الأربعاء، 30 مايو 2012

محاضرة بدريه البشر المفترضه



لاأعرف حقيقة دعوة الكاتبه السعوديه بدريه البشر لإلقاء محاضره فى جامعة قطر ولكنى لاحظت حمى  التهليل والتصفيق لإنتصار إرادة طلبة الجامعه فى إلغاء هذه المحاضره أو تأجيلها من خلال وسائل الاتصال الاجتماعى, فبدا الأمر وكأن ارادة الطلبه انتصرت على إرادة الجامعه. هناك من يقول أن احد صديقاتها فى الجامعه قامت بدعوتها وليست إدارة الجامعه. وهناك من رأى أن الغاء المحاضره إنتصار لإرادة الشباب  الرافض اساسا لفكرها وحفاظا على المجتمع منه. مثل هذه الامور تطرح على البساط دور الجامعه فى المجتمع وهل هو كيفى أم كمى الطابع ولى هنا بعض الملاحظات أود لو أذكرها:
أولا: فهمت أن الاحتجاج على ليبرالية الكاتبه وتعرضها للذات الالهيه فى أحدى رواياتها   , بينما عنوان محاضرتها المقترحه " معنى أن تكون كاتبا". وهنا فرق بين فكر الكاتب الذى هو ملكه الخاص وبين موضوع المحاضره الذى قد نستفيد  منه  كونها كاتبه فى مجتمع محافظ جدا.
ثانيا: فرق كبير بين رفض المجتمع ورفض نخبة المجتمع, المجتمع قد يرفض بدون حوار  كميكانيزم دفاعى ولكن نخبة المجتمع "طلبة الجامعه"  ليسوا كذلك بالضروره هم يحاورون ويناقشون  هنا يبدو الدور   والتحصيل الجامعى وأثره فى التغيير  من عدمه. لذلك مثل هذه المحاضرات تقام فى الجامعات وليس فى الاماكن العامه, الشخصيات المثيره للجدل  والمواضع الحساسه دائما ماتواجه النخب وليس العامه, لذلك رفض طلبة جامعه قطر للاستماع لها وحوارها رفض مجتمعى أولى  فى الاساس  .

ثالثا: اذا لم تستطع الجامعه خلق وسط ثقافى  يقبل الرأى الآخر ويناقشه من خلال طلابها  فمجتمعنا سيستمر فى هشاشته الفكريه بالرغم من تنوعه العمرانى والسكانى, للجامعه دور لاصق بين الجانبين مجتمع يقبل الماده ويصادر الفكر, نجاح استهلاكى يقابله فشل تعليمى جامعى.
رابعا: المحافظه على ثوابت المجتمع تتأتى من خلال فهمها واستيعابها بشكل عصرى فهى ثوابت متحركه  مع العصر  وكل فكر يبدو مقبولا اليوم كان فى مرحله سابقه فكرا شاذا, تعليم المرأه و سياقتها وعملها  كان نوعا من الخروج على التقاليد والدين سابقا.

خامسا: مهمة الجامعه أى جامعه هى الأخذ بيد طلابها نوع العصر لا أن تنزل الى حيث الواقع  فقيام الجامعات اساسا بقصد تغيير الواقع والارتقاء به لامسايرته. والسقوط بين فجواته.
سادسا: ليس بالضروره أن تنصاع ادارة الجامعه لرغبة الطلاب إذا كانت تمتلك رؤيه مستقبليه واضحه, عليها الاستمرار فى تنفيذ رؤيتها التى قد تغيب عن ادراك الطلبه فى حينه.

سابعا: خوف الطلبه الجامعيين من الفكر كارثه فمعنى ذلك ان التغيير قادم على شكل صدمات لامحاله, لأنهم فى الاساس من يمتصه  أولا ويتعامل معه .

ثامنا: بودى لو جاءت والقت محاضرتها فليقاطعها الطلبه أفضل من الرفض المطلق , أو ليحاورها الطلبه وهى مرحله أعلى وأرقى لهم وللجامعه.

تاسعا: من مهمات الجامعه الارتقاء بفكر الطلبه من  مقاطعة الفكر إلى الاحتجاج عليه, الاحتجاج عليه يعنى محاورته ودحضه والرد عليه أما المقاطعه فهى عدم قبول الشخص كشخص وهى مرحله أوليه  لاتليق بالعصر , وتاريخيا فى فترات التمكين تمت محاورة الملحدين والكفار والرد عليهم ولم يتم الرفض والاقصاء الا فى مراحل  الهبوط والانحسار والتشرذم فى تاريخ الأمه.

