الأربعاء، 31 أغسطس 2016

مجتمعنا بين المثقف والفقيه




لايوجد مثقف في مجتمعنا بالمعنى الذي سأذكره او بالاحرى الذي ذكرته في مقال سابق والذي يعني حركة مستمره في الواقع تبحث عن التجديد المستمر    في المقابل , يوجد الكثير من صور الفقيه تتكاثر يوما بعد آخر لأن إستراتيجية الفقيه  المثلى هي الاسقاط لكل فكر مخالف وبالتالي هو مناقض تماما  لصورة المثقف التي أشرت إليها , الفقيه يحمل فكرا ثابتا جاهزا يعمل على اسقاطه دائما على واقع متحرك  بشكل يحفظ له وجودة واستمرار رقابته  لايقبل اي مرجعية منافسة, والاشكالية أنه يحتل الصورة النمطيه السائده  للمثقف في المجتمع  فيعتبر المجتمع أن الفقيه هو المثقف  أو  الصورة الاعلى  للمثقف ومادونه  ليسوا سوى مجرد  صور مشوهه , فالفنان مثلا او النحات  او الرسام  اوغير ذلك من مثقفي المهنه التي تتطلب الابداع والخروج ربما  خارج نطاق المفكر فية  ليسوا سوى بدع  ومروق . يعتمد الفقيه  على النص بينما يعتمد المثقف حالة المجتمع الذي يعيش فيه مصدرا  لفكرة  ونطاق حيويته , لايعني أنه مضاد للدين او لاديني , لا لكنه لايسقط النص  وفهمة الثابت له على المجتمع  بشكل يعطل فيه قوى المجتمع العقليه  ولايمارس سلطة عليا عليه, بل يخلق شعورا من التفاعل  بين ثقافة المجتمع وظروفه تجعل من  التغيير  متقبلا  .الفقيه صورة متقدمه للمثقف الديني الذي آمن بثبات   النص    كتفسير ورؤية ثابته لاتحتمل معها تغير العصر وإنما يعيش العصر في داخلها   بينما المثقف الحر في مجتمعاتنا يفترض أنه
صورة متقدمه للمثقف العلماني الاوروبي  تخلصت  من تاريخيتها التي لم تنجبها هذه الارض  وفتحت المجال الى نظرة ارحب  لتغير العصر  والمشارب بشكل  يحقق للمجتمع  صوره اسمى من صور الانسانية.   , على كل حال,تعيش مجتمعاتنا اليوم صراعا يبدو انه  حتى اليوم محسوما لصالح الفقيه  على حساب المثقف , بل  أنه أصبح رجل السياسة وفارس الاقتصاد ورجل الاستثمار  ومغرد تويتر  ونجم سناب شات.  

الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

عن فسادنا العميق



 لايتواني الموظف البسيط عندما تتاح له الفرصة في الثراء اللامشروع إلا و يقتنصها غير آبه,  لايتوانى العامل البسيط حين تغيب الرقابة حتى يهدر  الوقت والعمل, يشتركان سويا مع الراسمالي الانتهازي  ورجل النظام الفاسد في نفس نمط التفكير و مشكلتنا ليست فساد الانظمة فقط, مشكلتنا أيضا في ثقافة الفساد المترعره في أوصال المجتمع أو بالاحرى هل فساد الانظمة نتيجة  لقابلية المجتمعات للفساد ؟, أو أن فساد النظام أدى الى استشراء ثقافة الفساد داخل المجتمع حتى أصبح  الوسيلة الممكنه للحراك الاجتماعي  والاثراء الرأسمالي؟ لاأتكلم عن حالات فرديه هنا وهناك , ولكن الثقافة السائدة تنم عن فساد عميق بالرغم من خطاب المجتمع  الاصلاحي الديني الاسلامي ,هناك اقتصاد خارج اطار الدولة  يجري تفعيله بشكل او بآخر  يجهز على اي مشروع وطني صادق  ويعمل على اصطياد ظواهر المجتمع لانتاج حالة طفيليه تعتاش على مقدرات المجتمع وتفرز  ايقونات  من لاشىء سوى  انها فقاعة ظهرت فجاءة لتصبح  رمزا اقتصاديا وراسماليا كبيرا, الخطورة في ذلك انها تدفع بالمجتمع نحو التطرف حين يصل الى نقطة اللاتحمل وتخرج من احشائها ابشع صور التطرف الديني , خاصة حينما يستغرق وعي المجتمع في الخطاب الديني  بينما يعايش المجتمع خلاف ذلك  في الواقع,  خلال حياتي العمليه  لم ارى أكثر إهمالا لدى الموظف من ممتلكات الحكومة عند العامل أو الموظف وإذا سئلت عن السبب أتاك الجواب"مال حكومة","سيارات الحكومة, فلل الحكومة , أملاك الحكومة," هذا الشعور ينم عن إنفصام عميق  وبتر حاد  حيث تبدو اموال الحكومة ليست هي أموال الشعب في ذهنية المواطن, أو هناك من  يحتكر الحكومة  فيأتي الانتقام على شكل إهدار لهذة الاموال على ذلك الاحتكار.لانزال نعيش على ثقافة الورع الذاتي المتحصلة لنا من بعض تاريخنا الأول وعلى بعض نتائجه ,  وننسى الطبيعة البشرية التي هي  الاساس  فيماكان ذلك هو الاستثناء, لايمكن أن نعيش على الاستثناء  لانه إلى نفاذ بينما القاعدة هي المستمرة . ففسادنا العميق  لاتنقذنا منه خطب الجمعة ولا حلقات الذكر ولادروس العصر , نحتاج الى ثقافة جديدة تحاسب الكبير قبل الصغير  والغني قبل الفقير  حتى يصبح الفساد كنسبة السموم المعقولة في جسم الانسان التي تسير في دمه لكن لاتقتله ,لاأتكلم عن الخلاص منه تماما لأن ذلك يعني أننا  وصلنا الى تخوم الاخرة وعلى أبواب الجنة ,ولكن عن محاربتة  وحصارة والعمل على عدم استمراءه  حيث ذلك بمثابة جهاد في سبيل الله وفي سبيل الإنسان والدين.