الخميس، 19 مايو 2016

صناعة الرمز الديني




في السابق كنا نذهب الى المساجد لاداء الصلوات اكثر إخلاصا لشعيرة الصلاة ذاتها من الآن, كنا نذهب لأداء صلاة الجمعة الاسبوعيه التي هي عيد المسلمين , بشعور أكثر إخلاصا لمكانتها, كنا نتصرف بتوافق ديني  وإجتماعي  أكثر صفاء  ونقاء, المسجد الاقرب للبيت ,  والخطبة الأقل تكلفا , لانبحث عن اسماء ولا عن القاب  حتى نهرول  طلبا لها  بينما يختفي طلب الفريضة نفسها في جوانب الذاكرة. أذكر أن الاذاعة تعيد خطبة الشيخ إبن محمود رحمة الله ليستمع اليها  من يريد ذلك   في العصر او المغرب, أخذ النشاط الدعوي بعدا آخر , بعد توسع وزارة الاوقاف في جلب الدعاة من هنا وهناك  ومع الوقت  ومع تطور وسائل الاتصال الاجتماعي  وزيادة القنوات الفضائية برز نوعا جديدا من الدعاة هم الدعاة النجوم,   فكما كانت الحركة الفنية إبان أوجها  حيث لكل نجم سينمائي رابطة مشجعين , أصبح لكل شيخ رابطة متابعيين بمئات الالاف , بل بعضهم بالملايين. واصبحت الصحف تنشر مواعيدهم في المساجد, فظهر الرمز الديني , في مجتمع كان  يؤدي حياته  وشعائره بلارموز.  فالشيخ الفلاني في مسجد الامام محمد بن عبدالوهاب فيذهب اليه  متابعيه ,والشيخ الاخر في مجلس المدينة التعليمية  فتسد المنافذ من كثرة الوافدين لسماعه , في حين أن الجمعة السابقه كان المكان  شبه خاليا, وهلم جرا.. خطورة الرمز الديني أكثر من خطورة الرمز السياسي , لأنه  يتحرك في دائرة "المقدس"  وهو الدين  بينما الآخر يتحرك في دائرة "المدنس" وهي الدنيا , فيمكن التخلص من الرمز السياسي  بسهولة بينما الرمز الديني متى ماتكون يصبح من الصعب التخلص منه, وإذا ما تحالف الرمزان  اصبح المجتمع  في دائرة مغلقه. ما أود الاشارة إليه  أننا بحاجة تكريس رمزية العلم  والثقافة  في ذهنية أبناءنا , العلم كمنهج لاكأشخاص , والثقافة كهوية لا كرموز. قضية النشاط الدعوي كما ذكرت في مقالي السابق , قضية محورية لايمكن للمنهج التعليمي والتربوي أن ينجح دونما يكون هناك توافقا  مع دور وزارة الاوقاف  في جانبها الدعوي بالذات, خطورة الرمز الديني في الفرق الاسلامية الاخرى  واضحة للجميع , ونحن لسنا بعيدين مع الوقت من تكريسها  بدون وعي. إذا جاء رمضان جاءت الاسماء , تماما كما تأتي المسلسلات  وأبطالها, فليأتي من يأتي , بلا تكريس إعلامي وضجة صحفية .عودوا بالفريضة الى مكانها قبل أن يختطفها "الإسم", إحفظوا للمسجد مكانته بعيدا عن الرمز. أخاف على جيلنا الحالي من الشباب الذين يتخطفهم "الواتساب" فهو متدين ولله الحمد بل أكثر تدينا من جيلنا في السبعينيات والثمانينات, لكنه مزدحم جدا  بما يتلقاه من كثرة للوعظ الديني قد يؤدي به الى الشلل, ومفتونا الى درجة كبيرة  بمشايخ تويتر  والواتس أب,بينما مداركة العلميه في تناقص  وعدم تركيز. علينا أن نتذكر دائما , أن الدين نزل ليخدم الانسان في معيشته في الدنيا   لا أن يخدمه الإنسان, الدين لايحتاج لمن يخدمة فهو مكتمل , بل يحتاج لمن يدرك مقاصده.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق