السبت، 2 أبريل 2016

ماهية الوعي



ماهية الوعى






يختلف الانسان عن الحيوان فى إدراكه لوجوده وتفاعله مع واقعه فبينما يعىً الحيوان واقعه من خلال الحس و يدرك الانسان واقعه من خلال الوعى به. ولكن ماهو الوعى ؟ الوعى ببساطه هو مايجعلك تتصرف بنحو معين وبطريقة خاصه مع واقعك المعاش إذن مما يتكون؟ يتكون من تمثلات إما إيديولوجيه أو دينيه أو أسطوريه. تأتى التمثلات الايديولوجيه للتعامل مع"الآن" فتسحب اليوتوبيا المؤمنه بها لتطبقها على الواقع المعاش ,كما تصور ماركس فى حكم البروليتاريا مثلا, أما التمثلات الدينيه أو الوعى الدينى بالاحرى فهو للتعامل مع مشكلة الوجود وثقله ومأساويته ونهايته المحتومه,يضع الدين حلولا لهذه المشكله من خلال الايمان بالغيب وبعالم آخر غير عالمنا البائس هذا, أما التمثلات الاسطوريه فهى للتعامل مع الشر الذى لاينتهى فى هذا العالم ,اساطير القضاء على الشر لاتخلو منها ثقافه منذ البدْء. قد تتفق الايديولوجيا مع الدين إلا أن الدين يؤجل الحل الى الغد بينما تريد الايديولوجيا إستقطابه "الآن". قدرت الانسان على التمثل هى أساس قدرته على التعايش مع واقعه الحياتى, زوال هذه التمثلات يعنى زوال الانسان وإنتحاره. قد تتصلب هذه التمثلات ولاتساير الزمن المتغير فتنتهى او تتطور , لذلك تموت ايديولوجيات وتظهر ايديولوجيات, وتندثر اديان وتظهر اخرى جديده, وتختفى اساطير ويُكشف عن اخرى بديله. لاننسى أن للسلطه دور فى هذا الوعى فهى اذا لم تكن وليدة شرعيه له فقد تجيره لصالحها وتمده بشرايينها ليستمر أطول , تستخدم السلطه جميع تمثلات الوعى الايديولوجيه, منها او الدينيه او الاسطوريه, قد تفرض السلطه ايديولوجيه معينه أو فكرا معينا وكذلك قد تفرض دينا دون غيره او فهما للدين دون غيره و كما يمكن ان تتبنى اسطوره أو تنشى اخرى لاوجود لها., لو إنعدم الشر لما احتاج الناس الى اسطوره ولو عم الخير لما اختار الناس ايديولوجيه تبشرهم بالسعاده ولو تربع الاخيار فى كل مكان لما كانت هناك حاجه للاديان لتهدى الناس الى حسن السبيل. الدنيا قامت على فكرة الخلاص التى اسست لوعى الانسان الذى احتاج بالتالى لهذه التمثلات لتخفف من صدمة ارتطامه حسيا بها.

الخميس، 31 مارس 2016

الواقعية الإيجابية: تغيير الواقع لا الركون إليه

 

 

  

 
الواقعية ليست فقط ايجاد السياسات والاساليب المتفقة مع الواقع وفرضياته، ربما تكون هذه مرحلة فقط، ولكن لا يجوز ان تستمر الى ما لا نهاية عندما يكون هذا الواقع مجحفا ولا يتناسب مع قدرات وإمكانيات من يعايشه، وبالتالي تصبح الواقعية هي تماما العمل على تغييره وإيجاد السبل الكفيلة واللازمة باستنهاض الهمة والارادة لمن يعايشه ان يكابده سواء كان شخصا او وطنا او أمة بأكملها. الخلط الذي يمارسه العديد منا هو في التركيز على الجانب الاول وهو ضرورة ايجاد من السياسات ما يتناسب مع الواقع وعدم القفز عليه والاستكانة لذلك الى ما لا نهاية وإغفال دور الواقعية الايجابي في العمل على تغييره ببناء الارادة والعزيمة الضروريتين، لذلك ما نشهده اليوم على الساحة العربية من صراع سياسي بين أطراف السلطة العربية في كل مكان يتمثل في ما بين من يدعي الواقعية وبين من يرفض الواقع بعيدا عن كل منهجية علمية لتغييره. الطرفان تنقصهما نصف الحقيقة، فالطرف الاول الذي يدعي الواقعية ينقصه تحديد فترة او مدى لإيجاد واقعية اخرى تتفق وطاقات وطموحات الأمة، والطرف الآخر الذي يرفضها تنقصه المنهجية العلمية لبناء واقع جديد. لذلك نرى هشاشة الوضع العربي الراهن وسهولة تبرير العجز والاستسلام وبأننا لا نملك القوة لمواجهة مخططات الغير ولو أتت على بيوتنا وحرماتنا، بينما الطرف الآخر الرافض لتقديم البدائل المتاحة والضرورية لمواجهة ذلك والاكتفاء بالتنظير والأدلجة. طبعا مأساة بهذا الحجم لا بد من استراتيجية واضحة وشاملة لمواجهتها، ولا بد من شعور جميع الاطراف بسمؤوليتها وبمصيرها المشترك نحو ذلك. ولا بد كذلك من إدراك ضرورة تقريب المواقف وتحريك الارض تحت جانبي السلطة والشعوب كبداية لالتقاء المصالح واستثمار المصير المشترك. فالواقعية هي نغمة السلطة العربية المفضلة من المحيط الى الخليج ورفض الواقع المهين، وهدر الكرامة هو ديدن الشعوب من المحيط الى الخليج كذلك، فهل من طريقة ممكنة للدمج بين الطرفين بمعنى ان تصبح الواقعية الحقيقية لدى أطراف السلطة العربية في تغيير الواقع المهين وحفظ الكرامة للداخل أولا قبل فرضها على الخارج؟ هل من طريقة لتشابك المصالح بين الطرفين؟ مثل هذه الاسئلة أراها ضرورية قبل التحدث عن اية إصلاحات ديموقراطية تختارها السلطة حسب مقاساتها وبعيدا عن الاحساس الفعلي بأهمية المواطن. فهي في أحسنها لا تتعدى اسلوب المكرمة الذي حوى كل شيء ما عدا الماء والهواء. ان مفهوما جديدا لا بد من تأسيسه اذا ما أردنا لهذا الواقع المزري ان يتغير وهو مفهوم الشراكة الحقيقية القائم على المصلحة المشتركة والمصير المشترك لكلا الطرفين. اما الاستكانة بتبرير العجز بالواقعية الى ما لا نهاية فهو دعوة واضحة الى استمرار التطرف بأشكاله المختلفة والخروج عن منهجية العمل المنظم لإخراج الامة من مأزقها في جميع الاتجاهات، بل تكريس لسلطة الغير على مقدراتها واستلاب أنظمتها وتغيير قادتها متى تطلب الامر ذلك وتحت اي شعار يرفعه ذلك الغير. لذلك يجب الادراك بعناية ان الانفصام بين جانبي السلطة والشعب هو فيروس لقتل الطرفين قد يتقدم أحدهما قبل الآخر ولكن النهاية واحدة لكليهما، ولنا في شواهد التاريخ عبرة لأولي الألباب والبصائر.

