولات ! لماذا ؟

    لقد اجبت بالتالي " إن التخلص من فكر المقارنه وتخليصه من براثن إستعماله غير المقيد علميا , يعتمد على الابتعاد عن الشخوص والحفر فى الظروف وتحسينها بإرساء نماذج وأسس ونظم قادره على توجيه الفكر وإخراجه من بوتقته , فالازمة أزمة فكر كم أنها أزمة واقع , لايمكن ونحن فى "أوج التحول" أن نعقد المقارنات بين ما هو سىء وما هو أسوأ, أو بين لحظه تجلى تاريخيه لاتتكرر وبين نظام يعمل بكفاءه رغم تحول الافراد وغيابهم."

    كيف يسعنا ان نخرج من ثقافتنا ؟ من اسار دائرة قديمة تحاصرنا وتؤطرنا وتحمينا ! ونخشى ان نتبدد خارجه ؟

    ردحذف