الثلاثاء، 24 أبريل 2012

إشكالية الوعى فى قطر -2



حتى نعطى أمثله على تجزوء الوعى المجتمعى فى قطر وعدم قدرته على الوعى بالظاهره الاجتماعيه وعيا شاملا وعزلها وبالتالى دراسة اسبابها وإيجاد الحلول لها. نجد مثلا قضيه كقضية التعليم وهى قضيه محوريه وأساسيه فى تنمية أى مجتمع وما يمكن  أن تنتجه من ظواهر سلبيه أو إيجابيه مستقبلا . نجد  مثل هذه القضيه لايرقى إليها وعى المجتمع بالشكل المطلوب, ثمة إدراك بأهميتها  ولكن حتى تكون وعيا لابد من أن تعيش فى بؤرة التفكير بشكل  يجعل من المبادره والمطالبه بالاصلاح من قبل المجتمع وعيا أو فعلا متحركا. وعى الدوله هنا أو ماتريده الدوله هو المحرك  وليس وعى المجتمع فبالتالى لاتكتمل دائرة التفاعل المطلوب  التى ترتكز عليها  بعد ذلك عملية التطوير والبناء , وقد تبرز  قضية المنهج  لأنه نابع من وعى الدوله وليس وعى المجتمع أو بتفاعلهما على الاقل مع بعض   وتبرزكذلك قضية الهويه  واللغه الوطنيه  ويعجز الوعى المجتمعى  عن استيعابهما  أو إدراك   حقيقتهما  وما قد ينتج عنهما من ظواهر إجتماعيه تؤثر على مستقبل الاجيال  إذا كانا فقط من نتاج وعى الدوله  وليستا نابعتان من وعى ورغبة المجتمع. وقس على ذلك كثير من القضايا الاجتماعيه التى قد يصبح من الصعب كثيرا دراستها ومعالجة مسبباتها , نتيجه عدم وعى المجتمع أو جزئية وعيه فقط بها. فى الأمور الطبيعيه وعى المجتمع هو ما  يشكل وعى الدوله, بمعنى أن لاتسير عملية التنميه  بعيدا عن وعى المجتمع تستطيع الدوله تطوير ذلك الوعى ولكن أن لاتكون بديلا عنه. لنضرب مثالا آخر , شكل وعى الدوله الدستور دون طلب فعال من المجتمع وأقام إنتخابات بلديه  للمجلس البلدى وفى العام القادم حددت الدوله موعدا للإنتخابات البرلمانيه,  هل وعى الدوله سابقا لوعى المجتمع هنا؟ الاجابه لا ولكن  وعى المجتمع جزئى هنا  لايستطيع الإلمام بكل الجوانب السياسيه والاجتماعيه حول كل هذه الأمور من إقامة دستور أو إنتخابات برلمانيه أو يمكن الإشاره   أنه يشعر أن هذه  الأمور ليست  من قبيل وعيه  وإنما من قبيل  وعى الآخر"الدوله" ومن مسؤوليته,   هناك أساليب وطرق لدمج الوعى  فى المجتمع بحيث يبدو وعيا موحدا حول القضايا الاساسيه منها إيجاد الدستور الديمقراطى  وسد الفروقات الاجتماعيه ماأمكن وتوحيد القضاء  حتى لايشعر المواطن أن وعيه مختلف وله حدود فقط  لاتتجاوز جدار بيته وسكنه أو وظيفته. يبدو لى أن  الظاهره الاجتماعيه الوحيده التى يمكن للمجتمع عزلها ودراستها  بشموليه إلى حد ما هى الظاهره  الرياضيه  لتقارب وعى المجتمع بوعى الدوله حولها  إلى حد ما يسمح بدراستها والاقتراب منها.

إشكالية الوعى فى قطر



 لايسمى الوعى وعيا إلا حين يكون وعيا بشىء ما"الظواهريه"  و ليس هناك وعيا بدون قصد .وليس هناك شيئا أساسا إذا لم يتحصل الوعى به .  مقاصد الوعى  أو محدداته التى يجب أن يتجه إليها الوعى فى قطر  محصوره بحيث لايتجه إلا غيرها من المقاصد . وبالتالى لايمكن دراسة كل الظواهر الاجتماعيه لأن بعضها  لايقصده الوعى أساسا ولايتجه إليه وإن تمكن من ذلك فأنه يتراجع وينحسر لأن الشىء ذاته أقوى  وفوق قدرة الوعى للتعامل معه. يسمح للوعى بإتجاه الى جوانب معينه دائريه فى معظمها  وليست رأسيه . لذلك ترى القضيه تثار  ويسلط عليها الوعى  المجتمعى  ولاتلبث أن تركن بعد ذلك وتدخل فى النطاق الدائرى للوعى ليستخرجها بعد حين من الزمن ويعاود تدويرها من جديد. يتجه الوعى فى هذه الحاله الدائريه إلى الشخصنه  كسبيل للخروج من ذلك وهو مانشهده بين حين وآخر, وذلك لعدم إمتلاكه الكامل  للوعى بالظاهره الاجتماعيه لأن جزء كبير منها مغيب عنه أو ممنوع  من الوعى به ودراسته. لو نظرنا إلى ما يطرح فى الصحافه وفى المنتديات  من مواضيع إجتماعيه  ومن "نقد" إجتماعى , تجد وبوضوح  وعيا   فى معظمه بأشخاص  وليس بالظاهره المراد دراستها ونقدها. لصعوبة عزل الظاهرة الاجتماعيه ودراستها  وهو ما يتطلبه الوعى  الحقيقى لمعرفة أسبابها ومسبباتها. تجد مثلا هجوما على  المفاهيم  والمصطلحات  لأن الوعى المجتمعى  توجه إليها بجزئيه  كعادته أو بالمسموح له به, فتجمدت المفاهيم والمصطلحات وأصبح لها مدلولا واحدا  ونتيجه واحده فى حين أن بعضها  أخذ قرونا ليظهر كمصطلح يحمل فى طياته تاريخا من السنين والتجارب العظيمه, فأصبحت الديمقراطيه, نوعا من التغريب والليبراليه كفر والحريه  تفسخ.    لكى يساعد الوعى المجتمعى ذاته بالخروج من هذه الحاله الدائريه  يجب أن يتخلص أولا من حالة الانكار لشموليه الظاهره الاجتماعيه التى يريد  الوعى بها  والتعامل مع هذه الشموليه  ليس بالتجاوز عن بعضها خوفا أو طمعا  وإنما  بالاعتراف بوجودها والسعى  لمحاوله إيجاد الحلول لها. قضية المرأه مثلا تحتاج إلى وعى  شامل لدراستها وليس الى وعى مجزأ ومفصل حسب  ما يظهره المجتمع وما تخفيه بعض قواه  قضايا المشاركه وحرية الرأى وغيرها كل هذه القضايا  من الأفضل للمجتمع أن يعيها وعيا مباشرا  ويدرسها كظواهر  بعيدا عن  قوى التأثير عليها من جهه أو من أخرى. لأن الوعى الجزىء الدائرى كما أشرت  فأنه يحيل الزمن إلى  نقطة واحده يبدأ منها لينتهى  إليها.