الاثنين، 28 مارس 2016

تحقيق "الراية" والمجتمع المتحفز



تابعت بعض ردود الافعال على التحقيق الذي نشرته جريدة "الراية" الاسبوع الماضي حول مسميات المناطق في الدولة وكتابتها , واتضح لي ان مجتمعنا يواجه مشكله إجتماعيه تتفاقم يوما بعد آخر, جعلت منه في حالة تحفز مستمر ,  لم  يكن مجتمعنا قط بمثل مافيه من تحفز كما هو اليوم ,مالسبب في ذلك؟

 في إعتقادي إذا لم نتبه للأمر  سيصبح  المجتمع مصدرا لبؤر المظلومية الاجتماعيه , تتراكم مع الزمن , كيف يتحول موضوعا كهذا الى أمر يشغل الرأي العام؟ ويستولي  على معظم وسائل الاتصال الاجتماعي , كيف يصبح موضوع مسميات الشوارع والمناطق  وكتابتها الى موضوع  استذكار للتاريخ واستئثار بإنجازاته؟المجتمع المتحفز  للماضي كارثة عظيمه , ليته كان تحفزا للمستقبل .

في  إعتقادي أن المشكلة تبدأ عندما تبنينا "القيم"  وأضدادها في نفس الوقت. نشجع العربية الفصيحة في قناة , ونتبنى العامية المحلية في قناة أخرى.نبني المؤسسات ونتبنى القبلية في إدارتها وتسييرها. نستدعي أشهر الدعاة , ونقيم أشهر الحفلات العربية والغربية , نطالب بالتعريب ونوظف التغريب. نخاطب العالم من قلب الدوحة ولا يصل هذا الخطاب الى أطرافها خارج الاسوار. لوكان كل ذلك نتاجا لحراكا إجتماعيا وطلبا مجتمعيا , لأمكن للمجتمع التفاعل معه بصورة إيجابية لأنه يخرج من بين أحشائه, لكنه مع الأسف كان يتم من خلال  برمجة إجتماعية , جعلت من المجتمع في حالة تحفز واستعداد وتهيؤ  لمعركة خاطئه  في وقت خاطىء. جعلنا من موضوع "الهوية"  مصدر خوف دائم, هذا سيأخذها منا وذاك سيسلبها من أجيالنا.ليست لدى مجتمعنا مشكلة من مسمياته ومصطلحاته , المشكلة إدارية  تربويه , تمثل فشلا تعليميا وصل إلية المجتمع,عندما يعجز النظام التعليمي  من التأثير الايجابي في البنية الاجتماعيه للمجتمع ويتراجع لينكفىء داخل اسوار المدارس والجامعات   يصبح المجال العام مفتوحا للصراع بين القيم   وأضدادها   , كان على الدولة بعد عمليات التوسع  المادي أن تمارس وعيا معنويا يستقي أدواته ومفاعيله من بنية المجتمع الاجتماعيه    فكما أن  تحييد الخلافات العقائدية مطلب لعدم تدمير الاسلام, فأن تحييد الصراعات القبليه والطائفيه مطلب ضروري لبقاء الدولة,   حديث "دعوها إنها منتنه" لايكفي طالما ميكانزمات العيش تتطلب إذكاءها  واللجوء إليها. التاريخ  واللغة في جميع انحاء  دول العالم يكملان بعضهما البعض إلا في عالمنا العربي  فإن كل فرد فيه يحمل حقيبة تاريخه ولهجته في خزانة قبيلته وطائفته ويصطف في طابور الدولة   كمتطلب يقتضيه التعداد السكاني ويستلزمه الواقع  لا أكثر.