الثلاثاء، 10 مايو 2016

القطري الأخير

هو أخير لإنتحال الغير  هويته ,هو أخير عندما شعر أن  ولادة المواطن لم تعد من رحم الأم بقدر ماهي من صالة القادين في المطار,      هو أخير لتوهمه أن تدفق الريع سيشمله مدى حياته وبعد مماته ، هو أخير لاعتقاده بأن حضن الوطن كفيل بحمايته الى الأبد ضد تقلبات الزمن وأهله ، هو أخير كذلك لأنه كان قادراً على معرفة أبناء مجتمعه وعلى تعدادهم فرداً فرداً فاللحمه لاتزال قويه والايثار كان نبراس الحياه، هو أخير لأنه اتكأ على التاريخ واسلم له أمره فالتاريخ لا يعرف الغدر ولا المكر لدية فآمن به كحافظ دائم ومستمر لمكتسباته ، هو أخير لأنه ظن أن التعليم الحكومي الموحد هو النبع الصافي لبناء الوطنية وصيانة الأمة ، هو أخير لأنه أفترض أنه لن يأتي اليوم الذى سيبحث فيه عن عمل في وطنه فلا يجده ، هو أخير لأنه لم يفكر ولو لبرهة أن موقعه سوف يتسع لغيره ولو كان على حسابه ، هو أخير لأنه وثق بأن المال لا يمكن له أن يسبق القيم الإنسانية ، هو أخير لان أعتقد أن جغرافية الوطن لا يمكن لها أن تتمدد الى الدرجة التي يصبح معها لا يرى بالعين المجردة ، هو أخير لأنه ظن أنه عملةصعبه لا تتدهور قيمتها بمرور الزمن حتى ولم يتدخل البنك المركزي لإنقاذها وهو لم يفعل بالطبع ، هو أخير لأنه أراد للحلم الجمعي أن يستمر ولم يدرك أن الأحلام كذلك أصابها التخصيص فالزمن أصبح فردي الطابع والإيقاع ، هو أخير لأنه كان يرى ويطمئن بأنه لاثمة حاجة للطلب على أي شئ فكل ما يريده يأتيه جاهزاً وناجزاً حتى الديمقراطية وهي ثمرة تاريخ طويل والدستور وهو ثمرة اتفاق عام يأتيانه دونما جهد أو عناء منه ، هو أخير في تصوراته وأحلامه نحو وطنه وأمته ولم يدرك بأن التاريخ حقب وكل حقبه تحمل في طياتها شروط بقاءها الخاصة بها دون غيرها ، هو أخير لأنه كان يرى التاريخ خطاً مستقيماً يمكن البناء عليه فأطمئن إليه وبنتائجه مستقبلاً ، هو أخير لأنه راهن على عدم زوال أو اختفاء الطبقة الوسطى ولم يدرك أن أمراض الرأسمالية المتوحشة تصيب الأطراف بدائها حتى رغم عدم توفر شروط وجودها فيها ، هو أخير لأنه آمن بأن الأرض لا تزال تتكلم عربي ولم يدرك أن اختبار " التوفل " تفوق على فصاحة وحكمة أبا الطيب المتنبي وعبقرية المعري وأن تراث بغداد والقاهرة والكوفه وغيرهم تعادله مكتبه صغيرة في أحدى جامعات الغرب ، هو أخير لأنه آمن وصدق شعارات المصير المشترك ولم يع الىِ أن البقاء للأقوى في عالم اليوم وأنه من " سبق لبق " هو أخير لأنه اعتقد أن المكانة الاجتماعية والجاه الاجتماعي التاريخي لهما الأسبقية دائما وخيولا تحرسهم وجنود . هو أخير لايتكرر لانه يمشي في جنازته ,فزمانه قد رحل قبله انه بلا زمن اليوم فشروط حقبته التاريخية انتهت فثمة قادم جديد يتخلق ليس له من وطنه سوى الاسم والوثائق الرسميه فلذلك هو أخير في كل شئ إلا في حبه لوطنه وتفانيه وإخلاصه لقيادته .فالزمن في هاتين سرمدي يختزل الأجيال ويطوى صفحات التاريخ .

