السبت، 21 مايو 2016

المنبر والسوق


 

أعلن  زعيم حركة "النهضة" التونسيه الشيخ راشد الغنوشي   العمل على فصل العمل الدعوي داخلها عن العمل السياسي وبالتالي تحولها الى حزب سياسي, وعلل ان هذا الاتجاه جاء نتيجة لقراءة الاحداث وتفاعلا مع مقتضيات العصر , فكر النهضة وتعاملها مع مخرجات الربيع العربي يسبق بمراحل  فكر الاخوان المسلمين  في مصر أو في غيرها من بلاد المشرق العربي و وراشد الغنوشي يتمتع بشخصية براجماتية تاريخيه  لاتتهيا  لاحد سواه من زعامات الاخوان ولا من شيوخهم في الخليج ولا في المحيط. نادينا منذ زمن أنه لايمكن للديني أن يسير السياسي بمعزل عن العصر, ولايمكن للسياسي أن يستغل الديني, لتحقيق مآربه السياسة تحت غطاء الدين , نحن في الخليج نعاني من اشكالية داخل إشكالية الديني والسياسي , وهوإشكالية الديني والاجتماعي, أو سيطرة الديني على الاجتماعي,  فنلاحظ التمكين الاجتماعي  ل"رجل الدين" حتى يتحول الى  أيقونة اجتماعية  إقتصاديه  , لااقول أنه ليس له الحق في العمل والتملك , لكن أقول أن يكون سنده فقط أنه يمتلك صفة "التدين" فيدخل من باب الدين  الى حيازة المجتمع.وتأتي التسهيلات  من كل جانب  اليه بما فيها التسهيلات المصرفيه  والاعفاءات من هذا الباب , ملاحظة سريعة  وقراءة مبسطة لتاريخ الدعوة والدعاة خلال العقود السابقة القليله  في بلدنا الحبيب , توضح ما قلته , فإذا كان فصل الدعوه عن العمل السياسي مطلبا واستراتيجية  تنشدها حركة"النهضة" في تونس  لتقدم نموذجا جديدا عن فهما للدين ومتطلبات العصر , فإن فصلا بين الدين  وإستغلاله  إجتماعيا  مطلبا ملحا جدا لنا أصحاب الاقتصادات الريعية, لأنه لاتوجد يد أخف من يد من يدعي "التدين" في مجتمع متدين بالفطرة, ولاأسهل من إستغلال المنبر للوصول إلى السوق,في مجتمع يفترض في من يعتليه القداسه. 

الخميس، 19 مايو 2016

صناعة الرمز الديني




في السابق كنا نذهب الى المساجد لاداء الصلوات اكثر إخلاصا لشعيرة الصلاة ذاتها من الآن, كنا نذهب لأداء صلاة الجمعة الاسبوعيه التي هي عيد المسلمين , بشعور أكثر إخلاصا لمكانتها, كنا نتصرف بتوافق ديني  وإجتماعي  أكثر صفاء  ونقاء, المسجد الاقرب للبيت ,  والخطبة الأقل تكلفا , لانبحث عن اسماء ولا عن القاب  حتى نهرول  طلبا لها  بينما يختفي طلب الفريضة نفسها في جوانب الذاكرة. أذكر أن الاذاعة تعيد خطبة الشيخ إبن محمود رحمة الله ليستمع اليها  من يريد ذلك   في العصر او المغرب, أخذ النشاط الدعوي بعدا آخر , بعد توسع وزارة الاوقاف في جلب الدعاة من هنا وهناك  ومع الوقت  ومع تطور وسائل الاتصال الاجتماعي  وزيادة القنوات الفضائية برز نوعا جديدا من الدعاة هم الدعاة النجوم,   فكما كانت الحركة الفنية إبان أوجها  حيث لكل نجم سينمائي رابطة مشجعين , أصبح لكل شيخ رابطة متابعيين بمئات الالاف , بل بعضهم بالملايين. واصبحت الصحف تنشر مواعيدهم في المساجد, فظهر الرمز الديني , في مجتمع كان  يؤدي حياته  وشعائره بلارموز.  فالشيخ الفلاني في مسجد الامام محمد بن عبدالوهاب فيذهب اليه  متابعيه ,والشيخ الاخر في مجلس المدينة التعليمية  فتسد المنافذ من كثرة الوافدين لسماعه , في حين أن الجمعة السابقه كان المكان  شبه خاليا, وهلم جرا.. خطورة الرمز الديني أكثر من خطورة الرمز السياسي , لأنه  يتحرك في دائرة "المقدس"  وهو الدين  بينما الآخر يتحرك في دائرة "المدنس" وهي الدنيا , فيمكن التخلص من الرمز السياسي  بسهولة بينما الرمز الديني متى ماتكون يصبح من الصعب التخلص منه, وإذا ما تحالف الرمزان  اصبح المجتمع  في دائرة مغلقه. ما أود الاشارة إليه  أننا بحاجة تكريس رمزية العلم  والثقافة  في ذهنية أبناءنا , العلم كمنهج لاكأشخاص , والثقافة كهوية لا كرموز. قضية النشاط الدعوي كما ذكرت في مقالي السابق , قضية محورية لايمكن للمنهج التعليمي والتربوي أن ينجح دونما يكون هناك توافقا  مع دور وزارة الاوقاف  في جانبها الدعوي بالذات, خطورة الرمز الديني في الفرق الاسلامية الاخرى  واضحة للجميع , ونحن لسنا بعيدين مع الوقت من تكريسها  بدون وعي. إذا جاء رمضان جاءت الاسماء , تماما كما تأتي المسلسلات  وأبطالها, فليأتي من يأتي , بلا تكريس إعلامي وضجة صحفية .عودوا بالفريضة الى مكانها قبل أن يختطفها "الإسم", إحفظوا للمسجد مكانته بعيدا عن الرمز. أخاف على جيلنا الحالي من الشباب الذين يتخطفهم "الواتساب" فهو متدين ولله الحمد بل أكثر تدينا من جيلنا في السبعينيات والثمانينات, لكنه مزدحم جدا  بما يتلقاه من كثرة للوعظ الديني قد يؤدي به الى الشلل, ومفتونا الى درجة كبيرة  بمشايخ تويتر  والواتس أب,بينما مداركة العلميه في تناقص  وعدم تركيز. علينا أن نتذكر دائما , أن الدين نزل ليخدم الانسان في معيشته في الدنيا   لا أن يخدمه الإنسان, الدين لايحتاج لمن يخدمة فهو مكتمل , بل يحتاج لمن يدرك مقاصده.  

