الخميس، 24 مايو 2012

قناة"الريان" وثنائية التراث والهويه



تهدف قناة الريان من خلال شعارها وبرامجها على المحافظه على التراث والهويه و وهى تستقطب ثلة من الشباب القطرى الواعد فى مجال التقديم والاخراج  , و  تحظى بدعم كبير كذلك ,  من خلال  الاعلانات عن برامجها المنوعه  فى فترة بثها خلال اسبوع افتتاحها, حيث لم أتابع سوى برنامج "تراحيب" حتى الآن  إلا أننى استطيع أن اقدم بعض الملاحظات ربما تكون مفيده للقائمين على القناه أو على الاقل تقيم رباطا بين مفهومى الهويه والتراث بحيث  لايستقران فى الذهن فقط كماض  وكهويه ثابته.
أولا: الشكل الذى تُقدم فيه برنامج القناه  يشىء إلى أنها قناة مناسبات وليست قناه مستمره"علوم الحيا" الحيا فتره محدوده وقصيره من السنه."هل القنص" ايضا القنص فتره محدوده من السنه وكذلك "هل الخيل" وهل البحر.
ثانيا: علينا  التفريق بين مادية التراث وقيم التراث وجانبه المعنوى. كثير من التراث المادى  لايمكن إعادته ولكن يمكن التركيز على قيمه وأخلاقياته وبثها فى الجيل الجديد. لن تعود أيام القنص السابقه ولاأيام الطيور والصقاقير كما كانت فى السابق ولا أيام الغوص, لن تعود ماديا , محاوله اعادتها ماديا  حتى مع التشجيع المادى والمعنوى  لذلك ورصد الجوائز , قد يعيق التطلع الى مجالات العصر لدى النش بينما هى إعاده زائفه وليست مرتبطه بواقع الطلب الحياتى اليوم.
ثالثا:  كثير من التراث ونشاطاته فى السابق كان مرتبطا بالحاجه الاقتصاديه فى حينه فالغوص مثلا كان للقمة العيش والقنص كذلك والطير كان يمثل  مصدرا لاطعام  العائله وحتى الفريج. فمادية التراث فى معظمها كانت تقوم على الحاجه لاستمرار الحياه فلذلك كانت  تواجدا  وحضورا لصاحبها ومركزا اجتماعيا واقتصاديا له. فإعادته من قبيل "الواقع الفائق" كصورة القمر الصناعى لمنطقه على الارض بمعنى تعطى التواجد ولاتعطى الترابط المعاش حقيقة

رابعا: أتمنى التركيز على قيم التراث اكثر من محاولة إعادته , قيم القنص والغوص والفروسيه كالتكافل والايثار  والمشاركه والشجاعه والاقدام  والاحساس بالمصير المشترك.
خامسا: التيقن بأن الهويه  متكونه أو فى حالة تكون مستمره وليست ثابته, على القائمين على القناه  الاهتمام بذلك لكى يتسنى ربط الماض بالحاضر فى ذهنية النش , بمعنى  أن تنغمس فى ممارسة نشاطات التراث ولكن بهوية العصر  ومؤهلاته فهوية العصر اليوم المتكونه هى "العلم" بينما هوية القناص  أو مضمر الابل   هويه من مرحله سابقه أو جزء من هويه  قائمه اليوم. ولكن ليست الهويه الغالبه والمستقره اليوم.

سادسا: عملية الربط المستمربين ما يقدم بأنه تراث  مع مستجدات الدوله ودورها اليوم يبدو أمرا ضروريا وملحا لكى لاتظهر القناه وكأنها جزيره معزوله  بمجتمعها القطرى الصغير  وسط  الحيز الاعلامى العام سواء فى الدوله حيث الجزيره المتمدة الاطراف أو النطاق الاقليمى المزدحم بقنوات الرأى.

