الجمعة، 22 فبراير 2013

مفهوم "الحاجه" إلى الإصلاح الدينى

القول باننا لا نحتاج لإصلاح ديني قول ليس دقيق، كل هذا التاريخ ولم نستطع بعد إنجاز هدف الدين في إقامة حياة تتعايش مع العصر وتتكيف مع الزمن، نحن بحاجة إلى عصر مدني يحتوى الدين وليس إلى عصر ديني يحتوي العصر، نحن في حاجة لإصلاح ديني يقوم على فهم متجدد للدين. هذه حقائق، الماضي
ليس هو الحاضر والحاضر ليس هو المستقبل، فكرة الإصلاح فكرة مستقبلية ربطها بالماضي يعوقها ويبطل مفعولها. الإصلاح الديني الذي حدث تاريخيا في أوروبا بفصل الكنيسة عن الحياة المدينة ليس هو بالضرورة ما نحتاج إليه، نحن لسنا بحاجة لفصل المسجد عن الحياة بل بفهم رسالة المسجد ودورها في الحياة. الفهم هو الأساس، فهم الدين وفهم الرسالة. الإصلاح الديني لدينا يختلف اختلافا واضحا عن المفهوم التاريخي للإصلاح كما عهدته أوروبا. نحن بحاجة لإصلاح لا يكرس أصحاب الدين على غيرهم "مفهوم أصحاب الدين نتاج الثقافة العربية وهم علماؤه وأتباعهم في حين ان الآخرين أتباع للدين" والإصلاح الذي ننشهده هو نزع فتيل الدين عن التدخل في السياسة واستخدام النص لخدمة واقع معين وتكريسه والإصلاح الديني الذي ننشهده هو ان للحياة المدنية رجالها وتخصصاتها فبالتالي الأمر متروك للعلم واستخداماته ونتائجه ولا سلطان عليهم باسم رجال الدين، الإصلاح الذي نتطلع إليه هو سيطرة رجال العلم والمبتكرين، بالله عليكم، كم يساوي "جوبز" هذا وما أحدثه بالعالم من تطور واختراعات وهو الشاذ واللا منتمي ومجهول الأبوين كما تشير الأخبار، مقارنة بالعشرات من شيوخنا الذين ملؤها الشاشات ضجيجا دون نتيجة ماديه تحرك الأمة بوصة واحدة عن موقعها من قعر العام ونهاية التاريخ. استهلكنا الدين حتى أسأنا له، ثم بدأنا في التشكيل في المظهر دون مساس بالمحتوى، أشكال مدنية وبرامج مغلفه بالعصر لأسباب تجاريه وأساليب شبابيه والنتيجة واحدة، مركزية استغلال الدين ليس إلا، عجزنا عن العلم فعمدنا لاستغلال الدين بديلا عنه. هذه هي ماساتنا، نحن بحاجة لإصلاح ديني. أقولها وأمري إلى الله. نحن بحاجة إلى تعميم الدين بربطه بمصلحة الإنسان عامة وبمقاصد الشريعة نزعا عن سلطة الأفراد والمشايخ، فالمرجعية لابد وان تكون إنسانيه وصفها بغير ذلك هو بداية الاستبداد ونهاية الدين كرسالة إنسانية.

الأحد، 17 فبراير 2013

حول مفهوم الفتنه/محاوله للخروج من نسق العقل المنغلق

 
 