الاثنين، 9 مايو 2016

تحيُز الجامعة

كنت أشعر بهيمنة كلية الشريعه على باقي الكليات الاخرى في الجامعه وكانت شخصية رئيسها الدكتور يوسف القرضاوي تعادل شخصية رئيس الجامعه أن لم تكن تفوقها سلطه ونطاق نفوذ, ورئيس الجامعه اصلا الدكتور ابراهيم كاظم كان استاذا من جامعة الازهر ونائبه كذلك الدكتور جابر, فالجامعه كانت اشبه بمعهد ديني كبير , أكثر منها جامعه تضم جميع التخصصات ,    .وكان هناك ايضا قسم صغير للفلسفه وليس به سوى استاذ واحد على ما أذكر أسمه الدكتور "خليف" وقسم الاجتماع كذلك كان تحت رقابه لصيقه حيث ربط بقسم الخدمه الاجتماعيه, الذي كان تدريبا أكثر منه علم, في مجتمع كانت الدوله فيه في ذلك الوقت تقدم جميع الخدمات الاجتماعيه , فلم يكن إختيار هذا التخصص في حينه مناسبا إلا من أجل التقليل من دراسة نظريات علم الاجتماع ونظريات التغير الاجتماعي دراسة شموليه متعمقه , وسبق أن ذكرت كذلك عن تحيز الجامعه لجنسيه دون اخرى ولفكر دون آخر نظرا لهيمنة كلية الشريعه , الكليه الأم في الجامعه.و هناك ايضا قسم جغرافيا يخرج مساحي خرائط. بالاضافه الى التخصصات العلميه المعروفه . لذلك كان علىٌ أن أضاعف الجهد لدراسة النظريات الاجتماعيه والفلسفيه بجهد ذاتي خارج نطاق الجامعه , حتى انني كنت استعير الكتب من المكتبه ولا أجد إقبالا من الطلبه على الاستعاره أو قراءة الكتب والمراجع كما شكا لي الاخ مسئول المكتبه . إستمتعت كثيرا بمادة الثقافة الاسلاميه  التي كان يدرسها لنا الدكتور حسن عبد الظاهر رحمه الله, حيث كان له أسلوب مميز , في حين أن الشيخ القرضاوي الذي كان يدرسها كذلك إلا أننا كنا قد تعودنا على اسلوبه لكثرة ما كنا نشاهده اسبوعيا حتى قبل انشاء الجامعه من خلال برنامجه التلفزيوني , وفي أخر فصل لي في الجامعه , سمعت عن دكتور قطري قد إنضم الى كلية الشريعه وأسمه عبد الحميد الانصاري , الذي اصبح عميدا للكليه فيما بعد والذي أثار قضايا لم تحتملها الكليه والجامعه كذلك , فنٌحًي عن منصبه بعد ذلك. كما سمعت ,كانت رئاسة الجامعه مرتبطه مباشره بمكتب سمو الحاكم الامير الشيخ خليفه بن حمد في ذلك الوقت . لم تستطع الجامعه منذ ذلك اليوم وربما الى الآن من إيجاد فكر نقدي لدى طلبها , بقدر ما اوجدت موظفين لم تزدهم الشهاده سوى راتبا وظيفة ومنصب, لذلك بالمقابل لم نرى ولم نسمع عن اساتذه جامعيين قطريين على مستوى إخوانهم من أبناء الخليج.فبدلا من ان تكون الجامعه مصدر إشعاع فكري , كانت مصدر لإعداد موظفين وليس متخصصين ولاحتى تربويين , مع مراعاة بعض الفروق الفرديه والامكانيات الذاتيه لدى البعض .