الاثنين، 9 سبتمبر 2024

كل شيء الى زوال

 ماهية الإنسان هي المسؤولة عن سعادته أو شقاءه, مقارنةً بآراء الاخرين فيه, فبما يزخر به في داخله هو ما يصاحبه في حله وترحاله ويطبع أحداث حياته  وأسلوب معيشته , هو ما يبقى بعد أن يزيل الدهر كل أشكال المكياج والآلوان الذي تزخرف بها هنا وهناك من اجل هدف دنيوي أو حاجة ملحة, فإن كان طبع الشخص رديئاً فلن تنفع معه كل متع الدنيا , ا لاشكالية حين نستبدل  حقيقة ماهيتنا بصورتنا عند الآخرين التي في أذهانهم عنا   هنا بيدأ الخلل , من يراك شريراً أو خيَراً  قد لايرى حقيقتك وانما مجرد انطباع استله في لحظة قوة أو ضعف شاهدك فيها, فالعامل الوحيد في سعادتنا هو ماتزخر به دواخلنا من ممكنات وما نحن إياه بالفعل  أي طبعنا الشخصي الذي   يلازمنا  كالظل وليس  الطبع الذي نتبناه حسب الظروف  فهو زائل ولايبعث على الطمأنينة, طبعك الحقيقي هو الذي يأوي معك في الفراش  وانت خلياً من الدنيا , فالطبع يؤثر على الانسان وبشكل منتظم أما غيره من العوامل فتأثيرها بسيط ولايدوم , الطبيعة سرمدية  والاشياء عارضة, إن النعم الذاتية مثل العقل الراجح والطبع النبيل  والمزاج المعتدل  والنفس المرحة هي من أوجب الواجبات التي يجب أن نصونها وننميها بدل الركض وراء  النعم الخارجية ومظاهر البذخ والاسراف, عموماً لاينسجم الانسان الراقي  انسجاماً  تاما ً الا مع ذاته, لذلك تجد الانسان مع تقدم العمر يميل الى البقاء مع ذاته  اكثر, في حين  أنه قد يكون في شبابه كانت تسكنه ذوات الآخرين وتستولي على ذاته  وتحرك مشاعره, هذه شذرات رائعة لشاعر فارسي يصور الحياة وما يعتريها أبلغ تصوير

هل فقدت العالم كله ؟ 

لاتحزن فالأمر هين

هل صار كله  طوع بنانك ؟ لاتفرح فالأمر هين

افراح ..أتراح ...الآم ... آمال

كلها الى زوال  مُرَ منها 

مرور الكرام ولا تبالي

كلها إلى زوال


الأحد، 8 سبتمبر 2024

سؤال الروح

 الاشكالية التي نعاني منها   هي اعطاء ظاهر الحياة كل اهتمامنا  وننسى او نتناسى  أ ن الشرط اللازم لتوازننا  وسعادتنا  هو في اعطاء الحياة الداخلية  الاولوية  على كل ممتلكات الحياة المادية الظاهرة للناس, النجاح المادي  يثير الضجة تتفاخر به وسائل الاعلام  يومياً عارضة اسماء اولئك الذين استطاعوا ان يحققوا غنىً فاحش وثروات طائلة, لكن الحقيقة ان كل هذا الغنى وهذه الثروات تحت رحمة الاحداث  ومؤامرات الغير من أعداء أو وحساد  , لذلك هناك دائماً  شعور مزدوج بين  الامتلاك وعدم الامتلاك في الوقت نفسه , وتعجب حتى تدرك ان الكثير منهم لايشعرون بالسعادة  بل   ويشعرون بأن شيئاً  ما داخلياً ينقصهم, فقد اغفلوا حياتهم الداخلية تحت  اجتياح الرغبة في الحصول على المادة والسعي المستمر وراء بريقها الآخاذ, ولو ادرك الانسان ان مايمتلكه حقيقةً هو حياته الداخلية وثروته الروحية فسيشعر بالتوازن الحقيقي في هذة الحياة بعيداً  عن تأثير الآخرين  وسيكون في وضع دائم ومستمر لإفادة الاخرين  لانه سيدرك انه لايخسر شيئا بقدر ما  يضيف الى رصيده الداخلي وحياته الروحية الكثير, ينسى الانسان الغنى الروحي الذي وهبه الله له , ويتغلب جانبه المادي على جانبه الروحي الشفاف , فيصبح اتصاله أرضياً فقط  لايعتلى الى مراتب اعلى في الوجود , وينقضي به العمر وهو لم يعش سوى فترة حياة جسده  ومكانتها بين الاجساد  في حين  لم تغتنى روحه التي تحمل سر وجوده  وشفرة اتصاله بخالقه من رحيق   الحقيقة التي تجعل من حياته وجوداً أزلياً الانتقال من براثن الجسد الى سرمدية الروح التي ينتهي بها الأمر عائدة من حيث أتت   ولولا الإرادة الآلهية لتمنعت من السكنى في الجسد   المادي الزائل , فأجعل من حياتك روحاً  تسمو بالجسد وليس جسداً يطمر روحاً