سابعا: التراث ليس هو الماضى فقط, الحاضر  ايضا تراث يتكون والمستقبل كذلك تراث قادم, تقديم ما يخص الحاضر ليؤسس ما نريده تراثا لاجيالنا القادم, كفضيلة الحوار والنقاش  وتكوين الهويات المشتركه , قصر مفهوم التراث على الماض فقط فيه قصور  ينبغى التنبه له.
ثامناا: الجانب المادى من التراث يستقر عادة فى المتاحف ليراه النشء والزائر بينما الجانب المعنوى  مجاله الاعلام  بشتى تخصصاته, هنا يكمن أهميه ووسيلة تركيز التراث كقيم  ومعان  وثبيتها مع العصر المتحرك بسرعه, بينما يثبت المتحف الماده والصوره والأثر.

تاسعا: الفكره جيده  والقائمين عليها لهم التهنئه والشكر وكل ما أردت التأكيد هنا هو مفهومى "التراث والهويه" لأن فهمها بصوره شموليه  وديناميكيه يجعل  من التاريخ واحدا وليس مقسما وانما فى حالة تطور, التراث  ليس فقط ماده أو نشاط مادى  وانما هو روح المجتمع  المستقره فى ذاكرة النشء جيلا بعد آخر . أما الهويه  فهى حركة المجتمع نحو أهدافه العليا وغاياته الساميه مع مايستوجبه العصر من سمات.

الثلاثاء، 22 مايو 2012

الاسلام أسمى من أن يكون حلا يفرق الأمة



 شعارنا المرفوع "الاسلام هو الحل" يقابله شعار يرفعه الاخر " الاسلام هو المشكله, الحل دائما ما يكون جزءا من المشكله أو من تصورها كالدواء والمرض ,هذه النظره الاختزاليه الضيقه,تقلل من فهمنا للأديان بماهي وسيله للتعايش الانساني "  , الاسلام ليس مشكله وبالتالي لايمثل حلا لمشكله لم يصنعها .عندما جاء الاسلام لم يكن العرب يعانوا من مشكله, وإلا كانوا قد تلهفوا على قبوله كحل وعلاج لمشاكلهم, ولم يتصدوا له ولرسوله, عندما نتكلم عنه كحل نفتح الصندوق , صندوق التفاصيل والتأويلات والتفاسير وهوصندوق تاريخي , بينما الحل دائما مساله اجرائيه عمليه لمشكله أو مشاكل اصبحت واضحه, الحل لايأتى بشكل مطلق حتى قبل  وجود المشكله  وإجراءات الحل  ذاتها  جزئيه وتراعى الفروقات والاوضاع والظروف, وتستفيد كذلك من كل مشارب المجتمع التقليديه كالعادات والتقاليد والعُرف وما إلى ذلك, كما ان المشكله أيضا لاتكون فى تبنى  عقيده ما وانما فى محاولة فرضها على الآخر, فعندما يتكلم الآخرون على أن الاسلام هو المشكله لايدركون  ان المشكله  ربما هى فى المسلمين وليس فى الاسلام.   , الحل لمشاكل المجتمع والشعوب حل مدنى دستورى  يقوم على التراض والقبول وإن استقى مرجعياته من  العقيده او من الدين, الاختلاف بين المرجعيه وظاهرية النص  كبير, عندما نقول بأن الاسلام هو الحل نتكلم هنا  عنه كنص  وليس كمرجعيه  لبعض النصوص القانونيه والدستوريه, حيث  أنه حلا مع حلول أخرى. تتكلم الآن بعض الاحزاب الاسلاميه عن إعتماد الاسلام كمرجعيه لها  فى حال فوزها فى الانتخابات بُعيد ثورات الربيع العربى  ومابين الحين والآخر  ينبرى بعض زعماءها وقادتها  بدغدغة مشاعر الناخبين وعواطفهم بالوعد بتطبيق  نصوص الشريعه فيبدأ الخوف فى المجتمع  المؤلف من مجموعة اديان وعقائد , المرجعيه الاسلاميه هى من إحتضنت  الملل والنحَل فى السابق, الاسلام كمرجعيه هو  من أسس لصحيفة المدينه وتعايش الاديان فيها, نسىء كثيرا للإسلام عندما نحوله فقط إلى نص واحد  وهو يحتمل فهما لكل عصر وزمان . عندما يتحدث غربيون مثل برنارد لويس عن ان المشكله فى الاسلام ذاته, نحن لعبنا دورا كبير كمسلمين فى تبلور مثل هذا التصور لديه ولدى غيره من المؤرخين والمفكرين الغربيين,بالطبع  هناك من يسمو بالاسلام والاسلام يسمو به إلا ان فشلنا الحياتى التنموى التطورى الحداثى جعل من اليأس الصوت الاعلى والأقوى لمن يمتشق النص مجردا  ويبدأُ بالأقربون ويتبعهم بالآخرون معتبرا فهمه الخلاصى هو الحل, الاسلام أسمى من أن يكون حلا يخطفه فصيل عن آخر أو تدعيه طائفة لتقتل أخرى .

