الاثنين، 21 سبتمبر 2015

مناصب تُقرب من النار


أربعة مناصب في إدارتنا العربيه أشفق كثيرا على من يتولاها ,لأنه سيكون متحملا إثما فوق طاقته في الدنيا و شهادة لايحتمل القيام بها أو الادلاء بها في الآخره, شاءت الاقدار أن يكون المواطن العربي مخيرا بين رزقه وبين ضميره , فيأتي الرزق أولا والضمير ثانيا إلا من رحم ربي, منصب ديوان المحاسبه , ومنصب النائب العام وسلك القضاء عموما , ومنصب الرقابة والشفافيه , ومفتي الدوله او القضاء الشرعي هذه المناصب مناصب قيَم عليا بالدرجة الاولى , مع أن جميع المناصب الحكوميه على قدر من الاهمية وعلى جانب كبير من القيم أو يفترض ذلك , لكن هذه المناصب الاربعه لها خصوصيه لأنها هي مداخل الاصلاح , يعجز أي نظام في العالم تسيير آلياته دون وجود هذه المناصب , لذلك هي من ركائزه الهامه جدا , بل هي إنعكاس طبيعي لصورته في المرءاه.هذه المناصب في الدول المتقدمه تم التعيين فيها بالمشوره بين الحكومه والمجالس المنتخبه, النائب العام في امريكا يعرض على الكونغرس لكي يوافق عليه مثله مثل جميع المناصب القياديه , ورئيس القضاه في بريطانيا فوق سلطة رئيس الوزاره , بل أن منصب رئيس ديوان المحاسبه يعينه مجلس الامة ولا يتصل الابمكتب الرئيس , لانها مناصب حياديه أو المفترض ذلك على الرغم ان منصب المفتي او القاضي الشرعي خصوصيه اسلاميه الا ان هناك أيضا آليات متبعه في التعيين فيهما كذلك. إلتهام النظام العربي لهذه المناصب كرس استبداده وقنن له , فيما يستمتع اصحابها بالرضا الحكومي والمباركه من النظام تتسع في نفس الوقت ذمتهم في التملك والحيازه فيصبح حارس الحقل هو من يسرق المحصول .رأينا كيف عُدل الدستور في خمس دقائق في بلد عربي, وسمعنا رؤيا المفتى عن الجنرال الذي ارسلته السماء لينقذ الشعب , ورأينا الشفافية والرقابه التي تراقب سيارات المواطنين عند كل منحنى لتسرق قوت الشهر من الاولاد , وسمعنا عن النائب العام الذي وعد بإعادة عهد عمر وعدالة ابن عبدالعزيز.أشفق كثيرا كما ذكرت على من يعتلي هذه المناصب في عالمنا العربي فهي مناصب تقرب من النار , تأخذه الدنيا وبريقها الزائف ويترك وراءه يوما ثقيلا , لعن الله الحاجه والعوز , وبارك في الضمير الحىَ الذي يرى الدنيا مساحة بين مدخل ومخرج أو طيف خيال لابد من أن نصحو منه ببصر من حديد.

عن رائحتنا التي فاحت



عندما خرج الشعب اللبناني في الشوارع رافعا شعار "ريحتكم فاحت" لطبقة السياسين وقادة الطوائف والاحزاب والمسؤولين , كان يعني بأن للفساد رائحة عفنه كريهه لاتقبلها النفس البشريه , مهما تراكمت حسابات المفسدين في البنوك إلا أنها نتنة الرائحه وعاقبتها عفنة وقذره , كان يعني أن الوطن في الأخير زكي الرائحه مهما طالت به رائحة الفساد وأنوف المفسدين, رأينا كيف كانت شعوبنا العربيه تقتص من ذوي الرائحة النتنه في ربيعناالعربي الدامي , أبصرنا كيف كانت عاقبة الفاسدين المفسدين , العالم العربي من حولنا , تفوح فيه رائحة الفساد ويكتوى الابرياء بنارها , ألا يحق لنا نحن أبناء هذه المنطقه أن نستبصر الأمر قليلا ونفكر في المآل , رائحة مشاريعنا الوهميه فاحت بشكل سد الانوف, ورائحة شركاتنا الكرتونيه بلغت رائحتها الروؤس , ورائحة سرقاتنا المبرمجه بلغت العنان ,و أمولنا العامه المنهوبه , أزكت رائحتها النتنه شوارع مدن الغرب , ورائحة دماء الابرياء ترتفع الى السماء باكية ظلم واستغلال القوي للضعيف , ورائحة الطائفيه ننكزها نكزا لتفوح كراهيتها وتتعدى المكان , ورائحة القبليه نعبئها في أكياس سنويه لنحتفل بها على أنقاض المواطنه ودولة المواطن , طائراتنا المغادره ممتلئة برائحة الوطن المنهوب , وبيوتنا وقصورنا المشتراه تشتكي من لبن الوطن المسكوب,من لهؤلاء في وطن مسروق ؟ , من لاولئك الذين تركوا على قارعة الطريق المنهوب ؟.أين رائحة ديمقراطيتنا الموعوده؟ أين رائحة دساتيرنا المكتوبه ؟ أين إسلامنا الجميل ؟ أين عقيدتنا الغراء , أين أخوتنا السمحاء , كيف نتقاتل على شق تمره ؟ كيف نتقاتل على دخول الجنه وهي تسع السموات والأرض؟ , كيف ندعي حب الله ونقتل بإسمه؟ كيف ندعي حب رسوله ونفتري ونسرق بتأويل حديثه؟ ولكن عندما تأتي رائحة التقشف تملأ أنوف المتعبين فقط ويقتص من المساكين , هم لايشمون رائحة الفلوس أصلا ولكن عليهم أن يشموا رائحة غيابها. نحن أمة ذهب ريحها وبقيت رائحتها , نحن شعوب مزكومة بالتاريخ تشتم رائحته لتعيد مآسيه , نحن أمة تمتدح عمر وابي بكر وعثمان وعلي , لكنها تعشق وتلتصق برائحة أبا لهب وأباجهل وإبن سلول.