الثلاثاء، 17 مايو 2016

النشاط الدعوي بين العقل والعاطفة


 هناك لغط بشأن قرار يقال أن وزارة الاوقاف اصدرته أو هي بصدد إ صداره بشان إيقاف النشاط الدعوى أو المراكز الدعوية الى مابعد رمضان , وهناك اشارة كذلك الا أن وزارة التنمية والعمل أوقفت ارسال بعثات في تخصص  دراسات اسلامية أوماشابه ذلك لهذا العام لاكتفاء الدولة  او عدم وجود شواغر ,المهم هي استجابة المجتمع  الانفعالية التي لحظتها في وسائل الاتصال الاجتماعي, وكأن الدولة إنقلبت  على الدين  وتنكرت للإسلام, ولو ادرك البعض ان الدولة انفقت في هاذين المجالين  أكثر من الحاجة حتى انهما اصبحا مجال خطر ودخل من خلالهما اصحاب الاجندات  المغرضة  تحت مسمى داعية , ورأينا كثافة   من الدعاة تفوق عدد المصلين, وكأننا مجتمع جديد عهد بالاسلام  وفُتح للتوء بأيدي هؤلاء .أنا مع تنظيم ورقابة النشاط الدعوي  , لا وحتى وقفه تماما ,  إذا لزم لأننا مجتمع يملك  ذاتيتة الدعوية  من داخلة , أما أن نكون  نهبا لكل  باغ وطامع, من المشرق والمغرب , فهذا لايجوز , خاصة أن النشاط الدعوي لايؤدي رسالته على أتم وجه , لأنه موجه الى الناس وليس له خاصية التأثير في بنية الدولة التنموية , ناهيك عن إنهاك  موازنة الدوله  عن  انتاج  في خاصيته أيديولوجي"لأن المجتمع أساسا يمتلك أسس دينية قويه لايضاف عليها سوى أيديولوجيا دينيه وهنا الخطوره  , ومع ذلك لاأبرر للإنفاق في جهات أخرى , فالنتيجة إنتاج أفراد يعانون من "السايكو باثي " أي معاداة المجتمع , يجب التوفيق بين عقل المجتمع وعاطفته , لسنا بحاجة الى خطاب دعوي , نحن بحاجة الى خطاب تناصحي , نابع من داخل المجتمع يشترك فيه جميع افراد المجتمع, وليس يلقى من فوق  على المجتمع , النشاط الدعوي القائم ليس نشاطا ناتجا من داخل المجتمع وإنما هو من بيئات أخرى  يحمل  الصفة العامة للخطاب الاسلامي الشمول ولكنه في تفاصيله يحمل بذور  لاتنبتها أرضية مجتمعنا , لذلك يجب الحذر من العاطفة التي في غير موضعها , يجب على وزارة الاوقاف أن تكون أكثر تشددا في  مراقبة الانشطة الدعويه , لأنه شعار كبير   من خلاله يمكن خداع المجتمع  واستدرار عاطفيته ,  أعجب عندما أرى عدد الدعاة يتزايد سنويا بشكل مطرد ,واسماء تزيد عل اسماء أهل الفن , بينما يتناقص عدد العلماء والبحوث العلمية بشكل ملحوظ , ألا يطرح ذلك سؤالا , لدى المختصين, عن السبب؟ هل هذا كله حبا في إيصال المجتمع الى الآخرة سليما معافى من غير مروره بالدنيا وبريقها الآخاذ