 
مفهوم الفتنه سياسياً نتاج العقلية العربية الإسلامية بامتياز . وهو مفهوم يدل على قصور سياسي تاريخي عن بلوغ مرحلة الرشد والنضج التي مرت بها مجتمعات أخرى في عالم اليوم . لماذا نحن فقط دائماً في خوف من اشتعال الفتنه ؟
لماذا مجتمعاتنا العربية والإسلامية هي فقط مسرحاً لمثل هذا الاشتعال ؟
وأولاً وقبل كل شئ ما هي الفتنه أصلاً ؟ وما هي مكوناتها ؟ لا أجد تفسيراً لها أنها منطقة محظورة عجزنا أو عجزت أطراف الأمة عن مقاربتها بشكل يدخلها ضمن أحد مستويات العقل الجمعي للأمة ، فجلست هذه الأطراف على حدود هذه المنطقة خوفاً من السقوط فيها لأنها لا تزال في مرحلة اللامعقول واللامتفاهم حوله وتظل الأمور هكذا حتي يحصل حدث مأساوي معين يدفع أحد الأطراف في السقوط في المنطقة لتشتعل الفتنه وتأتي على الأخضر واليابس . أما مكونات " الفتنه " فهي تتراوح بين الأبعاد الدينية أو الطائفية أو القبلية .
وهذه في اعتقادي مكونات ما قبل المجتمع المدني هذا يفسر عدم وجود مثل هذا المفهوم في البلدان المتمدنة والمتطورة ، هل يمكن الحديث عن " فتنه " بهذا المفهوم في دول أوروبا الغربية المتقدمة ؟ أو في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاُ .
عرف تاريخنا عبر عقوده الطويلة منذ فجر الإسلام فتن عديدة لغياب السياسية كعامل يتوسط بين الخلاف وكذلك صلابة الفهم الديني وبروز العامل العرقي الأثني فلا تلبث الأمة إلا أن تجد نفسها في أتون حرب طائلة انجرت إليها جراً دونما استعداد أو تهيب . من هنا حتى تاريخنا الحديث جداً مر ولا يزال يمر بمثل هذه الفتن التي يجب أخراجها من إطارها الملتبس بالدين وإدخالها ضمن عملية القصور السياسي والمؤسساتي للمجتمع . فاجتياح صدام للكويت أقام فتنه والحرب اللبنانية الأهلية أيضاً فتنه لسقوط البعض في هذه الفجوة أو المنطقة المحظورة بمعنى أن مثل هذه الأحداث فجرت مكونات الأمة وجعلتها في مواجهة مع نفسها وهي التي حاولت طويلاً نسيانها أو تناسيها وليس حلها . هذا هو القصور التاريخي . الآن للخروج من هذا المأزق الذي تكرر وسيتكرر عبر التاريخ لابد من الإشارة الى بعض المنافذ المحتملة .
أولاً :- الاعتراف بنسبية المعرفة لدى جميع الأطراف لان أدعاء الحقيقة والمعرفة التامة تعنى الصدام مع الآخر لا محالة مهما طالت المدة وأمتد الدهر .
ثانياً :- أقامة الدساتير المدنية القائمة على المساواة والمواطنة لأخذ المجتمع من سباته التاريخي ومرجعياته بجميع أشكالها
ثالثاً :- إخراج مفهوم الفتنه من الوعي العربي ومن النسق الديني لان استمرار هذا الوعي يعني توقع وجودها وقيامها لا شعورياً طال الزمن أو قصر ففتنه " الرجل في دينه " مثلاُ أو " فتنه المسيح الدجال " مختلفة تماماً عن ما يقع ضمن هذا المفهوم حالياً .
رابعاً :- تفكيك مفهوم الفتنه وأعادته الى جزئياته وهي في الحقيقة خلافات طائفية كانت أم دينية أم قبلية يمكن التفاهم حولها ووضع الآليات الدستورية والقوانين المدنية للتعامل معها .
خامساً :- دمقرطة السلطة العربية والإسلامية وتعقيد اتخاذ القرارات المصيرية لكي لا تتكرر " فتن " بمستوى غزو دولة لدولة أخرى .
أعتقد أن مثل هذه الإجراءات سوف تخرج هذا المفهوم " الفتنه " من مكانته الرهيبة في زوايا الوعي العربي وتعيده الى مكانته الحقيقة والملموسة كأن يفتن الشاب الوسيم قلوب النساء أو أن تفتن المرأة الجميلة الرجال وهما أمران لا يلامس خطرهما أطراف الأمة بل ويمكن التحصن منهما بالأخلاق والتدين أو حتي بالزواج . الوعى بان الفتنة قدر للامة حملها, اى الامة, مالاتحتمل وجعلها تنقل داءها فى رداءها