الجمعة، 28 سبتمبر 2018


تمهيد

" فقد شهدت فترة الحصار الجائر تعزيز مكانة دولة قطر وترسيخ دورها كشريك فاعل على الساحة الاقليمية والدولية وواصل الاقتصاد القطري نموه وبرهن على قوته وتماسكة"

الشيخ تميم بن حمد بن خليفة ال ثاني

أمير دولة قطر
شكل لي الحصار شخصياً صدمة, ليس لأنه مستبعد ولكن لأن بشاعة التوقيت , جعل منه أمراً أخلاقياً وليس فقط إجراءً سياسياً, وبقد ما كان هذا الأمر مؤلماً لي بقدر ما كان قدراً إلهياً للكشف عن إرادة وصلابة  الشعب القطري وصلابة قيادته وحسن إدارتها للأزمة بكل حمكة واستبصار , بالنسبة لي أن أزمة الحصار ليست أزمة سياسية بقدر ماهي أزمة أخلاقية  وبالمعني الادق  للأخلاق أزمة "إتيقيا" لما تحمله من تجاوزات  فيما يتعلق بالنسيج الخليجي الواحد  وكذلك أيضاً فيما يخص العمق الاجتماعي المشترك  والاواصر المتداخلة بين ابناء الخليج  في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية, ناهيك أنها نسفت فكرة كانت دائماً  تطرح من أن السلطات الحاكمة في هذة الدول هي جزء لايتجزأ من هذة الشعوب , بينما جاء قرار الحصار ليدحض ذلك عندما أراد المحاصرون مصادرة حق شعوبهم في الاعتراض فكانت بالتالي قرارات من نوع "منع التعاطف" مع قطر والشعب القطري, لذلك ستجد عزيزي القارىء في هذا الكتاب مقالاتٌ فكرية في طبيعتها  لاتقوم على الوصف بقدر ما تستند على التحليل , "إرادة وطن"  هي أعظم  ما تجلى في هذة الازمة ,في إعتقادي فقد أصبحت قطر إرادة واحدة  خلف قيادة واحدة بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخها

الاثنين، 24 سبتمبر 2018

بياع المخزي" السجائر"


 

عندم كنا صغاراً في الفريج , كنا نتطلع دائماً الى الشعور بأننا كبرنا أو أننا نكبر, لاشىء في الفريج يدل على اننا نكبر , الحياة هادئة الى درجة الرتابة  لانملك من وسائل الاتصال سوى تلفونات البيوت  , التلفزيون ليس الجميع يملكه  وفترة بثه محدودة جداً , نشعر بأن الزمن باق والوقت لايمر , نتكدس أمام الدكاكين , تلفت أنظارنا أنواع السجائر بألوانها المتعددة والمختلفه , شكلت لنا تحدياً واضحاً , لايدخنها سوى الكبار وعادة ليسوا من أهل الفريج , بعض الاساتذه  والمدرسين , نشعر أن هناك زهواً يخرج مع دخانها  وشعوراً  بالثقة , أذكر ان أحد أصدقائي  حدثني في الصف عن تجربته في التدخين  عصراً في زرع والده  وأنه يحتفظ بعلبة السجائر هناك  فذهبت معه ليخرجها من مكان دفنها  في طرف المزرعه , صغيرة جداً أسمها "نويكت" هكذا كنا ننطقها, أعطاني سيجاره  لم استطع تدخينها كما يجب  وانما اكتفيت في  اخراج الدخان من فمي , ومع الايام وجدت جميع أصدقائي يملكون علباً للسجائر منها "الكابتن "وبو" قطو"  وبوطماط "وطبعا نويكت وغيرهم , المهم ان مجتمع الفريج  من كبار السن لاحظ ذلك فتنادوا بوقف بيع "المخزي" هكذا كانوا يطلقون على الدخان "السجائر"وتنادوا بعدم ذهاب الاولاد الى الدكاكين حيث بياع  المخزي , والادهى من ذلك أن وسائل المراقبةكانت لصيقة جداً بحيث أصبح الشم  حاسة خطيرة تكشف من يدخن من غيره" شميت في ثياب ولدك ريحة"تتن" سمعتها من احدهم يكلم زميلاً  له من كبار السن في الفريج,  لاتمشى مع فلان تراه يدخن المخزي  تحمل تصير مثله" أيضاً ,هذه في حد ذاتها تهمة كبيرة قد لايبيت صاحبها في بيته تلك الليلة الا وقد وبخَ وربما ضُرب من قبل والده.ماذا كان يعني التدخين في ذلك الوقت كان يعني العزلة الاجتماعية  وليس من السموح للمدخن ان يدخل المسجد لو عرف عنه انه مدخن  كان محرماً في التقاليد, بل سمعت أن هناك من يرفض تزويج المدخن في تلك الايام , ما يهمني هنا التركيز على الوظيفة الاخلاقية التي كان يمثلها الشعور الجمعي  لدى أهل الفريج , اليوم نرى العالم كله  يضع التدخين ليس فقط في خانة المخزي الذي يشعرك بالمهانة بل في خانة الخطر الذي يهدد صحة ووجود الانسان ذاته  , دينياً ليس هناك اجماع على حرمته  ولكن اخلاقياً كان يكشف  عن بداية  للخروج من نطاق التفكير المسموح به في ذلك الوقت , كان اهل الفريج أيضاً يحتقرون من يستورده ناهيك عمن يبيعه كذلك ,بينما كان يمثل لنا نحن الصغار بداية الاعتماد على الذات وبناء الشخصية  والشعور بالمسؤولية , ثم جاءت "مخزيات " أخرى إضافة الى التدخين  بحكم  تطور المجتمع وانفتاحه على العالم ولو عاش أهل الفريج الى يومنا هذا  لقضوا جل وقتهم في البحث عن "الجليل"المستحب "الذي يدعو الى الاحترام " بعد تحول المخزي الى ثقافة عامة ولغة تخاطب  والفاظ  تأنف الاذن من سماعها  ويخجل القلب من الانصات إليها.