عاشرا: نقطة الالتقاء بين الجانبين المجتمعى الرافض والجامعى المحاور والمناقش كان من الممكن أن تتم لو أن الجامعه لم تلغى المحاضره وقاطعها من يريد من الطلبه وحضرها من أراد ولو كان قليلا وحاورها من شاء , فالقله من الحاضرين كان يمكن أن يكونوا جسرا الالتقاء بين الرفض والاحتواء   أو بين الرفض والاحتجاج البناء,  أساءت الجامعه برفضها بعد دعوتها وانتشار ذلك على الملأ وكسبت الكاتبه بدريه  فكرها الذى أخاف جامعه تطمح أن تتصدر الجامعات العربيه.
أحد عشر: قرأت مانشر مما كان يقال عنه مساسا بالذات الالهيه ولم أجد شيئا مباشرا واضحا وكل مارأيت نوع من المحسنات البديعيه كرأيت الله فى أبى من شدة الخوف أو رأيت الله فى أمى  من شدة خوفها منها, لايقبل المجتمع ولاحتى النخبه القطريه المساس بالذات الالهيه  ولكن تفسير ذلك  يجب أن يكون علميا ومباشرا  فالروايه والشعر فنان ياتبس معهما فكر العامه منذ قديم الزمان.

اثنا عشر: للطلبه الحق فى رفض المحاضره ولكن ليس لهم الحق فى إلغائها وإلا كنا أمام جامعه أحاديه  الفكر والمنتوج أو جامعه للأكثريه على حساب الاقليه  وهذه أدهى وأمر  , استجابة الجامعه لرغبة الطلبه ليست ديمقراطيه كما يصورها البعض  إلا أذا كان هناك استفتاء وحتى فى حاله كهذه فأننا أمام  جامعه تخرج موظفين لا فكر, من الاستحاله أن يتماثل فكر الجميع.

الثلاثاء، 29 مايو 2012

الابعاد الحقيقيه لكارثة "فيلاجيو"



الكارثه عادة تطلق على فعل "الطبيعه" السلبى كالزلازل أو البراكين  أو الفيضانات. تنخرط الحرائق  ضمن الكوارث الطبيعيه مالم يكن وراءها فعل جنائى. تفتح كارثة فيلاجيو ملفات مجتمعيه متعدده ما جرى التركيز عليه من قبل الصحافه والجمهور هو الملف الفنى  أى التقصير من الجهات الفنيه المسؤوله عن المبنى  ودرجة تعامل قوى الدفاع المدنى مع الحدث على الرغم من إشادة الجميع ببسالتهم وشجاعتهم وسرعة استجابتهم لنداء الكارثه إلا أننا بحاجه كذلك  الى تحقيقات من جهات عاليه الكفاءه فى التعامل مع مثل هذه الاحداث ولايكفى فقط الانطباع الاجتماعى الظاهر فثمة امور دقيقه مثل عدم وجود خرائط لأكبر مجمع فى الدوحه لدى قوات الدفاع المدنى أمر يثير الاستغراب  والخوف, عدم معرفة سلطات  الدفاع المدنى بوجود حضانه أمر آخر يدعو للعجب, ليس القصور دائما  فعلا جزئيا وإنما من الجائز كثيرا كونه قصورا  شموليا  لذلك توجد فى كثير من الدول بما فيها دولة قطر كم أظن إدارات متخصصه فى إدارة الازمات والطوارىء وهى إداره ديناميكيه  وتلاحق آخر التطورات فى  كيفية التعامل مع الازمات والكوارث  باستمرار  ولاتنتظر الأزمه لتتحرك , كل هذه الأمور ستكشفها  التحقيقات واللجنه التى شكلها سمو ولى العهد حفظه الله على قدر كبير من المسؤوليه  والدرجه . هذا ما يتعلق بالجانب الفنى , اود ان اشير الى ملفين آخرين كابعاد لهذه الكارثه, وهما الملف الاجتماعى والملف الثقافى. فيما يتعلق بالملف الاجتماعى, فثمة  فرق بين مجتمع الكارثه وغيره, مجتمعات الكارثه كالمجتمع اليابانى والمجتمع البنغالى كمثالين  تجدهما دائما على إستعداد  للتعامل مع كارثتى الزلزال والفيضان  وجميع  آليات المجتمع مهيأه دائم  لمواجهة الكارثه  بما فيها الجانب الاجتماعى  وفقدان الارواح والممتلكات, فالكارثه هناك هى السمت العام للمجتمع  وبالتالى أوجدت استعدادا نفسيا وإجتماعيا بالاضافه الى كفاءه فنيه وإداريه ومعماريه عاليه .  مجتمعنا على النقيض لم يشهد كارثه كمثل هذه إلا فى بداية السبعينيات عندما غرق مركب"الريان" بمن فيه من أهل قطر وأتشح المجتمع كله بالسواد. اليوم قطر فى بؤرة التاريخ والدور  وإن لم تحدث كوارث طبيعيه فإحتمال  وجود الفعل البشرى الشيطانى موجود ومحتمل , لذلك من المفترض  التيقن  والحذر والاستعداد  للإنتقال من مرحلة مجتمع البراءه الى مرحلة مجتمع الدور الفاعل بمحاذيره وتكلفته. أما الملف الثقافى فهو فى تعدد جنسيات وديانات الضحايا وذويهم, قد تكون فرصه سانحه للتركيز على دور وفهم الدين إنسانيا وسط غابة من التشنجات والتعصبات المتشحه بالدين التى تعايشها مجتمعاتنا اليوم, حيث ذكر أحد المشايخ تلفزيونيا ما للحريق   من فضل فى الجنه كونه شهيد كما جاء فى الاحاديث, هذا الفهم الانسانى أرجو أن يستمر ولايأتى بعد ذلك  من يستثنى من رحمة الله من أختلف دينه أو جنسيته.   

