الخميس، 6 نوفمبر 2025

كم عمرك؟

 أذكر أني منذ عقود مضت  سألت فتاة أنجليزية  قائلاً : كم عمرك؟ فإذا هي تفاجئني برد صاعق  قائلةً: أنت وقح . فإذا بصاحبي ينبهني قائلاً لا تسأل المرأة عن عمرها لأن في ذلك وقاحة من وجهة نظرهن. ومنذ ذلك الحين لم اكرر مثل هذه الغلطة, لكن مع مرور الوقت   وجدت ان الرجال كذلك  ليس فقط  لديهم حساسية من سؤال العمر بل أن علاقتك تتبدل وربما تنقطع لو تجرأت وسألت بعضهم عن عمره وفي أفضل الحالات يكرهك ويبدأ في  تجنب اللقاء بك.مالسبب الذي جعل من سؤال العمر إحراجاً؟ لماذا يخشى الرجل من ذكر عمره الحقيقيى ويتحاشى ذلك؟, كثيرون استبدلوا اعمارهم الحقيقية بتواريخ جديدة اصغر , هذا ليس فقط تزييف بل لعب في أوراق رسمية, ثمه فجوة بين الانسان وعمره  في الاذهان هل للمجتمع شأن فيها؟ هل يمارس المجتمع ضغطاً على الانسان لكي يخفي عمره؟  تعدى الثلاثين ولم يتزوج؟ بلغ الاربعين ولم ينجب؟ جاوز الخمسين ولم يترك له من يرثه؟,في الشباب نعيش وهم الزمن الانهائي, نهمل الصحة, نؤجل كثيراً من القرارات فيداهمنا العمر الحقيقي بعد ذلك ليقض مضاجعنا, لعل الانسان هو الكائن الوحيد الذي يدرك أنه سيموت, لذلك السؤال الملح دائماً ليس كم عشت ولكن كم بقي لي  من العمر , فوجودنا  هو وجوداً نحو الموت لذلك يبدو سؤال العمر سؤلاً مخيفاً  كذلك الخوف من الشيخوخة وفقدان  الصورة التي رسمناها  ايام  الشباب , افضل من تناول الخوف من العمر هم الرواقيون  حيث اعادوا تعريف النجاح ووضعوه  ليس بمجرد مرور السن وانما بالمعنى الذي نضيفه في حياتنا  كما أن  ممارسة الامتنان تذكرنا بما حققنا لا ما فاتنا  وكذلك التأمل  في الموت نفسه  لنجعل كل يوم هو اليوم الاخير في حياتنا  بمثل هذه الخطوات نتخلص من الخوف  من تقدم العمر   والانحدار نحو النهاية. من يخاف من ذكر عمره يفقد جزءاً هاماً من معنى حياته  ويخفي  حقيقة كانت نستلزم الامتنان لله عز وجل  وفقد الألفة مع تلك السنين او الاعوام التي عاشها والتي اسقطها خوفاً نظرة المجتمع  او خوفاً من قادم آت  لامفر منه

الاثنين، 3 نوفمبر 2025

الحرية " أفق" قبل الممارسة

 عندما  ذكرت في مقالات سابقة أن الحرية تأتي قبل الهوية . رفض  الكثير ذلك وقال بأن الهوية تأتي قبل الحرية وإنه من خلال هويتي أمارس حريتي , هنا يبدأ الخلط لديهم بين الحرية كأفق ,الحرية كممارسة, كنت أتحدث عن الحرية كأفق وليس كممارسة, فالحرية كأفق هي مايجعل الانسان مسؤولاً عن ذاته قبل أن يكون مسؤولاً عن الاخرين, بهذا المعنى الحرية لاتقاس  بمدى ماتفعله  بل بمدى  تنفتح عليه كإنسان  قادر على الاختيار والفهم والتجاوز, بمعنى ان الافق  يتيح الامكان بينما الممارسة  تُجسد الامكان  فالحرية هنا  مسألة وجود  قبل ان تكون حقاً بل شرط ان يكون الانسان "أنا" حقيقية فالمجتمعات التي لم تنتج ذاتها كأفق حر  تكون ممارسة الحرية فيها  مجرد تقليد  بدون روح حقيقية , كالديمقراطية في مجتمعاتنا العربية, فنحن نمارس شروط الديمقراطية بإفق غير حر   قادم من الهوية الدينية أو القبلية أو الطائفية, لكن أفق الحرية أن تجد نفسك  منفتحاً أمام  جميع الامكانات ثم تشرع في ممارسة حريتك  انطلاقاً من هذا الافق وما تختاره من إمكان وتعدم غيره من إمكانات,  لايمكن لمجتمع ان يمارس حريته  قبل ان يؤمن بها كأفق داخلي للذات , الحرية كأفق أن يحضر الوجود أمامك  قبل أي ممارسة ,  فالحرية إذأً هي أن نكف من أن نطلب الإذن في أن نكون  وهي بالتالي تحرير الذات من الوصاية بأي شكل من الأشكال , من هنا ندرك لماذا هي تأتي قبل الهوية  على الرغم من صعوبة تصور ذلك لدى الكثيرين