الأحد، 20 مايو 2012

حقيقة الدوله







صيغة الدوله المثلى  فى كونها جهازا إداريا لتنظيم حركة المجتمع  ومراقبة انشطته بعيدا عن التدخل  المسلوب لجهة دون غيرها أو لفكره  دون أخرى . الانتقال الى هذه الصيغه ليس من السهولة بمكان .  فى الاساس ليست هناك اشكال للدوله كما هو مطروح اليوم , مثل الدوله القوميه أو الدوله الدينيه أو الدوله الطائفيه. هذه فى الحقيقه ليست دول بل هى صور لما قبل الدوله, إذا إنتسبت الدوله للدين أو للطائفه أو للقوميه خرجت من مفهوم الدوله الاسمى ,أصبحت دوله ناقص  ينهشها التآكل  نظرا لإلتصاقها بصفه أقلويه  لجزء من السكان. لذلك ومن هنا يمكن معرفة  إشكالية الدوله العربيه  القائمه حاليا حيث ينبثق تصورها  وأفقها الابعد  من نظره قاصره لشموليتها  واستمرارها  بل وتمدنها. يتعامل المجتمع المدنى فى الدوله الحقيقيه مع التباين الدينى فيها  وليس الدوله  الدوله تبقى حياديه , بينما المجتمع المدنى  واجهزته  تتعامل مع الفروقات والاختلافات داخلها من خلال تصريفها فى قنوات مدنيه ونقابات  وجمعيات. ولاتتركها لتصطدم بالدوله ويكون الغلبه للأقوى وتنحاز الدوله بعد ذلك الى جهه أو طائفه أو دين. تقوم الدوله الحقيقه على مستويين, مجتمع مدنى كالذى ذكرت ومجتمع سياسى , ينظم  إفرازات المجتمع المدنى سياسيا  ويوضح سبل  التفاعل  وآلية السلطه. فى مثل هذه الدوله تصبح المواطنه  لاالدين أو القبيله أو الطائفه محدد الانتماء الاول والاخير , ويصبح بناء الدوله الخارجى من القوه بمكان بحيث لايمكن هدمه مهما تغيرت السلطه فيها وبأى شكل كان هذا التغير. حاولت الدوله القوميه فيما سبق التقدم فى هذا الاتجاه إلا أنها  فشلت نظرا لايديولجيتها  ولم تستطيع ان تفسخ للمجتمع المدنى داخلها مجاله الارحب وبالتالى كانت مجتمعها السياسى محددا مستقبلا باحزاب قوميه  أو بحزب قومى مسيطر, كذلك الدوله الدينيه و حيث الدين اساسا مجاله المجتمع المدنى  ويدار من خلال الدوله بحياديه , إلا انها"الدوله الدينيه"  أدارت هى ذاتها  الدوله  فإختفت الحياديه  بين اطياف المجتمع وأديانه . لذلك أى تغيير فى هذا النمطين من أنماط "ماقبل "الدوله" يرجع الأمر الى المربع الاول  مربع ما قبل الدوله  شهدنا ذلك  ونشهده فى عالمنا ماقبل ثورات الربيع العربى أو ما بعدها. الحقيقه المره هى اننا كمجتمعات عربيه نعيش مرحلة ما قبل الدوله بإمتياز حتى وإن إرتفعت اعلامنا فوق بناء الامم المتحده  أنها أعلام قبيله او طائفه أو جماعه أو دين.