الأحد، 27 مايو 2012

قناة" الريان" حول مفهوم التراث والهويه -2

 
 أقرب مايمكن تصوره  لمفهوم التراث هو الأغانى التراثيه والفلكلوريه, فالتراث أساسا شكل ينقل  من جيل الى جيل, فهو ليس  بالضرورة مهنه أو نشاط إقتصادى فى فتره معينه  فى تاريخ المجتمع, المهنه لاتكون تراثا إذا  تم هجرها والاستغناء عنها  وإنما نمط حياه لفتره سابقه  , الفلكلور المستمر والاغانى التراثيه التى تتجدد فى كل عصر والتى تستدعى بالضروره التطوير هى اسمى معنى لكلمة "تراث"و ثمة ارتباط واضح بين كلمة التراث ولفظ "الحضاره" الحضاره فى الاساس تراث متراكم متطور  يصل إلى ذورته فى شكل حضاره. اشكال الحياه للمجتمعات  فيها من القطع والانفصال ما يجعل من بعض صور الحياه تراثا ومن بعضها الآخر إنقطاعا وإنفصالا حيث يبقى فقط صوره لشكل من أشكال حياة المجتمع فى فتره ما فقط حيث تم هجره لاسباب  تقنيه او اجتماعيه أو إقتصاديه, كالغوص مثلا  أو حتى القنص  فى هذه المهن لم يحدث تراكم وإنما حدث إنقطاع بحيث لايمكن الحديث عن حضارة الغوص أو حضارة القنص ولكن يمكن الحديث عن زمن الغوص وزمن القنص , الفن لانه يحمل  روح الانسان واحساسه  عبر معاناته ومعيشته  يطرأ عليه التراكم والتطور بحيث يصبح تراثا منقولا من جيل لآخر فأغانى الغوص تراث ولكن مهنه الغوص  ليست كذلك  أو ربما نطلق عليها تراثا "صلبا" لايتطور, لذلك تدرس الحضارات من فنونها  واشكالها الجماليه التى تقدمها  بتراكم يحكى قصة  تطورها وإنتقال أشكال الحياة فيها من عصر لآخر. محاولة إعادة إحياء المهن التى  إندثرت بفعل الزمن والتطور كتعريف للنشء  لابأس فيها  ولكن لايمكن البناء عليها  وإستشراف مستقبل لها كما ذكرت فى مقالى السابق, مليمكن تصوره  هو تطوير  التراث الفنى والجمالى والقصصى  لتلك الفتره وهو ما أود  التركيز عليه. أما عن الهويه فهى مفهوم واسع ولايمكن إختزاله  فى الماضى كما ذكرت كذلك, ثمة هويه ثابته وأخرى  متطوره و الهويه الفكريه هى بالضروره متطوره, الاسم و الجنس , الدين , الجنسيه تلك كلها ثابته أو على قدر كبير من الثبات, ولكن الهويه الفكريه  لابد أن تكون متطوره و لذلك  ثمة إمتداد للهويه الفكريه للفرد لايمكن التنكر له, الهويه الفكريه ثقافيه فى الاساس ,  فى سبيل  التاكيد   والمحافظه عليها, يجب تحسين شروطها اليوم  وأوضاع من كان يمثلها فى السابق وهم أهل قطر و لايمكن فقط الاحتفاء بالمكان دون الانسان لأنه هوية الماضى الثقافيه المتحركه .  كما ذكرت سابقا يجب الانتقال  من التركيز على المهنه الى التركيز على قيم وهوية المهنه الثقافيه , ما إنتقل منها إلينا اليوم من تراث  على شكل قصصى أو غنائى أو روائى. حبذا لو تم اللقاء مع مهندس  او طبيب من القطريين كان فى السابق يمتهن القنص  كمهنه وليس هوايه أو  كمضمر للأبل كمهنه وليس هوايه كما نشاهد اليوم , حتى ندرك تطور الهويه الثقافيه وأثر ذلك على المجتمع وتداخل الماض بالحاضر  بشكل يجعل من الحنين اليه إنجاز فى الحاضر.