أنظر كيف يصفها إبن سينا :

هبطت  إليك من المكان الأرفع"ي" 

ورقاء ذات تعزز"ن"  وتًمنُع 

 محجوبة عن كلَ مقلة عارف

وهي التي سَفرت ولم تتبرقع 

وهم الهروب من العدالة

 

كثيرة هي التساؤلات  عن  المجرمين الذين  استطاعوا الهروب من العدالة البشرية , يرونهم  في الاسواق  وفي التلفاز  وفي كل مكان , يُحتفى بهم  ويتصدرون المآدب والاحتفالات, يعرفونهم بأعمالهم, الشريرة, لكنهم في حصن حصين من العدالة البشرية لسبب أو لاخر, نفوذهم كبير اكبر من العدالة البشرية, لكن إيمان الناس بالعدالةالآلهية حتمي  ولا لبس فيه, لكن الناس تغفل عن شيء هام , وهو أن هناك ثمة شيء بين عدالة الارض اليوم  وعدالة السماء غداً, وهي العدالة الفورية التي تأخذ مكانها بمجرد أن يرتكب الانسان جريمة, وهي عدالة تبدأ من الداخل من داخل المجرم  أياً كانت جريمتة, قتل, سرقة, استحواذ غير مشروع ....الخ, يبدأ الانهيار الداخلي مع مرور الوقت , فالزمن يتفاعل سلبياً مع الجريمة داخل نفس مرتكبها, ويبدأ بالتالي التدهور النفسي والصحي له والتفكك الخارجي يتبعه مع مرور الوقت , الجرم والعياذ بالله  ينهش في جسد مرتكبه , هذه العقوبة الآلهية الفورية , الناس لاتراها  وتعتقد أن العدالة الآلهية مؤجلة , الا أنها فورية  ولكنها  تستعين بالزمن الذي هو أشد على المجرم من الاعدام الفوري ,يبدأ التفتت من الداخل  وقد يتطلب فترة طويله من الزمن حتى يتداعى ظاهرياً ولكن  داخلياً هناك شيئاً ينهار,  ,كم هي الاعترافات التي تم تدوينها لمجرمين حين وصلوا الى ارذل العمر وعلى وشك الموت وقد افلتوا من عقاب الدنيا لكنهم لم يفلتوا من عقاب الضمير الذي تراكم ككرة الثلج مع مرور الايام في داخلهم , الانسان كائن متحسر على ذهاب الدنيا مهما كان نزيهاً فيها فكيف به وقد أرتكب إثماً يخفى عن أعين البشر  ولكن داخله  يتألم من كتمانه, أن كنت قد شعرت  عزيزي القاريء يوماً ما بأنه قد مر من جنبك  مجرماً  وتراه مبتسماً ضاحكاً فثق تمام الثقة  بأن هناك شيء ما  بجانبك قد بدأ بالتداعي والتآكل.