الثلاثاء، 22 سبتمبر 2020

ثقافة"البشت" وبشت "الثقافة"

 عندما كنت صغيراً , كنت أصحب والدي رحمه الله احياناً الى السوق, وأكثر ماكان يشد انتباهي هو رؤية الجميع يلبس "البشت" في كل مكان من السوق في الدكاكين في الممرات الضيقة , حتى في سوق المواشي كنت أرى أهل قطر مطرزين بالبشت اينما ذهبوا أو نزلوا, كان البشت الحد الادنى من العلاقة في المجتمع, أحسست أنه يمثل النسيج الاجتماعي في حالة تماسكه وقوته , هذه الرمزيه"للبشت" استمرت مع ذلك الجيل حتى بدأ ينقرض , وبالتالى طرأ تحول واضح في رمزية البشت بعد ذلك , فأصبح يمثل مناسبة خاصة , رايت أحداً ممن تم إختياره في مرحلة من المراحل لمجلس الشورى في أحد دكاكين سوق واقف المشهورة بتطريز وخياطة البشوت فسألته عن السبب فأجابني أشترى بشت بمناسبة تعييني عضواً في مجلس الشورى, تحول البشت من رمزية لثقافة المجتمع الى رمزية أخرى ضيقة , كان البشت بداية تلقائيه للمجتمع لها دلالة اجتماعية مشتركه , فأصبح بعد ذلك يمثل رمزية ضيقة لها علاقة بالمنصب أو بالتقرب من السلطة, الى درجة انك تجد اليوم من يتساءل حينما يجد احداً يلبس بشتاً في غير ايام الاعياد , عن سبب ذلك فيضع افتراضات لم تكن في ذهن المجتمع سابقاً كأن يقال لعل الديوان إستدعاه , أو لعل أنه تم تعيينه في منصب رفيع؟البشت اليوم لم يعد رمزأ ثقافياً كما كان بل أصبح زياً له دلالة لاعلاقة لها بثقافة المجتمع البته , كان رمزاً ثقافياً حينما كان المواطن من ذلك الجيل قبل أن يخرج من بيته يرتديه تلقائياً, أما إرتداءه اليوم حينما يستدعيه المنصب أو يقع عليه الاصطفاء والاختيار ليكن من اصحاب البشوت فإنه مجرد زي رسمي , الاعياد والمناسبات الرسمية لاتعطي انطباعاً حقيقياً عن ثقافة البشت التي كانت سائدة لانها مجرد لحظات من التنكر تحتاجها المناسبة إذا أردت أن تعرف ثقافة البشت حقيقة فشاهد المقاطع القديمه المصورة عن حركة السوق في الدوحة في الستينيات وما قبلها وقليلاً مابعدها تُعرض أحياناً ضمن برامج التلفزيون ,ستجد أن, السوق"المجال العام" هو محك العلاقة بين افراد المجتمع وليس المناسبات الخاصة , ستجد البشت حاضراً على مستوى التعامل والعلاقة الافقية السليمة .في السابق كان البشت يمثل تجلي ووضوح الثقافة , لااخشى على البشت وقد اندثرت ثقافته , لكنني أخشى من عري" الثقافة المتدثرة بالبشت"